هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (121)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شهر الدعاء والتضرع الى الله

 ليلة القدر... لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ

 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 الزعم التاريخي لملكية الأرض المقدسة، هل يصمد أمام الأدلة؟؟

  أسرار النجاح وبلوغ الفلاح

 هيئة علماء بيروت تدين بشدة التطاول على سيد المقاومة

  رؤية الإمام عجل الله فرجه الشريف

 بِدءُ الحياة الإنسانيّة

 من أحكام علاقة الرجل بالمرأة

 وصية الإمام علي (ع) لأبنائه وأهل بيته

  مَتى بدأ التشيّع

 التواضع في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام

 أركان السعادة البشرية

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1171

  • التصفحات : 7089120

  • التاريخ : 18/04/2024 - 07:38

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : أسرة .

              • الموضوع : حقوق الأسرة في الإسلام .

                    • رقم العدد : العدد الخامس عشر .

حقوق الأسرة في الإسلام

 

 


حقوق الأسرة في الإسلام


بقلم: الشيخ محمد توفيق المقداد*

للأسرة في التشريع الإسلامي مكانة خاصة ومتميزة، لأنها الركن الأساس في تكوين المجتمع الإسلامي الكبير، وذلك لأن الأسرة هي عبارة عن «الأب والأم والأبناء» وهم الذين يشكِّلون المجتمع الصغير، الذي يقوم فيه كل فرد من أفراده بالمهام المطلوبة منه من أجل الوصول إلى المستوى الذي أراده الإسلام أن يتحقق وهو.. الأسرة المتضامنة والمتكافلة والمتعاونة فيما بين بعضها البعض، والتي تغمر حياتها السعادة والتفاهم والاحترام المتبادل وفق نظم وضوابط الشرع الإسلامي الحنيف.
ولا شك أن الأسرة بهذا المعنى الذي صورناه هو المدماك الأساس لانتاج المجتمع الصالح والملتزم والمتعاون والهادف، لأن المجتمع الكبير ليس إلا عبارة عن تجمع الأسر التي تشكِّل بمجموعها المجتمع الواحد وبعدها المجتمع الإنساني الكبير.
وهذا ينتج عنه أنه كلما كان بناء  الأسرة بناء سليماً صالحاً واعياً وملتزماً كلما حصلنا على مجتمع متجانس ومتكامل ومتضامن، يردف بعضه البعض الآخر، ويكمل بعضه البعض الآخر، ويعرف كل فرد دوره وواجبه في المجتمع الذي يعيش فيه ويشكِّل جزءاً منه، وكلما كان بناء الأسرة بناء غير سليم وغير ملتزم بالضوابط الشرعية والأخلاقية والسلوكية، فهذا يعني أن المجتمع المتشكل من هكذا نوع من الأسر لن يكون موحداً ولا متجانساً ولا متضامناً، بل سيكون متفرقاً ومشتتاً ومبعثراً تتنازعه الأهواء والغايات ويغرق في بحر من المشاكل التي لا يحصد منها إلا الخيبة والحسرة والندامة وضياع الحاضر والقلق من المستقبل كما هو حاصل اليوم في عالم الغرب عموماً الذي دمر الأسرة وشتتها فصار المجتمع مفككاً منحلاً لا يعيش روح الجماعة ولا يهتم الفرد إلا بنفسه ولا ينظر للآخرين النظرة الإنسانية السامية، لأن الروح المادية والعوامل الاقتصادية صارت هي المعيار لقيمة كل فرد في تلك المجتمعات، فتدمّرت القيم الإنسانية والأخلاق الحميدة، وحلَّ محلها الاعتبارات المادية التي تبيح الخروج عن كل الضوابط الإنسانية للوصول إلى الأهداف الدنيوية الرخيصة على حساب الأسرة وروح التعاون والانسجام بين أفراد المجتمع الواحد.
ومن هنا نفهم لماذا اهتم الإسلام بالأسرة وأولاها العناية الخاصة، لأنه يعتبرها صمام الأمان لضمان عدم انحلال المجتمع وتفككه وتقطيع أوصاله.
ولهذا جعل الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقاً يتناسب مع قابلياته ومؤهلاته تارة، أو مع احتياجاته تارة أخرى، لأن الأسرة فيها من يستطيع أن يعطي ما عنده من الخبرة والأهلية لمن يحتاجون إليها، وفيها من هو بحاجة لأن يتعلم ما عليه أن يتعلمه حتى يتمكن من امتلاك المهارات والخبرات المطلوبة لدخول معترك الحياة من موقع العارف والخبير والقادر على التعامل مع كل الأمور التي سيواجهها.
وبالانتقال إلى الحقوق التي حددها الإسلام ضمن الأسرة فهي التالية: «حق الولد» و»حق الزوجة» و»حق الأم» و»حق الأب»، ولكل حق من هذه الحقوق دوره في ضمان بناء الأسرة المؤمنة والملتزمة والمتماسكة.

أولاً: «حق الولد»:
وقد ورد عن الإمام زين العابدينQ عن حق الولد ما يلي (وحق ولدك أن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه) .
وإذا أردنا شرح حق الولد على أبيه يمكن تحديد ما يلي:
1 ـ أن الولد هو جزء من أبيه وهو سبب وجوده في هذه الدنيا، وبالتالي فهو مسؤول عنه في السراء والضراء، فإن كان الولد حسن التربية امتدح الناس أباه الذي أحسن تربيته، وإن كان الولد سيء التربية وجهت الناس اللوم إلى الأب لتقصيره في تأديبه.
2 ـ ربطه بالله سبحانه وتعالى من خلال تعليمه الأحكام الشرعية التي تجعله يضع قدماً في خط الإيمان والارتباط بالله عزَّ وجلَّ، من خلال تعليمه الصلاة والصيام، وكل مفردات الإيمان بالله الواحد الأحد، والتوكل عليه واستمداد العون والقوة منه، وأن يستعمل الأب كل وسائل الترغيب والتشجيع ليسير ولده على الصراط المستقيم الذي يضمن عدم انحرافه في المستقبل عندما ينخرط في أمور الحياة ومع المجتمع.
3 ـ إن تربية الابن مسؤولية كبيرة ألقاها الإسلام على عاتق الأب خصوصاً لأنه المسؤول الأول والأخير عنه، فإن أحسن تربيته وتأديبه كان له الأجر والثواب العظيمان عند الله لأنه حفظ ولده وصانه من الضياع وقام بواجبه كما ينبغي، وأما إذا أهمله أو لم يُحسن تربيته كما هو المطلوب فهو معاقبٌ عند الله لأنه فرَّط في حفظ ولده، ولم يعلمه ويؤدبه بالشكل الذي يصونه ويحميه في المستقبل، وهذا قد يؤدي إلى ضياع الابن وانحرافه مع ما يترتب على ذلك من مفاسد ومشاكل أخلاقية وسلوكية وإيمانية.
وبالإجمال فإن الولد أمانة في يد الأب، وعلى الأمين أن يتعامل مع الأمانة كما أراد الله، فلا يتعدى ولا يفرط، خصوصاً أن هذه الأمانة لا تضاهيها أية أمانة أخرى في القيمة المعنوية أو المادية، فالأمانة هنا هي أمانة الأبوة التي ترتب على الأب مسؤوليات شرعية تنبع من الفطرة التكوينية التي غرسها الله في نفوس الآباء تجاه أبنائهم، ولذا نرى أن القرآن الكريم يعبر عن الأبناء بقوله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) (الكهف: 46)، والزينة هي ما يتجمل به الإنسان، ولا يكون الولد زينة، إلا إذا كان الأب قد أحسن تربيته وتهذيبه وجعله مؤمناً بربه ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً يمنع الولد من اقتراف الذنوب أو ترك الواجبات أو أن يكون سيئ الأخلاق والسلوك.
وقد ورد عن رسول الله P ما يلي «ألزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم، فإن أولادكم هدية إليكم»  وقال P: «حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي)  والمراد بالسباحة «الرياضة» وبالرمي «القوة الجسدية» والاهتمام بأموره الصحية والمهارات القتالية وما شابه ذلك.

ثانياً ـ «حق الزوجة»:
وقد ورد في رسالة الحقوق للإمام زين العابدينQ ما يلي «وحق الزوجة أن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب، فإن عليك أن ترحمها لأنها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، فإذا جهلت عفوت عنها» .
من نِعَمِ الله على الإنسان أن جعل أمر الزواج فطرياً يقدم عليه الإنسان من أجل الحصول على زوجة تعيش معه بكل عواطفها ومشاعرها وأحاسيسها، ويبادلها هو في ذلك، لتحصل بينهما حالة من الحب الروحي والانسجام العاطفي الذي يجعل من الزوج سكناً لزوجته وهي سكن له أيضاً، وكلما كانت الحياة الزوجية سعيدة وخالية من كل ما يعكر صفوها انعكس ذلك على جو الأسرة بالكامل، وكلما كانت الحياة الزوجية غير مريحة انعكس ذلك على جو الأسرة سلباً، ولذا نجد القرآن الكريم يعبر عن الزواج بما يلي (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الروم: 21).
فالزواج أمن وأمان لكل من الزوجين، وهو محبة ومودة واحترام متبادل، مع ما ينبغي أن يكون عليه الزوجان من الحب والعطف والحنان على بعضهما البعض، فتحزن الزوجة لحزن زوجها وتفرح لفرحه، والزواج فرصة للتعاون بين الزوجين وللتفاهم لخلق الأجواء المريحة لهما معاً حتى يتمكنا من التفاعل الايجابي والانفتاح على بعضهما البعض بالنحو الذي يحقق الأهداف الشرعية والاجتماعية المقصودة من الزواج.
ولذا نجد أن الإمام زين العابدين يؤكد على حق الزوجة بالخصوص لأنها هي التي تحتاج إلى العطف والحب والحنان والرعاية والاهتمام منه، وإذا فعل ذلك فالزوجة سوف تبادله بالمثل إن لم يكن أكثر، لأنها سوف تشعر بقيمتها الذاتية وبدورها  المهم في حياة الزوج، وكلما كانت هذه المعاني متوفرة بالكيفية المطلوبة كلما كان التعاطف والاحترام وتحقيق رغبات كل منهما للآخر موضع اهتمام وتقدير من دون تقصير أو اهمال، وعندما يظهر الرجل حبه لزوجته ويبين لها عاطفته نحوها، كلما ازدادت تعلقاً به ورغبة، وعندما يصل الزوجان إلى هذه الحالة من الانسجام العاطفي والروحي والإنساني فإن المرأة سوف تعطي زوجها وأسرتها كل ما يمكن أن تعطيه وأن تضحي بكل ما يمكن لتحفظ زوجها وأسرتها.
وعندما تكون الزوجة على هذه الصورة الجميلة والحسنة، فإن على الزوج أن يحترم هذه الزوجة، وأن يكون خير معين لها على القيام بالمطلوب منها فيقوم بإكرامها وتقديرها واحترامها ويوفر لها كل الامكانات التي تعينها في منزلها، وأن يفتح لها عقله وقلبه وأن يبرز لها حبه وعاطفته وتمسكه بها، وأن يتغاضى عن بعض الهفوات التي كثيراً ما تحصل بين الزوجين، وأن لا يُحمِّل هذه الأمور الصغيرة أكثر مما تحمل ويجعل منها مشكلة، لأنه إذا تكرر ذلك، فإن صورة الحياة الزوجية سوف تهتز وتتفكك ما قد يؤدي إلى ما لا تُحمَد عقباه لا سمح الله.
من هنا نقول إن اهتمام الزوج بزوجته واشعارها بأنها محبوبة وبأنها محترمة وبأنها محل تقدير، سوف يجعل الزوجة حاضرة لأن تعطي كل ما تقدر عليه لتحافظ على زواجها ولتكون خير معين للزوج في مسار حياته، لأن الزوجة الصالحة تقدر على القيام بالكثير من الأمور التي تخفف أعباء الحياة ومسؤولياتها عن الزوج.
ثالثاً ـ «حق الأم»:
 وقد قال الإمام زين العابدين في رسالة الحقوق ما يلي: «فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يُطِعْم أحدٌ أحداً، وأنها وَقَتْكَ بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها،... فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه) .
حق الأم من أعظم الحقوق في الإسلام، لأن الأم هي التي حملت ولدها في بطنها تسعة أشهر ثم عانت مشقات ومتاعب الحمل والولادة، ثم الرضاعة والسهر والعناية في التربية والرعاية الصحية والنفسية والروحية، وهي التي تفيض على ولدها كل ما فيها من معاني الحب والعطف والحنان والرحمة، ومهما حاول الإنسان أن يعطي أمه حقها فلن يقدر على ذلك مهما كان مطيعاً لها ومنفذاً لما تريده، لأنه يكفي أنها من أسباب وجوده في هذه الحياة الدنيا، ولولاها لما أبصر النور ولما كان له وجود في هذا العالم.
ولذا عندما نرجع إلى النصوص الشرعية الواردة عن النبي P وأهل بيتهQ نجد الكثير مما يدل على أهمية موقع الأم ورفعة منزلتها التي ينبغي على الأبناء تقديرها واحترامها واعطاءها ما تستحق من الرعاية والعناية.
وقد ورد عن النبي P: «أن رجلاً جاءه وهو يحمل أمه ويطوف بها حول الكعبة وسأله: «هل أدَّيت حقها؟» قال P «لا» ولا بزفرة واحدة» . وقد ورد عنه P قوله: «الجنة تحت أقدام الأمهات»  وقال P «من أصبح ووالداه راضيان عنه فله بابان مفتوحان إلى الجنة» ، ومن أروع ما ورد عن النبي P في حق الأم قوله «حق الوالد أن تطيعه ما عاش، وأما حق الوالدة فهيهات هيهات لو أنه عدد «رمل عالج» و»قطر المطر» أيام الدنيا قام بين يديها ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها» .
من هنا كان حق الأم كبيراً جداً على أولادها، وكما اعتنت بهم ورعتهم عندما كانوا بحاجة لذلك، فعلى الأولاد أن يردوا بعض الجميل والمعروف لوالدتهم بعد أن يكبروا وتصبح بحاجة إليهم، فعليهم أن يحوطوها بالرعاية والاهتمام والسهر على راحتها وتأمين كل ما تحتاج إليه وفق القدرة المتاحة لديهم، وهذه العناية من الأبناء بأمهم إما أن تكون وفق الدافع الفطري الموجود في عمق النفس البشرية، وإما للدافع الشرعي الذي يأمر الأبناء بالاهتمام بأمهم عندما تكون بحاجة لذلك.
وعندما لا يحترم الأبناء حق أمهم فهم عند الله من «أهل العقوق» وقد ورد أن «العاق لأمه» لا يدخل الجنة كما في الحديث عن النبي P: «ليعمل البارُّ ما شاء فلن يدخل النار، وليعمل العاق ما شاء فلن يدخل الجنة» ، ولذا ورد أن الولد الصالح نعمة من الله للأبوين وللأم خصوصاً كما في الحديث «الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة»  أو «من سعادة الرجل الولد الصالح» .
رابعاً ـ «حق الأب»: وقد ورد عن الإمام زين العابدينQ في رسالة الحقوق «وحق أبيك أن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله» .
مما لا شك فيه أن الأب هو سبب وجود ولده في الدنيا ولذا يقول أمير المؤمنينQ في كلام له إلى ولده الإمام الحسنQ «وجدتك بعضي بل وجدتك كلي» ، وهذا تعبير أن الابن هو نفس الأب وروحه، فيسعد الأب لسعادة ولده ويحزن لحزنه، وكذلك ينبغي أن يكون الولد باراً بأبيه، لأن الابن أول ما يتعرف عليه في هذه الدنيا هو «أبواه» اللذان كانا سبب وجوده، ولذا فعلى الابن أن يعطي أباه حقه من الرعاية والاهتمام والطاعة واظهار الاحترام والتقدير والايثار، وأن يعمل بكل جهده لينال رضا والده وعطفه وحنانه، ويمكن أن نتصور حق الأب على ولده في جملة مهمة من الأمور هي التالية:
1 ـ حب الولد لأبيه: لأن الابن أول ما يحب في هذه الدنيا والدَيْهِ، والحب أمر فطري مودع في الإنسان، والحب يكون كبيراً كلما كانت العلاقة بين الشخصين قريبة، فكيف إذا كان الحب هو موضع العلاقة بين الابن وأبيه، مَما لا شك فيه أن الحب يجب أن يكون أكبر من حب الابن لأي شيء آخر في هذا العالم، والوالد عندما يشعر بحب ابنه الكبير له سوف يكون سعيداً جداً لأنه يكون قد رأى ثمرة تعبه وسهره في سبيل ولده.
2 ـ شكر الولد لأبيه: وهذا الشكر يجب أن يظهر في تصرفات الولد تجاه أبيه من خلال اظهار الولد الرعاية والاهتمام بشؤون أبيه وتأمين كل ما يحتاج إليه مع القدرة على ذلك، وشكر الولد لأبيه هو شكر لله أيضاً، وهذا ما يضفي على سهر الولد على راحة أبيه مسحة من العبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى، وليس هناك شيء يجعل الأب سعيداً في هذا العالم أكثر من رؤية ولده يهتم به ويعتني بأموره، ويقوم بكل ما يجعل أباه راضياً عنه.
3 ـ طاعة الولد لأبيه: لأن طاعة الولد لأبيه هي عنوان الحب والاخلاص والوفاء، ولأن الابن يدرك أنه لولا أبوه لما كان له وجود في الدنيا، فهذا السبب وحده كافٍ لكي يطيع الابن أباه في كل ما يقدر عليه إذا لم يكن فيه معصية لله عزَّ وجلَّ، وطاعة الأب هي التي تجعل الأب سعيداً ومرتاحاً.
من هنا نجد أن كل ما ذكرناه من حق الأبوين على ولدهما قد أوجزه الله عزَّ وجلَّ في قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً) (الإسراء: 23، 24).
من كل الحقوق التي ذكرنا يتضح أن الأسرة عندما تلتزم بهذه الحقوق وتعمل وفق مقتضياتها ومستلزماتها وما ترتبه من مسؤوليات شرعية وأخلاقية وأدبية ومالية، فإن هذه الأسرة تكون سعيدة ومتضامنة، ويسهر كل فرد منها على راحة الآخرين، ويعطي كل فرد ما أمكن من جهد ونشاط لتبقى الأسرة موحَّدة وقوية ومتماسكة.
والإسلام من خلال هذه الحقوق التي ذكرنا يسعى إلى بناء الأسرة القوية والمؤمنة والتي تكون عاملاً مساعداً في بناء المجتمع الصالح المؤمن الذي يريد الله من الناس الوصول إليه ليعيش الجميع بأمن وسلام وتعاون يعود على كل فرد وكل أسرة وكل مجموعة بالخير  والنفع والفائدة، ومثل هذا المجتمع إذا تحقق قادر على تجاوز الصعاب وتحمل المشاق، والوقوف في مواجهة الفساد والانحراف والضياع، ولا يمكن لأية قوة في العالم أن تتسلط عليه لتسلبه أمنه وهدوءه وسلامه.
وفي الختام نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا من الساعين والعاملين في سبيل الوصول إلى الأسرة النموذجية التي يريد الإسلام منا أن نحققها لأن مثل هذه الأسرة هي المصداق الحقيقي لمعنى الخلافة الإلهية في أرضه.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2008/08/20   ||   القرّاء : 14093


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net