• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : دور الأئمة الأطهار في تخليد الحسين(عليه السلام) .

دور الأئمة الأطهار في تخليد الحسين(عليه السلام)

 

 
دور الأئمة الأطهار في تخليد الحسين(عليه السلام)
 
أکّدت العديد من آيات القرآن على ضرورة تفعيل وحفظ ذکر الأنبياء(عليهم السلام) وکبار شخصيات التاريخ وسرد سيرتهم التي تنطوي على الدروس والعبر. ومطالعة هذه الطائفة من الآيات التي تبدأ عادة بقوله تعالى: (وأُتلُ عَلَيْهِمْ، وَأُذْکُرْ فِي الْکِتَابِ)تفيد أنّ الغرض من ذکر صفوة الله لا يمکن في إستعراض حياتهم وبيان أسمائهم وقضاياهم الشخصية، بل دليل ذکرهم في هذه الآيات صفاتهم الحميدة وخصالهم الحسنة وأساليبهم الربانية والإنسانية. فإننا نقرأ في هذه الآيات:
(وَاذْکُرْ فِي الْکِتابِ إِبْراهِيمَ إِنْهُ کانَ صِديقاً نَبِياً)(1).
(وَاذْکُرْ فِي الْکِتابِ مُوسى إِنَّهُ کانَ مُخْلَصاً وَکانَ رَسُولا نَبِياً)(2).
(وَاذْکُرْ فِي الْکِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ کانَ صادِقَ الْوَعْدِ)(3).
 
(وَاذْکُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحقَ وَيَعْقُوبَ اُولِى الاَْيْدِي وِالاْبصارِ)(4).
وکما نلاحظ لم ترد في هذه الآيات إشارة إلى الجوانب الشخصية والسرية وماهم عليه من حياة اعتيادية، بل کان الکلام عن فضائلهم الخلقية وأساليبهم البناءة، وهذا يشير إلى أنّ لزوم إحياء ذکرهم إنّما يعزى إلى وجود هذه الصفات والملکات الحميدة، وليست هنالک من موضوعية وخصوصية لذکر أسمائهم، بل إحياء ذکر کل مَن اتّصف بهذه السجايا الإنسانية والربانية لمن الوظائف الإنسانية والدينية.
ومن هنا نرى استغلال أئمّة الهدى(عليهم السلام)لکل فرصة وفي مختلف المناسبات في إحياء وتخليد شهداء کربلاء بصفتهم أکمل أسوة في التضحية والفداء في سبيل نجاة الأمّة، ولاسيما سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين(عليه السلام).
حقّاً إنّ تخليد ذکر هؤلاء الأولياء سيلهم الأجيال ويجعل حياتهم هادفة ويثير لديهم روح التضحية والفداء ويمنحهم قوّة الصمود بوجه الخطوب والمحن. وبالتالي فإن ذکر هؤلاء الصلحاء والتذکير بسجاياهم الخلقية سيؤدّي بکل أمّة ـ خاصة الأمّة المسلمة ـ إلى التأسي والإقتداء بهم.
________________________________________
1 . سورة مريم، الآية 41. 
2 . سورة مريم، الآية 51. 
3 . سورة مريم، الآية 54. 
4 . سورة ص، الآية 45.
 
 أساليب الأئمة(عليهم السلام) في إحياء عاشوراء وأبطالها
إعتمد أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) مختلف الأساليب بغية تخليد الإمام الحسين(عليه السلام)ومنها:
 1. إقامة مجالس العزاء
روى علقمة الحضرمي أنّ الإمام الباقر(عليه السلام) کان يقيم في بيته مراسم العزاء على الحسين(عليه السلام)يوم عاشوراء:
«... ثُمَّ لَيَنْدِبُ الْحُسينَ عَلَيْهِ السَّلام وَيَبْکِيِه وَيأْمُرُ مَنْ فِي دارِهِ مِمَّنَ لا يَتَّقِيهِ  بِالْبُکاءِ عَلَيْهِ ... وِلْيُعَزِّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصابِهِمْ بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام»(1).
ولا تخفى البرکات التي تنالها الأمة الإسلامية من تلک المجالس. فالمعطيات الثقافية والتربوية والتعليمية لهذه السّنّة الخالدة لأئمة أهل البيت(عليهم السلام) على قدر من الکثرة بحيث يعزى لها الجانب الأعظم من الثقافة الشيعية.
________________________________________
1 . وسائل الشيعة، ج 10، ص 398، الباب 66 من أبواب المزار، ح 20. 
  
 
 2. ذکر مصائب الحسين(عليه السلام) في مختلف المناسبات
ورد في الحديث أن الإمام الصادق(عليه السلام) قال لداود الرقي:
«إِنِّي ما شَرِبْتُ ماءً بارِداً إِلاَّ وَذَکَرْتُ الْحُسَينَ عَلَيْهِ السَّلام»(1).
کما جاء في الخبر أنّ المنصور الدوانيقي لما أحرق دار الإمام الصادق(عليه السلام) کان فيها فأطفأها وهدأ الصبية. وفي اليوم التالي أتاه عدداً من أشياعه فرأوه مغموماً باکياً فسألوه عن ذلک هل بسبب هتکهم لحرمته، فأجاب:
«لا، وَلکِنْ لَمّا أَخَذَتِ النّارُ ما فِي الدِّهْلِيزِ نَظَرْتُ إِلى نِسائِي وَبَناتِي يَتَراکَضْنَ فِي صَحْنِ الدّارِ مِنْ حُجْرَة إِلى حُجْرَة وَمِنْ مَکان إِلى مَکان هذا وَأَنَا مَعَهُنَّ فِي الدّارِ فَتَذَکَّرْتُ فِرارَ عِيالِ جَدّيَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام يَوْمَ عاشُوراء مِنْ خَيْمَة إلى خَيْمَة وَمِنْ خَباء إلى خَباء»(2).
________________________________________
1 . أمالي الصدوق، ص 142. 
2 . مأساة الحسين، ص 117; ومجمع مصائب أهل البيت للهنداوي، ج1، ص 24.
 
 3. البکاء والإبکاء
إن أعظم أسلوب أعتمده الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) لإحياء النهضة الحسينية البکاء على الإمام الحسين(عليه السلام). فقد عاش الإمام السجاد(عليه السلام) حالة الحداد طيلة حياته على قضية عاشوراء فبکى على هذه المصيبة بما جعله يلقب بـ (بکّائي العالم)(1). حيث قال(عليه السلام): «إِنِّي لَمْ اَذْکُرْ مَصْرَعَ بَني فاطِمَةَ إِلاّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ»(2).
وبکاء الإمام(عليه السلام) في مختلف المناسبات أدى إلى صحوة عامة وحال دون نسيان ذکر شهداء الطف. ولم يکتف الأئمّة(عليهم السلام) بالبکاء على مصاب سيد الشهداء فحسب، بل کانوا يحثون الآخرين ويرغبونهم بالبکاء عليه. فقد جاء في رواية الإمام الرضا(عليه السلام):
«فَعَلى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْکِ الْباکُونَ،فَإِنَّ الْبُکاءَ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظامَ»(3).
وبموازاة الثواب العظيم الذي ذکر في الروايات على البکاء، هنالک المزيد من الثواب أيضا على الإبکاء، بل حتى التباکي، ففي الخبر:
«... مَنْ بَکى وَأَبْکى واحِدَاً فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ تَباکى فَلَهُ الْجَنَّةُ»(4).
________________________________________
1 . وسائل الشيعة، ج2، ص 922 الباب 87، ح 7. 
2 . بحار الأنوار، ج 46، ص 108. 
3 . بحار الأنوار، ج 44، ص 284; وسائل الشيعة، ج10، ص 394، ح 8. 
4 . بحار الأنوار، ج 44، ص 288، ح 27.
 
 4. حث الشعراء على المراثي
حظى الشعراء الذين نظموا الشعر في مصائب الإمام الحسين(عليه السلام) وأنشدوها في المجالس والمحافل بأهتمام الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) وفائق لطفهم وعنايتهم. وکان مشاهير الشعراء مثل «کميت الأسدي» و«دعبل الخزاعي» و«السيد الحميري» و... بصفتهم «شعراء أهل البيت» وبتشجيع الأئمّة(عليهم السلام) يتمتعون بمکانة اجتماعية مرموقة لدى الناس. قال هارون المکفوف  أحد أصحاب الإمام الصادق) دخلت على الإمام(عليه السلام)فقال: أنشدني فأنشدته. فقال: «لا، کَما تَنْشِدُونَ وَکَما تَرْثِيِه عِنْدَ قَبْرِهِ». فأنشدته:
أُمْرُر عَلى جَدَثِ الْحُسَيْنِ *** فَقُلْ لاَعْظُمِهِ الزَّکِيَّة
فرأيته بکى فسکت. فقال: أنشد فأنشدت حتى بلغت هذا البيت:
يا مَرْيَمُ قُومي وَانْدُبِي مَوْلاکِ *** وَعَلَى الْحُسَيْنِ فَأسْعَدي بِبُکاکِ
 فبکى الإمام(عليه السلام) وصرخت النسوة، فلما هدأ قال(عليه السلام): «يا أَبا هارُونَ مَنْ أَنْشَدَ فِي الْحُسَيْنِ فَأَبْکى عَشَرَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ»( بحار الأنوار، ج44، ص 287 ح 25).
 
 
 

  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=378
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29