• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : علماء .
                    • الموضوع : من مواقف وتجارب الشيخ محمد جواد مغنية(ره) .
                          • رقم العدد : العدد التاسع والعشرون .

من مواقف وتجارب الشيخ محمد جواد مغنية(ره)

 بسم الله الرحمن الرحيم

العلماء القدوة

من مواقف وتجارب الشيخ محمد جواد مغنية(ره)

يقول الشيخ مغنية(ره) عجبت ممن يحب الظهور ويسلك له كل سبيل، حتى ولو أضرّ به وبالناس أجمعين.

عجبت ممن لا يسمع منك وأنت المحب لأنك تخالف هواه، ويسمع من عدو لأنه يوافق هواه.

أحب الخير لكل الناس حتى لأعدائي وأتمنى أن يكون كل إنسان عالماً وثرياً من صميم قلبي.

أحب العلم وأتشاغل به من أي نوع كان ويكون.

من تجاربي أمور ثلاثة:

أولاً: إني تعلمت أن لا أهتم بمن لا يأتي إليّ ولا أفكر به على الإطلاق حتى ولو اعتاد زيارتي.

ثانياً: لا أهتم بمن يسبني ويفتري عليّ الكذب لأني لا أستطيع أن أقفل فمه عن الكلام، وكلامه يذهب مع الريح ولا أثر له على ديني أو صحتي أو رزقي.

ثالثاً: لا أهتم بمن يدّعي ما ليس فيه ولا أفكر في ذلك فقد ادعى فرعون الربوبية، ثم ماذا..، وأيضاً لا أستطيع أنا أو غيري أن نردع ونمنع، ولا ضير بذلك علي.

 

شدة اهتمامه بالوقت أعمل بين 14 ـ 18 ساعة يومياً

في تشرين الأول من سنة 1964م ابتدأت بتأليف فقه الإمام جعفر الصادق عليه السلام موسوعة كاملة من الألف إلى الياء عرضاً واستدلالاً، وانتهيت من تأليفها بحزيران من سنة 1966م، وبلغت صفحاتها أكثر من ألفين في ستة أجزاء، ثم جمعت في ثلاثة مجلدات تجليداً فنياً.. وإذا قدرنا سير الصفحات بالأيام بلغت سرعة التأليف حوالي ثلاث صفحات في اليوم الواحد، أما الفضل في هذه السرعة ـ إن صحت التسمية ـ فيعود لمواصلة السير، لا لخفة اليد، ولا لسهولة الطريق ـ كما يظن ـ فلقد كنت وما زلت أعمل بين ال 14 وال 18 ساعة من اليوم والليلة، وفي بعض الأحيان تسيطر الفكرة على جميع حواسي، وتمنعها من النوم 36 ساعة، وما زلت على ذكر أنّ هذا حدث لي، وأنا أكتب عن الفضولي وأحكامه الشرعية، وأحل طلاسم الشيخ الأنصاري في مكاسبه ومطالبه.. فقلت: سبحان الله لقد بلغ الفضولي من ثقالة الدم، وكثافة الظل أن يمنع من النوم من يفكر فيه، أو يكتب عنه، حتى ولو كان الكاتب فقيهاً أو ثقيلاً.

وكنت أظن، وأنا مع فقه الإمام أنّ الكتابة فيه أكثر صعوبة من الكتابة في غيره، لأنّ على كاتب الفقه أن يلتزم الخطة المرسومة لا يحيد عنها قيد شعرة، وإن كان ملهماً، فإنّ إلهامه عجلة تجري على الخط، أو جناحا طائر في قفص يصف بهما أو يدف، وهو في سجنه.. والخط المرسوم لكاتب الفقه هو كتاب الله وسنة نبيه.. إنه يكتب، ما في ذلك ريب، ولكن كأداة في يد الكتاب والسنة، لا كمؤسس ومشرّع.

انتهيت من الموسوعة الفقهية بأجزائها الستة، وباشرت بالتفسير الكاشف وقلت: انطلق العصفور إلى الغابة يبسط جناحيه أنّى يشاء، وينشد القصائد كما يريد.

أن التفسير الكاشف قد ملأ وقتي وعقلي وقلبي، ولم يترك فراغاً إلا ساعة من نهار.

إن محمد جواد مغنية فتح بيته وصدره وقلبه إلى أي إنسان أراد أن يسأل مسألة إسلامية علمية شرعية، فلسفية، سياسية.

ولم يكن محمد جواد مغنية ليتوانى عن إقلاق راحته ونومه والقيام عن طعامه ليرحب بصدق وطيبة خاطر بكل طالب علم وباحث عن حقيقة، نعم لا مكان عند الشيخ مغنية للسخفاء والبطالين.

كيف له أن يفعل ذلك وهو يعمل من 16 إلى 18 ساعة يومياً في البحث والتأليف.

ومن يدخل إلى مكتبته؛ وغرفة عمله يرى مخطوطتين معلقتين على حائط مكتبته الأولى قوله تعالى: {والذين هم عن اللغو معرضون}([1])، واللوحة الثانية تقول: "الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما".

 

 

تواضع الشيخ:

لقد رآه مرة جماعة من الغيورين على طائفتهم يقف في وسط سوق الخضار وسط الهرج والمرج وقد رفع جبته إلى وسطه تفادياً للأوساخ والأقذار منكباً على منصة الخضار يختار منها بعض البطاطا والبندورة، فما كان من هؤلاء الغيورين المحبين إلا أن أسرعوا نحوه منفعلين صائحين ـ لا يصح.. لا يجوز.. نحن لا نقبل بذلك، ولم يأبه الشيخ لاحتجاجاتهم وتابع انتقاءه لما يطيب له من الفاكهة والخضار.
كان يخرج صباح كل يوم لمدة ساعة أو أقل، يشتري الصحف، ويبتاع القوت اليومي، فيقف على الجزار وبائع الخضار، ويشتري الخبز ويعود إلى البيت.

كان يمشي في الطرقات وإذا تعب جلس إلى جانب الطريق على حجرة أو تحت شجرة، يتنقل كبقية الشعب يركب معهم سيارة الأجرة والأوتوبيس، لأنه لم يملك سيارة قط ولا عنده مرافق أو سكرتير.. وكل تصرفاته كانت لا توحي بأنه من أصحاب السماحة أو الفضيلة أو حجة الإسلام أو آية من آيات الله أو ... الخ الخ.([2])

 

 



[1] سورة المؤمنون/3

[2] كتاب تجارب الشيخ محمد جواد مغنية/ بتصرف.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=641
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 03 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29