عقيدتنا في الإمام المهديّ المنتظر عليه السلام :
عقيدتنا في الإمام المهديّ المنتظر عليه السلام :
الإمام المهديّ المنتظر عليهالسلام هو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، الذين نصَّ عليهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وذكرتهم المجامع الحديثية عند الشيعة الإمامية بعددهم وأسمائهم ، واكتفت بعض المجامع الحديثية السنّية بذكر عددهم دون أسمائهم ، كما في صحيحي البخاريّ ومسلم ، في أحاديث الخلفاء اثنا عشر ، وفي بعض الأحاديث يرد ذكر القبيلة التي ينتمي إليها هؤلاء الخلفاء أو الأئمّة ، كقوله صلىاللهعليهوآله : « كلّهم من قريش » مسند أحمد ٥ / ٨٧ ، صحيح البخاريّ ٨ / ١٢٧ ، صحيح مسلم ٦ / ٣
وأيضاً يرد امتداد خلافة هؤلاء الخلفاء حتّى قيام الساعة ، كما في الحديث الذي أورده مسلم في صحيحه : « لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ... » صحيح مسلم ٦ / ٤ ، مسند أحمد ٥ / ٨٩.
ولم يستقم تفسير لهذه الأحاديث الشريفة إلاّ بما تذكره المجامع الحديثية الشيعيّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : بأنّ الخلفاء أو الأئمّة هم اثنا عشر ، أوّلهم علي بن أبي طالب عليهالسلام وآخرهم المهديّ المنتظر عليهالسلام.
ولا يوجد تفسير صحيح عند أيّ من المذاهب الإسلامية لهذه الأحاديث الصحيحة المتظافرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، سوى ما نشهده عند الشيعة الإمامية فقط.
وهذه الأحاديث تذكر : أنّ امتداد خلافة الأئمّة عليهمالسلام تمتد إلى قيام الساعة ، وهو ما يستقيم تماماً وبالشكل الذي يفسّره حديث الثقلين ، بأنّ الكتاب وأهل البيت عليهمالسلام لن يفترقا حتّى يردا على النبيّ صلىاللهعليهوآله الحوض ، وهو كناية عن يوم القيامة ، كما في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه : « إنّي تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » المستدرك ٣ / ١٠٩ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٣٠.
فعقيدتنا في الإمام المهديّ عليهالسلام أنّه مولود في سامراء ، في الخامس عشر من شعبان سنة ٢٥٥ هـ ، وهو ابن الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام ، وهو حيّ غائب ، له غيبتان ، الغيبة الصغرى امتدت ما يقرب من سبعين عاماً ، ابتدأت بعد وفاة والده الإمام العسكريّ عليهالسلام سنة ٢٦٠ هـ. عيّن فيها الإمام المهديّ عليهالسلام أربعة وكلاء كانوا الواسطة بينه وبين شيعته ومواليه في تلك الفترة ، ثمّ خرج توقيع من الإمام المهديّ عليهالسلام على يد الوكيل الرابع علي بن محمّد السمري ، يخبره فيها بوقوع الغيبة الكبرى ، والتي ينتهي أمدها بأمر وإذنٍ من الله تعالى له بالخروج ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت ظلماً وجوراً ، كما هو الوارد في المجامع الحديثية عند الفريقين ، والتي اتفقت على ظهوره عليهالسلام.
فقد روى أحمد بن حنبل بسنده عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لبعث الله عزّ وجلّ رجلاً منّا ، يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً » مسند أحمد ١ / ٩٩.
واسم الإمام المهديّ عليهالسلام هو محمّد اسم النبيّ المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فقد أخرج أبو داود بسنده عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لا تذهب ـ أو لا تنقضي ـ الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي » سنن أبي داود ٢ / ٣١٠.
وقد ذكرت الأحاديث الواردة في خصوص الإمام المهديّ عليهالسلام أنّه سيخرج وهو على هيئة رجل شاب في الأربعين من عمره ، لم تعمل فيه السنين المتقادمة عملها من الهرم والعجز ، وذلك سرّ من أسرار الله في خلقه.
أدلّة على ولادته :
إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين
ثبوت ولادته في روايات متواترة :
ولادته عليهالسلام ثبتت في روايات الشيعة متواتراً ، والتواتر حجّة على الجميع ، وكذلك حديث : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » دليل على وجود الإمام المهديّ في زماننا ، وهذا الحديث رواه الشيعة والسنّة كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٧٢.
وكذلك حديث الثقلين : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (١) ، وعدم افتراقهما يقتضي وجود إمام من العترة.
__________________
١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.
٢٩٨
وللوقوف على ذلك ايضا يراجع كتاب « المهديّ المنتظر في الفكر الإسلامي » ، وكتاب « المسائل العشر » ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :
١ ـ إخبار الإمام العسكريّ بولادة ابنه المهديّ عليهالسلام.
٢ ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهديّ عليهالسلام.
٣ ـ من شهد برؤية المهديّ من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وغيرهم.
٤ ـ شهادة وكلاء المهديّ عليهالسلام ، ومن وقف على معجزاته برؤيته.
٥ ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهديّ عليهالسلام.
٦ ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهديّ عليهالسلام.
٧ ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهديّ عليهالسلام.
٨ ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهديّ عليهالسلام.
٩ ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهديّ عليهالسلام هو ابن العسكريّ.
وللوقوف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهديّ عليهالسلام تراجع الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :
١ ـ « صفة المهديّ » للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ.
٢ ـ « البيان في أخبار صاحب الزمان » للكنجيّ الشافعيّ.
٣ ـ « البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان » للمتّقيّ الهنديّ.
٤ ـ « العرف الوردي في أخبار المهديّ » للحافظ السيوطيّ.
٥ ـ « القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر » لابن حجر الهيتميّ.
٦ ـ « عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر » للشيخ جمال الدين الدمشقيّ.
وإذا أردت التفصيل ، فراجع « منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر » للشيخ الصافيّ.
ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّه عليهالسلام حيّ يرزق ، وما يستلزمه من طول عمره عليهالسلام .
وممن اعترف من علماء السنّة بولادة الإمام المهديّ عليه السلام :
سهل بن عبد الله البخاريّ ، المتوفّى ٣٤١ هـ (٢) ، محمّد بن طلحة الشافعي ، المتوفّى ٦٥٢ هـ(٣) ، سبط ابن الجوزيّ ، المتوفّى ٦٥٤ هـ (٤) ، محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ، المتوفّى ٦٥٨ هـ(٥) ، ابن خلكان ، المتوفّى ٦٨١ هـ (٦) ، عزيز بن محمّد النسفي الصوفي ـ المتوفّى ٦٨٦ هـ ـ في رسالته ، كما في ينابيع المودّة (٧) ، إسماعيل بن علي أبو الفداء ، المتوفّى ٧٣٢ هـ (٨) ، محمّد الذهبيّ ، المتوفّى ٧٤٨ هـ (٩) ، خليل الصفدي ، المتوفّى ٧٦٤ هـ (١٠) ، ، ابن الصبّاغ المالكي ، المتوفّى ٨٥٥ هـ 11 المتوفّى ٩٦٦ هـ ، عبد الوهّاب الشعراني الشافعي ، المتوفّى ٩٧٣ هـ (٢) ، أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ، المتوفّى ٩٧٤ هـ ، ابن عماد الدمشقي الحنبلي ، المتوفّى ١٠٨٩ هـ ، محمّد بن علي الصبّان الشافعي ، المتوفّى ١٢٠٦هـ .
__________________
١ ـ دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٨.
٢ ـ سرّ السلسلة العلوية : ٤٠.
٣ ـ مطالب السؤول ٢ / ١٥٢.
٤ ـ تذكرة الخواص : ٣٢٥.
٥ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٩٧.
٦ ـ وفيات الأعيان ٤ / ٣١.
٧ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٥٢.
٨ ـ المختصر في أخبار البشر ١ / ٣٦١.
٩ ـ العبر في خبر من غبر ١ / ٣٧٣.
١٠ ـ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٤٩.
11 ـ الفصول المهمّة : ٢٩٢.