من مظاهر الْخُلق العظيم للنبي الكريم (ص)
كان النبي - أشجع ، وأحلم ، وأعدل ، وأعف ، وأسخى الناس جميعاً ، وكان لا يبيت عنده دينار ولا درهم . وكان أزهد الناس ، وأبسطهم في العيش ، حيث كان يخصف النعل ويرقع الثوب ، ويخدم في البيت مع سائر أهل بيته . وكان أشد الناس حياءً ، فلا يثبت بصره في وجه أحد أبداً . وكان أسمح الناس وأسهلهم . وكان يجيب دعوة الحر والعبد ، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ، ويكافئ عليها أحسن مكافأة . وكان لا يستكبر عن إجابة أَمَةٍ أو مسكين . وكان يغضب لله ولا يغضب لنفسه ؛ ويُجــــري حكم اللـه وإن تضرَّر هو أو أحد من أصحابه به . وكان يربط الحجر على بطنه من الجوع . فإذا حضر الأكل . أكل ما وجد ولم يردّ شيئاً .. وكان متواضعاً في أكله ، فلا يأكل متوكئا ، ولا على خوان . ويؤاكل المساكين ويجالس الفقراء ، ويكرم أهل الفضل ، ولا يجفو أحداً . أما في شؤونه الاجتماعية ، فكان يعود المريض كائناً من كان وكيف كان ، ويشيّع الجنائز ، ويمشي وحده ولا يتخذ حاشية أبداً . ويركب ما حضر إن فرساً ، أو بغلة ، أو حماراً ، إن حافياً أو ناعلاً ، مع الرداء حيناً ، وحيناً بلا رداء وبلا عمامة ولا قلنسوة . ولكنه كان يسير بمظهر القوة لا الضعف . فإذا مشى اقتلع رجليه عن الأرض اقتلاعاً حتى كأنه ينحدر من عل . وكان يحب الطِّيب حبّاً جمّاً .. وكان له عبيد وإماء ، ولكن لم يكن يترفع عليهم أبداً . وكان لا يمضي عليه وقت ليس في طاعة اللـه . وكان يبدأ مَن لقيه بالسلام ، ومن قام معه في حاجة سايَرَه حتى يكون هو المنصرف . وكان إذا لقي أحداً من أصحابه بدأه بالمصافحة ، ثم أخذ يده وشابكه ثم قبض عليها . وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلِّي إلاّ خفَّف صلاته والتفت إليه قائلا : ألك حاجة ؟. فإذا تمت حاجته قام إلى صلاته . وكان أكثر جلوسه جلسة التواضع وهي أن يرفع ساقيه ويمسكها بيديه ، ويجلس حيث ينتهي به المجلس . وما رؤي قط مادّاً رجليه بين أصحابه وكان أكثر ما يجلس يستقبل القبلة . وكان يكرم من يدخل عليه ؛ حتى ربما بسط ثوبه لمن ليس بينه وبين الرسول قرابة . وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تكون تحته فإن أبى عزم عليه حتى يقبل . وما استصغاه أحد إلاّ ظن أنه أكرم الناس عليه ، حتى أنه كان يعطي كل من جلس إليه نصيبه من وجهه ونظره . ولقد كان يدعو أصحابه بكناهم إكراماً لهم وتعظيماً . فإذا لم يكن لأحد كنية كنّاه من جديد حتى يكنَّى بها . والمـرأة إن كان لها ولد كناها به وإن لم يكن لهـــا ابتدأ بكنية لها جديدة . حتى الصبيان فإنه كان يكنيهم . وكان أبعد الناس غضباً على أحد، وأسرعهم رضىً، وأرقهم لهم قلباً، وخيرهم لهم نفعاً . وكـــان إذا جلس مجلساً قال : " سبحانك اللـهم وبحمـــدك . أشهد أن لا إله إلاّ أنت ، أستغفرك وأتوب إليـــك " . وكان إذا جلس بين أصحابه لا يُعرف أيهم محمد (ص) لاختلاطه بهم . فلما كثر الوافدون الذين كانوا يسألون عنه أمام عينيه قائلين : أيكم محمد ! . صنع له دكة من طين .. وكان يقول : إنما أنا عبد !. أما صلته بربه فلقد كان نبيَّ الإسلام ، أخشى الناس لربه ، وأتقاهم له ، وأعلمهم به ، وأقواهم في طاعته ، وأصبرهم على عبادته ، وأكثرهم حبّاً له ، وأزهدهم فيما سواه . فكان يصلِّي حتى انشقت بطن قدَميه من كثرة الصلاة . فإذا وقف إلى الصلاة انهمرت دموعه . وارتجت البقعة بنشيجه وضراعته .. وكان يصوم حتى يقال : إنه لا يفطر . ويفطر حتى يقال إنه لا يصوم . وكان نظيف الجسم طاهر الثياب ، يرجّل جمته ، ويسرّح لحيتَه ، ويستاك ، ويعطِّر جسده ، حتى كان يشم منه الرائحة الطيبة من بُعد ، ويعرف الشخص الذي يصاحبه أو يجالسه أنه قد التقى به بما يسري منه إليه من العطر . ويطعم الجائع ويكسو العاري ، ويُركب الراجل ، ويُعين ذا الحاجة فيها ، ويقضي دين الْمَدين . وكان أشجع الناس ، حتى قال الإمام علي ( عليه السلام ) لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ بالنبيّ (ص) وهو أقربنا إلى العدو . وكان من أشدّ الناس يومئذ بأساً . وقال - أيضاً - كنا إذا حمي الوطيس ولقي القوم القوم اتقينا برسول اللـه (ص) ، فما يكون أحد أقرب إلى العدوِّ منه . وكان أجود الناس كفّاً ، وأصدقهم لهجة ، وأوفاهم ذمة ، وألينهم عريكة ، وأوسطهم نسباً . من رآه هابه ، ومن خالطه أحبه . ما سئل شيئاً إلاّ أعطاه . وإن رجلاً أتاه سائلاً فأعطاه غنماً سدّت بين جبلين ، فرجع إلى قومه فقال : أسلموا فإن محمداً (صلى اللـه عليه وآله ) يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة . وكان يُنكر كلَّ منكر ، ويأمر بالمعروف . وكان أخيراً قدوة لكل خير . وأسوة في كل فضل ورائداً إلى كل ما ينفع الإنسان في العالمين.
|