• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : اكل المال بالباطل .

اكل المال بالباطل

 اكل المال بالباطل

قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ‏. البقرة 188

الأكل معروف، والمراد به مطلق التصرّف، لكونه أقرب التصرّفات إلى الإنسان من بدء نشأته و أهم الغايات المتوخاة من سائر التصرّفات، ولأجل ذلك أطلق الأكل و أريد به مطلق التصرّف.

و المال: ما تميل إليه النفس، و المراد به ما تتعلق به الرغبة من الملك.

و الباطل: يأتي بمعنى الزوال و الفساد و الاضمحلال، و هو خلاف الحق في جميع أطوار استعمالاته، فإنّ للحق أطوارا من الظهور و للباطل أيضا في مقابله كذلك و هما يشملان الذات، و الاعتقاد، و العمل فيعمان أعمال الجوارح و الجوانح.

و الباطل: معروف بين الناس و الصّراع بينه و بين الحق قديم جدا ينتهي إلى ظهورهما من العدم إلى الوجود، فهما متخالفان في المفهوم و الذهن و الخارج، و الدنيا و الآخرة  .

أي: لا يأكل بعضكم أموال بعض بغير حق.

ومن إضافة الأموال إلى الناس يستفاد تقرير الشارع الملكية الظاهرية الدائرة بين الناس و عليه استقر المجتمع الإنساني، وتدل على ذلك جملة من‏ الآيات الشريفة كقوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ‏ [النساء- 29].

و في الآية إشارة إلى أصل من الأصول الاجتماعية التي يقوم عليها نظام المجتمع الإنساني و هو أصالة احترام مال الغير فإنّ قوله تعالى: أَمْوالَكُمْ‏ يدل على أنّ احترام مال الغير لا بد و أن يكون مثل احترام مال الشخص نفسه، و الخيانة فيه جناية على النوع و الاجتماع.

و لم يبيّن سبحانه و تعالى في هذه الآية وجوه الباطل و قد ذكر في مواضع أخرى بعضا منها قال تعالى: وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ وَ أَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ‏ [النساء- 161]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء- 10]، كما بينت السنة الشريفة البعض الآخر  

 

روايات تفسيرية

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ‏ قال: «أن يكون للمديون مال فينفقه على نفسه و لا يفي به دينه».

وهذا من بيان ذكر بعض المصاديق ويشمل المسامحة في كلّ حق و إن لم يكن من الدّين المصطلح عليه.

و في الكافي أيضا عن الصادق (عليه السلام): «كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله فنهاهم اللّه عن ذلك».

و في المجمع عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في الباطل: «أنّه أكل المال باليمين الكاذبة».

وجميع ذلك من باب ذكر المصداق  ، و لا تنافي بين هذه الأخبار أصلا.

في الفقيه عن الصادق (عليه السلام): «الرجل منا يكون عنده الشي‏ء يتبلّغ به و عليه الدّين أ يطعمه عياله حتى يأتيه اللّه بميسرة، فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسبة أو يقبل الصدقة؟ فقال (عليه السلام): يقضي بما عنده دينه، و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليهم إنّ اللّه عز و جل يقول: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ‏- الآية-».

و المراد من قوله (عليه السلام): «يتبلغ» أي يبلغ به حاجته. كما أنّ المراد من‏ قوله: «أو يستقرض على ظهره»

أي: لأجل مصرف عياله.

و يستفاد من هذه الرواية و أمثالها أنّه من يستقرض لا بد و أن يطمئن أنّ عنده ما يؤدي به دينه من كسب أو تجارة أو زراعة و نحوها، و إلا يدخل في قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ‏- الآية- كما ذكرنا في كتاب الدّين من [مهذب الأحكام‏].

في الكافي عن أبي بصير: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): قول اللّه في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ‏ قال: يا أبا بصير إنّ اللّه عزّ و جل قد علم أنّ في الأمة حكاما يجورون، أما إنّه لم يعن حكام أهل العدل ولكنّه عنى حكام أهل الجور، يا أبا محمد لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له لكان ممن يحاكم إلى الطاغوت، و هو قول اللّه عز و جل: أَلمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ‏.

 

من مصاديق أكل المال بالباطل  :

الأول: أن يأكل أموال الناس بطريق التعدي والنهب، والسرقة وقطع الطريق، والظلم، والخداع والحيل.

 الثاني: أن يأكله بطريق اللهو كالقمار، والرهان كالمغالبة بعوض، والميسر بأنواعه، والمراهنات المشتملة على المخاطرة والغرر والجهالة.

الثالث: ما كان من طريق الرشوة.

 الرابع: ما يأخذه الحاكم ونحوه من المحكوم.

 الخامس: أخُذ الغني والقادر القوي المكتسب المالَ الشرعي على قول.

 السادس: ما كان من الربا أو من عقوده، والأموال التي  تكون منه وتتولد عنه. السابع: ما أُخذ عن طريق الغصب.

 الثامن: ما جاء عوضًا لكتم حق وإخفائه، أو لإظهار باطل وإعلانه، ونحو ذلك من المحرمات، وكل ما أعان على الصدّ عن طاعة الله - عزّ وجلّ -.

 التاسع: القضاء بين الناس بغير إعطاء صاحب الحقّ حقه المعين له في الشريعة. العاشر: ما لا تطيب به نفس مالكه.

 الحادي عشر: أكل أموال اليتامى، وأموال الأوقاف، والصدقات.

 الثاني عشر: جحد الحقوق، وما لا تقوم به بيّنة من الأمانات عن أربابها أو عن ورثتهم، وسائر الأموال التي إذا جحدها، حكم بجحوده فيها؛ كالودائع والعارية ونحوها.

 الثالث عشر: الغش والاحتيال، من مثل ما يقع من بعض السماسرة فيما يذهبون فيه من مذاهب التلبيس والتدليس؛ إذ يزيّنون للناس السلع الرديئة، والبضائع المزجاة، ويسوّلون لهم فيورّطونهم، وكل من باع أو اشترى مستعينًا بإيهام الآخر ما لا حقيقة له ولا صحة، بحيث لو عرف الخفايا وانقلب وهمه علمًا لما باع أو لما اشترى، فهو آكل لماله بالباطل.

 الرابع عشر: كل أجر يؤخذ على عبادة فهو أكل لأموال الناس بالباطل.

الخامس عشر: ما لم يبح الشرع أخذه من مالكه.

السادس عشر: الامتناع عن قضاء الدَّيْن، إذا امتنع منه من هو عليه، وكذا الامتناع عن تسليم ما أوجبه الله من المال الشرعي، وكذا النفقة على من أوجب الشرع نفقته.

 السابع عشر: الخيانة كخيانة الأمانة.

الثامن عشر: أن يأكل أموال الناس من طريق الملاهي والمنكرات كالمخدرات.

 التاسع عشر: أكل أبدال العقود الفاسدة، كأثمان البيعات الفاسدة، وغيرها من وجوه أخر.

العشرون: الحرابة: وهي سلب المال بالقوة عن طريق قطع الطريق وغيرها الخوة.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=741
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28