• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : فكر .
                    • الموضوع : مفتٍ إلكتروني يصدر الفتاوى؟! .
                          • رقم العدد : العدد الخامس عشر .

مفتٍ إلكتروني يصدر الفتاوى؟!

 

 


مفتٍ إلكتروني يصدر الفتاوى؟!


جهاز الكتروني جديد قد يحدث ثورة في عالم الإفتاء الإسلامي وإعطاء الفتوى الشرعية الأصح. والجهاز سوف يطلق عليه اسم (المفتي الالكتروني)، وهو جهاز يعتمد على الذكاء الصناعي، حيث سيقوم الجهاز بإعطاء الرأي الفقهي في قضايا وشؤون المسلمين في الوقت المعاصر، وهو ما سيمثل ثورة في عالم الإفتاء في العالم الإسلامي.
يقول المهندس المصري والعربي الوحيد الذي يشارك  في إنتاج هذا الجهاز، وهو الدكتور المهندس أنس فوزي خبير الاتصالات وعضو فريق العمل المشرف على الجهاز في فرنسا.
إن الجهاز بمنتهى البساطة عبارة عن حاسوب آلي ضخم جداً، يتم تحميله بكافة البيانات والمعلومات التي تخص شخصاً ما، وكل ما ورد ذكره عنه في كتب التاريخ والوثائق التي تدل على ردود فعله تجاه كل المواقف في فترة حياته، ومن خلال عملية الذكاء الصناعي أو المحاكاة (Artificial intelligence)، وسيقوم الجهاز بمحاكاة رد الفعل المتوقع من هذا الشخص وكأنه على قيد الحياة تماماً تجاه أي موقف أو تساؤل سيوجه إليه.
وأضاف: «إن الجهاز يستنبط رد الفعل المتوقع من خلال آلاف الأمثلة من المواقف التي تم تحميلها على الجهاز لهذا الشخص واتخذ فيها ردود فعل معينة وبالتالي يحاكي رد الفعل المتوقع إزاء هذا الموقف الجديد الذي أدخل عليه وفقاً لشخصيته التي رسمها له جهاز الذكاء الصناعي».
وكانت بدايات اختراع ما يعرف بالذكاء الصناعي في العالم لأول مرة تحديداً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تعتمد على محاولة  اختراع جهاز يقوم بمحاكاة العقل الإنساني في قدراته الخارقة من كافة الجوانب التحليلية والذاكرة والعمل وغيرها من مهام العقل، وعلى الرغم من النجاح الذي حققته الأبحاث على مدار العقود الماضية إلا أنها لا تزال عاجزة عن الإلمام بكل العمليات التي يقوم بها العقل البشري بنسبة 100%، فضلاً عن أن هناك محاولات كبيرة الآن تجرى على إمكانية أن يترجم هذا الجهاز المشاعر والأحاسيس والانفعالات البشرية من حزن وفرح وحب وتعاطف وغيرها من المشاعر الإنسانية.
ويشير الدكتور فوزي إلى أن الجهاز قام بمحاكاة المئات من الشخصيات العالمية والمشاهير في العالم من القادة والزعماء، حيث يؤكد: «لقد قمنا بالفعل بمحاكاة حياة العديد من مشاهير العالم وقادته كنابليون بونابارت وهتلر وموسيليني ورومل وغيرهم من قادة العالم اعتماداً على الذكاء الصناعي وطلبنا من الجهاز أن يعطي رد الفعل الذي سيفعله هتلر مثلا تجاه حدث تاريخي معين في حياته تعرض له. والنتيجة كانت أن أعطانا نفس التصرف تماما الذي قام به هتلر بحسب كتب التاريخ، مثل رد الفعل الذي اتخذه تماما يوم نزول قوات الحلفاء في نورماندي.
يعتبر جهاز المحاكاة من أكثر الأجهزة التي تساعد بعض الأجهزة الأمنية في العديد من الدول، حيث عمدت إلى استخدام جهاز المحاكاة في إجراءاتها الأمنية، ومكنت كفاءة هذا الجهاز العديد من هذه الأجهزة على مستوى العالم من توقع ردود فعل بعض المجرمين والخارجين على القانون إزاء مواقف معينة، حيث لا يميز الجهاز بين ما إذا كان الشخص المدخلة معلوماته على قيد الحياة أم لا وقد أفاد جهاز الذكاء الصناعي حسب قول الدكتور فوزي الكثير من أجهزة الاستخبارات على مستوى العالم فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والإرهابيين، حيث استطاع الجهاز أن يستبق العديد من ردود الفعل المتوقعة قبيل القيام بها، كأماكن الهروب المتوقعة لهم وتوقيتاتها وردود الفعل تجاه إذا ما تعرضوا لحصار امني معين في مكان ما فإن رد فعلهم سيكون هكذا (يهرب – يقاوم – يتصرف بعنف وغيرها من ردود الفعل المختلفة).
أما عن محاولة الاستفادة من هذا التقدم العلمي في مجال الفتاوى فيقول الدكتور فوزي بحماسة شديدة: «بالرغم من تجربة الجهاز على مئات الشخصيات العالمية والتاريخية الشهيرة، وقمت بتكوين فريق عمل قام فعليا بتحميل كافة ما ورد عن النبي الكريم في كتب التاريخ الإسلامي وحياته فضلا عن السنة النبوية المطهرة والقرآن الكريم».
وحول ما يمكن أن يثيره هذا المشروع من جدل وتخوف وتشكيك بين أئمة الإسلام والمسلمين، حيث سيقف حجر عثرة أمام إتمام هذا المشروع عامل رئيسي وهو أن النبي الكريم كان يوحى إليه من عند الله عز وجل وما كان ينطق عن الهوى وأن أفعال الرسول وما يقوله ما هي إلا وحي منزل إليه وليس كلها نتاج تصرفاته كبشر، يؤكد الدكتور فوزي على أن الأمر ليس حراماً، فيقول: «لقد أخذت رأي العديد من علماء الدين في هذا الأمر وبعضهم يشغل مناصب دينية رفيعة على مستوى العالم الإسلامي ولا داعي  لذكر أسمائهم تحرجا من رد فعل الرأي العام، لكنهم أكدوا لي أنه لا تحريم في هذا الجهاز، ولكن التشكك والتخوف يظل قائماً في حسن استخدام الجهاز ومس شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كخاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وهناك تخوف آخر من مدى تقبل الرأي العام العربي والإسلامي لمثل هذا الأمر».
وأضاف: «لذلك نصحوني بأن ابدأ تطبيق عمل الجهاز على شخصية أحد الصحابة أو الأئمة الأربعة في الإسلام أو رواد الحديث حتى يتأكد الناس ويتقبلوا فكرة تطبيق العلم في هذه المنطقة الشائكة، وهنا أؤكد على أن هذا الموضوع غير وارد بالمرة في عمل الجهاز، لأنه يعمل عن طريق لوغاريتمات رياضية بحتة، هي من تعطي الرأي السليم في فتوى أو أمر ما ولا يوجد تمثيل لشخص النبي أو رسمه مثلا بل مجرد معادلات رياضية تنم عن رد فعل بشر، بمعنى آخر نحاكي اتخاذ القرار. ومثلاً على ذلك بعض القرارات التي أخذها الرسول في حروب المسلمين مع الكفار والتي أكد فيها الرسول على إنها ليست وحيا من عند الله.
ويشير الدكتور فوزي إلى أن أحد علماء المسلمين الكبار صارحه بتخوف لم يخطر على باله تجاه هذا الجهاز وهو حول طبيعة الفتاوى التي يطلب من الجهاز أن يقول رأيه فيها، ومن الممكن أن يشعل حروبا وفتنا لا حد لها، حتى الأمور الحياتية العادية مثل التدخين وقال الجهاز إن التدخين حرام  أو البنوك حرام؟ ما النتيجة المتوقعة؟ اقتصادات دول ستنهار طبعاً.
ويعارض البعض فكرة هذا الجهاز جملة وتفصيلاً لأن جهازاً كهذا سيحدث بلبلة للناس، حيث مهما أوتي العلم من قوة فانه سيظل به قصور لأن المحاكاة علم قاصر لا يعطي لك نتائج كاملة، فما بالنا بشخص عظيم كرسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه؟». والاستدلال على إمكانية تطبيق هذا الجهاز عن طريق محاكاة شخص الرسول الكريم استنادا إلى قوله تعالى: «قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى «إلي» له تفسير مختلف لدى علماء الدين، حيث تعني هذه الآية الكريمة أن الرسول بشر مثلنا في انه يأكل ويشرب ويتزوج ويموت، إلا مسألة الوحي أو ما ينطق به، فهو أمر اختصه به الله عز وجل دون خلقه من البشر، لذا لا يمكننا أن نضعه في كفة واحدة مع مشاهير العالم وقادته على اعتبار جملة (إنما أنا بشر مثلكم).


 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=171
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19