• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : شهر رمضان .
                    • الموضوع : الصيام يحسن الصحة النفسية .

الصيام يحسن الصحة النفسية

 

الصيام يحسن الصحة النفسية
 هل للصيام آثار نفسية إيجابية؟ وهل يمكن للمريض النفسي أن يصوم؟
الجواب : شهر رمضان بما يتضمنه من نظام شامل يلقي بظلاله على الجميع حين يصومه خلال النهار وتتميز سلوكيات الصائمين بالالتزام بالعبادات ومحاولات التقرب إلى الله، وتعم مظاهر التراحم بين الناس، ما يبعث على الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة فيسهم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسن في الحالة النفسية كما أن الصوم هو تقرب إلى الله يمنح أملاً في الثواب .
يساعد الصوم على التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرضى النفسيين، والصبر الذي يتطلبه الامتناع عن الطعام والشراب والممارسات الأخرى خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة الإنسان على الاحتمال، ما يقوي مواجهته ومقاومته للأعراض المرضية، ولهذه الأسباب فإننا في ممارسة الطب النفسي ننصح جميع المرضى بالصيام في رمضان ونلاحظ أن ذلك يؤدي إلى تحسن حالتهم النفسية .
وهناك بعض الاضطرابات النفسية الشائعة في هذا العصر ولصوم رمضان تأثير إيجابي فيها، فمثلاً بالنسبة إلى الشعور بالقلق والذي يعتبر سمة من سمات عصرنا الحالي ويتخذ صوراً منها المخاوف المرضية، ونوبات الهلع التي تشبه الأزمات القلبية، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 30% إلى 40% في بعض المجتمعات، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف على المال والأبناء والصحة، ولهذا فإن شعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان وذكر الله بصورة متزايدة خلال الشهر فيه راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر .
7% من سكان العالم يعانون مرض العصر وهو الاكتئاب النفسي وذلك بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية . . وأهم أعراضه الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار، والصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس . . كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب على المريض وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الإثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب .
أما بالنسبة إلى مرض الوسواس القهري ocd الذي يعانيه عدد كبير من الناس على عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة، فالنسبة التي تقدرها الإحصاءات لحالات الوسواس القهري تصل إلى 3% ما يعني ملايين الحالات في المجتمع . . ويكون الوسواس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث وهناك الأفكار والوساوس حول أمور دينية أو جنسية أو أفكار سخيفة تتسلط على المرضى، ولا يكون بوسعهم التخلص منها ويسهم الصوم في تقوية إرادة هؤلاء المرضى واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام ما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض على التغلب على تسلط الوساوس المرضية التي كانت تسيطر على حياته وتسبب له المعاناة الأليمة .
كيف تتم تقوية الإرادة؟
من وجهة نظر الطب النفسي فإن الصوم وقدوم شهر رمضان فرصة جيدة وموسم يساعد على مواجهة الكثير من المشكلات النفسية والمثال على ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد على دقائق معدودة بين إشعال سيجارة بعد سيجارة حتى يتم الاحتفاظ بمستوى معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان .
إن قدوم شهر الصيام والاضطرار إلى الامتناع عن التدخين على مدى ساعات النهار فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين بعد شهر رمضان أكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخرى التي لا تزيد على 20% بمعنى أن كل 10 مدخنين يبدأون في الإقلاع ينجح 2 منهم فقط ويعود 8 إلى التدخين مرة أخرى . وبالنسبة إلى الإدمان وهو إحدى المشكلات المستعصية التي تواجه الأطباء النفسيين، فإن تحقيق نتيجة إيجابية في علاج هذه الحالات يمكن أن تزيد فرصته مع صيام رمضان، فالصيام تقوية للإرادة المتدنية لدى المدمنين وقبولهم تحدي الامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان يسهم في تقوية إرادتهم ومقاومتهم لإلحاح تعاطي مواد الإدمان المختلفة، كما أن شهر رمضان يذكِّر الجميع بضرورة التوقف عن ممارسات الأعمال التي تتنافى مع روح الدين ويمنح فرصة للتوبة والرجوع إلى الله وهي فرصة كبيرة للخروج من مأزق الإدمان لمن لديه الدافع إلى ذلك .
هل الصيام يحسن الحالة النفسية للصائمين؟
لقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوي ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالباً أقل إصابة بالاضطرابات النفسية وهم أكثر تحسناً واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي . . والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم إجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج الأبحاث أن الإيمان القوي بالله والانتظام في العبادات لدى بعض المرضى النفسيين كان عاملاً مساعداً على سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة أفضل من مرضى آخرين يعانون حالات مشابهة، والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضى القلب والسرطان والأمراض المزمنة أفادت بأن التحسن في المرضى الملتزمين بتعاليم الدين كان ملاحظاً بنسبة تفوق غيرهم، حيث ذكرت هذه النتائج أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور فاعل في مقاومة الأمراض .


 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=352
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29