هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  خصائص شهر رمضان وأسراره

 سعة وأهمية وتأثير إقامة العزاء لسيد الشهداء

  زلل الفكر في رأي القرآن

 كيف نشأت المجالس والمآتم؟

 قراءة القرآن على الميت جائزة

 من دروس عاشوراء: تحمّل المسؤولية

 هيئة علماء بيروت تنعى السيد الحكيم

 هيئة علماء بيروت تشيد بالرد الحاسم على الاعتداء الأميركي

 هيئة علماء بيروت تدين الاساءة الى المقدسات

 حوار لمجلة اللقاء مع سماحة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حفظه المولى

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047328

  • التاريخ : 29/03/2024 - 12:58

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : فكر .

              • الموضوع : معرفة مقامات أهل البيت عليهم السلام ... وقفات مع الزيارة الجامعة .

                    • رقم العدد : العدد السابع والعشرون .

معرفة مقامات أهل البيت عليهم السلام ... وقفات مع الزيارة الجامعة

 معرفة مقامات أهل البيت عليهم السلام ... وقفات مع الزيارة الجامعة

 

حملة كتاب الله

آية الله الشيخ عبد الله جوادي آملي

كلمة "حملة " جمع "حامل" اسم فاعل للفعل "حمل" على وزان كسبة وكاسب ومعنى "الحمل" في اللغة إقلال الشيء([1]). وقال بعضهم إنه بمعنى إقلال الشيء وحمله([2]). وعليه فإن من يطيق رفع الشيء من الأرض وينقله من مكانه فهو يستخف وزنه، ولولا ذلك لم يهم بحمله ولم يغامر برفعه، ولكان حاله كحال السماوات والأرض والجبال، اللاتي خشين من حمل الأمانة الإلهية: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان}([3])، ولكن الإنسان لما لم ينتابه الخوف حملها.

ويقال للقبول والحميل تحملا واحتمالاً، فمعنى الآية: {فاحتمل السيل زبداً رابياً}([4]) أن السيل احتمل على ظهره وقبله حمولة، ومن يحمل شيئاً فسعته الوجودية لن تكون أقل من محموله.

ولكلمة "حمل" مفهوم كلي عام، وإطلاقه من جهات عدة:

1-  إن الحامل قد يكون إنساناً، أو حيواناً، أو نباتاً، أو جماداً، أو ملَكاً.. أو غير ذلك.

2-  المحمول قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً.

3-  الحِمل قد يكون على الظهر أو على الرقبة، وقد يكون في البطن، وقد يكون على ما شابه ذلك، (ويدل على ذلك اختلاف حركتي الفتح والكسر).

مما سبق بيانه يتضح أن تعلّم أمر ما والتبحّر فيه يعتبر تحمّلاُ أيضاً، من هنا وصف القرآن الكريم علماء التوراة بالحملة، فقال تعالى: {مثل الذين حُمّلوا التوراة}([5])، وسمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علماء القرآن بذلك أيضاً، فقال: "أشرف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل"([6])، وقال: "حملة القرآن أهل الجنة"([7]).

وكلمة "كتاب" مصدر ثلاثي مجرد، ومادته "كتب" وتطلق هذه الكلمة غالباً على النصوص المخطوطة يدوياً أو المكتوبة بالآلة الطابعة، والمعنى اللغوي لكلمة "كتب" هو تثبيت الشيء وتقريره بما يناسبه من الأسباب، فالعلوم والدعاوى والعهود والعقائد وما شابه تثبت وتوثق بالنصوص الحرفية المكتوبة، وهناك أمور أخرى يتم تثبيتها بما يناسبها، ويسمى الحكم والقضاء والتقدير والفرض "كتابة" لأن فيها تقريراً وإثباتاً لوجود شيء.

والتثبيت تارة يكون بكتابة الحروف، كما في آية: {وليكتب بينكم كاتب بالعدل}([8])، وتارة يكون بالحكم والفرض كما في آية: {كتب عليكم الصيام}([9])، وتارة يكون بتقدير وتعيين المصير والعاقبة، كما في آية: {ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم}([10])، وتارة يكون بمعنى الوصف والذات، كما في آية: {كتب على نفسه الرحمة}([11])، بمعنى أن الرحمة هي مقتضى الذات الإلهية والمناسبة لما هي عليه([12])، وعليه فعنوان "الكتاب" ليس مقتصراً على الأمر المادي، بل يستعمل في كل ما تثبت فيه الأشياء وتجمع، سواء كانت مادية أم معنوية.

وإذا ما أطلق عنوان "الكتاب" على مجموع ما بين الدفتين، الأعم من المكتوب وغيره، فمن باب المبالغة، لأن الأوراق نفسها ليست هي المقصودة، بل العلوم المكتوبة فيها([13]).

والحاصل: إن فائدة الكتاب والغرض منه ضبط وحفظ مجموعة من المعاني فيه بحيث يكون الكتاب تحت تصرف كاتبه أو غيره، ويستطيع الرجوع إليه متى ما شاء.

 

معاني واستعمالات "الكتاب" في القرآن الكريم

جاءت كلمة "الكتاب" في القرآن بمعاني عدة:

أ‌-     بمعنى مجموعة التعاليم والمفردات الموحاة إلى الأنبياء أولى العزم وأصحاب الشرائع، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى والرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين([14])، قال تعالى فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق}([15]).

وأما الوحي غير المشتمل على أحكام وتعاليم، فله عناوين أخرى، مثل الزبور: {وآتيانا داوود زبوراً}([16])

ب‌-ما تثبت فيه العقائد والأخلاق وأعمال العباد، ويستفاد من مجموع الآيات القرآنية أن ذلك على أقسام ثلاثة:

1- الكتاب الشخصي: وهو الخاص بكل فرد فرد، قال تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً}([17])، وقال: {فأما من أوتي كتابه بيمينه}([18])

2-  الكتاب العام، وهو الخاص بكل أمة أمة، قال تعالى: {كل أمة تدعى إلى كتابها}([19])

3-  الكتاب الكلي الأعم، وهو يشمل الخلائق كلهم، قال تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه}([20])، وقال أيضاً: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق}([21]).

وهذا الكتاب ينقسم إلى كتاب أبرار وكتاب فجار([22])، وهو ليس على شاكلة الكتب المعهودة في أذهاننا، بل هو متن العقائد والأخلاق والأعمال، متمثلة في صورها الخاصة.

ج- الحقيقة المندرج فيها تفصيل نظام الوجود بكل جزئياته ودقائقه، وهو مما ورد في آية: {وعندنا كتاب حفيظ}([23])، وآية: {...ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}([24])، ويعبر عن هذه الحقيقة في بعض مراتب العلم الإلهي باللوح المحفوظ وغيره.

د- وثيقة النكاح وسند التجارات التي يكتبها البشر فيما بينهم، نحو آية: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله}([25])، وآية: {وليكتب بينكم كاتب بالعدل}([26])، وآية: {إني ألقي إليّ كتاب كريم}([27])، وآية: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم}([28]) وهذا القسم غالباً ما يكون مقروناً بالقرينة([29]). مع العلم أنّ المعنى اللغوي ينطبق على هذه الأقسام كلها.

والتأمّل في موارد الاستعمال القرآني لكلمة "كتاب" يهدي إلى استعمالها فيه بمعنى الكتاب التكويني تارة، وبمعنى الكتاب التدويني تارة أخرى.

 

حملة الكتاب الإلهي

تفيد جملة "كتاب الله" أن ّ هذا الكتاب يحتوي الأقسام المذكورة كلها، لإطلاقها وعدم وجود قيد مخرج لبعض الأقسام.

والمراد من تحمّل كتاب الله في هذه الفقرة منحصر في معنى العلم به ومعرفة مدلولاته حق المعرفة، والإحاطة الكاملة بأبعاده المعرفيّة، لأنّ التحمّل بمعنى الحمل الحسّي باليد أو بوضعه على الظهر أو الرأس وما شابه ذلك ليس بالأمر المهم، وليس فضلاً يستحقّ التمجيد، كي يُذكر في عداد الفضائل والكمالات الإنسانية العالية، علاوةً على أنّه كيف يمكن تناول العلم الإلهي أو صحيفة أعمال الخلق باليد أو وضعهما على الرأس، وهما ليسا من قبيل الكتب المادية المعروفة لدينا؟ بل وحتى كتاب التدوين التشريعي كذلك، فإنّه ليس من قبيل الكتب المادية، اللهم إلا في مرحلة الوجود الكتبي البشري.

وعليه فحامل الكتاب الإلهي التدويني والتكويني على السواء، يجب أن يكون محيطاً إحاطة تامة بمعارفهما وعلومهما، وهذا لا يتيسر إلا للإنسان الكامل المعصوم، وذلك للتالي:

أولاً: إنّ معرفة الأئمة بكتب التدوين من قرآن وغيره من الكتب السماوية، من صميم عقائد الإمامية القطعية والمسلّمة، فهم عليهم السلام ليسوا مفسّرين ومعلّمين للقرآن وحسب، بل إنهم متحدو الحقيقة معه، طبقاً لمفاد حديث الثقلين، ولم ولن ينفصلوا عنه في كل النشآت، والمغايرة الظاهرة بينهما أنما هذه من مقتضيات هي النشأة المادية، وإلا فقد كانا في النشآت القبليّة شيئاً واحداً، ولسوف يعودان بعد هذه النشأة حقيقة واحدة، كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تارك فيكم الثقلين.. لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوص"([30])، وقال: "عليٌّ مع القرآن والقرآن معه، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض"([31]).

وقد أكّد القرآن على علمهم بحقيقته في آية: {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}([32])، وورد في تفسير هذه الآية عن الإمام الباقر عليه السلام: "إيانا عنى، وعليٌّ أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي"([33])

 وفي الرواية عنه أيضاً أنه قال: "ما ادّعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كله كما أُنزل إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام"([34])

وقال الإمام الصادق عليه السلام: "والله إني لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنه في كفّي"([35])

ثانياً : من العقائد القطعية عند الإمامية أيضاً علم الأئمة عليهم السلام بكتاب أعمال الخلق فهم يرون أعمالهم في دار الدنيا، ويشهدون عليهم أمام محكمة العدل الإلهية في الآخرة .

ومن الأعمال المشهودة للأئمة عليهم السلام الكتابات البشرية، فإنّ ما يخطّه البشر داخل في القسم الثاني من معاني "الكتاب" الواردة في القرآن، وهو ـ كما عرفت ـ صحيفة أعمال العباد كلهم، لأنّ "الأعمال" يراد منها الأعمّ من الكتابة والتكلم والسلوك وغير ذلك، وهي كلها منظورة للأئمة عليهم السلام.

ثالثاً: إنّ علم الأئمة عليهم السلام بالغيب ـ وهو أيضاً من المعتقدات الأساسية للإمامية غير القابلة للنقاش ـ عبارة أخرى عن علمهم بكتاب العلم الإلهي، ضمن الحدّ المأذون فيه من قِبل الله تعالى.

ثمّ إنّه قد ورد عنوان "الحمل" في القرآن بمعنى العمل الخارجي، كما في آية: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً}([36])، فكلمة "حملوا" هنا بمعنى عُلّموا وأُمروا، وعبارة "لم يحملوها" بمعنى لم يعملوا بها، وكلمة "يحمل" بمعنى رفع الشيء المحمول باليد وما شابه.

بناء على هذه الاستعمالات القرآنية، قد يكون معنى "حملة كتاب الله" العاملين بكتاب الله، لكن لا بمعنى العمل الظاهري به، فإنّ العمل بظاهره أمر ممكن لكثير من الناس، بل بمعنى أنهم عاملون به في جميع مراتبه، الظاهرية والباطنية.

إنّ القرآن عصارة نظام الوجود، بمعنى أنّه إن اختُزل هذا النظام الوجودي بأكمله فيستبدّل إلى هذا الكتاب، وإن فُصّل هذا الكتاب فيستبدل إلى هذا النظام، وهذا معنى اتحاد الكتاب التكويني مع التدويني، كما أنّ هوية الإنسان الكامل المعصوم لو ظهرت في صورة كتاب تدويني لتجلّت في القرآن الكريم، ولو أنّ القرآن تمثّل في صورة إنسان كامل لتجلّى في شخص الرسول الكريم، وأهل بيت العصمة، فالقرآن الحكيم بيانٌ جامعٌ بين الإنسان والكون.

 

إشارات

1- القيمة الذاتية أو العرضيّة للحمل

يكتسب "الحمل" أهميته وحرمته من عظمة المحمول وقيمته، فإن كان المحمول من قبيل الوزر أو الخطأ أو النميمة وما شابه فالحمل مذموم، كما في الآيات

 {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهمْ} ([37])  

{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة}([38])

 {وامرأته حمّالة الحطب}([39])

 

 وإن كان المحمول من قبيل المعرفة والحكمة فالحمل ممدوح، كالحمل الوارد في فقرة "حملة كتاب الله" وقوله تعالى {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}([40])، و {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم}([41]).

2- الشرط في حمل لواء الوحي وراية الدفاع

إنّ وجود رجل مجاهد وبصير أمر ضروري في حمل راية الدفاع، ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يحمل هذا العَلَم إلا أهل البصَر والصبر والعلم بمواضع الحق"([42])، وإنّ وجود رجل متفوّق في العلم والتُقى العملي ضروري لتحمّل الوحي والإلهام، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة، وأحلام رزينة"([43])، ذلك أنّ الإيمان الخالص الكامل ضروري في فهم مضمون الوحي، والعمل بحكمه وصيانة معارفه من آفة الشبهات، وحياطة حدوده العملية من خطر الفتن، والسعي في نشر غرره ليأمن من النسيان وعاديات الزمان، ولئلا يظن ظانٌ بأنّ وقته قد انقضى وفات.

والإيمان الخالص هو عصارة الحكمة النظرية والعملية من جهة، وعجين العقل النظري والعملي من جهة أخرى.

3- التفاعل المتبادل بين الحامل والمحمول

قد يكون بين الحامل والمحمول تفاعل متقابل، بمعنى أن الحامل يتحمل ثقل المحمول ويصونه ويضعه في مكانه المناسب، والمحمول أيضاً بدوره يحتمل حامله ويحفظه وينقله إلى مقام أرفع، إن القرآن الكريم حبل إلهي، والاعتصام بهذا الحبل المرير حياتيّ، لأنه لم يسقط حين إسقاط المطر على الأرض، بل دُلّي من السقف الربوبي وتدلّى من جانب العرش الإلهي الأبدي، فالتمسك به سبب للصعود فيكون المتمسك به محمولاً.

علماً بأنّ التمسّك به يعدّ حملاً له في نفسه ، فالمعتصم به حامل ومحمول، بمعنى أنه كلما عمل المتمسك بشيء منه اعتلى درجة ، وعليه فإن حمل القرآن من سنخ الحمل التفاعلي المتبادل، وهو بذلك يعكس قاعدة كلية للكرم الإلهي، وهي قاعدة: {لئن شكرتم لأزيدنكم}([44])، لأن حفظ العطية الإلهية ومعرفة حقها ورعاية حرمتها والعمل بها سبب لزيادة النعم، وفيض الله تعالى يكون عن إرادته التي لا يحدّها شيء، فلا خشية من نفاد فيضه وانحسار كرمه، بل "لا تزيده كثرة العطاء إلا جوداً وكرماً"([45]).

4- حمل القرآن توفيق خاص

إن حمل معاني القرآن الكريم من نعم الله المعنوية، وهو لا يكون إلا بتوفيق خاص منه سبحانه، وطلب هذا التوفيق من أحسن أدعية العباد الصالحين السالكين، لأن تحمل معانيه واحتمال معارفه لم تطقه الجبال الراسيات وأشفقن من حمله، ومن يروم عملاً يفوق طاقة الجبل عليه أن يعدّ له قوة ما استطاع، لتكون قدرته فوق كل قدرة، ومن هذا المنطلق كان من دعاء الإمام السجاد عليه السلام لحملة القرآن: "اللهم..واجعل القرآن... حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه التي ضعفت الجبال الراسيات على صلابتها عن احتماله"([46])

5-  الإمام المعصوم عِدل القرآن.

6-  القرآن والإمام وجهان لواقع واحد، ومظهران لحقيقة فرد، والإنسان الكامل قرآن ممثّل والقرآن إنسان كامل مدوّن.

الإمام قرآن عيني والقرآن إمام علمي، الإمام قرآن ناطق والقرآن إمام صامت الإمام صراط عيني، والقرآن صراط علمي.

 

 

 

 

7-  المعيّة في جميع المراحل.

لا يقتصر اتحاد القرآن العلمي والقرآن العيني على بعدٍ واحد فقط، بل إنهما متحدان في الأبعاد كافة، وهذه المعية المطلقة والشاملة مستفادة من حديث الثقلين المعروف، الوارد بعبارات مختلفة في صحاح أهل السنة، فقد جاء فيه على لسان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تارك فيكم ثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني في عترتي"([47]).

وقوله: "لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" بمعنى أنّ هذين الثقلين العظيمين لن ينفصلا عن بعضهما في أي مرحلة من مراحل العينية ولا في أي بُعد من الأبعاد العلمية، ولو كان ذلك حاصلاً وممكناً لاستثناه الحديث.

وجاء في هذه الرواية أنّ: "أحدهما أعظم من الآخر" وفي بعض الروايات: "أحدهما أكبر من الآخر"([48])، ولذا يعبّر عن القرآن الكريم بالثقل الأكبر وعن الأئمة المعصومين بالثقل الأصغر، ولكنّ النظر في هذه العناوين إلى نشأة الطبيعة الدنيا، التي هي نشأة التكليف، فإن الأئمة المعصومين مكلّفون في هذه النشأة بحفظ وصيانة القرآن وإن بحياتهم، غير أن هذا ليس دليل علو مكانته على مقاماتهم الشامخة، كما أن الكعبة والحجر الأسود ليسا بأفضل منهم، وإن كان تكليفهم الشرعي يتطلب الطواف حولها واستلامه.

وإنما أنيطت هذه الوظيفة بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام لأن لهم آجالاً مُلكيّة مقدرة، وأبدانهم عرضة للآفات كغيرهم من البشر: {إنك ميت وإنهم ميتون}([49])، وبعبارة أخرى: إن حفظ أبدانهم من البلايا خلاف مقتضى التكليف، لكن حفظ القرآن ـ حتى في مرتبة وجوده اللفظي والكتبي ـ أحد أبعاد إعجازه، وعليه فإذا افترض لزوم كون أحدهما فداء للآخر فالمناسب أن يكون ذو العمر الفاني ـ وهو بدن الإمام ـ فداء للخالد الباقي، من هنا صار أحدهما في نشأة الطبيعة ثقلاً أكبر والآخر ثقلاً أصغر، ويجب على الثقل الأصغر المجاهدة في سبيل إحياء الثقل الأكبر والتضحية في سبيل إقامته، وإن ببذل المهجة.

إن الإنسان الكامل ـ وأهل بيت العصمة والطهارة المثال الأمثل له ـ  لن يكون أبداً أقل رتبة من القرآن الكريم في جامعيته للكمال والجمال، وإلا لحصل بينهما الافتراق بمقدار التفاوت الرتبي، والحال أن إطلاق النصوص المتواترة ينفي مطلق الافتراق.

إن هذه المعية والتطابق بين القرآن الناطق والإمام الصامت تفيد أن البشرية بحاجة دائمة وأبدية إلى إمامة وإرشاد القرآن والعترة في بعدي العلم والعمل، وإلى أن ينقضي عمر البشرية لن يوجد مذهب فكري إلا وهو بحاجة لعرض رؤيته عن العالم على القرآن والعترة، وكل توجه فكري لا بد أن يقر أو ينكر من قبل هذين الثقلين.

تنبيه: بما أن الإنسان الكامل هو الصادر الأول، بل الظاهر الأول فلا يمكن فرض شيء غيره ـ وإن كان صادراً أو ظاهراً في صورة كلام الله ـ إلا وهو مساوٍ له أو أقل منه، ولا يوجد شيء أعلى من الإنسان الكامل، لأنه لا شيء أرقى من الصادر أو الظاهر الأول.

 

_ المقال من كتاب ادب فناء المقربين في شرح الزيارة الجامعة بتصرف



[1] انظر: معجم مقاييس اللغة، مادة"حمل".

[2] انظر: أقرب الموارد ج1 ، مادة"حمل".

[3] سورة الأحزاب، آية رقم:72

[4] سورة الرعد، آية رقم:17

[5] سورة الجمعة، آية رقم:5

[6] كتاب بحار الأنوار، ج89 ص177

[7] المصدر نفسه.

[8] سورة البقرة، آية رقم:282

[9] سورة البقرة، آية رقم 183

[10] سورة التوبة، آية رقم:121

[11] سورة الأنعام، آية رقم:12

[12] الظاهر أن معنى الكتابة في هاتين الآيتين الأخيرتين هو معناها في آية الصيام، فهي فيهما بمعنى الفرض والإيجاب أيضاً، والمعنى: أنهم لا يقطعون وادياً إلا وجب وكتب لهم ثواب ذلك، بقى كلمة "لهم" ولو كانت بمعنى التقدير لقال "عليهم" ولقوله تعالى في الآية نفسها: {ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعلمون} وفي الآية الثانية معناها أنه تعالى أوجب وفرض على نفسه الرحمة(المعرب).

[13] أنظر: التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، مادة "كتب".

[14] {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}الشورى/13

[15] سورة البقرة، آية رقم:213

[16] سورة النساء، آية رقم:163

[17] سورة الإسراء، آية رقم:13

[18] سورة الانشقاق، آية رقم:7

[19] سورة الجاثية، آية رقم: 28

[20] سورة الكهف، آية رقم:49

[21] سورة الجاثية، آية رقم:29

[22] أنظر:سورة المطففين/7و18

[23] سورة ق، آية رقم: 4

[24] سورة الأنعام، آية رقم:59

[25] سورة البقرة، آية رقم:235

[26] سورة البقرة، آية رقم:282

[27] سورة النمل، آية رقم: 29

[28] سورة البقرة، آية رقم:79

[29] أنظر: تفسير تسنيم ج 2 ص 131

[30] كتاب بحار الأنوار ج 22 ص 311

[31] المصدر نفسه، ص 223

[32] سورة الرعد، آية رقم: 43

[33] كتاب أصول الكافي ص 228

[34] المصدر نفسه ص 229

[35] المصدر نفسه.

[36] سورة الجمعة، آية رقم: 5

[37] سورة العنكبوت، آية رقم: 13

[38] سورة النحل، آية رقم: 25

[39] سورة المسد، آية رقم: 4

[40] سورة الحاقة، آية رقم: 17

[41] سورة غافر، آية رقم: 7

[42] كتاب نهج البلاغة، الخطبة 173

[43] كتاب نهج البلاغة الخطبة 189

[44] سورة إبراهيم، آية رقم: 7

[45] كتاب مفاتيح الجنان، دعاء الافتتاح

[46] كتاب الصحيفة السجادية، الدعاء 42

[47] كتاب بحار الأنوار ج23 ص 108، وقد حكى العلامة المجلسي هذه الرواية عن عدد من كتب أهل السنة، فانظر على سبيل المثال: سننن الترمذي ج 5 ح3788

[48] المصدر نفسه ص 106

[49] سورة الزمر، آية رقم:30

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/20   ||   القرّاء : 8096


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net