• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : فكر .
                    • الموضوع : الخوارج بين القديم و الحاضر .

الخوارج بين القديم و الحاضر

 الخوارج بين القديم و الحاضر

إعداد : هيئة التحرير

الخوارج جمع خارجي وهو الذي خلع طاعة الإمام الحق وأعلن عصيانه وألب عليه وقد عرفوا بأنهم يكفرون بالمعاصي الكبائر 

وبذرة الخوارج هو حرقوص بن زهير التميمي ، الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حنين  وروى الجميع قصته ، وعرف بإسم المخدَّج ، وذي الخُوَيْصرة ، وذي الثَّدِية .

وقد تواتر الحديث الذي يتحدث عن ثلاث فئات تحارب أمير المؤمنين علياً (عليه الصلاة والسلام).

وهذه الفئات الثلاث، هي:

 1ـ الناكثون، أي ناكثو البيعة. وهم أصحاب الجمل، الذي حاربهم علي (عليه السلام).

2ـ القاسطون، أي الجائرون، فإنه مأخوذ من «قسط» بمعنى جار، لا من «أقسط» ( واسم الفاعل منه المقسطون )، الذي هو بمعنى عدل.

والقاسطون هم الذين حاربوه (عليه السلام) في صفين، وهم معاوية وأهل الشام.

3 ـ المارقون . وهم «الخوارج»، الذين حاربوه (عليه السلام) في النهروان

وفي بعض الروايات: طوبى لمن قتلهم وقتلوه

 

تنبّؤ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) بفتنة الخوارج

     في الإرشاد  : (ولما قسّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غنائم حنين أقبل رجل طوال آدم أجنأ ، بين عينيه أثر السجود ، فسلم ولم يخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم . قال: وكيف رأيت ؟ قال: لم أرك عدلت ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ويلك ! إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ؟! فقال المسلمون: ألا نقتله؟ فقال: دعوه سيكون له أتباعٌ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه من بعدي. فقتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في من قتل يوم النهروان من الخوارج

الإرشاد للشيخ المفيد :1/148

وروى البخاري : يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.   

ووردت أحاديث كثيرة تُنذر خروج فرقة تمرق من الدين، تستحل دماء الموحدين، وتترك أهل الأوثان، وقد سميت هذه الفرقة بالخوارج. بل ووصفت هؤلاء الخوارج بأنهم كلاب أهل النار. و هذه الفرقة من أقدم الفرق الضالة

 

بدايتهم

بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان  في سنة  35هـ  بويع بالخلافة بعده  الامام علي بن أبي طالب  وقد تمت له البيعة من أكثر المسلمين إلا أن معاوية  ومن معه من أهل الشام لم يذعنوا لذلك متعللين بوجوب المبادرة إلى القصاص من قتلة عثمان 

إضافة إلى أن عائشة وطلحة والزبير خرجوا إلى البصرة مغاضبين وطالبين بدم عثمان  وانتهت المعركة التي عرفت بموقعة الجمل بمقتل طلحة والزبير  وآلاف من كلا الطرفين

ثم تفرغ الامام علي بن أبي طالب(ع)  بعدها لقتال معاوية  وأهل الشام وقد دعاهم للبيعة .. إلا أن معاوية  رفض ذلك مطالباً بدم عثمان  فكانت موقعة صفين ولما كاد  الامام علي  (ع)  أن ينتصر رفع جيش معاوية  المصاحف على رؤوس الأسنة والدعوة إلى الاحتكام لكتاب الله  واعتبر  الامام  ذلك خدعة وأكره على قبول التحكيم من قبل جيشه وخصوصاً القراء تديناً منهم

على إثر ذلك التحكيم ظهر بين صفوف جيش الامام علي  من رفض التحكيم  وانتهى هذا الرفض بالعصيان والخروج بل وبتكفير علي  وكل من قبل التحكيم ورفعوا شعارهم:  لا حكم  إلا  لله

إنّ الذين حملوا عليّاً ( عليه السَّلام ) على الموادعة والرضوخ للتحكيم ، رجعوا عن فكرتهم وزعموا أنّ أمر التحكيم على خلاف الذكر الحكيم حيث يقول ( ان الحُكْم إلاّ لِلِّه ) الأنعام : 57. وقد وردت هذه الفقرة  في سورة يوسف أيضاً مرّتين ، لاحظ الآية 40 و 67 من هذه السورة

فحاولوا أن يفرضوا على  الامام ( عليه السَّلام )  القيام بنقض الميثاق ورفض كتاب الصلح بينه وبين معاوية ، فجاء هؤلاء قائلين  « لا حكم إلاّلله ، الحكم لله يا علي لا لك ، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله. إنّ الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا وأن يدخلوا في حكمنا عليهم وقد كانت منّا زلّة حين رضينا بالحكمين ، فرجعنا وتبنا ، فارجع أنت يا علي كما رجعنا وتب إلى الله كما تبنا ، وإلاّ برئنا منك. فقال علي : وَيْحكم ، أبعد الرضا(والميثاق) والعهد نرجع؟ أو ليس الله تعالى قال : ( اُوفوا بالعقود ) وقال : ( واُوفوا بَعَهْدِ الله اِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الاَيمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفيلا انّ الله يَعْلَمُ ما تَفْعَلُون ) : فأبى علي أن يرجع ، وأبت الخوارج إلاّ تضليل التحكيم والطعن فيه ، وبرئت من علي ( عليه السَّلام )   وبري منهم    نصر بن مزاحم : وقعة صفّين 589 ـ 590

 

أهم صفات الخوارج وأفكارهم

 ورد في صفاتهم الشيء الكثير ننتقي منها البعض :

_ كانت الخوارج من أهل القبلة وأهل الصلاة والعبادة ، و كان الناس يستصغرون عبادتهم عند صلواتهم ، فلم يكن قتالهم واستئصالهم أمراً هيّناً ، ولم يكن يجترئ عليه غير عليّ ( عليه السَّلام ) ولأجل ذلك قام بعد قتالهم ، فقال : أمّا بعد حمدا لله والثناء عليه ، أيّها الناس فإنّي فَقَأتُ عين الفتنة ، ولم يكن ليجترىءَ عليها أحد غيري ، بعد أن ماج غيهبها واشتدّ كلَبُهُا  نهج البلاغة ، الخطبة 93

 

أنهم أحداث الأسنان. صحيح البخاري 5057من حديث علي بن أبي طالب

أنهم سفهاء الأحلام – أي العقول-. صحيح البخاري 5057من حديث علي بن أبي طالب

أنهم لا يجاوز إيمانهم حناجرهم. صحيح البخاري 5057من حديث علي بن أبي طالب

أنهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه. صحيح مسلم 2496 من حديث أبي ذر

أن فيهم ضعفا في فقه دين الله، ولذا جاء أنهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم. صحيح مسلم 2456

أنهم شر الخلق و الخليقة.  صحيح مسلم 2469 من حديث أبي ذر  

أنهم يقتلون أهل الإيمان و يدعون أهل الأوثان

أنهم يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء

 أي يستدلون بكتاب الله تعالى ويخطئون في وجه الاستدلال به

أنهم لا يرون لأهل العلم والفضل مكانة، ولذا زعموا أنهم أعلم من علي بن أبي طالب و ابن عباس و....

  أنهم يسفكون الدم الحرام    -

أنهم أول من فارق جماعة المسلمين وكفرهم بالذنوب

أنهم يكفرون المسلم بكل ذنب ويقولون يخرج من الإيمان ويدخل الكفر   

أنهم يقولون بتخليد أهل الكبائر من المسلمين في النار

أنهم يكفرون من لم يقل برأيهم واستحلوا دمه وجوزوا قتل الأولاد والنساء المخالفين لهم  

أنهم يقطعون السبيل ويسفكون الدم بغير حق  الله  المستدرك للحاكم 2-153 ومجمع الزوائد  6-236

وبعد أن تحولوا إلى قطّاع طرق سلابين، وأخلّوا بالأمن العام، نهض حينها ليضع حداً لبغيهم وإرهابهم، حماية للأمن الاجتماعي وحفظا ًللنظام العام، أرسل إليهم في بادئ الأمر قائلاً: "كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً ولا تقطعوا سبيلاً ولا تظلموا أحداً"

أنهم يستدلون بآيات الوعيد ويتركون آيات الوعد .  الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام ص38

أنهم يحكمون على القلوب واتهامها ومنه الحكم باللوازم والظنون . الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام ص 147

مظاهر هذه الاعتقادات والافكار في سلوكهم

  _ تكفير عليّ ( عليه السَّلام ) وأصحابه الذين وفوا بالميثاق   لأجل قبول التحكيم وكأنّه خطيئة وارتكاب الخطيئة عندهم كفر ، كما هو أحد اُصولهم

فاجابهم الإمام قائلا لهم :  أبعد إيماني بالله ، وجهادي مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) أشْهَدُ على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت اِذاً وما أنا من المهتدين ... » (نهج البلاغة الخطبة 58

خاطبهم قائلاً: "فإن أبيتم إلا أن تزعموا أنّي أخطأت وضللت فلمَ تضللون عامة أمة محمد (ص) بضلالي وتأخذونهم بخطئي وتكفرونهم بذنبي! سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب" 6

وقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجم الزاني المحصن ثم صلى عليه ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث ميراثه أهله، وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن ، ثم قسم عليهما من الفئ ونكحا المسلمات ، فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذنوبهم وأقام حق الله فيهم ، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام ولم يخرج أسماءهم من بين أهله

  ـ قتل الأبرياء

كما قال الامام  : سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب   

و المدهش من أخبارهم انّهم كانوا يقتلون المسلمين ويجيرون المشركين و أهل الكتاب

قال الطبري:4/60: ( فخرجت عصابة منهم فإذا هم برجل يسوق بامرأة على حمار ، فعبروا إليه فدعوه فتهددوه وأفزعوه ، وقالوا له: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله ابن خباب صاحب رسول الله(ص)ثم أهوى إلى ثوبه يتناوله من الأرض وكان سقط عنه لما أفزعوه ، فقالوا له: أفزعناك ؟ قال: نعم ، قالوا: له لا روع عليك فحدثنا عن أبيك بحديث سمعه من النبي(ص)لعل الله ينفعنا به . قال: حدثني أبي عن رسول الله(ص)أن فتنة تكون يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسي فيها مؤمناً ويصبح فيها كافراً ، ويصبح فيها كافراً ويمسي فيها مؤمناً . فقالوا: لهذا الحديث سألناك ، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً قالوا: ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها قال: إنه كان محقاً في أولها وفي آخرها . قالوا: فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال: إنه أعلم بالله منكم وأشد توقياً على دينه وأنفذ بصيرة . فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها ! والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها أحداً ! فأخذوه فكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متمّ حتى نزلوا تحت نخل مواقر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فمه ، فقال أحدهم: بغير حلها وبغير ثمن ! فلفظها وألقاها من فمه ! ثم أخذ سيفه فأخذ يمينه ، فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه بسيفه ، فقالوا: هذا فساد في الأرض ! فأتى صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره ! فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى فما عليَّ منكم بأس ، إني لمسلم ما أحدثت في الإسلام حدثاً ، ولقد آمنتموني قلتم لاروع عليك ! فجاءوا به فأضجعوه فذبحوه وسال دمه في الماء ! وأقبلوا إلى المرأة فقالت إني إنما أنا امرأة ألا تتقون الله ! فبقروا

 بطنها وقتلوا ثلاث نسوة من طيئ وقتلوا أم سنان الصيداوية !

    روى المبّرد في كامله : إنّ القوم مضوا إلى النهروان ، وقد كانوا أرادوا المضي إلى المدائن فأصابوا في طريقهم مسلماً و نصرانياً ، فقتلوا المسلم ، لأنّه عندهم كافر ، إذ كان على خلاف معتقدهم ، واستوصوا بالنصراني وقالوا  احفظوا ذمّة نبيّكم  

    قال المبّرد : وحدثت أنّ واصلَ بن عطاء أقبل في رفقة فاحسُّوا بالخوارج ، فقال واصل لأهل الرفقة : إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإيّاهم ، وكانوا قد أشرفوا على العطب. فقالوا : شأنّك ، فخرج إليهم ، فقالوا : ما أنت و أصحابك فقال : قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ، ويفهموا حدوده. قالوا : قد أجرناكم ... (   المبرّد : الكامل 2/122  )


الجهل والسذاجة 

إنّ القوم لم يكونوا أهل فكر واجتهاد ، وما كانوا يصدرون عن مبدأ عقلي في المواقف الصعبة والحَرِجةِ ، فكما أنّهم اغتّروا برفع المصاحف على الأسنّة ، اغترّ الكثير برأي بعض القرّاء حيث ردّ التحكيم بقوله سبحانه : (اَن الحُكْم إلاّ لِلّه)

وانّ أباجعفر ( عليه السَّلام ) كان يقول : إنّ الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، انّ الدين أوسع من ذلك. (الصدوق : من لا يحضر الفقيه 1/167 ، الباب 39 ، الحديث 38).

 وكما قال الامام علي في قصار الكلمات قال :   ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق ، نهج البلاغة قسم الحكم 31 ـ  

 

 قالوا (اَن الحُكْم إلاّ لِلّه) أعني كون هذا تحكيماً للرجال في دين الله  وهو جهل منهم فالإمام وأصحابه لم يحكّموا الرجال في دين الله بل حكّموا القرآن والذكر الحكيم فيما اختلفوا فيه   كما قال الامام (ع) : إنّا لم نحكّم الرجال وإنّما حكّمنا القرآن ، هذا القرآن انّما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابدّ له من ترجمان ، وانّما ينطق عنه الرجال ...»   الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة  

الخوارج حديثاً

 بعد أن قاتل أمير المؤمنين (ع)  الخوارج في النهروان وقضى عليهم  قيل له : يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم؟ قال (ع كلا، إنّهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء كلما نجم منهم قرن قطع.."  نهج البلاغة ج1 ص 108

فهذه الفئة الضالة ذات الصفات السلبية التي تقدم بعضها  مما  بيّنه  نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وحسب المصادر السنية والموثقة والمعتمدة حتى من المدرسة السلفية لم تنقرض ومنهجهم مستمر وصفاتهم  نراها منطبقة   على خوارج العصر   من التكفيريين ومن يتبعهم  حيث  ظهرت جماعات  مثل التكفير والهجرة و السلفية الجهادية  والوهابية وغيرهم وتجلى ذلك اخيرا في اتباع القاعدة وفروعهم كجبهة النصرة الذين يجددون باعمالهم سيرة اسلافهم الخوارج فالجهل  والتكفير والحقد والعصبية   والاجرام واستحلال الدم الحرام والمال بدعوى التكفير هي سماتهم جميعا  و نرى  خوارج هذا العصر يكفِّرون المسلمين ويسارعون إلى إخراجهم من الملة، فئات تستهين بالكبائر، كسفك الدم وقتل الأبرياء، وتستعظم الصغائر، كأكل حبة من التمر دون إذنٍ من صاحبها، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على افتقاد الإنسان التكفيري إلى الميزان الصحيح الذي يزن به الأمور 

 وليست فتوى ابن باز بجواز قتل المسلم واستحلال ماله إذا آمن أن الأرض تدور بآخر ما في جعبتهم. ويكفيك أسلوبهم غير المهذب في الدعوة، وامتلاء مكتباتهم بالكتب التي تطفح عناوينها بالانتقاص من علماء المسلمين الأعلام في كلِّ أرض.

الوهابية خوارج العصر وراس المنهج التكفيري

وصفهم العلامة ابن عابدين بالخوارج حين قال :[ مطلب في أتباع محمد بن عبد الوهاب الخوارج في زماننا

ثم يقول:[  أتباع ابن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف.] راجع كتابه رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار المجلد الرابع ص/262 طبع دار الفكر – لبنان 1992

ومن عقيدة هذه الجماعة الوهابية تكفير من يقول يا محمد وتكفير من يزور قبور الأنبياء والأولياء للتبرك وتكفير من يتمسح بالقبر للتبرك وتكفير من يعلق على صدره حرزاً فيه قرءان وذكر الله ويجعلون ذلك كعبادة الصنم والوثن وقد خالفوا بذلك ما كان عليه الصحابة والسلف الصالح فقد ثبت جواز قول يا محمد عند الشدة عن الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح ومن بعدهم في كل العصور التي مضت على المسلمين، وقد نص الإمام أحمد بن حنبل الذي هم ينتسبون إليه في بلادهم على جواز مس قبر النبي(ص) ومس منبره وتقبيلهما إن كان تقرباً إلى الله بالتبرك وذلك في كتابه المشهور. وقد شذوا عن الأمة بتكفير من يستغيث بالرسول ويتوسل به بعد موته قالوا التوسل بغير الحي الحاضر كفر فعملاً بهذه القاعدة التي وضعوها يستحلون تكفير من يخالفهم في هذا ويستحلون قتله، فإن زعيمهم محمد بن عبد الوهاب قال: "من دخل في دعوتنا فله ما لنا وعليه ما علينا ومن لم يدخل فهو كافر مباح الدم  كما كفر ابن عبد الوهاب في كتابه المسمى التوحيد الأمة وزعم أن شركهم أشد من مشركي قريش والعياذ بالله لأنهم توسلوا بنبيهم..

ومن مخازي الوهابية أنهم يكفرون المؤمنين ويستبيحون دماءهم وأموالهم ونساءهم وذراريهم وهم مع ذلك يمدحون أهل الشرك والكفر كاليهود ومشركي قريش الذين حاربوا رسول الله وتصدوا لدعوته كأبي لهب وأبي جهل فهما عند الوهابية من المؤمنين الموحدين وأنهما على زعمهم أكثر توحيدا لله وأخلص إيمانا به من المسلمين الذين يتوسلون بالأولياء والصالحين

كما ان الوهابية تكفر الأشاعرة والماتريدية فضلا عن الشيعة كما تجد ذلك في كتابهم المسمى ( من مشاهير المجددين في الإسلام ) طبع الإدارة العامة للبحوث والدعوة الوهابية – الرياض ص/32 تأليف صالح بن فوزان حيث الأشاعرة والماتريدية مخالفون للصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ثم يقول:[ فلم يستحقوا أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة.] اهـ. بحروفه

ولقد تجرأ محمد بن صالح العثيمين على تضليل الإمام النووي والحافظ ابن حجر تعصبا منهم لرأي ابن تيمية ولكلام محمد بن عبد الوهاب

وذكر مفتي مكة المكرمة السيد أحمد بن زيني دحلان في كتابه أمراء البلد الحرام (ص/297 ) تحت عنوان:[ ذكر قصة أهل الطائف وما وقع لهم من الوهابية

 فيذكر ما فعله الوهابية لما هجموا على أهل الطائف وقتلوا الناس قتلا عاما واستوعبوا الكبير والصغير وذبحوا على صدر الأم الطفل الرضيع وقتلوا من وجدوه متواريا في البيوت وخرجوا إلى الحوانيت والمساجد فقتلوا من فيها ولو كان راكعا أو ساجدا. وأنهم نهبوا أموالهم حتى صارت الأموال في مخيمهم كأمثال الجبال حتى الكتب الدينية والمصاحف ونسخ البخاري ومسلم وكتب الفقه وبقية العلوم لم تسلم من حقدهم فنشروها في الطرقات والأزقة ومكثوا أياما يطؤونها بأرجلهم وخربوا البيوت فلم تسلم منهم حتى بيوت الخلاء. ثم اقتسموا تلك الأموال كما تقسم غنائم الكفار. إنتهى

وقال السيد محسن الأمين العاملي واصفاً دخول الوهابية إلى الطائف، فقال: فدخلوا البلد عنوة في ذي القعدة سنة 1217هـ وقتلوا الناس قتلاً عاماً حتى الأطفال، وكانوا يذبحـون الطفل الرضيع على صدر أمه، وكان جماعة من أهل الطائف خرجوا قبل ذلك هاربين، فأدركتهم الخيـل وقتلت أكثرهم، وفتشوا على من توارى في البيوت وقتلوه، وقتلوا من في المساجد وهم في الصلاة

ومما يدل على اعتقادهم بأنهم وحدهم المسلمون على زعمهم وأن أهل السنة عندهم كافرون ما ذكره مفتي مكة أحمد بن زيني دحلان في كتابه ( فتنة الوهابية  ص/13) من قوله بأن الوهابية لما دخلوا مكة المكرمة وتملكوا المدينة المنورة بقوة السلاح       ( صاروا يكرهون الناس على الدخول في دينهم ) وهذا صريح في أنهم لا يعتبرون أهل السنة ولو كانوا أهل الحرمين مكة والمدينة وأهل الطائف إلا كفارا  ومراده بهذا المذهب الذي ابتدعه ابن عبد الوهاب إخلاص التوحيد والتبري من الشرك وأن الناس كانوا على شرك منذ ستمائة سنة وأنه جدد للناس دينهم

الوهابية يهادنون اليهود ويقتلون المسلمين

وفي موقف مشابه لاسلافهم الخوارج الذين قتلوا المسلمين واجاروا غير المسلمين واحتاطوا في اموالهم ودمائهم

 أجاز زعيم الوهابية في هذا العصر ابن باز الصلح الدائم مع اليهود بلا قيد و لا شرط و زعم أن هذا يوافق الكتاب و السنة.

و مما قام به أحد أركان الوهابية  محمد ناصر الدين الألباني أنه دعا إلى تفريغ فلسطين من أهلها و أوجب عليهم الهجرة منها و الخروج منها و زعم أن شهداء الإنتفاضة منتحرون و أن شعب الإنتفاضة خاسرون و يزعم أن هذه هي السنة

قال:[ إن على الفلسطينيين أن يغادروا بلادهم و يخرجوا إلى بلاد أخرى ، و إن كل من بقي في فلسطين منهم فهو كافر

آراء  كبار علماء اهل السنة والجماعة  في شيخ التكفير ابن تيمية

رأي العلامة المحدث الحافظ ابن حجر العسقلاني :

 قال:  أن علماء السنة والجماعة بقيادة العلامة تقي الدين السبكي الشافعي والعلامة الزهراوي المالكي إلى جانب شيخ الحنفية والحنابلة عند محاكمة ابن تيمية حيث حكموا جميعا بكفره وإلحاده وحرموا الانتساب لهذا المذهب معللين ذلك بأنه مذهب الخوارج وكان السبب في محاكمة ابن تيمية هو عقيدته التجسيمية بمعنى (أن الله جسم) وهذا أمر مشهور وكتب بن تيمية كلها شاهدة على ذلك، وهذه العقيدة لايقول بها أهل السنة والجماعة (كتابه : الدرر الكامنة» في المجلد الثامن)

 رأي الامام المحدث ابن حجر الهيثمي

قال ابن حجر الهيثمي: (وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية وغيرهما، ممن اتخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله (في الفتاوى الحديثية ص  203

وقال عنه أيضا (ابن تيمية عبدٌ خذله الله، وأضلّه، وأعماه، وأصّمه وأذلّه، واياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود وتعدوا الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم وليسوا كذلك "..... وبذلك صرح الأئمة وبيّنوا فساد أحواله، وكذب أقواله ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي وولده التاج، والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية، ولم يقصر اعتراضه على متأخري الصوفية، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما كما يأتي.والحاصل أنه لا يقام لكلامه وزن، بل يرمى في كلّ وعر وحزن ويعتقد فيه انه مبتدع ضالٌ مضل جاهل غال، عامله الله بعدله وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله آمين  ( في الفتاوى الحديثية ص 99 ـ )100

وقال أيضا ما نصه : "ولا يغتر بإنكار ابن تيمية لسن زيارته  ، وأطال في الرد عليه التقي السبكي في تصنيف مستقل، ووقوعه في حق رسول الله ليس بعجيب فإنه وقع في حق الله  سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، فنسب إليه العظائم كقوله: إن  لله تعالى جهة ويدا ورجلا وعينا وغير ذلك من القبائح الشنيعة" اهـ

رأي الامام المجتهد تقي الدين السبكي

 قال: (أما بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة مظهرا أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة، فخرج من الإتباع إلى الابتداع وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع). في كتابه الدرر المضيئة في الصفحة الأولى راجع ايضا شذرات الذهب المجلد 3 ،ص 252

راي العلامة علاء الدين البخاري

ان ابن تيمية كافر , و ان الامام السبكي معذور بتكفير ابن تيمية لانّه كفّر الامة الاسلامية) ، راجع كتاب فضل الذاكرين والردّ على المنكرين لعبد الغني حمادة ص 23

رسالــــــــة الذهـــــــبي لابـــــــن تيــــــــمية

وكان الذهبي وهو من معاصري ابن تيمية مدحه في أول الأمر ثم لما انكشف له حاله حذر من كلامه. قال في رسالته بيان زغل العلم والطلب  ما نصه :   .....   يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والإنحلال ، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطولياً شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه ، وفي الباطن عدو لك بحالة قلبه . فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل ، أو عامي كذاب بليد الذهن ، أو غريب واجم قوي المكر ؟ أو ناشف صالح عديم الفهم ؟ ... فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد ، فكيف حالك عند أعدائك ؟ وأعداؤك - والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء ، كما أن أوليائك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر  .....   

راي الشيخ عبد الله الغماري المغربي (احد علماء السنة المعاصرين

 واعلم انه قد خالف الناس في مسائل … في أمثال ذلك من مسائل الأصول مسألة الحسن والقبح، التزم كل ما يرد عليها وأن مخالف الإجماع لا يكفر ولا يفسق، وأن ربنا ـ سبحانه وتعالى عما يقولـه الظالمون والجاحدون علوّاً كبيرا ـ محل الحوادث، تعالى الله عن ذلك وتقدس، وأنه مركب تفتقر ذاته افتقار الكل إلى الجزء، تعالى الله عن ذلك وتقدس، وأن القرآن محدث في ذات الله تعالى الله عن ذلك وأن العالم قديم بالنوع، ولم يزل مع الله مخلوقا دائما فجعله موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار، تعالى الله عن ذلك وقولـه بالجسمية والجهة والانتقال وأنه بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر، تعالى الله من هذا القول الشنيع القبيح والكفر البواح الصريح وخذل متبعيه وشتت شمل معتقديه، وقال: إن النار تفنى، وأن الأنبياء غير معصومين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جاه لـه ولا يتوسل به وأن إنشاء السفر إليه بسبب الزيارة معصية لا تقصر الصلاة فيه وسيحرم ذلك يوم الحاجة الماسة إلى شفاعته، وأن التوراة والإنجيل لم تبدل ألفاظهما وإنما بدلت معانيهما .....

قال الحافظ أحمد بن الصديق الغماري الحسني في ابن تيمية والوهابية

فقبح الله ابن تيمية وأخزاه وجزاه بما يستحق، وقد فعل والحمد لله، إذ جعله إمام كلّ ضال مضل بعده، وجعل كتبه هادية إلى الضلال، فما أقبل عليها أحد واعتنى بشأنها إلا وصار إمام ضلالة في عصره، ويكفي أن أخرج الله تعالى من صلب أفكاره الخبيثة قرن الشيطان وأتباعه كلاب النار، وشر من تحت أديم السماء الذين ملأوا الكون ظلمة وسودوا وجهه بالجرائم والعظائم في كل مكان، والكل في صحيفة ابن تيمية إمام الضالين، وشيخ المجرمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :;من سن سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمِل بها إلى يوم القيامة .


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=488
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28