• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : سيرة .
                    • الموضوع : الامام أبو عبد الله جعفر الصادق ع .

الامام أبو عبد الله جعفر الصادق ع

 الامام  أبو عبد الله جعفر الصادق   ع 

 

ولد بالمدينة يوم الجمعة أو الاثنين عند طلوع الفجر 17 ربيع الأول و قيل غرة رجب سنة 80 من الهجرة عام الجحاف، و قال المفيد و الكليني و الشهيد سنة 83 قال ابن طلحة و الأول أصح و قال ابن الخشاب قال لنا الذراع الرواية الأولى هي الصحيحة. و توفي يوم الاثنين في شوال و عن صاحب جنات الخلود في 25 منه و قيل منتصف رجب سنة 148 و عمره 68 أو 65 سنة، أقام منها مع جده علي بن الحسين 12 سنة و أياما أو 15 سنة، و مع أبيه بعد جده 19 سنة، و بعد أبيه 34 سنة، و هي مدة خلافته و إمامته و هي بقية ملك هشام بن عبد الملك و ملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك و يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص و إبراهيم بن الوليد و مروان بن محمد الحمار و السفاح، و توفي بعد مضي عشر سنين من ملك المنصور العباسي و دفن بالبقيع مع أبيه الباقر و جده زين العابدين و عمه الحسن بن علي ع.

كنيته‏

أبو عبد الله و هي المعروفة المشهورة.

لقبه‏

له ألقاب أشهرها: الصادق، و منها الصابر و الفاضل و الطاهر، لقب بالصادق لصدق حديثه.

أولاده‏

كان له عشرة أولاد سبعة ذكور و ثلاث بنات و قيل أحد عشر ولدا سبعة ذكور و أربع بنات و هم إسماعيل الأعرج و يقال إسماعيل الأمين و عبد الله و أم فروة و هي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن علي.

قال المفيد أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. و قال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي: أمهم فاطمة بنت الحسين الأثرم بن حسن بن علي بن أبي طالب. و موسى الامام و محمد الديباج و اسحق لام ولد ثلاثتهم اسمها حميدة البربرية و فاطمة الكبرى أمها حميدة أيضا قال عبد العزيز بن الأخضر تزوجها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فماتت عنده. و العباس و علي العريضي و أسماء و فاطمة الصغرى لأمهات أولاد شتى، فمن عدهم عشرة ترك فاطمة الكبرى و من عدهم أحد عشر ذكرها، و يظهر من المناقب أن أم فروة هي أسماء حيث قال و ابنته أسماء أم فروة التي زوجها من ابن عمه الخارج و هذا غير بعيد لأن أم فروة كنية لا اسم فيكون أولاده عشرة بذكر فاطمة الكبرى و جعل أم فروة و أسماء واحدة.

صفته في أخلاقه و أطواره‏

قال أبو نعيم في حلية الأولياء و منهم الامام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق أقبل على العبادة و الخضوع و آثر العزلة و الخشوع و نهى عن الرئاسة و الجموع و قيل ان التصوف انتفاع بالسبب و ارتفاع في النسب. و في مرآة الجنان لليافعي: السيد الجليل سلالة النبوة و معدن الفتوة أبو عبد الله جعفر الصادق و في مناقب ابن شهرآشوب قال مالك بن أنس ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد فضلا و علما و ورعا و كان لا يخلو من احدى ثلاث خصال إما صائما و أما قائما و إما ذاكرا و كان من عظماء العباد و أكابر الزهاد الذين يخشون ربهم و كان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد. و روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عمرو بن [أبي المقدام كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين (اه) و قد كان إذا صلى العشاء و ذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز و لحم و دراهم فحمله على عنقه ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم و لا يعرفونه فلما مات و فقدوا ذلك عرفوه.

مناقبه و فضائله‏

و مما يجب التنبيه عليه أن ما ذكرناه من مناقب كل واحد منهم ع كثيرا ما يختلف عما نذكره للباقي و هذا ليس معناه أن المنقبة التي نذكرها لأحدهم و لا نذكرها للآخر غير موجودة في الآخر بل كلهم مشتركون في جميع المناقب و الفضائل و هم من نور واحد و طينة واحدة و هم أكمل أهل زمانهم في كل صفة فاضلة و لكن لما كانت مقتضيات الزمان و مظاهر تلك الصفات فيهم متفاوتة بحسب الأزمان كان ظهور آثارها منهم متفاوتا بحسب مقتضيات الأحوال، مثلا ظهور آثار الشجاعة من أمير المؤمنين و ولده الحسين ع ليس كظهورها من البقية، فأمير المؤمنين (ع) ظهرت آثار شجاعته بجهاده بين يدي رسول الله ص و بمحاربته الناكتين [الناكثين و القاسطين و المارقين أيام خلافته، و الحسين (ع) ظهرت آثار شجاعته بما أمر به من منابذة الظالمين، و الباقون لم تظهر فيهم آثار الشجاعة لما أمروا به من التقية و المداراة و الكل مشتركون في أنهم أشجع أهل زمانهم، و الصادق و الباقر ع ظهرت فيها آثار العلم أكثر من الباقين لقلة الخوف لكونهما في آخر دولة ضعفت و أول أخرى ظهرت و الكل مشتركون في أنهم أعلم أهل زمانهم و قد تكون آثار الكرم و السخاء و كثرة الصدقات و العتق في بعضهم أظهر منها في الباقي لسعة ذات يده أو كثرة الفقراء في بلده دون الباقي و كلهم مشتركون في أنهم أكرم أهل زمانهم و أسخاهم و قد تكون العبادة في بعضهم أظهر منها في غيره لبعض الموجبات كقلة اطلاع الناس على حاله أو قصر مدته في دار الدنيا أو غير ذلك، و كلهم أعبد أهل زمانهم و قد تكون آثار الحلم في بعضهم أظهر منها في غيره لكثرة ما ابتلي به من أنواع الأذى التي يظهر معها حلم الحليم دون غيره و كلهم أحلم أهل زمانهم إلى غير ذلك من مقتضيات الأحوال التي تعرض لهم فليتنبه لذلك

 و مناقب الصادق (ع) و فضائله كثيرة نقتصر منها على ذكر ما يلي:

(أحدها) العلم-

قال ابن حجر في صواعقه: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر صيته في جميع البلدان (اه) و في مناقب ابن شهرآشوب نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن أحد، و قال أيضا: قال نوح بن دراج لابن أبي ليلى أ كنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد قال لا إلا رجلا واحدا، قال من هو؟ قال: جعفر بن محمد.

 و قال المفيد في الإرشاد: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر ذكره في البلدان و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه و لا لقي أحد منهم من أهل الآثار و نقلة الأخبار و لا نقلوا عنهم ما نقلوا عن أبي عبد الله (ع) فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل (اه)

 (أقول) و ذلك أن الحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أربعة آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفر بن محمد فضلا عن غيرهم و ذكر مصنفاتهم، و مر قول المحقق في المعتبر: انتشر عن جعفر بن محمد من العلوم الجمة ما بهر به العقول (اه). و روى عنه راو واحد و هو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث،

روى الكشي في رجاله بسنده عن الصادق (ع) أنه قال‏:أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث‏

مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله تعالى‏

قال المفيد في الإرشاد: و مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله تعالى و بدينه قوله‏: وجدت علم الناس كلهم في أربع: (أولها) أن تعرف ربك (و الثاني) أن تعرف ما صنع بك (و الثالث) أن تعرف ما أراد منك (و الرابع) أن تعرف ما يخرجك عن دينك.

قال المفيد: و هذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله فإذا علم أن له إلها وجب أن يعرف صنيعه إليه فإذا عرف صنيعه اليه عرف به نعمته، فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره، فإذا أراد تادية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله، و إذا وجبت عليه طاعته وجبت عليه معرفة ما يخرجه عن دينه ليجتنبه فيخلص به طاعة ربه و شكر إنعامه.

مما حفظ عنه في التوحيد و نفي التشبيه‏

في الإرشاد: مما حفظ عنه في التوحيد و نفي التشبيه قوله لهشام بن الحكم‏: ان الله تعالى لا يشبه شيئا و لا يشبهه شي‏ء و كلما وقع في الوهم فهو بخلافه.

ما جاء عنه في أجوبة المسائل‏

في مناقب ابن شهرآشوب‏: دخل عمرو بن عبيد على الصادق (ع) و قرأ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ‏ و قال أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله‏ «1» فقال نعم يا عمرو ثم فصلها بان الكبائر:

(الشرك بالله) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ*.

(و الياس من روح الله) و لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ‏.

(و عقوق الوالدين) لان العاق جبار شقي. وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا.

(و قتل النفس) وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً.

(و قذف المحصنات) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ‏.

(و أكل مال اليتيم) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً.

(و الفرار من الزحف) وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى‏ فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.

(و أكل الربا) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ‏.

(و الزنا) وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلًا. وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً.

(و اليمين الغموس) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‏.

(و الغلول) وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

(و منع الزكاة) وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى‏ عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى‏ بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ‏.

(و شهادة الزور) وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ.

(و كتمان الشهادة) وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ‏.

(و شرب الخمر) لقوله ع شارب الخمر كعابد وثن.

(و ترك الصلاة) لقوله ص من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله و ذمة رسوله.

(و نقض العهد و قطيعة الرحم) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏.

(و قول الزور) وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.

(و الجرأة على الله) أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‏.

(و كفران النعمة) وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ.

(و بخس الكيل و الوزن) وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ‏.

(و اللواط) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ*.

(و البدعة) لقوله ع من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه.

قال المفيد: و الأخبار فيما حفظ عنه من الحكمة و البيان و الحجة و الزهد و الموعظة و فنون العلم كله أكثر من أن تحصى بالخطاب أو تحوى بالكتاب و فيما أثبتناه منها كفاية في الغرض الذي قصدناه.

(ثانيها) الحلم-

 قال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتاب معالم العترة: وقع بين جعفر بن محمد و عبد الله بن حسن كلام في صدر يوم فاغلظ له في القول عبد الله بن حسن ثم افترقا و راحا إلى المسجد فالتقيا على باب المسجد فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد لعبد الله بن حسن كيف أمسيت يا أبا محمد؟ فقال بخير كما يقول المغضب! فقال يا أبا محمد أ ما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب؟ فقال لا تزال تجي‏ء بالشي‏ء لا نعرفه؟ فقال إني أتلو عليك به قرآنا؟ قال و ذلك أيضا؟ قال نعم؟ قال فهاته؟ قال قول الله عز و جل: (وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) قال فلا تراني بعدها قاطعا رحما.

و عن المناقب عن كتاب الروضة أنه دخل سفيان الثوري على الصادق (ع) فرآه متغير اللون فسأله عن ذلك فقال كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم و الصبي معها فلما بصرت بي ارتعدت و تحيزت و سقط الصبي إلى الأرض فمات فما تغير لوني لموت الصبي و إنما تغير لوني لما ادخلت عليها من الرعب و كان (ع) قال لها أنت حرة لوجه الله لا بأس عليك مرتين. و رواه صاحب غاية الاختصار ص 62 بسنده إلى سفيان الثوري نحوه. و روى الكليني في الكافي بسنده أن أبا عبد الله (ع) بعث غلاما له في حاجة فأبطأ [فخرج أبو عبد الله (ع) على أثره لما أبطا عليه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبو عبد الله ع يا فلان و الله ما ذاك لك تنام الليل و النهار لك الليل و لنا منك النهار.

(ثالثها) الصبر-

روى الصدوق في العيون بسنده عن أبي محمد عن آبائه عن موسى بن جعفر ع قال‏: نعى إلى الصادق جعفر بن محمد ع ابنه إسماعيل بن جعفر و هو أكبر أولاده و هو يريد أن يأكل و قد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه و قعد مع ندمائه و جعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام و يحدث ندماءه و يضع بين أيديهم و يعجبون منه أن لا يرون للحزن عليه أثرا فلما فرغ قالوا يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا أصببت [أصبت بمثل هذا الابن و أنت كما نرى، قال و ما لي لا أكون كما ترون و قد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت و إياكم أن قوما عرفوا الموت فجعلوه‏ نصب أعينهم و لم ينكروا من يخطفه الموت منهم و سلموا لامر خالقهم عز و جل.

 وبسنده) عن العلاء بن كامل قال‏: كنت جالسا عند أبي عبد الله (ع) فصرخت الصارخة من الدار فقام أبو عبد الله (ع) ثم جلس فاسترجع و عاد في حديثه حتى فرغ منه ثم قال إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا و أولادنا و أموالنا فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا.

 (رابعها) مكارم الأخلاق-

روى الزمخشري في ربيع الأبرار عن الشقراني مولى رسول الله ص قال: خرج العطاء أيام المنصور و ما لي شفيع فوقفت على الباب متحيرا و إذا بجعفر بن محمد قد أقبل فذكرت له حاجتي فدخل و خرج و إذا بعطائي في كمه فناولني إياه و قال أن الحسن من كل أحد حسن و انه منك أحسن لمكانك منا، و أن القبيح من كل أحد قبيح و أنه منك أقبح لمكانك منا. قال سبط ابن الجوزي: و إنما قال له ذلك لأنه كان يشرب الشراب فوعظه على وجه التعريض و هذا من أخلاق الأنبياء (اه).

مميزات القرن الثاني في عصر الامام الصادق (ع)

ولد ع سنة 80 أو 83 للهجرة و توفي سنة 148 فمدة حياته 68 سنة، أدرك فيها ملك هشام بن عبد الملك إلى آخر دولة بني أمية، و أدرك من دولة بني العباس ملك السفاح و عشر سنين من ملك المنصور.

و من مميزات هذا العصر انتشار العلوم الإسلامية فيه من التفسير و الفقه و الحديث و علم الكلام و الجدل و الأنساب و اللغة و الشعر و الأدب و الكتابة و التاريخ و النجوم و غيرها.

و كان الامام الصادق أشهر أهل زمانه علما و فضلا، قال مالك بن أنس أمام المذهب: ما رأت عيني أو ما رأت عين و لا سمعت أذن و لا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد فضلا و علما و عبادة و ورعا و كان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد.

و قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة و قد سئل عن أفقه من رأيت قال جعفر بن محمد.

و قال ابن أبي ليلى: ما كنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد ألا رجلا واحدا هو جعفر بن محمد.

و لم يقل أحد سلوني قبل أن تفقدوني إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و ولده جعفر بن محمد.

روى الجنابذي في معالم العترة الطاهرة عن صالح بن الأسود: سمعت جعفر بن محمد يقول‏: سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي.

وكان ع يقول‏:حديثي حديث أبي و حديث أبي حديث جدي و حديث جدي حديث علي بن أبي طالب و حديث علي حديث رسول الله.

و انتشر عنه من العلوم الجمة ما بهر به العقول، و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه و لا لقي أحدا منهم من أهل الآثار و نقلة الأخبار و لا نقلوا عنهم ما نقلوا عنه فقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل ذكرهم الحافظ ابن عقدة الزيدي في كتاب رجاله و ذكر مصنفاتهم فضلا عن غيرهم، و استدرك ابن الغضائري على ابن عقدة فزاد عليهم

 و روى عنه راو واحد و هو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث. و قال الحسن بن علي الوشاء: أدركت في هذا المسجد- أي مسجد الكوفة- تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. و برز بتعليمه من الفقهاء و الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين و أخويه بكر و حمران و جميل بن صالح و جميل بن دراج و محمد بن مسلم الطائفي و بريد بن معاوية و هشام بن الحكم و هشام بن سالم و أبي بصير و عبيد الله و محمد و عمران الحلبيين و عبد الله بن سنان و أبي الصباح الكناني و غيرهم من أعيان الفضلاء.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=428
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28