• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : علماء .
                    • الموضوع : همة صاحب (مفتاح الكرامة) .
                          • رقم العدد : العدد السابع والعشرون .

همة صاحب (مفتاح الكرامة)

 علماء قدوة

تاريخ العلماء حافل بالقصص والمآثر والعبر ... وقصص العلماء زاخرة بالأخلاق والمثل العليا وهي بذلك تذكرنا بعظمتهم وجلالة قدرهم وأنهم أسوة لنا وقدوة.

 

 

همة صاحب (مفتاح الكرامة) في التعليم

تناول السيد الأمين في (أعيان الشيعة) الجد والسعي المتواصل للسيد جواد العاملي صاحب (مفتاح الكرامة) قائلاً: كان في الجد وتحصيل العلم قليل النظير، وقد أفنى عمره في الدرس والتدريس والبحث والمطالعة والتأليف وخدمة الدين، وكان يستغرق وقته ليلاً ونهاراً في ذلك، دون أن يحدث له ضعف واضطراب، وكان مشغولاً بالبحوث العلمية حتى في أيام الأعياد وليالي القدر من شهر رمضان، واستمر على هذه الحال حتى سن الشيخوخة وكله رغبة ونشاط في هذا المضمار، وكان لا ينام من الليل إلا قليلاً، ولما سئل: ما هي أفضل أعمال ليلة القدر؟

أجاب: بإجماع علماء الإمامية هو الاشتغال بطلب العلم

وفي أيام محاصرة النجف من قبل الوهابية بين سنوات (1331 و 1336هـ) كان العلماء مع الأهالي يقومون بالدفاع عن المدينة، وفي الوقت الذي كان يشارك العلماء في الجهاد والمحافظة على المدينة ووسائل الدفاع وتشجيع المجاهدين والحراس وترغيبهم، تراه لا يفتر قلمه عن التأليف والتدريس، فقد كتب في تلك اللحظات رسالة في وجوب الدفاع عن النجف، كما استمر في كتابة بعض مجلدات (مفتاح الكرامة) مثل: مجلد الضمان والشفعة والوكالة وكان له من العمر حدود السبعين.

وإحدى الأمثلة على استمرارية الجد والجهد في الليل والنهار هي: أنه في نهاية العديد من مجلدات (مفتاح الكرامة) تراه يكتب: (قد تم الفراغ منه ليلة كذا) وذكر في مجلد الوقف (قريب منتصف الليل)، والمجلد الثاني من الطهارة (في الربع الأخير من الليل) ومجلد الوكالة (بعد منتصف الليل) ومجلدين من الشفعة (في الليل) وبعض المجلدات الأخرى (في ليلة القدر) أو (ليلة عيد الفطر).

وفي آخر مجلد الإقرار من (مفتاح الكرامة) كتب: في شهر رمضان من هذه السنة كتبت ثمانية أو تسعة أو عشرة أجزاء من الأبحاث، إضافة إلى الأعمال الأخرى التي أقوم بها في شهر رمضان، وما تركت الكتابة إلا لبعض المؤثرات التي كانت سبباً للتعطيل.

ونقل حفيده السيد جواد بن السيد حسن قال: كانت ابنة صاحب (مفتاح الكرامة) سيدة جليلة القدر ومشهورة بالتقوى والعبادة وكانت قد عاشت خمسة وتسعين عاماً من العمر، دون أن تعاني من ضعف الحواس أو عدم القدرة، وكانت تقول: إن والدي ما كان ينام الليل إلا قليلاً من الوقت، ولم يتفق لي أن رأيته وهو نائم بل كان مستيقظاً على الغالب مشغولاً بالمطالعة والكتابة.

ونقل حفيده الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي الذي كان مدة في بيته وكان ينام بعد الفراغ من مطالعاته في الليالي قال: كنت أرى جدي يقظاً ومشغولاً بعمله، وكان يلتفت إلى حفيده ويقول: ما هذا العشق بالنوم، وهذا المقدار الذي نأخذه من النوم يكفينا، وكان يضع رأسه على يده، ويغفو إغفاءة قصيرة جداً، ثم يعود إلى عمله، وأحياناً يوقظ حفيده لصلاة الليل، ويقوم هو بالمطالعة.

وكان معروفاً بين العلماء في زمانه وحتى موته بالدقة والضبط وصفاء الذات، وكان يرجع إليه كبار العلماء لحل المسائل المشكلة فيأخذون منه الجواب أو يطلبون منه تأليفاً في ذلك، وكان تأليف كتبه بالتماس أساتذته: كالشيخ جعفر كاشف الغطاء، والسيد صاحب الرياض

 

 

زهد وورع الملا عبد الله التستري (رحمه الله

كان المولى الفاضل التقي الورع المتقي الملا عبد الله التستري يقول لابنه وهو يعظه: يا بني إني بعدما أمرني مشايخي (رضوان الله عليهم) بجبل عامل بالعمل برأيي ما ارتكبت ـ مباحاً

وروى: أنه جاء يوماً إلى زيارة الشيخ البهائي (رحمه الله)، فجلس عنده ساعة إلى أن أذن المؤذن، فقال الشيخ: صل صلاتك هاهنا حتى نقتدي بك ونفوز بثواب الجماعة، فتأمل ساعة، ثم قام ورجع إلى المنزل، ولم يرض بالصلاة جماعة هناك، فسأله بعض أحبته عن ذلك، فقال: أنك مع غاية اهتمامك بالصلاة في أول الوقت كيف لم تجب الشيخ إلى مسؤوله؟! فقال: راجعت نفسي سويعة، فلم أر نفسي لا تتغير بإمامتي لمثله، فلم أرض بذلك

ونقل أيضا أنه كان يحب ولده المولى حسن علي كثيراً، فاتفق أنه مرض مرضاً شديداً فحضر المسجد لأداء صلاة الجمعة مع تشتت حواسه، فلما بلغ في سورة المنافقين إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) جعل يكرر ذلك، فلما فرغ سألوه عن ذلك؟ فقال: إني لما بلغت هذا الموضع تذكرت ولدي، فجاهدت مع النفس بتكرار هذه الآية إلى أن فرضته ميتاً وجعلت جنازته نصب عيني، ثم تلوت ما بعدها

وكان من عبادته أنه لا يفوت منه شيء من النوافل، وكان يصوم الدهر، ويحضر عنده في جميع الليالي جماعة من أهل العلم والصلاح وكان مأكوله وملبوسه على أيسر وجه من القناعة

 

   الشيخ الأنصاري : يوجد هناك من هو أعلم مني

كان الشيخ محمد حسن صاحب (الجواهر) يطوي اللحظات الأخيرة من عمره الشريف، وكان يحيط به جميع الفقهاء وكبار أهل العلم وهم يفكرون في مصير المرجعية ومن يخلفه، ففتح عينيه ونظر إلى الجموع الملتفة حوله وقال: أين بقية العلماء؟

فقيل له: كلهم موجودون في خدمتكم، فقال: أين الملا مرتضى؟ فذهب جماعة امتثالاً لأمر الأستاذ للبحث عن الشيخ الأنصاري فوجدوه في حرم أمير المؤمنين (ع) فقالوا له: لماذا تركت الأستاذ في هذا الوقت؟

فقال: جئت أدعو له بالشفاء، وأخيراً جيء بالشيخ الأنصاري إليه، وبعد السلام والسؤال عن الحال جلس، فالتفت صاحب (الجواهر) إلى الحاضرين وقال: إنه الذي يصلح للزعامة بعدي والتفت إلى الشيخ وقال: أيها الشيخ! قلل من احتياطك في المسائل ـ وكان الأنصاري يحتاط كثيراً ـ فأجاب الشيخ: أنا لا أصلح لزعامة الدين، فلما سمع العلماء هذا الجواب من الشيخ الأنصاري تعجبوا، وسألوا الشيخ نفسه عن السبب في انصرافه عن هذا الأمر الخطير؟

فقال: هناك من هو أجدر وأليق مني بهذا الأمر، قالوا: لا نعرف أحداً غيرك، فقال الشيخ الأنصاري: نعم، إن الأستاذ سعيد العلماء المازندراني أفضل مني وأعلم وأفقه، وهو الآن موجود في إيران، لأني رأيته في كربلاء في درس المرحوم شريف العلماء، وأنا أدري أنه أعلم مني، فكتب الشيخ الأنصاري إلى سعيد العلماء وطلب منه أن يقبل المرجعية والزعامة الحوزوية، فلما وصلت الرسالة إلى سعيد العلماء، كتب في جوابها:نعم، إن ما ذكرت وكوني أعلم منك في زمان حضورنا درس شريف العلماء صحيح، أما الآن فإنك متفوق علي، لأني تركت المباحثة لسنوات طويلة، كما أني انشغلت بأمور الناس والتدخل في حل وفصل قضاياهم، وأنت أدمت التحصيل بحضور الأساتذة، فعلى هذا أنت أعلم مني.

فلما وصل جواب الرسالة إلى الشيخ الأنصاري أخذ يبكي لعظم المسؤولية التي أنيطت به، وتوجه إلى الحرم المطهر لأمير المؤمنين (ع) واستغاث به ليعينه على تأدية هذا الأمر الخطير على أحسن وجه

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=563
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 12 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18