• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : معاني العدل .

معاني العدل

معاني العدل

تستعمل كلمة العدل في أربعة موارد:
1- العدل بمعنى التناسب ويقابله عدم التناسب لا الظلم، كما يوصف المجتمع بأنه مجتمعٌ عادلٌ، فيكون المراد أنّ كلّ شيءٍ موجود فيه بالقدر اللازم والمناسب، وما ورد في الحديث النبوي (بالعدل قامتِ السماواتُ والأرضُ)، والآية الشريفة (والسماء رفعها ووضع الميزان) بمعنى أنّ العالم كلّه متعادلٌ ومتوازنٌ، وهذا من لوازم كون الله سبحانه حكيماً وعليماً، إلا أنّ هذا المعنى خارج عن محل البحث.
2- العدل بمعنى التساوي وترك الترجيح، وهذا المعنى إن كان المراد منه عدم مراعاة الأنواع المختلفة للاستحقاق، فهذا هو عين الظلم، لأنّه لا يمكن اعتبار من يستحق ومن لا يستحق على حدّ سواء.
3- العدل بمعنى مراعاة الحقوق وهو إعطاء كل ذي حق حقه، ويقابله الظلم وهو التجاوز عن حقوق الآخرين، ويعتمد العدل بهذا المعنى على أساسين:
أ‌- ثبوت الحقوق والأولويات، فمن يقوم بعمل أو اختراع ما فهو أولى به من غيره.
ب‌- خصوصية الإنسان الذاتية، فإنه مخلوق على نحو إذا أراد الوصول إلى أهدافه فعليه مراعاة مجموعة من الأفكار الاعتبارية كالحقوق والأولويات، والتي يحكيها الإنسان بعبارات إنشائية من قبيل (ينبغي ويجب ولا بد)، والعدل بهذا المعنى لا يمكن تصوره في حق الله عزّ وجل، لأن الله هو المالك على الإطلاق ولا يوجد مستحق في قباله تعالى أو من له أولوية عليه، وكذلك الظلم المقابل حيث لا يمكن تصور تجاوزه سبحانه عن حقوق الآخرين على فرض ثبوتها أو إعطائها لهم.
4- العدل بمعنى رعاية الاستحقاق في إفاضة الوجود والكمال، فإنّ كل موجود يملك استحقاقاً خاصاً من جهة قابليته لإكتساب الفيض الإلهي، فالعدل هو أن يأخذ كل موجود ما هو ممكن له من وجود وكمال، والظلم هو منعٌ وإمساكٌ هذا الفيض، وهذا المعنى هو الذي يتبناه الحكماء الإلهيون، ولا يراد بالإستحقاق للفيض أنّ هذا الموجود يملك حقاً على الله، بل بمعنى أنّ عدل الله هو عين الفضل والجود، وهذا ما حكاه أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة: (فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرى عليه صروف قضائه، ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلاً منه وتوسعاً بما هو من المزيد أهله).
والدليل على ثبوت صفة العدل بهذا المعنى لله عزّ وجل، هو أنّ الذات الإلهية خير وكمال مطلق تعطي ولا تمسك، لكنها تعطي كل موجود بحسب قابليته.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=133
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18