هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 كيف نربي أبناءنا ونعلّمهم...

 في وداع الكعبة وفي بعض مآثر حجة الوداع

 صدرالعدد الجديد من مجلة اللقاء

 عالم السياسة

 آية المباهلة والمنقبة العظمى لأهل البيت عليهم السلام

 الشيخ محمد جواد مغنية (ره)

 من أساليب التبليغ : استخدام التوجيه غير المباشر أو التعريض

 من حكم ومناقب الامير عليه السلام

 كيف نربي أبناءنا التربية الجنسية السليمة

 منهجية التفكير الناقد البناء

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047598

  • التاريخ : 29/03/2024 - 15:53

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : سيرة .

              • الموضوع : الامام علي بن الحسين زينُ العابدين وسيِّدُ السّاجدين(ع) .

الامام علي بن الحسين زينُ العابدين وسيِّدُ السّاجدين(ع)

 الامام  علي بن الحسين زينُ العابدين  وسيِّدُ السّاجدين(ع)

 

هوية الإمام:

الاسم : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

اللقب : زين العابدين أو السجّاد.

الكنية : أبو محمد.

اسم الأم : شاه زنان.

تاريخ الولادة : 5 شعبان سنة 38 للهجرة.

تاريخ الاستشهاد : 25 محرم سنة 95 للهجرة.

العمر : 57 سنة.

مدة الإمامة : 10 أعوام.

محل الدفن : المدينة المنوّرة – البقيع .

 من اخلاقه  ومواقفه :
يقول طاووس اليماني وكان رجلا من أصحابه: رأيت رجلا يصلّي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من صلاته فإذا هو زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله تبكي وأنت ابن رسول الله فقال:

" أما أني ابن رسول الله فلا يأمنّني من عذاب الله وقد قال الله: "فلا أنساب بينهم يومئذ"

لقد خلق الله الجنّة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا حبشيّا وخلق النار لمن عصاه وأساء ولو كان سيّدا قرشيّا".

 حجّ إلى بيت الله تعالى ماشيّا عشرين مرة و كان يوصي أصحابه بأداء الأمانة ويقول:

"فوالذي بعث محمّد بالحق لو أن قاتل الحسين عليه السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديّته إليه".

وكان يوصيهم أيضا بقضاء حوائج المحتاجين ويقول:

"إن لله عبادا يسعون في قضاء حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمن سرورا فرّح الله قلبه يوم القيامة".

كان زين العابدين عليه السلام جالسا بين أصحابه فجاءه رجل من أبناء عمومته وشتمه وأسمعه كلاما مرّا فلم يكلّمه الإمام حتّى مضى ثمّ قال الإمام لأصحابه: " قد سمعتم ما قال هذا الرجل و أنا أحب أن تبلغوا معي حتى تسمعوا ردّي عليه"

فقاموا معه يظنّون أن الإمام سوف يرد عليه بالمثل .

طرق الإمام الباب فخرج الرجل مستعدا للشر فقال له الإمام بأدب جم : "يا أخي انك قلت فيّ ما قلت فان كان حقّا فأستغفر الله منه وإن كان باطلا فغفر الله لك"

فتأثّر الرجل وندم وأقبل على الإمام معتذرا.

ذهب الإمام إلى محمد بن أسامة بن زيد ليعوده في مرضه فرآه يبكي فقال الإمام: "ما يبكيك؟"

فقال محمد بن أسامة: عليّ دين.

فقال الإمام: "وكم يبلغ؟"

قال: خمسة عشر ألف دينار.

فقال الإمام: "هو عليّ" ووفّاه عنه.

كان الإمام يخرج في منتصف الليل ويحمل معه الأموال والطعام ويجوب المدينة فيوزّع على فقرائها ما يحمله وهم لا يعرفونه.

وكان يعول أكثر من مائة أسرة.

وعندما استشهد افتقدوا ذلك الرجل فعرفوا أنّه الإمام عليه السلام.

 قال فيه الأئمة الاطهار :

 الإمام الباقر عليه السلام:

«إنَّ أبي عليّ بن الحسين ما ذَكر لله عزَّ وجلَّ نعمةً عليه إلَّا سجد، ولا قرأ آيةً من كتاب الله عزَّ وجلَّ فيها سجودٌ إلَّا سجد، ولا دفعَ اللهُ عزَّ وجلَّ عنه سوءاً يخشاه أو كيدَ كائدٍ إلَّا سجد، ولا فرغَ من صلاةٍ مفروضةٍ إلَّا سجَد، ولا وفِّق لإصلاحٍ بين اثنين إلَّا سجد، وكان أثرُ السُّجود في جميع مواضع سجودِه، فسُمِّي السّجَّاد لذلك».

 الإمام الصادق عليه السلام:

* «كان عليُّ بن الحسين إذا أصبح خرج غادياً في طلب الرّزق فقيل له: يا ابن رسول الله أين تذهب؟ فقال: أتصدَّق لعيالي، قيل له: أتتصدّق؟ قال: مَن طلبَ الحلالَ فهو من الله عزَّ وجلَّ صدقةٌ عليه».

* «كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه، يأمر بشاةٍ فتُذبح وتُقطَّع أعضاؤها وتُطبخ، وإذا كان عند المساء أكبَّ على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القِصاعَ اغرفوا لآل فلان، واغرفوا لآل فلان، حتّى يأتي على آخر القدور، ثمّ يُؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه».

 * «البكَّاؤن خمسة: آدم ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله، وعليّ بن الحسين عليه السلام. ".." وأمّا فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله: فَبَكَتْ على رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى تأذَّى بها أهلُ المدينة، وقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر، مقابر الشّهداء، فتبكي حتى تقضي حاجتها ثمّ تنصرف، وأمّا علي بن الحسين عليهما السلام: فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وُضِع بين يديه طعامٌ إلّا بكى، حتّى قال له مولىً له: جُعلتُ فداك يا ابنَ رسول الله، إنِّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنّما أشكو بثِّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إنِّي لم أذكُر مصرعَ بني فاطمة إلَّا خنقَتني لذلك عبرَة».

 الإمام الرضا عليه السلام:

* «إنّ عليّ بن الحسين عليه السلام لمّا حضرته الوفاة أُغمِي عليه، ثمَّ فتح عينيه وقرأ (إذا وقعت الواقعة)، و(إنّا فتحنا لك)، وقال: ﴿..الحمد لله الذي صدَقَنا وعدَه، وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء، فَنِعمَ أجر العاملين﴾ الزّمر:74، ثمّ قُبض من ساعته ولم يقل شيئاً».

 في كربلاء:

رافق زين العابدين أباه الحسين عليه السلام في رحلته من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى كربلاء حيث وقعت المذبحة وكان وقتها مريضا وقد أنهكته العلة.

وبالرغم من ذلك فقد نهض من فراشه ليشترك في القتال بعد أن رأى والده وحيدا.

ولكن الحسين عليه السلام قال لأخته زينب:

"احبسيه لئلا ينقطع نسل آل محمد"

وكان مرضه في تلك الأيام لطفا من الله ليبقى ويفضح جرائم يزيد.

 الأَسْـر:

هجم جنود ابن زياد على الخيام بعد أن قتلوا سيّدنا الحسين عليه السلام وأرادوا أن يقتلوا زين العابدين عليه السلام وكان عمره حينذاك 23 سنة.

ولكن عمّته زينب اعترضتهم بشجاعة وقالت: "إذا أردتم قتله فاقتلوني قبله"

فقيّدوا يديه وأُخذ مع بقيّة الأسرى إلى الكوفة.

كان موقف زينب وزين العابدين عليه السلام وبقيّة الأسرى شجاعا للغاية وكانوا ينددون بجرائم يزيد وعبيد الله بن زياد ومواقف أهل الكوفة المخزية.

وعندما وصل موكب الأسرى الكوفة و تجمّع أهلها حولهم كان زين العابدين عليه السلام مقيّدا بالسلاسل والدماء تجري من رقبته فأشار على الناس بالسكوت ثمّ خطب قائلا:

"أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنا ابن من انتهكت حرمته وسلبت نعمته وانتهب ماله وسبي عياله أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخراً.

أيها الناس ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه فتبّاً لكم لما قدّمتم لأنفسكم. بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله؟ إذ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي".

 في قصر الإمارة:

أمر عبيد الله بن زياد بإحضار الأسرى وكان يتوقّع أن يرى آثار الذلة على وجوههم.

وفوجئ بنظرات كلها استصغار واحتقار رغم منظر الجلاّدين حولهم التفت ابن زياد إلى الإمام زين العابدين عليه السلام وقال: ما اسمك؟

أجاب الإمام: "أنا عليّ بن الحسين".

فقال ابن زياد بخبث: أولم يقتل الله عليّا؟

قال الإمام بثبات:

"كان لي أخ أكبر منّي يسمّى عليّا قتله الناس"

قال ابن زياد بغضب: بل الله قتله.

قال الإمام بدون اكتراث: "الله يتوفّى الأنفس حين موتها وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله".

فاسشتاط ابن زياد غضبا وأمر بقتل الإمام.

وهنا تدخّلت عمّته زينب وقالت: "حسبك يابن زياد من دمائنا ما سفكت وهل أبقيت أحدا؟ فان أردت قتله فاقتلني معه".

وقال السجّاد بشجاعة: "أما علمت بأن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ".

فتراجع ابن زياد وأصدر أمره بترحيل الأسرى إلى الشام.

 إلى الشـام:

وصل الأسرى إلى الشام في حال يرثى لها وكان زين العابدين عليه السلام مازال مقيّدا بالسلاسل.

كان يزيد بن معاوية قد أمر بتزيين مدينة دمشق وإظهار الفرح احتفالا بقتل الحسين عليه السلام وكان أهل الشام قد خدعهم معاوية ورسم لهم صورة مشوّهة عن أولاد علي عليه السلام .

وعندما وصل الأسرى دمشق تقدّم شيخ إلى الإمام زين العابدين وقال له : الحمد لله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم.

أدرك الإمام أن هذا الرجل يجهل الحقيقة فقال له بهدوء:

"يا شيخ أقرأت القرآن؟"

قال الشيخ: بلى.

قال الإمام: "أقرأت قوله تعالى:

"قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"

وقوله تعالى: "وآت ذا القربى حقّه"

وقوله تعالى:

"واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى".

فقال الشيخ: نعم قرأت ذلك.

فقال الإمام: "نحن والله القربى في هذه الآيات".

ثم قال الإمام: "أقرأت قوله تعالى:

"إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا".

قال الشيخ: نعم.

فقال الإمام: "نحن أهل البيت يا شيخ".

قال الشيخ مدهوشاً : بالله عليك أنتم أهل البيت.

فقال الإمام: "نعم وحق جدّنا رسول الله نحن هم من غير شك".

هنا ألقى الشيخ بنفسه على الإمام يقبّله وهو يقول: أبرأ إلى الله ممّن قتلكم.

وعندما وصل الخبر إلى يزيد أمر بإعدام الشيخ.

الإمام و يزيد:

أمر يزيد بإدخال الأسرى مربوطين بالحبال وكان منظرهم مؤلما.

قال زين العابدين عليه السلام:

"ما ظنّك يا يزيد برسول الله وأنا على مثل هذه الحالة".

فبكى الحاضرون.

وصعد أحد الجلاوزة على المنبر بأمر يزيد وراح يسبّ عليا والحسن والحسين عليهم السلام ويثني على معاوية ويزيد.

فالتفت الإمام وخاطبه غاضبا: "ويلك أيها المتكلّم لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوّأ مقعدك من النار".

ثم التفت إلى يزيد وقال: "أتسمح لي أن أصعد هذه الأعواد وأتكلّم بكلمات فيها لله رضا و لهؤلاء الجلوس أجرا وثواب؟".

رفض يزيد وقال: إذا صعد المنبر لا ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان.

وبعد إلحاح الناس وافق يزيد.

فصعد الإمام المنبر وبعد أن حمد الله وأثنى عليه قال: "أيها الناس أعطينا ستا و فضّلنا بسبع : أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين وفضّلنا بأن منّا النبيّ المختار ومنّا الصدّيق ومنّا الطيّار ومنّا أسد الله وأسد رسوله ومنّا سيّدة النساء ومنّا سبطا هذه الأمة . 

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا ابن مكة ومنى أنا ابن زمزم والصفا أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى أنا ابن من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى أنا ابن محمد المصطفى أنا ابن علي المرتضى".

وراح الإمام يستعرض نسبه الطاهر حتى وصل إلى وصف تفاصيل مذبحة كربلاء.

وقد أثار الخطاب ثم الحوار الذي دار بين الإمام ويزيد رد فعل في أوساط الناس وغادر بعضهم المسجد احتجاجا على سياسة يزيد.

خاف يزيد انقلاب الأوضاع في الشام فأمر بإعادة الأسرى إلى المدينة المنوّرة.

الإمام و هشام:

توفي عبد الملك بعد أن وطّد الحكم لخلفه هشام وقد حجّ هشام هذا وطاف حول البيت وحاول استلام الحجر الأسود فأخفق من شدّة الزحام فجلس ينتظر ووقف حوله أهل الشام وفي هذه الأثناء أقبل الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يفوح طيبا فطاف بالبيت فلمّا وصل إلى الحجر الأسود انفرج له الناس ووقفوا له إجلالا و تعظيما حتى إذا استلم الحجر الأسود وقبّله وانصرف عاد الناس إلى طوافهم.

كان أهل الشام لا يعرفون الإمام وعندما رأوا ذلك المشهد تساءلوا عن هويّة ذلك الرجل فتظاهر هشام بأنه لا يعرفه وقال باستياء: لا أعرفه.

وكان الفرزدق الشاعر حاضرا فارتجل قصيدة تعدّ من روائع الأدب العربي إذ قال جوابا على سؤال الشامي من هذا:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلّهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة أن كنت جاهله

بجـده أنبـياء الله قد ختـموا

وقد انزعج هشام لموقف الفرزدق فأمر بإلقائه في السجن ولكنه أطلق سراحه خوفا من لسانه.

وقد أرسل الإمام هديّة إلى الفرزدق تثمينا لموقفه وقد قبلها الفرزدق تبرّكا بها. 

آثاره

ترك الامام (ع) ثروة كبيرة من العلم والحكمة ومن اهم ما يذكر به الامام :

الصحيفة السجّاديّة: وقد أرسل أحد الأعلام نسخة من الصحيفة مع رسالة إلى العلامة الشيخ الطنطاوي المتوفّى عام 1358هـ.) صاحب التفسير المعروف، فكتب في جواب رسالته: ومن الشقاء أنّا إلى الآن لم نقف على هذا الأثر القيّم الخالد في مواريث النبوّة وأهل البيت، وإنّي كلّما تأمّلتها رأيتها فوق كلام المخلوق، ودون كلام الخالق

وكان المعروف بين الشيعة هو الصحيفة الأولى التي تضمّ واحداً وستّين دعاءً في فنون الخير وأنواع السؤال من الله سبحانه، والتي تُعلّم الإنسان كيف يلجأ إلى ربّه في الشدائد والمهمّات، وكيف يطلب منه حوائجه، وكيف يتذلّل ويتضرّع له، وكيف يحمده ويشكره. غير أن لفيفاً من العلماء استدركوا عليها فجمعوا من شوارد أدعيته صحائف خمسة آخرها ما جمعه العلامة السيد محسن الأمين العاملي(قدّس سرّه

ولقد قام العلامة السيد محمد باقر الأبطحي ـ دام ظله ـ بجمع جميع أدعية الإمام الموجودة في هذه الصحف في جامع واحد، وقال في مقدّمته

وحريّ بنا القول إن أدعيته (ع) كانت ذات وجهين: وجه عباديّ وآخر اجتماعيّ يتّسق مع مسار الحركة الإصلاحية التي قادها الإمام(ع) في ذلك الظرف الصعب، فاستطاع بقدرته الفائقة المسدّدة أن يمنح أدعيته ـ إلى جانب روحها التعبديّة ـ محتوىً اجتماعياً متعدّد الجوانب، بما حملته من مفاهيم خصبة، وأفكار نابضة بالحياة، فهو (ع) صاحب مدرسة إلهية، تارة يعلّم المؤمن كيف يمجّد الله ويقدّسه، وكيف يلج باب التوبة، وكيف يناجيه وينقطع إليه، وأخرى يسلك بها درب التعامل السليم مع المجتمع، فيعلّمه أسلوب البر بالوالدين، ويشرح حقوق الوالد والولد، والأهل، والأصدقاء والجيران، ثم يبيّن فاضل الأعمال وما يجب أن يلتزم به المسلم في سلوكه الاجتماعي، كل ذلك بأسلوب تعليمي رائع بليغ

وصفوة القول: إنها كانت أسلوباً مبتكراً في إيصال الفكر الإسلامي والمفاهيم الإسلامية الأصيلة إلى القلوب الظمآى، والأفئدة التي تهوي إليها لتقتطف من ثمراتها، وتنهل من معينها، فكانت بحقّ عمليّة تربوية نموذجية من الطراز الأول، أسّس بناءها الإمام السجاد(ع) مستهلماً جوانبها من سِـير الأنبياء وسنن المرسلين .

رسالة الحقوق:

للإمام السجّاد رسالة تدعى رسالة الحقوق وهي تشمل على خمسين مادة توضّح ما يجب على الإنسان من حقوق تجاه ربه وتجاه نفسه وتجاه جيرانه وأصدقائه يقول فيها عن حق المعلّم من حقه عليك التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع ولا ترفع في وجهه صوتك وتستر عيوبه وتظهر مناقبه .

وقد أراد(ع) أن يثقّف الأمة بالحقوق الشرعيّة التي تترتب على كلِّ إنسان تجاه الإنسان الآخر، حتى يتوازن الناس في علاقاتهم ببعضهم البعض، بحيث يعرف كلُّ إنسان حقوقه وحقوق الآخرين؛ مع نفسه وأمه وأبيه وزوجته وأولاده، والمحكوم مع الحاكم، والمعلّم والمتعلّم، ومع المسلمين كافة، ومع أهل الذمة، وما له وما عليه..

 .. وخلاصة (رسالة الحقوق) تعبّر عن أنَّ الإنسان في الحياة هو إنسانٌ مسؤول، فالمسؤولية تحيط به من بين يديه ومن خلفه، وعند يمينه وشماله، وفي موقفه بين يدي ربِّه.. ونقرأ في هذه الصفحات شيئاً ممّا ذكره الإمام(ع) من حقوق الإنسان على نفسه.

حقّ النفس عليك

يقول الإمام زين العابدين(ع): "وأمَّا حقُّ نفسك عليك، أن تستعملها بطاعة الله عزَّ وجلَّ، فتؤدي إلى لسانك حقَّه، وإلى سمعك حقَّه، وإلى بصرك حقَّه، وإلى يدك حقَّها، وإلى رجلك حقَّها، وإلى بطنك حقَّه، وإلى فرجك حقَّه، وتستعين بالله على ذلك".

حقُّ اللسان

"أمَّا حَقُّ اللسان فإكرامُه عن الخَنَا ـ والخنا هي كلمات الغش والسباب والشتائم ـ وتعويده على الخير ـ بأن تدرّب لسانك على أن يقول كلمة الخير في كلِّ مواقعها، في نفسك وفي الآخرين ـ وحمله على الأدب ـ أي أن تحمله على الكلمات التي تمثّل أدبك مع ربِّك ومع الناس ومع كلِّ ما حولك، وذلك بأن تتكلّم الكلمات التي تفتح عقول الناس وقلوبهم عليك، ولا تثير حساسياتهم ولا تعمل على إثارة حالة الأذى في أنفسهم ـ وإجمامُه إلاّ لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا ـ أي أن تمسك لسانك إلا لموضع حاجة، ليكن الصمت هو الطابع، إلاَّ أن تكون الكلمة محلّ حاجة لك أو للآخرين، أما إذا كانت الكلمة لا تمثّل حاجةً لك في أمورك الخاصة والعامة ولا للاخرين ولا للرسالة، فأمسك لسانك عن لغو الكلام الذي لا يفيد ولا ينفع ـ وإعفاؤه عن الفضول ـ أي الكلام الذي لا داعي له ولا معنى  ـ الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن شررها ـ أي الكلام الذي يمكن أن يؤدي إلى شرّ وإلى إضرار بالآخرين ـ مع قلّة عائدتها وبعض شاهد العقل والدليل عليه، وتزيّن العاقل بعقله حُسْنُ سيرته في لسانه" يعني ما يمثّل العاقل في عقله ويكون زينةً له في عقله، وما دلَّ الدليل والعقل عليه، هو أن يكون الإنسان حَسَن السيرة في مجتمعه مع الآخرين، حَسَن السيرة في لسانه..

وخلاصة الفكرة أن تعرف ـ أيها الإنسان ـ أنَّ الله أنطق لسانك من أجل أن تستعين به على قضاء حاجات الآخرين، وعلى أن تستعمله من أجل المزيد من الخير والهداية للنّاس، وإدخال السرور عليهم، ولا تستعمله في ما يضرّهم ويؤذيهم ويضلّهم..

شهادته:

في 25 محرم سنة 95 للهجرة استشهد الإمام السجّاد بعد أن دسّ له هشام بن عبد الملك السم في طعامه وتوفّى وله من العمر 57 سنة ودفن في البقيع إلى جانب قبر عمّه الحسن بن علي عليهما السلام.

من كلماته المضيئة:

قال لابنه الباقر عليهما السلام:

"يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم في الطريق.. إياك ومصاحبة الكذّاب فإنه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة وما دونها وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك فيما أنت أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضّرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله"

"يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره". 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/03   ||   القرّاء : 7292


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net