هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً

 دور الأمهات في تربية وتغيير سلوك الأبناء

 العقيدة ودورها في السلوك البشري.

 قراءة في ظاهرة التطرف

 النظرية العرفانية عند الإمام الخميني

 شهادة السيدة الزهراء عليها السلام في الثالث من جمادى الآخرة

  الاستغناء يحفظ الكرامة الإنسانية

  مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله عَن لِسانِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله

 الآثار السلوكية المترتبة على هوية علاقتنا بأهل البيت (ع):

 الإمام زين العابدين عليه السلام .... لمحات من حياته ومناقبه واقواله

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047105

  • التاريخ : 29/03/2024 - 10:54

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : مقالات .

              • الموضوع : الإصلاح الديني وأبرز رواد حركاته‏ .

                    • رقم العدد : العدد السادس عشر .

الإصلاح الديني وأبرز رواد حركاته‏

 

 


الإصلاح الديني وأبرز رواد حركاته‏


الشيخ توفيق حسن علوية

«الإصلاح» كلمة طارئة على الوجود الذي خلقه الله جلّ شأنه وتعالت قدرته سليماً من كل فساد أو إفساد من حيث الأصل.
و«الإصلاح» يكون في مواطن غيّرت معالمها يد الإفساد المادي والمعنوي؛ وذلك بغية إرجاع كل أمر إلى طبيعته .
فالمصلحون والمفسدون هم رواد حركتي «الإصلاح» و«الإفساد»، وهؤلاء يتسمون بسمة «الصلاح» بينما أولئك يتسمون بسمة «الفساد».
على أن خصوص مصطلح «الإصلاح» من دون إضافة ما يعيّن متعلقه، يقتضي شموله لكل ما فيه قابلية «الإصلاح». وعلى هذا فكل أمر أو موضوع يكون فاقداً لقابلية «الإصلاح»؛ فإن هذا المصطلح لا يشمله. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يشترط في من يقوم بعملية «الإصلاح» شخصاً مادياً كان أو معنوياً، أن يكون متصفاً بالصلاح حقيقة وواقعاً لا ادعاءً وتجوزاً وزوراً وغير ذلك.
فالصالح هو من يقوم بعملية الإصلاح، والأصح أن الممتلك لمشروع إصلاحي أو المنتمي لمشروع إصلاحي هو من يقوم بذلك.
وهل غير الصالح يمكن أن يكون مصلحاً أو  إصلاحياً؟
الجواب: نعم، يمكن أن يكون كذلك، ولكن فقط وفقط على الصعيد التكتيكي والتحايلي؛ أما من الناحية الأيديولوجية والهدفية فهو ليس كذلك.
والصالح قد لا يكون مصلحاً، كما أن الفاسد قد لا يكون مفسداً، فليس كل صالح مصلح وليس كل فاسد مفسد، فقد يكون الصالح صالحاً بالمعنى الانزوائي - مع أنه لا يصدق عليه بأنه صالح -، وقد يكون الفاسد فاسداً بالمعنى التقوقعي.
أما الصالح المصلح فهو الذي يعمل على تعميم ظاهرة «الصلاح» وتحكيمها في الحياة؛ كما أن الفاسد المفسد هو الذي يعمل على نشر الفساد وتغليبه وهيمنته، فالمصلح هو من يعدّي صلاحه إلى خارج دائرته؛ كما أن المفسد هو الذي يعمل على تعدية فساده إلى خارج نطاقه.
على أن الإصلاح تارة يتم ضمن دوائر ضيقة، وأخرى ضمن دوائر واسعة؛ وكلما كان نطاق الإصلاح أوسع وأشمل كلما كانت عملية الإصلاح أصعب وخياراتها أكبر وأعظم، ولعل التعبير القرآني: }إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت{ (هود: 88) خير شاهد على ما نقول، وسعة وشمولية دائرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الإصلاحية هي خير دليل على أفضليته على سائر الأنبياء، كما أن سعة وشمولية دائرة الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الإصلاحية كذلك وحركته الإصلاحية هي بموازاة حركاتهم الإصلاحية جميعاً؛ بل تتفوق عليها جميعاً من ناحية أنها ستطبق ويُعمل بها في سائر أرجاء المعمورة الأمر الذي لم يتسنَ لأي أحد منهم عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام. ومن منطلق ما تقدم فإن كلامنا هنا يدور حول النطاق الأوسع لعملية «الإصلاح»؛ وبمعنى آخر: الإصلاح بالمعنى الأعم. أساسها الخطوات المستقبلية وصولاً إلى الهدف؛ تماماً كأي عمل آخر يتراكم ليفضي إلى نتيجة ما.
وعلى هذا فهل الإصلاح الشامل يتم من خلال الفرد ويسري إشعاعه من خلاله إلى المجتمع؟؟ أم أنه يبدأ من خلال المجتمع ليسري إشعاعه إلى الفرد؟؟ أم أنه يتم من خلالهما معاً.
وهناك أسئلة أخرى أكثر أهمية وأشد جدوائية من الأسئلة الأولى تتمثل في الميادين الإصلاحية؛ فهل الإصلاح السياسي أهم من الإصلاح الاقتصادي؟؟ أم أن الإصلاح الاجتماعي أهم منهما؟؟ أم غير ذلك؟؟
وهل الإصلاح الديني يتكفل بسائر الاصلاحات؟؟
إن الإصلاح الديني يتكفل بإصلاح سائر الأمور والأشياء من قبيل الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغيرها، وذلك من خلال البيان الآتي:
إن الله جلّ شأنه خلق عالم التكوين وحث الناس على الجري والسير وفق أسبابه ومسبباته للاستفادة والانتفاع من ظواهره وكوامنه بما يتكفل تأمين سائر الاحتياجات والكماليات ومقتضيات السعادة البشرية المتوخاة.
واحترازاً من الفساد والإفساد والمحاذير السلبية التي تطرأ جرّاء الأطماع والأهواء وسوء الاستفادة وغير ذلك، فقد جعل الله عز وجل «عالم التشريع» جنباً إلى جنب مع «عالم التكوين»، وذلك حفظاً للنفوس، والعقول والدماء والأعراض والأنسال وغير ذلك من جهة، والاستفادة من خيرات عالم التكوين بشكل صحيح وسليم من جهة ثانية، والأهم من ذلك كله لفتح المجال الواسع للإنسان ليسير سيراً معنوياً بموازاة سيره المادي باتجاه العوالم المستقبلية تحقيقاً للسعادة القصوى التي لا تتأتى إلا بموافقة الشريعة السمحاء على قاعدة عقائدية سليمة وبمعية الآراء الحميدة أعني الأخلاق الحسنة.
وبهذا البيان يتضح الجواب عن مدعانا بأن «الإصلاح الديني» يتكفل بسائر الإصلاحات؛ إذا لو كان الدين سليماً وصحيحاً وعُمل على تطبيقه بشكل صحيح وسليم لاحترز عن كل ما من شأنه الفساد والإفساد، ولما احتيج إلى الإصلاح في الميادين الأخرى اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو غير ذلك لماذا؟؟ لأنه لا إفساد ولا فساد حتى يُحتاج إلى إصلاح!!!
بيد أن الإصلاح الديني حتى يسير بوجهته الصحيحة، مشروط بكون الدين صحيحاً وغير محرف من جهة، وبكونه مستوعباً لسائر الحاجات البشرية المادية والمعنوية من جهة ثانية، وبكونه قابلاً للتحقق والممارسة العملانية من جهة ثالثة.
ومن هنا فإننا إذا تحدثنا عن الإصلاح الديني؛ فإننا نقصد بالدين هنا ذاك الدين الذي يواكب حركة الإنسان المادية والمعنوية، الدنيوية والأخروية؛ الدين الذي يهتم بالجسد والروح معاً، والذي كما يهتم بإقامة الشعائر هو يهتم بالدفاع عن المظلومين والمستضعفين بوجه الظالمين والمستكبرين، الذي ينظر إلى الوجود برمته كوحدة واحدة، وعلى ارتباط غير منفك عن الخالق المتعال، الدين الذي ينظم علاقة عامودية مع الله جلّ شأنه وتعالت قدرته جنباً إلى جنب مع العلاقات الأفقية فيما بين أنفسهم، وفيما بينهم وبين غيرهم بصيغة أفراد أو جماعات.
وذلك لأنه هناك الكثير من المضاعفات السلبية التي تحضر بقوة جرّاء التفكيك بين المفاهيم الدينية التي جعلها الله عز وجل وحدة مترابطة؛ فلا تفكيك بين العقيدة والأخلاق، أو بين الشريعة والأخلاق، أو بين الأحكام العبادية والأخرى السياسية، أو بين الأحكام المرتبطة بالشعائر والأخرى المرتبطة بالدولة ونظام الحكم، أو بين علاقة الفرد بربه وعلاقته بنفسه والناس أو بينها جميعاً.
ومن هذا المنطلق بالذات أعني من منطلق «عدم التفكيك» بين مفاهيم الدين؛ ومن منطلق آخر في نفس الاتجاه وهو منطق «عدم البينونة» بين النظرية والتطبيق؛ فإننا نستطيع القول بأن «الإصلاح الديني» هو حل لكل مشكل، وعلاج لكل داء، وعموم إصلاح لكل فاسد.
وبالرغم من أن «الإصلاح الديني» كان شعاراً هدّاراً عند أتباع الديانات نظير حركة الإصلاح الديني لدى بعض الفرق المسيحية كالبروتستانت؛ إلا أن «الإصلاح الديني« خارج نطاق الدين الإسلامي لا يعدو كونه إصلاحاً ذاتياً بحدود الطقس الديني الجامد الذي لا دخل له بالحياة السياسية وشؤون الدولة؛ بل إن من أهم شعارات الإصلاح عند هذه الجماعة تتمثل بمحاربة ظاهرة تدخل رجال الدين بشؤون الدولة والحكم، وبنزع صفة القداسة عن رأس السلطة الكنسية.
من هنا فإن الإصلاح الديني حتى يتكفل بمعالجة كافة القضايا؛ فإنه لا بد من كونه ضمن إطار الدين المتضمنة تعاليمه حلولاً لسائر حاجات البشرية الروحية والمادية، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها. ويعتقد المسلمون بأن الإسلام بوصفه ديناً شاملاً؛ هو الدين الصالح لتلبية سائر احتياجات البشرية من خلال جنبتيه العبادية والمعاملاتية مظللة بوارف العقيدة السليمة، ومنظومة القيم الصحيحة.
فالإسلام باعتقاد المسلمين هو دين ودولة، عبادة وسياسة، وأحكامه، متسعة إلى حد أنها تستوعب تشكيل حكومة عالمية.
على أنه هناك نقاش معمق حول الأولوية في «الإصلاح» في إطار «الإصلاح الديني الإسلامي»!!! فهل تبدأ عملية الإصلاح الديني من السياسة «إصلاح نظرية الحكم»، الحكم الذي يفرض ظروفاً وأجواءً تفرض نفسها على المجتمعات والأفراد الذين يتطبعون معها إلى درجة الانسجام التام؛ بحيث إنهم لا يتسنى لهم التفريق بين السلطة الظالمة وتعاليم الإسلام المناهضة لها!!! أم أن عملية الإصلاح الديني لا بد وأن تبدأ أولاً بما يعرف بتنظيف التراث الديني من كل ما هو شائب ومكذوب تصحيح النظرية، وبعدها ننتقل إلى عملية التطبيق على قاعدة العرش ثم النقش؟؟ أم أن عملية الإصلاح الديني تنطلق من المجتمع أفراداً وجماعات؟؟ أم غير ذلك؟ بتقديري فإن «تصحيح النظرية» هو أمر يكتسب صفة الأولوية، ولكنه لا يمكن أن يتم من دون «الإصلاح السياسي» الذي لا بد أن يتزعم حركته من صحح النظرية من جهة، كما لا يمكن أن يتم من دون الإصلاح الاجتماعي الذي يؤدي دور التوعية لتقبل الأفكار الصحيحة ونبذ السقيمة منها من جهة ثانية.
وبناءً على ما تقدم فإن «الإصلاح الديني» لا بد أن تكون خطواته وميادينه متشعبة، والجامع لها هذا الهدف الذي بدوره يضمن السعادتين الدنيوية والأخروية، والمصلح الفرد أو الجماعة يعمل على أساس «الإصلاح التراثي» أو «فلترة التراث» كما يحلو للبعض تسميته بذلك، وذلك جنباً إلى جنب مع «الإصلاح السياسي»؛ والذي بدوره يكون جنباً إلى جنب مع «الإصلاح الاجتماعي»؛ ومن هذه الإصلاحات يُعمل على أساس إصلاح العناوين الأخرى كالاقتصاد وغير ذلك وبالتعبير العلمي فإن كلاً من الإصلاح التراثي «تصحيح النظرية»، و«الإصلاح الاجتماعي التوعية العامة»، و«الإصلاح السياسي تصحيح نظرية الحكم»، لا بد من التحرك بإزائها بعرض واحد.
وبالعموم فإن «الإصلاح الديني» بعرض واحد مع عموم الإصلاح في الميادين الأخرى كالإصلاح الاجتماعي، والإصلاح السياسي وغير ذلك؛ هو من حيث التطبيق أمر دونه صعوبات جمة، وعقبات كؤودة، ولقد جرت محاولات جديرة بالاهتمام على هذا الصعيد؛ فقد حفل التاريخ الإسلامي بأفراد وجماعات عملوا على أساس «الإصلاح الديني»؛ وعلى رأس هؤلاء بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، واستمر من بعده الإمام الحسن المجتبى عليه السلام على هذه المهمة، ثم أن الإمام الحسين عليه السلام عمّدها بالدم والشهادة، وعمل الأئمة عليهم السلام من بعده على الأساس «الإصلاحي» نفسه بأدوار متنوعة الظروف، إلى أن وصلت النوبة للعلماء الأعلام حيث كانت أعظم حركة إصلاحية في القرن العشرين على يد الإمام الخميني { ومجموعة ممن كانوا معه بتأييد من الجماهير.
واللافت في الحركات الإصلاحية الإسلامية أنها كانت متنوعة إسلامياً، فلم تقتصر على مذهب دون مذهب، أو على أصحاب رأي عقائدي دون آخر.
واللافت أيضاً أن بعض الحركات الإصلاحية السنية كان لها التأثير الواضح ضمن جغرافية الوجود الشيعي، وأن بعض الحركات الإصلاحية الشيعية كان لها التأثير القوي ضمن جغرافية الوجود السني.
إن الحركات الإصلاحية الإسلامية في الحقبات المتأخرة يغلب عليها الطابع الفردي كما هو الواضح، ولهذا فإننا نتحدث عن أبرز رواد الحركة الإصلاحية الإسلامية؛ وذلك للاستفادة من نجاحاتهم لتراكم عليها جهود إصلاحية مستقبلية، وللاستفادة أيضاً من بعض إخفاقاتها كي لا تخفق المحاولات الأخرى بعد حين.

1 - جمال الدين الأسدآبادي:
وقلما يذكر أي رائد من رواد الإصلاح من دون ذكر «جمال الدين الأسد آبادي» المعروف بـ «جمال الدين الأفغاني»؛ فمن هو جمال الدين الأسد آبادي؟ وما هي أبرز معالم حركته الإصلاحية؟
وقبل الإجابة على هذين السؤالين لا بد من ذكر نقطتين مهمتين حول هذا الرجل المعطاء هما:
النقطة الأولى: إن السيد جمال الدين ليس أفغانياً كما هو الشائع والمشتهر على الألسن؟ وإنما هو إيراني.
«أما نسبته إلى الأفغان واشتهاره بالأفغاني فمن المشهورات التي لا أصل لها - ورب مشهور لا أصل له - وسبب اشتهاره بذلك أنه نسب نفسه إلى الأفغان في مصر وخلافها لا إلى إيران تعمية للأمر...» ، بل قيل بأنه { لم يرَ أفغانستان يوماً.
«ويقال أنه سئل عن سبب قوله أنه أفغاني فأجاب: بأن ذلك للتخلص من مضايقة مأموري إيران في الخارج...» .
النقطة الثانية: إن السيد جمال الدين هو عالم شيعي إمامي ينتمي إلى مدرسة المعصومين عليهم الصلاة والسلام، وهذا ما يتأكد لدى القارى‏ء الكريم أثناء حديثنا عن هذه الشخصية المرموقة في ظرف عزّ فيه وجود رجال أمثاله.
من هو السيد جمال الدين؟؟
هو العالم الشهير والمجاهد القدير علم الأعلام الشهيد السيد جمال الدين الأسد آبادي المشهور بالأفغاني أو بالحسيني، من مواليد 1254هـ. ولد في مدينة أسد آباد وهي قرية من توابع همدان، وبسبب مهمته الصعبة والشاقة ولظروفه الأمنية فقد كان ينتحل أسماء وهمية ومتعددة وأزياء متنوعة لتجاوز الصعاب أو لعبور الخطر، لذا فمرة كان يشتهر بالحسيني ومرة بالأسد آبادي، ومرة بالأفغاني، ومرة بالسيد، وكان يسمى ب «حكيم الإسلام»، واشتهر بفيلسوف الشرق، وعين عضواً في مجلس المعارف وقد عظمته الزعامات العربية والإسلامية وأكبرته الزعامات الأوروبية لا سيما في فرنسا، وكان له حيّز مهم ومكانة معظمة في فرنسا ومصر وتركيا وإيران.
تتلمذ السيد جمال الدين الآسد آبادي على يد والده، ثم ارتحل إلى النجف الأشرف مع والده ودرس عند الشيخ مرتضى الأنصاري حيث اعتنى به عناية خاصة، وعاد السيد جمال الدين إلى  إيران وأكمل دراسته فيها.
ولقد اشتهر السيد جمال الدين بالفلسفة والرياضيات، والفقه والأصول، والحديث وعلوم الهيئة، ولذكائه الخارق فإنه كان يدرس عند الأستاذ في البدء ثم يتفوق عليه.
وعرف السيد جمال الدين الأسد آبادي بأسفاره الكثيرة فقد سافر إلى لندن وباريس، والهند، وكان يلبس عدة ألبسة، فمرة يعتمر العمة السوداء الشيعية، وأخرى يعتمر العمة البيضاء، ومرة يلبس الكوفية والعقال، ومرة يلبس الطربوش.
أبرز تلامذته الشيح محمد عبده الذي عرف عنه تأثره الشديد بخط أهل البيت عليهم السلام ببركة جهود أستاذه السيد جمال الدين الأسد آبادي.
كان السيد جمال الدين رجلاً ذكياً، متوقد الذهن، فصيح الكلام، بليغ اللسان، قليل النوم، كثير التفكير، سريع البديهة، حسن الأخلاق، وكان يتقن اللغات العربية والفارسية والتركية والإنكليزية والفرنسية؛ وقد أصدر المجلة الشهيرة المعروفة ب العروة الوثقى» في فرنسا. توفي شهيداً في شهر شوال عام 1315هـ - 1896م في اسطنبول وجرت الصلاة عليه في جامع الشريقية ودفن في مقبرة المشايخ التي يدفن فيها شيوخ الطرق والأولياء.
واختلف في سبب وفاته والأرجح أنه قضى شهيداً مسموماً والله العالم بحقائق الأمور.
أما عن حركته الإصلاحية، فمن أبرز معالم حركته الإصلاحية:
1 - مواجهة الديكتاتورية المتفشية في بلدان العالمين العربي والإسلامي، وذلك من خلال بث «الوعي السياسي» في المجتمعات العربية والإسلامية، ولكونه عالماً شيعياً من الطراز الأول فقد كان يفهم بدقة الواقع السني وكذا الواقع الشيعي؛ فالأطروحة السنية بالنسبة للحكام تحكم على رجال الدين السنة ضرورة الوقوف مع الحاكم حتى لو فعل ما فعل وصنع ما صنع فعلى الله حسابه وعلى الأمة الصبر، بينما الأطروحة الشيعية مغايرة لهذا الأطروحة حيث إن قوام الأطروحة عند الشيعة في هذا المجال هي تماماً ما صنعه أئمة أهل البيت عليهم السلام أعني محاربة الظلم واستنكار أفعال الظالمين حتى لو كانوا حكاماً.
ومن هذا المنطلق فقد كان السيد جمال الدين يتوجه في حركته الإصلاحية إلى الشعوب في الواقع السني لا إلى رجال الدين بينما كان يتوجه إلى رجال الدين الشيعة ويخاطب الجماهير الشيعية من خلال علماء الشيعة.
لقد كان السيد جمال الدين يعلم بأن أكثر رجال الدين السنة في ذلك الوقت كانوا لا يسلكون سلوكاً مستقلاً أمام القوى الديكتاتورية والاستعمارية ذلك لأنهم كانوا ينتمون إلى تلك الحكومات تحت عنوان (أولي الأمر) ولذلك عندما كان يدخل الأفغاني في البلاد التي يعيشها السنة لا يذهب إلى علمائها بل كان يذهب إلى المسلمين السنة، إنه كان يعتقد أنه ليس لرجال الدين امتياز عن بقية الفئات حتى يعتمد عليهم لمكافحة الديكتاتورية والاستعمار، ولكن يختلف ذلك عند رجال الدين الشيعة حيث إنهم كانو يشكلون قاعدة مستقلة وقوة وطنية ودائماً كانوا إلى جانب الشعب وضد الحكام ولهذا السبب عندما كان الأفغاني يدخل البلاد الشيعية كان يذهب أولاً إلى علماء دينها ويبدأ بتوعيتهم، لأنه توصل إلى أن رجال الدين هم القاعدة الجيدة لمكافحة الديكتاتورية والاستعمار ويظهر ذلك في محتوى رسائله إلى علماء الدين الشيعة خصوصاً رسالته إلى الزعيم الكبير المرحوم الحاج ميرزا حسن الشيرازي - أعلى الله مقامه ورسالته الأخرى التي وزعها على كبار ورؤساء العلماء الشيعة المعروفين في المدن المقدسة طهران ومشهد وأصفهان، وتبريز وشيراز وغيرها في إيران .
ولقد كان للسيد جمال الدين دور كبير في حركة التنباك (الانتفاضة الإسلامية ضد البريطانيين في إيران عام 1895 على يد السيد الشيرازي)، وثورة الدستور التي كانت بقيادة علماء الشيعة في إيران والتي انتهت بتحديد سلطات الملكية القاجارية في إيران.
ولأن السيد جمال الدين كان محارباً فعالاً للديكتاتورية؛ فقد كان ملاحقاً من قبل السلطات المحلية، ولذا اضطر للتخفي والتنكر، ونفي كثيراً من  بلد إلى بلد.
2 - محاربة الاستعمار: كان السيد جمال الدين يعتقد بلزوم محاربة الاستعمار بكل ميادينه (الاستعمار السياسي - والعسكري - والاقتصادي - والثقافي...).
كان السيد جمال الدين «يريد أن يرسخ روح الإسلام الأصيل في جسم الأمة ويثير العصبية الإسلامية فيها ولذلك طرح (أصل الجهاد) المنسي واعتبر أن نسيان هذا الأصل هو عامل كبير لانحطاط المسلمين، وكان يعتقد بأنه لو كانت (الروح الصليبية) معجونة في لحم وعظم الغربيين فلماذا ينسى المسلمون (الروح الجهادية)... .
إن المفاهيم التي حاول السيد جمال الدين الأسد آبادي تحكيمها في الواقع الإسلامي لمحاربة الاستعمار كثيرة ومنها:
- الوحدة الإسلامية.
- قتل الروح الانهزامية أمام الغرب.
- تكريس مفهوم الجهاد في سبيل الله.
- توأمة الدين والسياسة.
- قلع جذور العمالة والاستتباع للغرب.

3 - الرجوع إلى الإسلام:
لقد كانت نظرية بعض المفكرين المسلمين في تلك الفترة قياس الإسلام كدين على العصر المسيحي في العصور الوسطى؛ فقد اقتنع هؤلاء بأن الغرب إنما تقدم وتطور بسبب العلمنة، وبناءً عليه فإن على المسلمين حذو حذوهم، أما نظرية السيد جمال الدين الإصلاحية فقد كانت مغايرة لهؤلاء حيث كان يدعو للرجوع إلى الإسلام المحمدي الأصيل ولكن ضمن شروط أهمها تنقية الدين من الخرافات والبدع «فلترة التراث» والمفاهيم الخاطئة من قبيل مقولة «حسبنا كتاب الله»!!!
فقد كان السيد جمال الدين يدعو إلى الأخذ بالقرآن وبتعاليم أهل البيت عليهم السلام ومن سار على هديهم ومن هذا المنطلق كان يركز على الإسلام كدين صانع للحياة من خلال مضمون هذه المفردات:
- الإسلام يعطي للعقل والبرهان والاستدلال أهمية خاصة...
- الإسلام يركز على أهمية الشخصية الإنسانية وقابليتها للتكامل.
- الإسلام دين العمل والسعي، دين الجهاد والنضال، دين الإصلاح والكفاح ضد الفساد، دين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دين العز ورد الذلة، ودين المسؤولية.
- الإسلام عقيدة وأيديولوجية كاملة تدير عجلة الحياة جملة وتفصيلاً من دون أي حاجة لنظرية أحد...
- الإسلام كدين لا يمنع من التسلح بالعلوم والفنون الجديدة...

4 - محاربة الغزو الثقافي:
كثيرون ممن كانوا في عهد السيد جمال الدين تأثروا بالغرب وبثقافته إلى حد استعدادهم الكامل للتخلي عن هويتهم الثقافية العربية أو الإسلامية، بل راحوا يروجون للثقافة الغربية بكل إخلاص، حتى أن بعض الإصلاحيين الذين حاربوا الاستعمار طويلاً في بلادهم صاروا من أنصار الثقافة الغربية حينما زاروا أوروبا  ، ولكن السيد جمال الدين وبالرغم من أنه زار أوروبا ومكث فيها إلا أنه لم يتأثر بالثقافة الغربية بل حاربها في عقر دارها ودعا الشعوب العربية والإسلامية إلى عدم التأثر بها ومحاربتها وقد توصل في نهاية المطاف إلى نتيجة مفادها: أن الروح الثقافية الغربية حيال المسلمين هي روح صليبية بامتياز.
أراد السيد جمال الدين من المسلمين تحرير ذواتهم من عقدة الحقارة أمام الثقافة الغربية وروحها المدنية، لأن ما عندهم أفضل بكثير مما عند الغربيين فيما لو تسلحوا بالعلم والعمل وبالتحضر على الطريقة الإسلامية.

5 - الوحدة الإسلامية:
كان السيد جمال الدين من أهم الداعين إلى الوحدة الإسلامية.
طبعاً لم يكن مراده الوحدة الدينية بين المسلمين بمعنى أن يترك كل واحد مذهبه لينخرط في الآخر، بل كان مراده الوحدة السياسية بمعنى كون المسلمين صفاً واحداً ضد أعداء الإسلام.
لقد كان السيد جمال الدين يدعو إلى العصبية الدينية، بمعنى الثبات على العقيدة، وكان يدعو إلى محاربة العصبية الغربية الصليبية بالعصبية الدينية الإسلامية، وكان يقول: «إن الأوروبيين يرون بأن المعتقدات الدينية عند المسلمين أحكم عامل للوحدة بينهم ولذلك يحاولون باسم محاربة التعصب والعصبية تحطيم هذه الرابطة ولكنهم أكثر الجماعات والأديان ابتلاء بالتعصب الديني ترجمة لروح بطرس الراهب أي صورة للحروب الصليبية» .
لقد أراد من المسلمين الوحدة من خلال نبذ التفرقة الدينية بين السنة والشيعة من جهة، ونبذ التفرقة القومية من بين العرب والفرس والأفغان وغير ذلك من جهة ثانية.
ولقد حاول الإصلاح ما استطاع مستفيداً من الوسائل المتاحة كافة فأكثر أسفاره وأوثق علاقاته، وأكثر خطبه، ونشر الكتب، وإصدار المجلات (العروة الوثقى نموذجاً) وأسس الأحزاب والجمعيات، بل إنه انخرط في الجيش للاستفادة من المناخ داخل الجيش للإصلاح ولأجل حركته الإصلاحية الكبرى لم يتزوج ولم ينجب.
ويلخص الشهيد مرتضى مطهري المشاكل التي واجهها السيد جمال الدين، والحلول التي وضعها، والأهداف التي كان يتوخاها بالآتي:
أ - المشاكل:
1 - ديكتاتورية الحكام.
2 - الجهل واللاوعي عند المسلمين، وتأخرهم عن ركب العلم والمدنية.
3 - تسرب العقائد الخرافية إلى أفكار المسلمين وابتعادهم عن الإسلام الأصيل.
4 - التفرقة بين المسلمين باسم المذاهب الدينية وغير الدينية.
5 - سيادة الاستعمار الغربي.
ب - الحلول:
1 - الكفاح ضد أنانية المستبدين.
2 - التسلح بالعلوم والفنون الجديدة.
3 - الرجوع إلى الإسلام الأصيل ومحاربة الخرافات.
4 - الإيمان بالإسلام والاعتماد عليه.
5 - الكفاح ضد الاستعمار الخارجي.
6 - اتحاد المسلمين.
7 - بعث روح الهجوم والنضال والجهاد في المجتمع الإسلامي المتحضر.
8 - الكفاح ضد الروح الانهزامية تجاه الغرب.
ج - الأهداف:
1 - ضرورة (إيجاد الاتحاد في جميع مجالات المجتمع) وإزالة كل التفرقات العنصرية واللغوية والجغرافية والمذهبية، أمام (الأخوة الإسلامية) حتى لا يصيب الوحدة المعنوية والثقافية والاعتقادية للمسلمين أي خلل.
2 - أن يكون المسلمون شعباً واعياً عالماً عارفاً بزمانه وعلوم وصناعات ذلك العصر.
3 - أن يقتبس الصناعة الغربية بروح إسلامية لا روح غربية.
4 - أن يكون حراً من كل القيود الاستعمارية والديكتاتورية.
5 - أن يحكم المجتمع الإسلامي الإسلام الأصيل الخالي من كل العوالق والإضافات التي أضيفت عليه طوال التاريخ.
6 - أن يتسم المسلمون بروح الجهاد وأن يرجع إليهم الإحساس بالعزة، والشرف حتى لا يقبلوا الظلم والديكتاتورية والاستعباد .
إن السيد جمال الدين وبفضل استيعابه الواسع، وأسفاره الكثيرة، ومعايشته للمسلمين عن قرب استطاع أن يكون وحدوياً في زمانه ولذا يصح تسميته برائد الإصلاح في العالمين العربي والإسلامي؛
نستطيع القول بأن الفضل الكبير لوجود هكذا شخصية إنما يعود إلى ثلاثة أمور هي:
الأول: كون السيد جمال الدين عالماً شيعياً إمامياً ومن المتخرجين من مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
الثاني: كون السيد جمال الدين من تلامذة كل من:
1 - المجتهد الأكبر الشيخ مرتضى الأنصاري.
2 - الفيلسوف والحكيم الكبير الآخوند ملا حسين قلي همداني الذي درس عنده العلوم العقلية والعرفان.
الثالث: الاستعداد الخاص الذي كان عند السيد جمال الدين، والذي أهله لتبوء ريادة  الحركات الإصلاحية.
ولا ننسى عشرته الخاصة لكل من السيد أحمد الطهراني العارف والحكيم، والسيد سعيد الحبوبي الشاعر والأديب والعارف والمجاهد العراقي الشهير.
كل هذا جعله من أهم رواد الإصلاح في القرن الأخير.

2 - الشيخ محمد عبده:
وهو من تلامذة السيد جمال الدين، وقد تأثر بأستاذه كثيراً إلى حد الانتساب إلى مدرسته عقيدة وفكراً .
فمن هو الشيخ عبده باختصار؟
مصر، وذلك عام 1266هـ - 1849م، وتعلم بالجامع الأحمدي بطنطا، ثم بالأزهر، وتصوف وتفلسف، وعمل في التعليم، وكتب في الصحف ولما احتل الإنكليز مصر ناوأهم، وشارك في مناصرة الثورة العرابية، فسجن ثلاثة أشهر للتحقيق، ونفي إلى بلاد الشام سنة (1881م) وسافر إلى باريس فأصدر مع أستاذه السيد جمال الدين جريدة (العروة الوثقى) وعاد إلى بيروت فاشتغل بالتدريس والتأليف، وسمح له بدخول مصر، فعاد سنة 1888 م وتولى منصب القضاء، ثم جعل مستشاراً في محكمة الاستئناف، فمفتياً للديار المصرية سنة (1317هـ) واستمر إلى أن توفي بالإسكندرية، ودفن في القاهرة عام (1323هـ - 1905م).
أما أبرز معالم حركته الإصلاحية فتتلخص بالآتي:
1 - تحرير الدين من الجمود والتقوقع.
2 - التوفيق بين الإسلام والعصرنة.
3 - فلسفة الدين على أساس المعايير الدنيوية وبتعبير آخر محاولة مقاربة الموضوعات والحوادث الغيبية من منظار حسي.
4 - الوحدة الإسلامية.
5 - التركيز على التربية الأخلاقية والدينية بين المسلمين ولزوم سبق التربية الدينية والأخلاقية التربية السياسية.
6 - نشر ثقافة الاعتدال واللاعنف.
7 - الإصلاح التدريجي الهادى‏ء.
8 - تنظيم التراث وتجديده بما يتلاءم مع روح العصر.
9 - التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة.
إلا أن ما يؤخذ على الشيخ محمد عبده المؤخذات الآتية:
1 - مقاربته للموضوعات والحوادث الغيبية في الإسلام من منظار حسي، بمعنى أنه يفسر الحوادث الغيبية تفسيراً حسياً، وهذا غير صحيح لأن الحوادث الغيبية تحدث عنها القرآن صراحة ومن دون تأويل، فحادثة الفيل وقضية الطير الأبابيل والحجارة التي هي من سجيل ليست مرض الجدري وغيره كما يتوهم؛ بل هي أمر غيبي.
2 - تقوقع حركته الإصلاحية في المجتمع المصري نسبياً.
3 - عدم كونه ثورياً في الوقت الذي كان جلّ ما تحتاج الأمة علماء ثوريين.
3 - الشيخ عبد الرحمن الكواكبي:
ونسبه صفوي يصل إلى الشيخ صفي الدين الأردبيلي الإيراني.
ولد عام 1265هـ - 1849م. وكانت ولادته في حلب أنشأ جريدة «الشهباء» في حلب، ثم أنشأ جريدة (الاعتدال) سافر إلى مصر وساح سياحتين عظيمتين إلى بلاد العرب وشرقي أفريقية وبعض بلاد الهند، واستقر في القاهرة، وتعرض هناك للاغتيال عام (1320هـ - 1902م) .
أبرز معالم حركته الإصلاحية:
1 - الثورة ضد الاستبداد. وخير شاهد عليه كتاب (طبائع الاستبداد).
2 - ضرورة تسليح المسلمين بالوعي السياسي.
3 - ضرورة مراقبة المجتمع لأعمال الحكام ومحاسبتهم عليها.
4 - الاستقلال عن الغرب.
5 - الاعتقاد بأن الإسلام دين العبادة والسياسة.
6 - التسلح بالعلوم الاجتماعية التي يخشاها الظلمة وأهل الاستبداد.
7 - السعي لتطبيق التوحد العملي، فقد كان التوحد عند الكواكبي أهم عنصر لمحاربة الديكتاتورية والاستعمار. وكان يقول: إن معنى كلمة لا إله إلا الله التي تعتبر من أفضل التسبيحات، والتي يقف بناء الإسلام عليها هي أن لا معبود حقاً إلا الله العظيم، وأن معنى العبادة هي التواضع والخضوع، إذن معنى لا إله إلا الله، هو أن لا موجود يستحق التواضع، والخضوع إلا الله، وأن كل خضوع وتواضع لا ينتهي إلى طاعة الله العظيم هو شرك» .
والإنصاف كما ذكر أحد الأعلام أن العلامة الكبير المجتهد المرحوم آية الله الشيخ ميرزا محمد حسين النائيني هو كان أليق وأجدر من الكواكبي  بطرحه للتوحد كنظرية للحل فقد فسرها النائيني على نواح عدة علمية واجتماعية وسياسية وذلك في كتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة).

4 - إقبال اللاهوري:
ولد في بلاد البنجاب في عام 1289هـ .
ومن أبرز معالم حركة إقبال اللاهوري الإصلاحية:
1 - تحذير المسلمين من التغرب والإعجاب بالعقائد الغربية.
2 - الاعتقاد بأن الغرب يفتقد إلى أيديولوجية إنسانية متكاملة.
3 - اعتباره الاجتهاد جهازاً محركاً للإسلام.
4 - اعتبار إحياء الفكر الديني من دون إحياء المعنوية الإسلامية عمل غير مفيد، ولذلك كان يعطي أهمية فائقة للعبادة، والذكر والتفكير والمراقبة والمحاسبة الذاتية .
5 - الدعوة إلى محاربة الاستعمار بكافة الوسائل، وقد حارب عملياً الاستعمار في باكستان وكان من مؤسسي باكستان.
6 - الاعتقاد بضرورة البحث عن الذات، وإيجاد الهوية الضائعة.
يعتقد إقبال أن (الفرد) أحياناً يبتلى بداء (تزلزل الشخصية) أو (فقدان الشخصية)، ولذلك يبتعد عن نفسه ويصبح غريباً عليها ويضع الآخرين محل نفسه وحسب ما يقول الشاعر (مولانا) الذي يعتبر إقبال من مريديه ومن المتأثرين به بشدة.
(يبني البيت في أراضي الآخرين، وبدل أن يؤدي عمله يقوم بعمل الآخرين).
كذلك المجتمع كالفرد يملك روحاً وشخصية، وأيضاً هو كالفرد يبتلي بداء تزلزل الشخصية وفقدان الهوية... ولذلك فإن إقبال كان يعتقد بأن المجتمع الإسلامي المعاصر قد ابتلي بداء تزلزل الشخصية وفقدان الهوية في صراعه مع المدنية والثقافة الغربية، وكان يعتقد بأن الإسلام والثقافة الإسلامية هي التي يجب أن تعتبر (الذات) الركن الأساسي لروح الشخصية الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، ولذلك كان يعتقد إقبال بأن أهم عمل يجب أن يقوم به المصلحون هو زرع الإيمان والاعتقاد في المجتمع الإسلامي أي ثقافة القيم الإسلامية، وهذه هي (فلسفة الذات) .
ومما يؤخذ على إقبال معرفته السطحية بالثقافة الإسلامية ، وعدم اطلاعه على التيارات والحركات الإسلامية، ومن هنا فقد أخطأ خطأً فاحشاً حينما اعتبر الحركة الوهابية حركة اصلاحية، والحركة البهائية المنحرفة حركة إسلامية صالحة، ويكفي كشاهد على كونه غير مطلع مدحه لقيام أتاتورك في تركيا!!.

5 - الإمام روح الله الموسوي الخميني {:
درس على أيدي جملة من الأساتذة، وسافر إلى قم المقدسة، واستطاع اجتياز المراحل العلمية بكل كفاءة وجدارة.
اعترض الإمام الخميني على السياسة الجائرة لسلطة الشاه، فأعلن الثورة ضد الشاه، وسجن ونفي جراء ذلك إلى العراق، ومنه إلى تركيا ثم إلى فرنسا التي قاد من خلالها الثورة الإسلامية.
في مطلع شهر شباط أثمرت جهود الإمام الخميني حيث استطاع الإطاحة بنظام الشاه، والعودة إلى إيران حيث أعلن قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أساس إسلامي متين.
وافته المنية في حزيران عام 1989 ميلادي  .
أما أبرز معالم الحركة الإصلاحية للإمام الخميني فهي:
1 - العودة إلى الإسلام المحمدي الأصيل.
قال {:: «لا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام»، ويقول {:: وإذا لم نعد إلى الإسلام... إلى إسلام رسول الله إن مشكلتنا ستبقى دونما حل».
2 - مواجهة الاستعمار: يقول {:: «أيها المسلمون المؤمنون بحقيقة الإسلام، انهضوا، ووحدوا صفوفكم تحت راية التوحيد، وفي ظل تعاليم الإسلام، واقطعوا أيدي القوى الكبرى الخائنة عن بلدانكم وثرواتكم الوفيرة» .
3 - تجديد الهوية الإسلامية: وبرز ذلك في خطابه للمسلمين حيث يحفز فيهم روح الثورة ويقول لهم: «وحاربوا الغرب والتغرب... وجدوا هويتكم» .
4 - الدعوة إلى الوحدة: يقول {:: لماذا لا يُلزم المسلمون حكوماتهم بالأحاديث النبوية الكريمة التي جاء فيها: المسلمون يد واحدة على من سواهم، لماذا لا يوجد بينهم إلا الخلاف.
5 - العمل على تطبيق الإسلام: قال {:: إن ما تتطلع إليه الجمهورية الإسلامية هو تطبيق ما جاء به القرآن الكريم وعلى لسان الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم...» .
6 - تجاوز القوميات والنعرات المذهبية: يقول {: «إن النعرات القومية التي تثير العداء بين المسلمين والشقاق في صفوف المؤمنين تعارض الإسلام وتهدد مصالح المسلمين» . وقال: «هناك ما هو أخطر من النعرات القومية وأسوأ منها، وهو خلق الخلافات بين أهل السنة والشيعة...» .
7 - محاربة الحكومات والأنظمة العميلة للأجنبي: يقول{:: كل ضعف في المسلمين، وكل فساد في الدول الإسلامية، نابع من الحكومات، إن الحكومات بسبب أنانيتها تقف أمام الأجانب كالعبيد، وأمام شعوبها كالمتسلط...» .
8 - المراهنة على الشعوب: يقول {: «والحل هو بيد الشعوب» .
9 - مواجهة المستضعفين  للمستكبرين: إننا عندما نقول بأننا نريد أن نصدر ثورتنا إلى جميع البلدان الإسلامية... بل إلى كافة البلدان التي يسيطر فيها المستكبرون على المستضعفين، فإننا نريد إيجاد وضع كهذا... أي وضع تنتفي فيه الحكومات الظالمة المجرمة ويزول فيه العداء بين الشعب والحكومة .
10 - محاربة التبعية: يقول {:: «فالحكومات التابعة للشرق والغرب هي علة مسكنة المسلمين» .
11 - الرقي في الإنسانية: يقول قدس سره مخاطباً الشعوب: «واسعوا قبل كل شي‏ء إلى الرقي في الإنسانية» .
12 - إيقاظ الأمة: يقول {: «عليهم أن يوقظوا أبناء الأمة» .
13 - الاستفادة من الإمكانيات والطاقات الذاتية: يقول قدس سره: «أنتم أيها المسلمون تملكون كل شي‏ء، وتملكون قوة الإسلام التي تفوق كل شي‏ء وكل السلاح، كما تملكون الصحاري والبحار والبلاد الواسعة الغنية...» ، ويقول {: «اعلموا أن قدرتكم الروحية ستتغلب على جميع الطواغيت وتستطيعون بعددكم البالغ مليار إنسان وبثرواتكم الطائلة غير المحدودة أن تحطموا جميع القوى...» .
14 - توأمة الدين والسياسة: يقول {: «كثير من الأحكام العبادية تصدر عنها خدمات اجتماعية وسياسية، فعباديات الإسلام عادة توأم سياساته وتدبيراته الاجتماعية» .
15 - محاربة الإسلام المستورد: يقول {: «وهذا اللون من الإسلام هو الإسلام المستورد من أمريكا ومن الاتحاد السوفياتي» .
16 - إصلاح الجامعات والمعاهد التعليمية: يقول {: «خوفنا من الجامعة الاستعمارية، نحن نخاف من جامعة تربي شبابنا بشكل تجعلهم في خدمة الغرب...» ، ويقول {: «نحن إذ نطالب باصلاح الجامعة، والتعليم، لا نرفض وجود الجامعة بل نريد جامعة تخدم البلد والأمة...» .
17 - حماية الإسلام من التخلف: يقول {: «فيا أيتها الحوزات العلمية، والمحافل الدراسية الجامعية انهضي وانقذي القرآن من شر الجاهلين والعلماء المتهتكين الذين يهتكون حرمة  القرآن عن عمد وجهل» .
18 - بث الروح الاستقلالية: يقول {: «وصيتي لمسلمي العالم ومستضعفيه كافة هي: يجب أن لا تقعدوا بانتظار أن يهبكم الحرية والاستقلال حكام بلدانكم والمتصدون للأمور فيها أو تهبكم ذلك القوى الأجنبية .
19 - الاستفادة من التطور الفني: يقول {: «على الحكومة والجيش أن يعمدا إلى ارسال الجامعيين المؤمنين إلى البلدان التي تمتلك تقنية صناعية متطورة دون أن تكون استعمارية ولا مستغلة...» .
20 - الشمولية، فالإمام الخميني لم يقتصر في حركته الاصلاحية على إيران، ولا في حدود الشيعة، ولا في حدود الإسلام بل تجاوز كل هذا بطرح مصطلح  الإستضعاف الشامل مقابل الاستكبار الشامل، ولذلك تمنى لو يصار إلى تأسيس حزب عالمي للمستضعفين.
إن الإمام الخميني { وبفضل مدرسته الفكرية القائمة على أساس الولاية لمحمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام، استطاع الإصلاح في بقعة من بقاع الأرض. وطبعاً الإصلاح النسبي، ولكن بأي طريقة؟؟ إنها طريقة الإصلاح الجامعة بمعنى تصحيح النظرية جنباً إلى جنب مع «الإصلاح الاجتماعي»، و«الإصلاح السياسي» أي مضى في عملية الإصلاح من جميع الجهات بعرض واحد؛ وقد قيل إن الدليل على إمكان الشي‏ء وقوعه وهنا الدليل على صحة وسلامة نظرية الإمام الخميني { حول «الإصلاح» نجاحه في تأسيس الجمهورية الإسلامية وتكريس مبادى‏ء الإسلام وقواعده وأحكامه من خلالها.


 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2009/01/16   ||   القرّاء : 10400


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net