• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : الامام علي عليه .
                    • الموضوع : الإمام علي عليه السلام الولي العابد .

الإمام علي عليه السلام الولي العابد

 

الإمام علي عليه السلام الولي العابد

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾

 

في الآية فقرات نقف عندها

الفقرة الأولى من الآية

 (إِنَّمَا) تدل على الحصر وقد حصرت الولاية في ثلاثة ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) جماعة معينه من الذين أمنوا» الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾

بما أنها حصرت الولاية في هؤلاء الثلاثة إذن الولاية: بمعنى ولاية الأمر وإلا غير ولاية الأمر لا تنحصر في الثلاثة، لو فسرنا الولاية في الآية بالنصرة يعني «إنما ناصركم الله ورسوله والذين أمنوا» أو المحبة «إنما يحبكم الله ورسوله والذين أمنوا»

النصرة والحبة لا تنحصر في هؤلاء الثلاثة . فحصر الولاية في هؤلاء الثلاثة بأداة الحصر وهي﴿إِنَّمَا﴾دليل على إن المراد بالولاية: ولاية الأمر ونفوذ الحكم يعني ولي أمركم .

 

الفقرة الثانية من الآية

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُم﴾الولي أستخدم في القرآن بمعنى ولي الأمر ما أستخدم في القرآن بمعنى الناصر والمحب أبداً أستخدم بمعنى الآولى إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ يعني هو أولى بك

 الآية تقول ﴿النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ﴾يعني أولى بكم

المولى والولي في القرآن الكريم استخدمت بمعنى الأولى، وليك يعني أولى بك لذلك ورد في القرآن الكريم ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾هو أولى بي من نفسي ولايته على نفسي أعظم من ولايتي على نفسي إذن بقرينة استخدام الآيات القرآنية للولي بمعنى ولي الأمر بمعنى الأولى نقول الأولي في الآية بمعنى الأولى  منكم من أنفسكم وأعراضكم وأموالكم هؤلاء الثلاثاء: الله ورسوله وهؤلاء النخبة﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)

 

ثانياً: قرن ولاية المؤمنين بولاية النبي(ص) وقرن ولاية النبي(ص) بولاية الله هذا القرن كما يقولون «قرينة السياق» أنه جعل ولاية الإمام علي من سنخ ولاية النبي قال تعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ يعني الولاية الثابتة للنبي(ص)  ثابتة للذين أمنوا وهي سنخ الولاية ومعلوم أن الولاية الثابتة للنبي هي بمعنى ولاية الأمر ونفوذ الأمر

إذن قرن الولاية بولاية النبي(ص) دل على أن السنخ واحد والولاية واحدة .

 

الفقرة الثالثة من الآية

﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾

ظاهر الآية أن الولاية ثبت لشخص تصدّى وهو راكع , زكّى وهو راكع﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ظاهر الآية الواو حالية حالة كونهم راكعين لا أن الواو استئنافية ، يضاف إلى تفسير الآية بالرواية كما ذكر الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وغيره من المحدثين.

الفخر الرازي أيضاً في تفسيره، عن أبي ذر الغفاري: «رضي الله تعالى عنه»: «رأيت بهاتين وإلا عميتا، سمعت بهاتين وإلا صمتا رسول الله(ص) يقول: علي قائد البررة علي قائل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، وذلك أن سائلا أتى رسول الله(ص) ولم يكن عند الرسول (ص) ما يعطيه فأومأ علي بخنصره وهو راكع فأخذ السائل خاتمه واشترى بثمنه طعاماً له فبلغ ذلك النبي(ص)  وهو في محرابه قال: اللهم أن أخي موسى سألك فقال ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي «25» وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي «26» وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي «27» يَفْقَهُوا قَوْلِي «28» وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي «29» هَارُونَ أَخِي «30» اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي فأنزلت عليه ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾وأنا أقول يا ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأجعل لي وزيراً من أهلي علياً أشدد به أزري، فنزل عليه ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾

 

وهنا سؤالان

السؤال الأول: لماذا عبرت الآية بالجمع ولم تقل الآية «إنما وليكم الله ورسوله والذي أمن وأقام الصلاة وأتى الزكاة وهو راكع» ؟!

الجواب

أولا: القرآن قد يعبر بالجمع وهو يريد شخصا واحدا كما في قوله تعالى ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً﴾ المقصود به شخص واحد بإجماع المفسرين ولم يكن المقصود به جماعة .

ثانياً: التعبير بالجمع كناية عن التعظيم عندما يعبر عن الإنسان بالجمع فهو كناية عن تعظيمه كما في قوله تبارك وتعالى﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾يعني إبراهيم فرد لكنه مثال أمة بأكملها.

 أراد القرآن أن يقول بأن عليا يمثل المجتمع الإيماني كله، ولذلك في بعض الروايات ما نزلت آية تخاطب الذي أمنوا إلا وكان علي أميرها، فإذا التعبير بالذين أمنوا كناية عن الجمع .

ثالثاً: توجد رواية ذكرها الشيخ المجلسي «رضوان الله تعالى عليه» في البحار إنما عبرت الآية بالجمع حتى تنطبق على الأئمة الأثني عشر كلهم وأن جميع الأئمة الأثني عشر الإمام علي وحتى الإمام الحجة «عجل الله فرجه الشريف» تحققت لهم هذه المنقبة وهذه الفضيلة أنهم تصدقوا وهم راكعون هذا الوصف أنطبق عليهم جميعا.

 

 لماذا لم يسمّ القرآن الإمام علي باسمه؟

الجواب

أولاً: القرآن قال ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ﴾قال من هو صاحبه؟ لم يذكر اسم صاحبه، التاريخ هو الذي عين الاسم ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ولم يعين لنا من هو صاحبه لعل صاحبه شخص أخر.

 

ثانياً: رواية عن الإمام الصادق(ع) سئل لماذا لم تذكر أسماؤكم في القرآن؟

 فقال: قولوا لهم أن الله فرض الصلاة ولم يذكر أنها ثلاث أو أربع.

 لا يوجد أعظم من الصلاة، الصلاة عمود الدين أن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها ومع ذلك القران لم يتعرض إلى أعداد الصلوات.

 قال ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ولم يعين صلاة الظهر كم، وصلاة المغرب كم، وصلاة الفجر كم وانما عيّنها النبي المصطفى(ص) وكذلك نحن نصّ الله على إمامتنا ولم يذكر أسماءنا فالنبي(ص) ذكر أسماءنا وعين أسماءنا(ص)

إذن بالنتيجة: عدم ذكر الاسم هذا ليس دليلا على شيء , ولا يمكن إلغاء الراويات الصحيحة التي وردت في تفسير هذه الآيات المباركات.

 

السؤال الثاني: كيف ألتفت إلى أمر دنيوي وهو مشغول بأمر أخروي (الصلاة)؟

الإمام أمير المؤمنين وقف يوم صفين يصلي بين الصفوف والسهام تنفذ إليه وقالوا يا أبا الحسن كيف تصلي والوقت وقت حرب وقتال قال علام نقاتلهم ؟! إنما نقاتلهم لأجل الصلاة.

الإمام عنده هدف من هذا العمل كان يريد أن يحقق هدفين :

الهدف الأول: أن قتالنا معكم ليس لسلطان , وإنما لله فلذلك أنا أصلي لكي أدلل على أن قتالي لله أصلي في وسط الصفوف والحرب قائمة على قدم وساق .

الهدف الثاني: أنه يستطيع أن يجمع بين الأمرين : أنا أصلي وأتصدى للحرب والقتال أن أجمع بين هاتين العبادتين: قتال الناكثين والقاسطين والمارقين عبادة والصلاة عبادة وأنا قادر على الجمع بين العبادتين

والإمام علي(ع) يوم صفين كما تعرفون كان عنده أوتاد أعتمد عليهم كعمار بن ياسر، وهاشم المرقال، وثابت بن قيس وابنه محمد بن الحنفية كان رجلاً جليل عظيم القدر، لما بدأت حرف صفين أول من تقدم في الميدان الحسن والحسين عليهما السلام فصرخ الإمام علي عليه السلام: أمكسوا عني هاذين الغلامين لكي لا ينقطع نسل رسول الله. وأعطى الراية أبنه محمدا بن الحنفية وقدمه للقتال كما تقول الروايات .

قالوا كيف قدمت محمدا وأخرت الحسنين عليهما السلام ؟ قال: محمد ولدي وهذان ولدا رسول الله (ص) فإنا أفدي ولدي رسول الله بولدي هذا .

إذن الإمام علي في حرب صفين أراد أن يبرز بعض قدراته وانه قادر على الجمع بين الأمور يصلي ويقاتل.

 الإمام شخص ملكوتي محرابي مستغرق في الله تبارك وتعالى ألتفت إلى سائل واقف أمامه ومده إليه خنصره وهو راكع كيف ألتفت إلى أمر دنيوي وهو مشغول بأمر أخروي ؟

هذا السؤال اشتباه فالصدقة ليست أمرا دنيويا بل هي أمر أخروي كما أن الصلاة عبادة فإن الصدقة عبادة فقد تكون الصدقة أفضل من الصلاة المستحبة.

ومن أحكام وجود الإمام المعصوم أنه مع وجوده لا تصح الصلاة فرادى لابد من إيقاع الصلاة جماعة إذن لا يتصور أن الإمام يصلي مع وجود النبي(ص) فرادى.

 إذن لا محالة لم تكن الصلاة واجبة وانما كانت صلاة مستحبة لأنه النبي (ص) كان جالسا في المحراب والإمام علي(ع) كان يصلي إذن لا محالة الصلاة كانت مستحبة لو كانت الصلاة واجبة كانت جماعة ولم تكن فرادى .

الإمام أمير المؤمنين جمع بين عبادتين في آن واحد جمع بين الصلاة والزكاة في آن واحد,جمع بين قربيين إلى الله في آن واحد وهذا دليل عظمته، دليل ربانيته وملكوتيته.

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=834
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29