• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : شهر رجب شهر الاستغفار .

شهر رجب شهر الاستغفار

 

شهر رجب  شهر الاستغفار

عن الإمام الصّادق عليه السلام قالَ : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: رجبُ شهرُ الاستغفارِ لأمتي، فأكثروا فيهِ الاستغفارَ فإنّهُ غفورٌ رحيمٌ، ويسمّى الرجبَ الأصبَّ لأنَّ الرّحمةَ على أمّتي تصبُّ صبّاً فيه، فاستكثروا منْ قول اَسْتَغْفِر اللهَ وَاَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ"

الاستغفار لغة:

الاستغفار مصدر قولهم: استغفر يستغفر وهو مأخوذ من مادّة (غ ف ر) الّتي تدلّ على السّتر في الغالب الأعمّ.

وقال ابن منظور: أصل الغفر التّغطية والسّتر. غفر اللّه ذنوبه أي سترها. واستغفر اللّه من ذنبه ولذنبه ، فغفر له ذنبه مغفرة وغفرا وغفرانا. لسان العرب (5/ 25، 26) باختصار.

 

واصطلاحا:

الاستغفار من طلب الغفران. والغفران: تغطية الذّنب بالعفو عنه. والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال . والمغفرة من اللّه هو أن يصون العبد من أن يمسّه العذاب.

 

الغفور والغفّار وغافر الذّنب من أسماء اللّه تعالى:

الغفور الغفّار- جلّ ثناؤه- وهما من أبنية المبالغة، ومعناهما السّاتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم. وغافر الذّنب اسم من أسماء اللّه الحسنى المشهورة

والغفران والمغفرة من اللّه تعالى: أن يصون اللّه العبد من أن يمسّه العذاب ..

 

 

الفرق بين الغفران والعفو:

قال الكفويّ: إنّ الغفران يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثّواب ولا يستحقّه إلّا المؤمن ولا يستعمل إلّا في (حقّ) البارى تعالى، والعفو يقتضي إسقاط اللّوم والنّدم ولا يقتضي نيل الثّواب، ويستعمل في العبد أيضا. الكليات للكفوي (666- 667)

وقد رغّبت الشريعة المؤمنين وحثّتهم على الاستغفار، والنصوص الواردة في ذلك مستفيضة جداً، كتاباً وسنة.

كقوله تعالى أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  .

وقد دعا الأنبياء (ع) أقوامهم للاستغفار:

- كما في قوله تعالى : وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  هود: 50- 52

بل استغفر الانبياء (ع) انفسهم من كل تقصير لا لذنب ، لأن العارف باللّه حقا يتهم نفسه بالتقصير في طاعة اللّه وعبادته،  من أجل هذا يسأله العفو والصفح عن الذنب،

وقد قيل: سيئات الأبرار حسنات الأشرار.

قال أمير المؤمنين (ع) : تعطّروا بالاستغفار، لا تفضحكم روائح الذنوب. المصدر :  أمالي الطوسي 1/382

 

قال الصادق (ع) : مَن أُعطى أربعاً لم يُحرم أربعا:

مَن أُعطي الدعاء لم يُحرم الإجابة ، ومَن أُعطي الاستغفار لم يُحرم التوبة ، ومن أُعطي الشكر لم يُحرم الزيادة ، ومَن أُعطي الصبر لم يُحرم الأجر . 

قال الصادق (ع) : التائب من الذنب كمَن لا ذنب له ، والمقيُم وهو يستغفر كالمستهزيء المصدر: مكارم الأخلاق ص361 – 362

الرسول الله (ص) : مَن ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله له ، فإنّه كفّارة.

المصدر: جامع الأخبار

قال رسول الله (ص) : طوبى !.. لمَن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كلّ ذنبٍ أستغفر الله المصدر:  ثواب الأعمال ص120

 

قال النبيّ (ص) : أفضل العلم لا إله إلاّ الله ، وأفضل الدعاء الاستغفار ، ثم تلا رسول الله (ص)  فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله و استغفر لذنبك  المصدر: جامع الأخبار

وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : العبد المؤمن إذا أذنب ذنباً أجلّه الله سبع ساعات، فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كُتِبت عليه سيئة، وإنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإنّ الكافر لينساه من ساعته." 

وما أكثر الأدعية المرويّة عن أهل البيت عليهم السلام والمتضمّنة لأنواع الاستغفار، منها دعاء الإمام علي عليه السلام الذي علّمه كميل بن زياد، وممّا جاء فيه: "اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تُنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تُغيّر النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تُنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته.

 

الاستغفار بمعناه الكامل

وقال الامام علي عليه السلام (لقائل قال بحضرته أستغفر الله):

 ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين.

 وهو اسم واقع على ستة معان:

 أولها الندم على ما مضى.

 والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا.

 والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة. والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.

والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت (الحرام) فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.

والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله.

من آثار الاستغفار

أنّ الاستغفار وترك المعاصي يبعث على إصلاح المعيشة و ازدياد الرّزق.

ففي حديث ورد عن الإمام علي عليه السّلام: «أكثر الاستغفار تجلب الرّزق»[1].

الرّسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «من أنعم اللّه عليه نعمة فليحمد اللّه تعالى ومن استبطأ الرّزق فليستغفر اللّه، ومن حزنه أمر فيقل: لا حول و لا قوّة إلّا باللّه»[2].

في نهج البلاغة أيضا[3]: «و قد جعل اللّه سبحانه الاستغفار سببا على الرّزق و رحمة الخلق، فقال سبحانه: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً.

والحقيقة أنّ الحرمان في هذا العالم سببه العقوبات على الذنوب، وفي الوقت الذي يتوب فيه الإنسان و يتخذ طريق الطهارة و التقوى يصرف اللّه تعالى عنه هذه العقوبات‏.

- فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الِاسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَ رَحْمَةِ الْخَلْقِ فَقَالَ: سُبْحَانَهُ‏ «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ» فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَءاً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ وَ اسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ وَ بَادَرَ مَنِيَّتَهُ.

 

مغفرة الله

 مهما يكن الذنب كبيراً يغفره الله

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر 53

قوله: «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً تعليل للنهي عن القنوط و إعلام بأن جميع الذنوب قابلة للمغفرة فالمغفرة عامة لكنها تحتاج إلى سبب ولا تكون جزافا

 والذي عده القرآن سببا للمغفرة أمران: الشفاعة والتوبة .

ولكن الشفاعة لا تنال الشرك بنص القرآن في آيات كثيرة وقوله‏ تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ:» النساء:- 48.

فلا يبقى إلا أن يكون المراد المغفرة الحاصلة بالتوبة وكلامه تعالى صريح في مغفرة الذنوب جميعا حتى الشرك بالتوبة.[4]

 

 

 

 



[1] ( 1)- تفسير نور الثقلين، ج 5، ص 424.

[2] ( 2)- المصدر السّابق.

[3] ( 3)- نهج البلاغة، الخطبة 143.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=833
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29