• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : قرانيات .
                    • الموضوع : وقفات مع آيات سورة الفاتحة (3) .
                          • رقم العدد : العدد السابع والعشرون .

وقفات مع آيات سورة الفاتحة (3)

 وقفات مع آيات  سورة الفاتحة (3)

 إعداد  :  الشيخ سمير رحال

 

اهدنا الصراط المستقيم

   العبد السالك يحتاج الى صراط لا عوج فيه وفي امان من كيد الشيطان و هو الطريق المؤدي إلى المطلوب. والاستقامة هي الاستواء في مقابل الانحراف و الاعوجاج.  والهداية الى الصراط المستقيم متقومة بطرفين: المفيض و هو اللّه تعالى، و المستفيض و هو ما سواه تعالى  وقد بين اللّه تعالى معنى الصراط المستقيم الذي يطلبه الإنسان في عدة آيات

  أَرْبَعَ هِدَايَاتٍ يَتَوَصَّلُ بِهَا الْإِنْسَانَ إِلَى سَعَادَتِهِ :

 أُولَاهَا  : هِدَايَةُ الْوُجْدَانِ الطَّبِيعِيِّ وَالْإِلْهَامُ الْفِطْرِيُّ . وَتَكُونُ لِلْأَطْفَالِ مُنْذُ وِلَادَتِهِمْ  

 الثَّانِيَةُ  : هِدَايَةُ الْحَوَّاسِ وَالْمَشَاعِرِ ، وَهِيَ مُتَمِّمَةٌ لِلْهِدَايَةِ الْأُولَى فِي الْحَيَاةِ الْحَيَوَانِيَّةِ ، وَيُشَارِكُ الْإِنْسَانَ فِيهِمَا الْحَيَوَانُ الْأَعْجَمُ ، بَلْ هُوَ فِيهِمَا أَكْمَلُ مِنَ الْإِنْسَانِ    

 الْهِدَايَةُ الثَّالِثَةُ  : الْعَقْلُ   

 الْهِدَايَةُ الرَّابِعَةُ  : الدِّينُ ،فقد يُغَلِّطُ الْعَقْلَ  وَقَدْ يُهْمِلُ الْإِنْسَانُ اسْتِخْدَامَ حَوَاسِّهِ وَعَقْلِهِ   وَيَسْلُكُ مَسَالِكَ الضَّلَالِ نتيجة طغيان الشهوات والرغبات فكَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الْمَعُونَةِ الْخَاصَّةِ ، فَأَمَرَنَا اللهُ بِطَلَبِهَا مِنْهُ فِي قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)  

  ما هو المطلوب من الهداية هذه بعد أن أصبح الإنسان مهتديا بالإسلام ؟   

  ذكر صاحب مجمع البيان (مجمع البيان للطبرسي 1: 27  بتصرف )  احتمالات ثلاثة  في المقام هي:

 الاول: معناه ثبتنا على (الدين الحق) لأن الإنسان قد يزل وترد عليه الخواطر الفاسدة، فيحسن أن يسأل الله تعالى أن يثبته على دينه ويديمه عليه ويعطيه زيادات الهدى التي هي أحد أسباب الثبات على الدين  

 الثاني: إن الهداية هي الثواب  اي  اهدنا إلى طريق الجنة ثوابا لنا  

 الثالث: إن المراد: دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر كما دللتنا عليه في الماضي ويجوز الدعاء بالشئ الذي يكون حاصلا كقوله تعالى: * (... رب احكم بالحق...) * (الأنبياء: 112  )، وقوله حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): * (ولا تخزني يوم يبعثون) * (  الشعراء: 87. )، وذلك أن الدعاء عبادة وفيه اظهار الانقطاع إلى الله تعالى  

و في المعاني عن علي ع: في الآية، يعني، أدم لنا توفيقك- الذي أطعناك به في ماضي أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا

   ويكون هدف الآية المباركة هو تعليم الإنسان ممارسة هذا العمل العبادي حتى لو كان مضمونه طلب ما هو حاصل.  والانسان وإن كان مهتديا إلا أنه يحتاج في الخطوة الثانية إلى هداية جديدة كي يطويها في طريق التكامل والصعود إلى أن يصل إلى النهاية المتمثلة بالكمال والجنة بدرجاتها العالية.  ويكون هذا الدعاء دعاء لشئ غير حاصل لأنه دعاء وطلب لهداية جديدة لا تختلف عن الهداية السابقة نوعا، بل تختلف عنها شدة ودرجة ومصداقا  .

من مظاهر هدايته و مصاديقها

 فالقرآن من هدايته تعالى لعباده قال تعالى: فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى‏ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة البقرة، الآية: 97]   

و كذلك سائر الكتب السماوية، قال تعالى: وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [سورة المائدة، الآية: 46]،

و الكعبة المشرفة أيضا من مظاهرها قال تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ [سورة آل عمران، الآية: 96].

 كما أن السنة الشريفة أيضا كذلك  

اما الصراط فقد استعمل في القرآن الكريم موصوفا بالاستقامة و الإستواء غالبا، و قد أضيف اليه تعالى بأنحاء الإضافة كقوله تعالى: وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً [  الأنعام، الآية: 126]، و قوله تعالى: صِراطِ اللَّهِ [  الشورى، الآية: 53] و قال اللّه تعالى: إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [  سبأ، الآية: 6 و لم يضف الصراط الى غيره تعالى إلّا نادرا بخلاف السبيل  

وكذا لم ينسب الصراط المستقيم إلى أحد من خلقه إلا ما في هذه الآية (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ الآية)

 و لكنه نسب السبيل إلى غيره من خلقه، فقال تعالى: «سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ»: لقمان- 15. و قال: «سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ»: النساء- 114، و يعلم منها: أن السبيل غير الصراط المستقيم فإنه يختلف و يتعدد و يتكثر باختلاف المتعبدين السالكين سبيل العبادة بخلاف الصراط المستقيم

كما الصراط المستقيم  مهيمن على جميع السبل إلى الله و الطرق الهادية إليه تعالى، بمعنى أن السبيل إلى الله إنما يكون سبيلا له موصلا إليه بمقدار يتضمنه من الصراط المستقيم حقيقة، مع كون الصراط المستقيم هاديا موصلا إليه مطلقا  لا يتخلف حكمه في هدايته و إيصاله سالكيه إلى غايته و مقصدهم  

وسبل الله هي الطرق الفرعية التي ترتبط بالطريق الرئيسي الذي هو الصراط واذا لم ينته السبيل الى الصراط فهو من طرق الضلال

و اختلاف السبل لا يوجب الاختلاف في أصل الصراط، فمثل الصراط المستقيم و السبل المؤدية إليه مثل البحر و ما يتفرع عنه من الجداول فالبحر يفيض على الكل و الكل مستفيض من البحر و كلها موصوفة بالاستقامة و الرشاد و بإزائها الاعوجاج و الانحراف و السبل المنحرفة المتفرقة هي سبل الشيطان  

ومن الممكن ان يجذب الشيطان السالكين في الصراط المستقيم ويعيقهم عن المسير لكنه لا قدرة له ابدا على النيل من اصل الطريق  لان مصاديق الصراط المستقيم في العالم الخارجي وهي الدين والقرآن والمعصومون وهؤلاء محصنون من كيد الشيطان .

  وقد  أشار القرآن إلى ذلك بقوله: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) (الأنعام: 161)، حيث فسّر الصراط المستقيم بالدين، ووصف الدين بكونه «قيماً» فهو دين قائم على مصالح العباد والبلاد، وصلاحهم في الدنيا والآخرة أحسن قيام. 
وعن  رسول الله صلّى الله عليه وآله:   اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) دين الله الذي نزّل جبرئيل على محمد    (  بحار الأنوار   تاريخ أمير المؤمنين، الباب 39، الحديث 71، ج36، ص128.)
- عن أمير المؤمنين عليه السلام: «.... الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلّو وارتفع عن التقصير فلم يعدل إلى شيء من الباطل معاني الأخبار: ص33.
 

  
وأمّا على مستوى التجسيد العملي: فإنّ القرآن وإن أبان خصائص الصراط المستقيم نظرياً، إلاَّ أنّ النصوص الروائية  جسّدته عملياً   
 كما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ يوم الغدير ـ أنّه قال: «معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثمّ عليّ من بعدي، ثمّ وُلدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون  بحار الأنوار: تاريخ أمير المؤمنين، الباب 52، ج37، ص212.
 

عن علي بن الحسين (عليه السلام): ليس بين اللّه و بين حجته حجاب و لا للّه دون حجته ستر نحن أبواب اللّه و نحن الصراط المستقيم و نحن عيبة علمه و نحن تراجمة وحيه و نحن أركان توحيده و نحن موضع سره  عيون الاخبار ص 35- 36

و في المعاني، عن الصادق ع قال: هي الطريق إلى معرفة الله، و هما صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة، فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه- مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه في الآخرة- فتردى في نار جهنم

 و عن ابن شهر آشوب عن تفسير وكيع بن الجراح عن الثوري عن السدي، عن أسباط و مجاهد، عن ابن عباس": في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، قال قولوا معاشر العباد: أرشدنا إلى حب محمد ص و أهل بيته ع

 

صراط الذين أنعمت عليهم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ.

بيان لصراط المنعم عليهم  و أنه يباين طريق المغضوب عليهم و طريق الضالين

و غضب اللّه تعالى عقابه دنيويا كان أو أخرويا أو هما معا، كما أن رضاه ثوابه .

والغضب استعمل في القرآن مع اللعن و مع الرجس و مع العذاب كما في قوله تعالى: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ سورة المائدة، الآية: 60]، و قوله تعالى: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ [الأعراف الآية: 71]

والضلال هو فقدان الرشاد والدلالة إلى المقصود سواء كان في جهة مادّية أو معنوية. ومن لوازم ذلك: الخطأ، العدول عن الطريق الضياع، الغيبوبة، وغيرها، فإنّ هذه الأمور تتحقّق في أثر عدم حصول الاهتداء الى المقصود .

والضلالة في مقابل الاهتداء والاضلال في مقابل الهداية وحيث ان الهداية بمعنى الدلالة والارشاد الى الهدف فالاضلال هو فقدانها .والخطأ والانحراف عن الحق والفساد وامثال ذلك من لوازم الضلالة وهي امور تحصل بسبب عدم الاهتداء الى الهدف .

و المغضوب عليهم هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه اللّه لعباده فرفضوه و نبذوه وراءهم ظهريّا، و انصرفوا عن النظر فى الأدلة تقليدا لما ورثوه عن الآباء و الأجداد-  

و الضالون هم الذين لم يعرفوا الحق، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، و هؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة، أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحق، فهم تائهون فى عماية لا يهتدون معها إلى مطلوب، تعترضهم الشبهات التي تلبس الحق بالباطل  فكأن الداعي يطلب من الله عز وجل أن يهديه إلى ذلك السراط الذي يكون من يسلكه موضع نعمته ورحمته وأن يكون ممن ينعم عليهم  

ما هي النعم التي أنعم الله بها عليهم؟

 تنقسم النعم إلى نعم ظاهرية وباطنية، كما قال تعالى:  وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) (لقمان: 20
 هناك اختلاف بين المفسّرين في المراد من النعم الظاهرة و الباطنة في هذه الآية ..

فالبعض اعتقد أنّ النعمة الظاهرة هي الشي‏ء الذي لا يمكن لأيّ أحد إنكاره كالخلق و الحياة و أنواع الأرزاق، و النعم الباطنة إشارة إلى الأمور التي لا يمكن إدراكها من دون دقّة و مطالعة ككثير من القوى الروحية و الغرائز المهمّة.

و البعض عدّ الأعضاء الظاهرة هي النعم الظاهرة، و القلب هو النعمة الباطنة.

و البعض الآخر اعتبر حسن الصورة و الوجه و القامة المستقيمة و سلامة الأعضاء النعمة الظاهرة، و معرفة اللّه هي النعمة الباطنة.

 وكيفما كان فالمقصود بالآية الكريمة  محل البحث  هو   النعم  الباطنة  والشاهد على ذلك ما جاء عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: «ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن ـ وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ظاهرة ـ ألا ترون أنّ هؤلاء قد يكونون كفّاراً أو فسّاقاً؟! فما نُدبتم إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، وإنّما أُمرتم بالدعاء بأن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم الله عليهم بالإيمان وتصديق رسوله، وبالولاية لمحمد وآله الطيّبين وأصحابه الخيرين المنتجبين نور الثقلين: الحديث102، ج1، ص23.

اشاره :  ان اكمل واتم نعمة منّ الله بها بعد التوحيد الخالص هي ولاية الموحدين المخلصين وهم اهل البيت (ع) وما جاء في مثل هذه الاحاديث فهو من باب الجري والتطبيق المصداقي لا التفسير المفهومي .

 بين التفسير المفهومي والجري المصداقي

ما تقدم في الغالب كان تفسيرا مفهوميا للآيات المتقدمة ولكن بالرجوع الى الروايات نجد حديثاً عن مصاديق كثيرة للمفاهيم السالفة  فأئمة أهل البيت ( ع ) كانوا يطبقون الآية من القرآن على ما يقبل أن تنطبق عليه من الموارد و إن كان خارجا عن مورد النزول،اذا كان  الاعتبار يساعده ، و ما ورد من شأن النزول (و هو الأمر أو الحادثة التي تعقب نزول آية أو آيات في شخص أو واقعة) لا يوجب قصر الحكم على الواقعة لينقضي الحكم بانقضائها و يموت بموتها  

 فعن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر ع عن هذه الرواية ما في القرآن آية إلا و لها ظهر و بطن- ... ما يعني بقوله: ظهر و بطن؟ قال ظهره تنزيله و بطنه تأويله، منه ما مضى و منه ما لم يكن بعد، يجري كما يجري الشمس و القمر، كلما جاء منه شي‏ء وقع الحديث   تفسير العياشي

والروايات في تطبيق الآيات القرآنية عليهم ع كما في الصراط المستقيم  أو على أعدائهم كما في المغضوب عليهم والضالين كثيرة في الأبواب المختلفة                       

 فالآية  لا تختصّ بمورد نزولها، ولا تنحصر في المصاديق التي ذكرت لها في النصوص القرآنية والروائية، بل فيها  قابلية الانطباق والجري على مصاديق اخرى  وهذه المعاني والمفاهيم  ذوات مراتب بحسب المصداق، أمّا نفس المعنى فصدقه على الجميع واحد وإنّما الاختلاف بحسب خصوصيات المصاديق .

 

وقد وقع الكلام في مصداق الذين أنعم الله عليهم والمغضوب عليهم والضالين

 أمّا المنعم عليهم، فقد بيّن تعالى بعض مصاديقه في قوله: (ومن يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ  الله عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ) (النساء: 69
وورد عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: «قول الله عزّ وجلّ في الحمد:  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) يعني محمداً وذرّيته صلوات الله عليهم نقلاً عن تفسير نور الثقلين: الحديث101، ج1، ص23.
- وورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، في قوله الله عزّ وجلّ: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) قال: «شيعة عليّ عليه السلام الذين أنعمت عليهم بولاية عليّ بن أبي طالب، لم يغضب عليهم ولم يضلّوا المصدر السابق: الحديث103، ج1، ص23.

وما ذكر فيها إنّما هو من باب الجري والتطبيق لا التفسير وبيان المعنى، حتى يلزم منه عدم الانطباق على غيرهم ممن هم على الصراط المستقيم.

 

اما  الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ

فهم كل من غضب اللّه عليه  ، و تفسيرهم باليهود  تفسير مصداقي كأصدق مصاديقهم  بقرينة بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن نزول الغضب الإلهي على اليهود، مثل قوله تعالى: (... وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله...) * (البقرة: 61  )  

ومن المغضوب عليهم «مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ... » (16: 109

و منهم الذين يحاجون في اللّه بعد كمال الحجة و اتضاح المهجة  وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ» (42: 16

و المكذبون بآيات اللّه: «قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ أَ تُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ..» (7: 171

كما أشارت النصوص إلى مصاديق متعدّدة للْمَغْضُوبِ  والضالين  :
-  عن الإمام الرضا عليه السلام قال: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفّين به وبأمره ونهيه، (وَلا الضَّالِّينَ) اعتصام من أن يكون من الذين ضلّوا عن سبيله، من غير معرفة، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق،, مؤسسة النشر الإسلامي ج1، ص310.
  وفي الاحتجاج عن الإمام أبي الحسن العسكري عليه السلام: أنّ أبا الحسن الرضا السلام قال: «إنّ من تجاوز بأمير المؤمنين عليه السلام العبوديّة، فهو من  المغضوب عليهم ومن الضالّين    الاحتجاج، الطبرسي،ـ ج2، ص233
 كما ذكرت (للضالين)  مصاديق متعددة

 فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المغضوب عليهم النصاب، والضالين اليهود والنصارى

 وعنه (عليه السلام) أيضا (الضالين): الشكاك الذين لا يعرفون الإمام " (نور الثقلين 1: 24، الحديث 106 و 107،  وعن الصادق (عليه السلام): غير المغضوب عليهم ولا الضالين: هم اليهود والنصارى (نور الثقلين 1: 25، الحديث 111 ).

 و الظاهر أن هذه الروايات انما هي بصدد بيان المصاديق لا على نحو الحصر، ومن ثم فيمكن أن يكون المعنى منطبقا على كل هذه المصاديق وما يشبهها   

 وكما ان تطبيق صفة الكمال على اهل البيت هو من باب الجري المصداقي لا التفسير  المفهومي كذلك تطبيق صفة النقص على مخالفيهم ومعانديهم وغاصبي حقوقهم هو ايضا من باب الجري المصداقي لا التفسير المفهومي

 

مصادر البحث :   مجموعة من التفاسير


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=570
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 12 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28