• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : المبعث النبوي الشريف يوم انبلاج فجر الاسلام .

المبعث النبوي الشريف يوم انبلاج فجر الاسلام

 

 

المبعث النبوي الشريف يوم انبلاج فجر الاسلام

هو اليوم الذي بعث الله فيه محمد بن عبد الله (صلَّى اللهُ عليه وآله)

قال تعالى:{ هو الذي بعث فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).

وكان ذلك يوم السابع والعشرين من شهر رجب (27 رجب)، قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة؛ وله فضلٌ عظيمٌ عند الله سبحانه، وقد وردت في فضلهِ وثوابِ بعض الأعمال فيه عدةُ روايات

 

المبعث النبوي الشريف من أهم المفاصل التاريخية 

ففيه بدء نزول القرآن الكريم والرسالة الإلهية الشاملة الجامعة عقيدة وشريعة

في هذه اليوم العظيم الذي أشرق نور الهدى التام على نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي هذا التاريخ بدأت الحركة التغييرية الكبرى بقيادة النبي الاكرم (صلَّى اللهُ عليه وآله)  وبدأ مسار اخراج الناس من الظلمات الى النور

قال تعالى: الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏ ) ابراهيم 1

فقد بيّن تعالى في هذه الآية الكريمة أنه أنزل على نبيه  (صلَّى اللهُ عليه وآله)  هذا الكتاب العظيم ليخرج به الناس من ظلمات الكفر و الضلال إلى نور الإيمان و الهدى.

وأوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله‏ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى‏ عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الحديد: 9]

و قوله‏ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257] الآية إلى غير ذلك من الآيات.

فالله سبحانه وتعالى في هذه الآيات حدَّد مهمَّة النبي عليه الصلاة والسلام :

﴿ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

 الضلال ظلمات، والهدى نور، الجهل ظلمات، والعلم نور، المعصية ظلمات، والطاعة نور، الانقطاع عن الله ظلمات، والاتصال به نور، هذه مهمَّة الأنبياء، وهذه مهمَّة النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه مهمّة الدعاة الصادقين من بعده.(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي) يوسف : 108

 

احوال الناس قبل البعثة

نستعين في بيان ذلك على كلمات صادرة عن معاصرين لزمن البعثة :

في مجال العقيدة :

عن امير المؤمنين عليه السلام يقول : الَى أَنْ بَعَثَ اللهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله) لاِنْجَازِ عِدَتِهِ وَتَمامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِيماً مِيلادُهُ. وَأهْلُ الاْرْضِ يَوْمَئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ، بَيْنَ مُشَبِّه للهِ  بِخَلْقِهِ، أَوْ مُلْحِد في اسْمِهِ، أَوْ مُشِير إِلَى غَيْرهِ، فَهَدَاهُمْ بهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ بمَكانِهِ مِنَ الجَهَالَةِ.

 

ويقول : فَالهُدَى خَامِلٌ، واَلعَمَى شَامِلٌ. عُصِيَ الرَّحْمنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطَانُ، وَخُذِلَ الاْيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وَتَنكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، وَدَرَسَتْ(1) سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ(2). أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ، وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ(3)، بِهِمْ سَارَتْ أَعْلامُهُ، وَقَامَ لِوَاؤُهُ، في فِتَن دَاسَتْهُمْ بِأَخْفَافِهَا(4)، وَوَطِئَتْهُمْ بأَظْلاَفِهَا(5)، وَقَامَتْ عَلَى سَنَابِكِهَا(6)، فَهُمْ فِيهَا تَائِهُونَ حَائِرونَ جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ.

 

في مجال العادات والسلوكيات المنحرفة

يقول امير المؤمنين عليه السلام : إِنَّ اللهَ سُبحانَه بَعَثَ مُحَمَّداً نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ عَلَى شَرِّ دِين، وَفِي شَرِّ دَار، مُنِيخُونَ(1) بَيْنَ حِجارَة خُشْن(2)، وَحَيَّات صُمٍّ(3)، تشْرَبُونَ الكَدِرَ، وَتَأْكُلُونَ الجَشِبَ(4)، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ، الاْ(صْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالاْثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.

 

ومن كلام للسيدة الزهراء عليها السلام تبيّن حال الناس قبل البعثة وبعدها والدور الذي اداه رسول الله(ص) لتغيير حال الناس  :

 ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذاً لمقادير حتمه ، فرأى الأمم فرقاً في أديانها ، عكّفاً على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرةً لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمد صلى الله عليه وآله ظُلمها ، وكشف عن القلوب بُهَمَها ، وجلّى عن الأبصار غُمَمَها ، وقام في الناس بالهداية ، وانقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم ..... فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة ، مائلاً عن مدرجة المشركين ، ضارباً ثَبجَهم آخذاً بإكظامهم ، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يكسر الأصنام وينكب الهامَ ، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ، حتى تفرَّ الليلُ عن صبحه ، وأسفر الحقُّ عن مَحضِه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وطاح وشيظ النفاق ، وانحلّت عُقدُ الكفر والشقاق ، وفُهتم بكلمة الإخلاص في نفرٍ من البيض الخماص ، وكنتم على شفا حفرةٍ من النار ، مُذْقةَ الشارب ، ونُهزةَ الطامع ، وقُبسةَ العِجلان ، وموطأَ الأقدام ، تشربون الطرُقَ ، وتقتاتون الورق ، أذلّة خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ...

ومن كلمات جعفر بن ابي طالب امام النجاشي :

"أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.

الى غير ذلك من كلمات الامام علي في نهج البلاغة وغيره.

فرسول الله صلى الله عليه وآله قد بلّغ الرسالة وجاهد في سبيل الله حق الجهاد واوذي في الله وصبر ومعه ومن بعده الائمة الطاهرون والاصحاب المخلصون والعلماء والمؤمنون والشهداء والصالحون حتى وصل الينا الدين القويم فجزاهم الله عنا خير الجزاء ونردد مع امامنا السجاد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام :

... أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، قَائِمٌ بِالْقِسْطِ ، عَدْلٌ فِي الْحُكْمِ ، رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ، مَالِکُ الْمُلْکِ ، رَحيِمٌ بِالْخَلْقِ . ‌و‌أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ ‌و‌ رَسُولُكَ ‌و‌ خِيَرَتُكَ ‌من‌ خَلْقِكَ ، حَمَّلْتَهُ رِسَالَتَكَ فَأَدَّاهَا ، ‌و‌ أَمَرْتَهُ بِالنُّصْحِ لِأُمَّتِهِ فَنَصَحَ لَهَا   اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، أَكْثَرَ ‌ما‌ صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ ‌من‌ خَلْقِكَ ، ‌و‌آتِهِ عَنَّا أَفْضَلَ ‌ما‌ آتَيْتَ أَحَداً ‌من‌ عِبَادِكَ ، ‌و‌ اجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ ‌و‌ أَكْرَمَ ‌ما‌ جَزَيْتَ أَحَداً ‌من‌ أَنْبِيَائِكَ عَنْ أُمَّتِهِ   إِنَّكَ أَنْتَ الْمَنَّانُ بِالْجَسِيمِ ، الْغَافِرُ لِلْعَظِيمِ ، ‌و‌أَنْتَ أَرْحَمُ ‌من‌ كُلِّ رَحِيمٍ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْاَخْيَارِ الْاَنْجَبيِنَ.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=838
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29