• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : من معالم الكمال في شخصية السيدة الزهراء عليها السلام .

من معالم الكمال في شخصية السيدة الزهراء عليها السلام

من معالم الكمال في شخصية السيدة الزهراء عليها السلام

 

لم  تزالي  في نذور الأمهاتْ  جوهرَ  اليُمْنِ  وسرَّ البركاتْ

واسمك  الخالد  في  أفواهنا   لم   نزل   نحرسهُ  بالقُبُلاتْ

كلّما    نُودِيَ:   يا   فاطمةٌ     هَرْوَلَتْ   أرواحنا  بالصلواتْ

يا  فتاة الوحي، يا أم الهدى   ياهدى  الأم، ويا وحيَ الفتاةْ

حدثينا    عن   لياليك   بها  ودعينا  من  أحاديث  الرواةْ

يا  ترى  كنتِ تديرين الرحى   أم   تديرين  بيمناك  الحياةْ

هل غزلتِ الصوفَ في مغزلِهِ  أم غزلْتِ الحب بين الكائناتْ

ان السيدة الزهراء عليها السلام مضافاً لاشتراكها مع بقية الائمة في آية التطهير ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً﴾ [الأحزاب: 33]

ومضافاً لاشتراكها مع الائمة علي(ع) والحسن(ع) والحسين(ع) في آية الأبرار ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا «5» عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا «6»﴾ [الإنسان: 5 - 6] يضاف الى ذلك

أن الزهراء مظهر للأسماء الحسنى لله عز وجل

 ورد عن النبي (ص): فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.

ويروي البخاري في صحيحه: من أغضبها فقد أغضبني.

أي أن فاطمة (ع) مضافاً إلى أنها إنسان معصوم وإلا كيف يدور رضى الله مدار رضاها فهي حجة لله على الخلق، وأنها مظهر لأسماء الله تبارك وتعالى .

فاطمة(ع) وعاء أم الكتاب

 القرآن الكريم له وجودان: وجود مادي وهو اللفظي والكتبي، ووجود ملكوتي،

فقد كان للقرآن وجود قبل نزوله على النبي (ص) قال تعالى﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزخرف: 4]؛ أي أنه كان للقرآن وجود في أم الكتاب

 ويقول: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ «21» فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ «22» [البروج: 21 - 22]

ومن وصل إلى القرآن وهو في أم الكتاب، وفي اللوح المحفوظ فقد اكتشف تأويل القرآن الكريم يقول تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89] القرآن تبيان لكل شيء، ولكن نحن لا نجد القرآن تبيان كل شيء، فإذن هو ليس تبياناً لكل شيء بالصراحة، وإنما هو تبيان لكل شيء على نحو الشفرات والرموز، ولا يَعْرف هذه الشفرات والرموز إلا من وصل إلى تأويل القرآن، ومن وصل إلى تأويل القرآن هو من وصل إلى القرآن وهو في أم الكتاب، والذي يصل إلى القرآن وهو في أم الكتاب هم المطهرون، يقول القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ «77» فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ «78» لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «79» [الواقعة: 77 - 79]؛

أي لا ينال القرآن في أم الكتاب إلا المطهرون، والمطهرون هم اهل البيت(ع) ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً﴾ [الأحزاب: 33]

 فهؤلاء عرفوا تأويله ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: 7] والزهراء(ع) منهم .

 مصحف فاطمة ع

من الروايات الصحيحة الكثيرة أن لدى الأئمة(ع) مصحف فاطمة(ع)  

والمصحف ـ من اصحف بالضمّ ـ أيّ جعلت فيه الصحف ، وسمّي المصحف مصحفاً لأنّه اصحف ايّ جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدفتين .

وبناء عليه ، فالمصحف ليس اسماً مختصاً بالقرآن الكريم. وانما المصحف كل كتاب اصحف وجمع بين دفّتين ، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم اوجبت انصراف الأذهان إليه ، وهو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات أهل البيت عليهم السلام التي تتحدّث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف ، خاصّة مع وجود التقييد بإضافته إليها صلّى الله عليه وآله وسلّم.

عن أبي عبد الله عليه السلام « ... انّ فاطمة مكثت‏ بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريّتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام‏ »

عن أبي عبد الله عليه السلام : « ... وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام اما والله ما هو بالقران‏ »

فالمصحف كتاب يتضمن علم  ما يكون " عن أبي عبد الله عليه السلام: امّا انه ليس فيه شي‏ء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون‏ »

يتبيّن من خلال الروايات انّ مصحف فاطمة ليس قرآناً ، وليس كتاب أحكام ، وهو مغاير لكتاب علي عليه السلام الذي أملاه عليه رسول الله صلّى الله عليه و آله والذي ورد ذكره في أخبارهم عليه السلام إلى جنب مصحف فاطمة ، و سموه بالجامعة تارة والصحيفة اخرى وكتاب علي عليه السلام غالباً.

وليس هناك أيّ رواية توهم كونه قرآناً ، فضلاً عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن .

مقام السيادة

لم يرد في القرآن الكريم ان مريم عليها السلام هي سيدة نساء العالمين، بل ورد ذكرها في الاية الكريمة ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42]

ومعنى الاصطفاء هو الاختيار ، واختيارها كان لأمر لم يحصل لأحد قبلها وهو انها حملت من دون رجل مع حفاظها على طهارتها، وتحقق الاصطفاء بذلك على العالمين.

فالآية تدل على العموم الأفرادي لا على العموم الأزماني؛ أي أن مريم أفضل نساء العالمين في زمانها لا في جميع الأزمنة وذلك بقرينة قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة: 122]، مع أن بني إسرائيل ليسوا أفضل العالمين لأن أمة النبي أفضل منهم لقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]، إذن هم كانوا أفضل العالمين في زمانهم لا في جميع الأزمنة، ولذلك المفضل بن عمر سأل الإمام الصادق (ع): ما تقول في قول النبي(ص) فاطمة سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ قال: لا تلك مريم سيدة نساء عالمها، وأما فاطمة(ع)  فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

فاطمة  مصداق اعلى للكوثر ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1]

قال في المجمع، الكوثر فوعل و هو الشي‏ء الذي من شأنه الكثرة، و الكوثر الخير الكثير. و قد اختلفت أقوالهم في تفسير الكوثر فقيل: هو الخير الكثير، وقيل نهر في الجنة، وقيل: حوض النبي ص في الجنة أو في المحشر، و قيل: أولاده و قيل: أصحابه و أشياعه (ص) إلى يوم القيامة، و قيل: علماء أمته (ص)، و قيل القرآن و فضائله كثيرة، و قيل النبوة و قيل: تيسير القرآن و تخفيف الشرائع و قيل: الإسلام و قيل التوحيد، و قيل: العلم و الحكمة، وقيل: فضائله (ص)، و قيل المقام المحمود، وقيل: هو نور قلبه (ص) إلى غير ذلك مما قيل .

وفاطمة ع مصداق الخير الكثير بل من أوضح مصاديق الكوثر، لأنّ رواية سبب النزول تقول: إنّ المشركين وصموا النّبي بالأبتر، أي بالشخص المعدوم العقب، و جاءت الآية لتقول: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. و من هنا نستنتج أن الخير الكثير أو الكوثر هو فاطمة الزهراء عليها السّلام، لأن نسل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الكريمة ....

وعبر عنها القرآن الكريم بذي القربى ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى: 23]

فاطمة أم أبيها

وفي كثير من الكتب ذكروا تعبير الرسول (ص) عن فاطمة (س) بأم أبيها

وأما سبب ذلك فيظهر من بيان (أم) ومورد استعماله، ان العرب يسمون كل جامع أمراً أو متقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، (أمّا) فيقولون للجلدة التي تجمع الدماغ (أمّ الرأس)، وتسمى راية ولواء الجيش التي يجتمعون تحتها أمّا.

وفي القرآن الكريم أطلق أم الكتاب على اللوح المحفوظ: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ الزخرف: 4

وعلى الآيات المحكمة: «هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ» آل عمران: 7

وعلى ذلك فمن هذا التعبير الصادر عن أبيها وهو خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يمثل رسالة السماء إلى الإنسانية جمعاء، ولا ينطق عن الهوى يتجمع لنا محيطٌ واسعٌ من الفضائل ويتضح لنا عالم كبير من المكارم، وتكشف أمامنا دنيا القيم والمآثر التي زينت الرسالة النبوية وارست قواعدها وبينت الإمامة وثبتت الولاية. وهذا يعكس جلياً جليل منزلتها وسمو عظمتها بلا نظير.

والزهراء ع هي المرأة الوحيدة التي كانت تتلقى رسول الله  ص وتضمد جراحه وتمسح عرقه وتضمه وتشمه وتعامله معاملة الأم لولدها، وتخفف عنه كل آلامه، وكل همومه، ينسى كل الآلام إذا رأى فاطمة، وكانت كما قالت بعض زوجاته: ما رأيت أحداً أحب إلى رسول الله من ابنته فاطمة كانت كلما دَخَلَت عليه قام إليها وقبل ما بين عينيها وأجلسها في مجلسه فقلت له: أتقبلها وهي ذات زوج، فقال: إني كلما شممتها شممت رائحة الجنة.

فاطمة  شريكة النبي في دعوته

ولذلك أخرجها معه يوم المباهلة ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [آل عمران: 61]

فالرسول أحضر أركان الرسالة، والنصارى أحضروا أركان رسالتهم، أحضر علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وما أخرج معه امرأة من نسائه غير فاطمة، ليبيّن للعالمين أنها حجة من حجج الله على خلقه وأنها شريكته في دعوته ورسالته، ولذلك أخرجها في مقام التحدي بينه وبين نصارى نجران.

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1073
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 01 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28