• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : شهر رمضان .
                    • الموضوع : الصيام في الكتاب والسنة .

الصيام في الكتاب والسنة

الصيام في الكتاب والسنة
 

 

 

القران الحكيم
1- (يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُـونَ ((البقرة، 183)
هدى من الاية
الصيام عبادة مكتوبة على المؤمنين (أي مفروضة عليهم) في هذا العصر، كما كُتِبَ على السابقين في العصور الماضية، وهو من اركان الدين، وعلائم الإيمان.
والغاية من فرض الصيام تنمية روح التقوى، ليس فقط بالتمرن على حفظ النفس عن الشهوات الحلال، ليكون حفظها عن الحرام أيسر، وإنما - أيضاً - لان العبادة بشكل عام، سواءً كانت صياماً أو صلاةً أو حجاً أو غيرها، تقرب الانسان إلى الله وتزيده تقوى.
2- (أياماً مَعْدُودَاتٍ فَمَن كَان مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِــدَّةٌ مِنْ أيام اُخَرَ وَعَلَـى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَـــن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَـهُ وَان تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ان كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( (البقرة، 184)
هدى من الآية
إن أيام الصيام المفروض معدودة لا تزيد ولا تنقص، فانه شهر كامل، فمن استطاع الصيام في شهر الله الكريم، فقد أنجز الأيام، ومن تخلف عنه لسفر او مرض فعليه الصيام شهرا آخر (وهكذا سمي الصيام في غير شهر رمضان بانه قضاء) والعدة تعني أنَّ ما سوى شهر رمضان لا يُشترط فيه سوى التكامل العددي، ولا يجب التتابع فيه، كما يجب في شهر رمضان، وأيضاً يهدينا هذا التعبير إلى أن كل يوم ينقص من شهر رمضان يكتمل بغيره.
أما شروط فرض الصوم فانها ثلاثة: الشهود (ألاّ يكون المرء على سفر) والصحة والقدرة، فإذا كان الصيام يستنفذ طاقة الفرد كلها عند الشيخ والشيخة فيجوز ان يفتديا باطعام مسكين عن كل يوم، وإذا أرادا أن يعطيا أكثر من ذلك فهو خير.
3-( شَهْرُ رَمَضَان الَّذِي انزِلَ فِيهِ الْقُرْان هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَان مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيام اُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّة َوَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ((البقرة، 185)
هدى من الآية
لمإذا الصيام في شهر رمضان؟ لانه شهر القران، ولان القران كتاب الله الذي يهدي إلى الحقائق، وإلى صراط مستقيم، وهو كذلك كتاب بينات يفصل القول في بعض تلك الحقائق مما يحتاج الناس إليه، وهـو - إلى ذلك - ميزان يفرق بين الحق والباطل.
وحين يصوم المؤمن في شهر القران، يستعد نفسيا لتقبل هدى القران وبيناته وفرقانه، أوليس الصيام ينمي التقوى، ويزيد الخشوع، ويورث السكينة؟
وابتداء من رؤية الهلال وشهود شهر الصيام، يجب الإمساك، وهكذا الشاهد الحاضر هو الذي يصوم.
اما المسافر فلابد أن يقضي أياماً أخرى بعدة أيام الشهر التي فاتته.
كذلك المريض، والله سبحانه أسقط الصيام عن المسافر والمريض تيسيرا وتسهيلا، ولكنه فرض أياما ً أخر تكميلا لعدة الأيام التي هي الشهر الكامل.
والصيام - وبالذات في شهر رمضان - من شعائر الله التي يكبر المسلمون ربهم بها، أوليس قد هداهم إلى الحق، أوليس الاعلان عن هذا الحق ضمن شعائر عبادية ذات فوائد كبرى؟
وأخيراً: الصيام شكر فالذي يمسك عن شهواته، تسليما لله يشكر ربه بذلك.
والفوائد الكبيرة التي يورثها الصيام تقتضي شكرا من العبد لربه الرحمن، الذي كتب عليه الصوم، ومنحه تلك الفوائد في العقبى كما في الدنيا.
4- (وَإذا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاني قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَان فَلْيَسْتَجِيبُوا لِيْ وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ((البقرة، 186)
هدى من الآية
وشهر رمضان، شهر الدعاء، وفيه ليلة القدر، حيث يفرق بها كل أمر حكيم، والله قريب يناجى، وهو يجيب دعوة الداع إذا هو دعا ربه حقا، ولم يجعل بينه وبين ربه حجب الغفلة والوهم والذنوب.
وشرط استجابة الدعاء، هو إستجـابة المؤمن لربه، ولمن أمر الله باتباعه حيث قال ربنا سبحانه: (يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ((الانفال، 24)
وعقبى الاستجابة (والولاية) ثم الدعاء، الرشد وبلوغ التطلعات المشروعة بفضل الله الرحمن.
5-( اُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَانتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللّهُ انكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانونَ انفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالان بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّـى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَـامَ إلى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَانتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُـونَ ((البقرة، 187)
هدى من الآية
المفطـرات الرئيسيـة ثلاثــــة: 1- مباشـرة النســاء 2- الأكـل 3- الشـرب.
وحد الصيام إجتناب هذه الثلاث، ابتداءً من الفجر إلى الليل، أما في الليل فلا تحرم المباشرة، كما يجوز الاكل والشرب، وقد كانت المباشرة محرمة ليلا، ثم دعا الشبق البعض إلى ممارسته، فخفف الله سبحانه عن عباده فأحله.
والهدف من المباشرة هو ابتغاء الذرية حسبما قدر الله، ذكراً أو أنثى!
والخيط الابيض الذي يحيط بالافق عند الفجر، هو حد الصيام الاول، اما حده الثاني فهو الليل عندما تغيب الشمس وتذهب حمرتها (حسب تفسير) أو عند مغربها فقط (حسب تفسير ثان).
ونهى القران من المباشرة عند الاعتكاف في المساجد، واعتبر كل ذلك من حدود الله سبحانه التي لا يجوز الاقتراب منها.
وبيان الحدود يهدف رسم خريطة التقوى.
السنة الشريفة
1 - قال الإمام الصادق عليه السلام: لكل شيء زكاة وزكاة الأجساد الصيام21.
2 - قال الإمام الرضا عليه السلام: إنما أمروا بالصوم لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقر الاخرة، وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما اصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب مع ما فيه من الإمساك عن الشهوات، ويكــون ذلـك واعظا لهم في العاجل ورائضا لهم على اداء ما كلفهم، ودليلا لهم في الآجل 22.
3 - وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: أحب من دنياكم ثلاث: الصوم في الصيف، وإكرام الضيف، والضرب بالسيف.
4 - وروى الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآلـه قال: من صام شهر رمضان وحفظ فرجه ولسانه وكف أذاه عن الناس، غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، وأعتقه من النار، وأحله دار القرار، وقبل شفاعته بعدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد (أي أنه يصل إلى مقام يشفع فيه للاخرين) 23.
5 - وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآلـه أنه قال: لو علمتم ما لكم في شهر رمضان لزدتـم للـه - تعالى ذكره - شكرا24.
6 - قال الإمام الصادق عليه السلام: من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الإيمان منه25.
7 - سُئل ابو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر في شهر رمضان ثلاثة أيام قال: يُسأل هل عليك في إفطارك إثم؟ فان قال: لا، فان على الإمام أن يقتله، وإن قال نعم، فان على الإمام أن ينهكه ضربا. 26


الصوم مدرسة التّقوى
في سياق طرح مجموعة من الأحكام الإِسلامية، تناولت هذه الآيات أحكام واحدة من أهم العبادات، وهي عبادة الصوم، وبلهجة مفعمة بالتأكيد قالت الآية:
[518]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
ثم تذكر الآية مباشرة فلسفة هذه العبادة التربوية، في عبارة قليلة الألفاظ، عميقة المحتوى، وتقول: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
نعم، الصوم ـ كما سيأتي شرح ذلك ـ عامل فعّال لتربية روح التقوى في جميع المجالات والأبعاد.
لما كانت هذه العبادة مقرونة بمعاناة وصبر على ترك اللذائد المادية، وخاصة في فصل الصيف، فانّ الآية طرحت موضوع الصوم بأساليب متنوعة لتهيّء روح الإِنسان لقبول هذا الحكم.
ـ الآثار التّربوية والإِجتماعية والصحّيّة للصوم
للصوم أبعاد متعددة وآثار غزيرة مادية ومعنوية في وجود الإِنسان، وأهمها البعد الأخلاقي، التّربوي.
من فوائد الصوم الهامة «تلطيف» روح الإِنسان، و«تقوية» إرادته، و«تعديل» غرائزه.
والصوم له مثل هذا الأثر في نفس الإِنسان، يمنحه القدرة وقوة الإِرادة وعزيمة الكفاح، كما يبعث في نفسه النور والصفاء بعد أن يسيطر على غرائزه الجامحة.
بعبارة موجزة: الصوم يرفع الإنسان من عالم البهيمية إلى عالم الملائكة وعبارة (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تشير إلى هذه الحقائق.
وهكذا الحديث المعروف: «الصَّوْمُ جَنَّةٌ مِنَ النَّارِ»(1) يشير إلى هذه الحقائق.
وعن علي(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سئل عن طريق مجابهة الشيطان، قال: «الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ، وَالصَّدَقَةُ تُكْسِرُ ظَهْرَهُ، وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالْمُواظبَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصّالِحِ يَقْطَعُ دابِرَهُ، وَالإِسْتغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ»(2).
وفي نهج البلاغة عرض لفلسفة العبادات، وفيه يقول أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لإِخْلاَصِ الْخَلْقِ»(3).

 

الآثار الصحية للصوم
أهمية «الإِمساك» في علاج أنواع الأمراض ثابتة في الطبّ القديم والحديث. البحوث الطبّية لا تخلو عادة من الحديث عن هذه المسألة، لأن العامل في كثير من الأمراض الإِسراف في تناول الأطعمة المختلفة. المواد الغذائية الزائدة تتراكم في الجسم على شكل مواد دهنية، وتدخل هي والمواد السكرية في الدم، وهذه المواد الزائدة وسط صالح لتكاثر أنواع الميكروبات والأمراض، وفي هذه الحالة يكون الإِمساك أفضل طريق لمكافحة هذه الأمراض، وللقضاء على هذه المزابل المتراكمة في الجسم.

1 ـ وسائل الشيعة، ج 7، أول كتاب الصوم، ص 3.
[524]
الصوم يحرق الفضلات والقمامات المتراكمة في الجسم، وهو في الواقع عملية تطهير شاملة للبدن، إضافة إلى أنه استراحة مناسبة لجهاز الهضم وتنظيف له، وهذه الاستراحة ضرورية لهذا الجهاز الحساس للغاية، والمنهمك في العمل طوال أيام السنة.
بديهي أن الصائم ينبغي أن لا يكثر من الطعام عند «الإِفْطار» و«السُّحُور» حسب تعاليم الإِسلام، كي تتحقق الآثار الصحية لهذه العبادة، وإلاّ فقد تكون النتيجة معكوسة.
العالم الروسي «الكسي سوفورين» يقول في كتابه:
«الصوم سبيل ناجح في علاج أمراض فقر الدم، وضعف الأمعاء، والإِلتهابات البسيطة والمزمنة، والدمامل الداخلية والخارجية، والسل، والاسكليروز، والروماتيزم، والنقرس والإِستسقاء، وعرق النساء، والخراز (تناثر الجلد)، وأمراض العين، ومرض السكر، وأمراض الكلية، والكبد والأمراض الاُخرى.
العلاج عن طريق الإِمساك لا يقتصر على الأمراض المذكورة، بل يشمل الأمراض المرتبطة باُصول جسم الإِنسان وخلاياه مثل السرطان والسفليس، والسل والطاعون أيضاً»(1).
عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «صُومُوا تَصُحُّوا»(2).
وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: «الْمِعْدَةُ بَيْتُ كُلِّ دَاء وَالْحَمِيَّةُ رَأْسُ كُلِّ دَوَاء»(3).
 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=78
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2007 / 09 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18