• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : فكر .
                    • الموضوع : حاجتنا إلى النظام الإسلامي .

حاجتنا إلى النظام الإسلامي

 حاجتنا إلى النظام الإسلامي

الشهيد السيد محمد باقر الصدر

يعدّ حاجة ضروريّة لنا بوصفنا مسلمين، وذلك:

أوّلًا: لإيجاد الانسجام بين التشريع والعقيدة، فإنّ مردّ النظام الإسلامي إلى أحكام الشريعة الإسلاميّة، وهي أحكام يؤمن المسلمون بقدسيّتها وحرمتها ووجوب تنفيذها بحكم عقيدتهم الإسلاميّة وإيمانهم بأنّ الإسلام دين نزل من السماء وعلى خاتم النبيّين صلى الله عليه و آله، وعلى عكس ذلك الأنظمة والتشريعات الاخرى، فإنّها في نظر المسلمين، وبحكم عقيدتهم لا تحتوي على الحرمة والقدسيّة ولا يوجد أيّ مبرّر شرعي لها، وما من ريب في أنّ من أهمّ العوامل في نجاح القوانين والتشريعات التي تتّخذ لتنظيم الحياة الاجتماعيّة احترام الناس لها، وتجاوبهم العاطفي والنفسي مع أهدافها، وإيمانهم بحقّها في التنفيذ والتطبيق، وهذا ما لا يتوفّر للمسلمين إلّابالنسبة إلى أحكام الشريعة الإسلاميّة والنظام الإسلامي.

وثانياً: لإيجاد التوافق بين الجانب الروحي والجانب الاجتماعي من حياة الإنسان المسلم، وذلك أنّ الأنظمة الاجتماعيّة الاخرى غير الإسلام لا تعالج إلّا جانب العلاقات الاجتماعيّة من حياة الإنسان، تاركة- على الأغلب- الجانب الروحي الذي يشمل علاقة الإنسان بربّه وتنميته لإرادته وأخلاقه ومُثُله، فإذا أخذنا تشريعاتنا للحياة الاجتماعيّة ونظامها من مصادر بشريّة بدلًا عن النظام الإسلامي لم نستطع أن نكتفِ بذلك عن تنظيم آخر، أي الجانب الروحي منه، ولا يوجد مصدر صالح لتنظيم حياتنا الروحيّة إلّا الإسلام، ولأجل ذلك ينشأ التناقض حينئذٍ بين طريقة تنظيم حياتنا الروحيّة المستمدّة من الإسلام وطريقة القوانين الوضعيّة في تنظيم الحياة الاجتماعيّة؛ لأنّ الطريقتين مختلفتان ومتعارضتان في اسسهما وقواعدهما، مع أنّ الحياة الروحيّة والحياة الاجتماعيّة متفاعلتان. ونتيجة ذلك أن يسود القلق ويتأرجح الفرد المسلم بين التيّار الروحي والتيّار الاجتماعي، ويعيش في حالة تناقض بين المصادر التى يستلهمها في تنظيم حياته الروحيّة، والمصادر التي تنظّم حياته الاجتماعيّة.

وعلى العكس من ذلك كلّه، إذا اتّخذنا الإسلام قاعدة للتنظيم والتشريع في مختلف شؤون الحياة الروحيّة والاجتماعيّة، فإنّنا بذلك نبني حياتنا كلّها على أساس قاعدة واحدة وهي الإسلام، بدلًا عن قاعدتين متنافرتين.

وثالثاً: إنّ تبنّي الامّة للنظام الإسلامي المرتبط بعقيدتها وتاريخها بدلًا من الأنظمة والمذاهب الاجتماعيّة الاخرى، يساهم بدرجة كبيرة في المعركة التي تخوضها الامّة ضدّ الكافر المستعمر منذ غزا العالم الإسلامي بجيوشه العسكريّة والفكريّة؛ لأنّه يحرّرها من التبعيّة الفكريّة لمذاهب المستعمرين أنفسهم، ويؤكّد للُامّة شخصيّتها العقائديّة الخاصّة، ووجودها المتميّز، ويقضي على كلّ أنواع الأفكار التي نشرها الكافر المستعمر بقصد إعاقة حركات التحرّر في العالم‏ الإسلامي.

ومن ناحية اخرى إنّ شعور الامّة الإسلاميّة بأنّ النظام الإسلامي مرتبط بتاريخها وأمجادها، ومعبّر عن أصالتها، ومنقطع الصلة تاريخيّاً وفكريّاً بحضارات المستعمرين، يجعل ضمير الفرد الشرقي المستعمَر منفتحاً عليه، بينما ينكمش تجاه الأنظمة المستمدّة من الأوضاع الاجتماعيّة في بلاد المستعمرين ويعيش حسّاسيّة شديدة ضدّها، وهذه الحسّاسيّة تجعل تلك الأنظمة- حتّى ولو كانت صالحة ومستقلّة عن الاستعمار من الناحية السياسيّة- غير قادرة على تفجير طاقات الامّة وقيادتها في معركة البناء، فلا بدّ للُامّة إذن- بحكم ظروفها النفسيّة التي خلقها عصر الاستعمار وانكماشها تجاه ما يتّصل به- من إقامة نهضتها الحديثة على أساس نظام اجتماعي ومعالم حضاريّة لا تمتّ إلى بلاد المستعمرين بنسب.

ويمكننا أن نحلّل النظام الإسلامي إلى العناصر الآتية:

1- المحتوى التشريعي للنظام الإسلامي: وهو أحكام الشريعة الإسلاميّة التي عالجت تنظيم حياة الإنسان.

2- الواضع للنظام: وهو اللَّه تعالى؛ لأنّنا بوصفنا مسلمين نؤمن بأنّ المحتوى التشريعي المستمدّ من الكتاب والسنّة كلّه نزل عن طريق الوحي على خاتم النبيّين.

3- الهدف من النظام الإسلامي: وهو التربية الشاملة للإنسانيّة في كلّ مجالات حياتها ونشاطها.

4- الصياغة القانونيّة للنظام الإسلامي: وهذه الصياغة هي العمليّة التي يتحمّل مسؤوليّتها الفقه الإسلامي ويمارسها فقهاء الإسلام خلال استنباطهم لأحكام الشريعة الإسلاميّة من الكتاب والسنّة.

وفي الواقع أنّ المحتوى التشريعي في كلّ نظام وهدفه الواضح له هي‏ عناصر ثلاثة مترابطة، لأنّ الهدف هو الذي يحدّد نوعيّة المحتوى التشريعي والواضع هو الذي يحدّد الهدف.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=623
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28