• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : تراث أهل البيت عليهم السلام  وظاهرة البكاء والحزن والأسى .

تراث أهل البيت عليهم السلام  وظاهرة البكاء والحزن والأسى

تراث أهل البيت عليهم السلام  وظاهرة البكاء والحزن والأسى

عندما نراجع تراث أهل البيت عليهم السلام  نجد أحاديث كثيرة تحث على البكاء على الحسين(ع) ، وتحث على طقوس الأسى على الحسين(ع) ، وتحث على الصرخة واللطم والمأتم والموكب، فهل هذه الأحاديث تريد أن تصنع منا أناسًا جنائزيين بكّائين من دون أن يكون لنا عطاء وإنتاج، أم أن لهذا التراث أهدافًا كبرى وأهدافًا عملاقة ملحوظة؟

هذه الأحاديث الوفيرة الصادرة من أهل البيت «صلوات الله عليهم» وراءها أهداف عملاقة،

الهدف الأول: تأجيج روح المعارضة للظلم والطغيان

الأئمة منذ الإمام علي(ع)  إلى الإمام العسكري (ع) كانوا في صراع مع الحكومات الظالمة آنذاك، ولم يكن أمامهم أساليب لاستثارة الناس وتحريكهم وبعثهم نحو رفض الظلم والطغيان إلا هذه الطقوس، فالبكاء واللطم على الحسين (ع) وكذلك موكبه وقبره كلها وسائل سياسية اتخذها الأئمة (ع) ليؤجّجوا روح المعارضة للظلم والطغيان.

لذلك الباحثون يقولون: عندما نقرأ تاريخ المسلمين لا نجد فرقة معارضة للظلم كفرقة الشيعة، وهذا ما يشهد به فعلاً تاريخ الإسلام، فإن المذهب الذي يشكل معارضة دائمًا للظلم والطغيان هو المذهب الشيعي، وهو المذهب الذي قدم - منذ يوم الإمام علي - دماء وتضحياتٍ وبطولاتٍ على مدى التاريخ، فالمذهب الإمامي تحول إلى خط معارضة للظلم والطغيان، وهذا الخط إنما تولد عن هذه الطقوس التي حث عليها أهل البيت «صلوات الله عليهم»، لأنها أساليب عاطفية تجتذب عامة الناس، وتبعث فيهم روح المظلومية، وتؤجّج فيهم روح رفض الظلم والطغيان

وهذا ما أراده الأئمة الطاهرون «صلوات الله عليهم أجمعين»، كما ورد في الحديث عن النبي  : ”إن لولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدًا“

الهدف الثاني: تخليد العظماء

من الحقائق البشرية على مر التاريخ الإنساني أن المجتمع البشري يخلّد العظماء، ويحزن لفقدهم، وإذا مرت ذكرى عظيم فإن المجتمع البشري يحيي تلك الذكرى إجلالاً لذلك العظيم، ولذلك الشعب الياباني كل سنة يجدد ذكرى هيروشيما، ويحزن لها، ويتفاعل معها، ومع ذلك لم يتخلف عن الإنتاج والعطاء.

فالحزن والبكاء تخليدٌ للذكريات وتخليدٌ للعظماء، وليس الحزن والبكاء مجرد عاطفة وحزن يمنع من الإنتاج والعطاء، ولذلك فإن الإمامية في كل سنة - تخليدًا لعظمة هذا الثائر الذي ضحى بكل أبنائه وبكل ما عنده في سبيل مبادئه وقيمه - تحتفل بإحياء هذه الذكرى وتمارس هذه الطقوس.

الهدف الثالث: إظهار المودة

المسلمون يحبون الامام الحسين (ع) ، لكن المحبة شيء والمودة شيء آخر، إذ أن المودة إظهار المحبة وإبرازها، وهي التي أمر بها القرآن الكريم حيث قال: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، وهذه المودة تتحقق بالحزن لحزنهم والفرح لفرحهم، ولذلك في الحديث الشريف: ”شيعتنا منا، خُلِقُوا من فاضل طينتنا، يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا“

إذن هذا التراث وراءه أهداف منظورة، ولأجل ذلك تجد أن الأئمة (ع) شديدو الحرص على إحياء ذكرى الحسين (ع) ، فكانوا يحرصون على استقطاب الشعراء والمعزين والبكّائين في سبيل إحياء ذكرى عاشوراء.

 كما ورد عن الإمام الرضا (ع) : ”من ذكر مصابنا وبكى لما اُرْتُكِب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن جلس مجلسًا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“

 ويقول الإمام الصادق (ع)  كما ورد عنه: ”يا فضيل، أتجلسون وتتحدثون؟ قلتُ: بلى سيدي، قال: إني أحب تلك المجالس، فأحيوا فيها أمرنا“

وكان الإمام الصادق (ع) يستقبل الشعراء، فهذا السيد إسماعيل الحميري ينشد أمامه:

امرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية

يا  أعظمًا  لا  زلتِ  من  وطفاء ساكبة روية

وإذا   مررت  بقبره  فأطل  به  وقف  المطية

وابكِ   المطهر   للمطهر   والمطهرة   النقية

كبكاء   معولةٍ   دنت   يومًا  لواحدها  المنية

وكان الإمام الرضا (ع)  أكثر الأئمة الذين أصروا على إحياء ذكرى عاشوراء، حيث يقول: ”يا بن شبيب، إن كنت باكيًا فابكِ الحسين؛ فإنه قُتِل وذُبِح كما يُذْبَح الكبشُ.“

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=879
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 09 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28