موارد السجن في فقه الاسلام *
وفيه موارد منها:
الأول: الحبس في تهمة الدم.
وقد وردت فيه روايات من الفريقين، وأن المتهم بالقتل يحبس. ففي رواية الصادق (عليه السلام) قال:
" إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام. فإن جاء أولياء المقتول ببينة، وإلا خلي سبيله. " (الكافي ٧: ٣٧٠، ح ٥.)
وقد نقله الطوسي باختلاف. (التهذيب ١٠: ١٥٢، ح ٣٩.)
مدة الحبس: وقد اختلفوا في مدة الحبس - على القول به - على أقوال:
١ - ستة أيام: ٢ - ثلاثة أيام: 3_ سنة كاملة: ٤ - الحبس إلى فصل الخصومة، أو إحضار البينة.
كما أفتى فقهاؤنا بمضمونهابل صرح السيد المرتضى بأن هذا من متفردات الإمامية وأما عند المذاهب الأخرى، فالحكم مختلف فيه. "
ثم إن هذا الحبس المؤبد للممسك، حق الناس فيسقط بإسقاطه، كما عن الامام الخميني
ثم إن المراد بالإمساك الموجب للحبس الأبدي: هو الإمساك حين فراره، لكي يتمكن منه القاتل كما يفهم ذلكمن الطوسي (الخلاف ٢: ٣٥٤)
روى الكليني بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل شد على رجل ليقتله والرجل فر منه فاستقبله رجل آخر فأمسكه عليه حتى جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله وقضى على الآخر الذي أمسكه عليه ان يطرح فيالسجن أبدا حتى يموت فيه.. (الكافي ٧: ٢٨٧، التهذيب ١٠: ٢١٩.)
ثم إن الحبس هنافي الممسك مؤبد ودائمي، كما هو صريح بعض رواياتنا، ويبدو منالعامة ان ذلك موكول إلى رأي الحاكم - الإمام - في طول المدة وقصرها. (الموطأ ٢: ٨٧٣ - نيل الأوطار ٧: ٢٣.)
ثم إنه يجلد في كل عام خمسون جلدة، وبه رواية صحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) (الكافي ٧: ٣٨٧، التهذيب ١٠: ٢٢١)وهو رأي بعض فقهائنا .
المورد الثالث: حبس الآمر بالقتل وهو المشهور عندنا (رياض المسائل ١٦: ١٩٠)، بل ادعي الإجماع عليه (الروضة البهية ١٠: ٢٧) ووردت بذلكرواية صحيحة عن الباقر (عليه السلام)
وعند العامة: يعزر المكره، وعن بعضهم: يحبس، كما في الممسك على القتل. (الإنصاف ٩: ٤٥٤، الاختيار ٢: ١٠٨)
المورد الرابع: حبس من خلص القاتل من القصاص وبه رواية صحيحة عن الصادق (عليه السلام) وقد أفتى بمضمونها جمع من فقهائنا
وردت بذلك روايتان: إحداهما من طرق الخاصة، رواها: الطوسي بسند حسن موثق عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): عشرة قتلوا رجلا، فقال إن شاء أولياؤهقتلوهم جميعا وغرموا تسع ديات، وإن شاؤوا تخيروا رجلا فقتلوه، وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية، كل رجل منهم، قال: ثم إن الوالي بعد يلي أدبهم وحبسهم (الكافي ٧: ٢٨٣، الفقيه ٤: ٨٥، التهذيب ١٠: ٢١٧.)
ولم يفت أحد من فقهائنا بمضمونها، بل صرح بعضهم بعدم جواز الحبس والضرب (تحرير الأحكام ٢: ٢٥٦)
المورد السابع: حبس الجاني إلى أن يستكمل الولي الشروط فيما لو كان صغيرا أو غائبا أو مجنونا، فلا يقتص منالقاتل إلى أن يبلغ ولي الدم، أو يفيق أو... وحبس القاتل حينئذ، هو رأي كثير من فقهائنا
المورد الثامن: حبس المسلم إذا قتل الذمي، فيما لو لم يكن معتادا لذلك.
فيعزر ويغرم الدية عندنا (المقنعة: ٧٣٩، المبسوط ٧: ٥ وغيرهما )
المورد التاسع : حبس القاتل إذا هرب بعد أخذ الدية.
وبه رواية موثقة أوردها الكليني، بسنده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا متعمدا،ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه: قال: إن كان له مال اخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب.
الفصل الثاني: الحبس في السرقة
وفيه موارد كثيرة:
المورد الأول: حبس السارق في الثالثة إلى أن يموت.
وهو مما اتفقت عليه الإمامية كما أنه هو رأي بعض العامة وأما من فقهائنا: فلم نجد به مخالفا
بمعنى أن السارق لو كان أقطع اليدين والرجلين، حكمه الحبس.
هذا ولكن لم يرد به نص من طرق الخاصة، ولكن ورد من طرق العامة عن علي (عليه السلام): أنه أشار على عمر بالحبسأو التعزير .
وقد أفتى بذلك يحيي بن سعيد ولم يقل به غيره، ولا ورد فيه نص، ولعل وجهه:
كون المسروق من غير حرز، فيحبس تعزيرا. (موارد السجن: ١٢٥)
المورد الرابع: الحبس في ناقب البيت، والكاسر للقفل.
وبه رواية عن علي (عليه السلام)
المورد الخامس : حبس البناش:
وقد أورد القاضي عن الصادق (عليه السلام) أنه يعاقب في كل مرة عقوبة موجعة وينكل ويحبس (دعائم الإسلام ٢: ٤٧٦، مستدرك الوسائل ١٨: ١٣٦)
المورد السادس: حبس قاطع الطريق
وردت بذلك رواية عن الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) قال: فان كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولميأخذوا مالا امر بإيداعهم الحبس. (وسائل الشيعة ١٨: ٥٣٥)
وهناك موارد اخرى .
وفيه موارد:
ففي رواية عن الصادق (عليه السلام): لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمثل، و المرأة ترتد عن الاسلام، والسارق بعدقطع اليد والرجل (الكافي ٧: ٢٧٠، وسائل الشيعة ١٨: ٤٩٣) ثم هل المراد بالتمثيل: عمل الصور، أو التنكيل والتشوية بقطع الانف والاذن والأطراف(مرآة العقول ٢٣: ٤٢٠، الوافي ١٥: ٤٩٣) أو الذي يصر على العمل - التمثيل - ويدوم عليه؟ (ولاية الفقيه ٢: ٥٣٢) فيه اختلاف.
ثم إن الحكم بالحبس فيه مخالف للمشهور (مرآة العقول ٢٣: ٤٢٠)
وقد وردت بذلك رواية صحيحة، (الكافي ٧: ٢٦١، التهذيب ١٠: ٦٤.)
وفيه موارد:
والمشهور فيه عندنا هو تعزير من شتم الغير بما لا يبلغ القذف الموجب للحد.
المورد الثاني: حبس من يؤذي الناس.
وقد يستدل بفعل علي بن أبي طالب (عليه السلام)
وفيه موارد منها :
المورد الأول: الحبس للمنع عن محارم الله.
وفيه رواية صحيحة أوردها الصدوق بسنده، عن الصادق (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى رسول الله (عليه السلام)، فقال: ان أميلا تدفع يد لامس، قال: فاحبسها، قال: قد فعلت، قال: فامنع من يدخل عليها، قال: قد فعلت، قال: فقيدها،فإنك لا تبرها بشئ أفضل من أن تمنعها من محارم الله (الفقيه ٤: ٥١. وسائل الشيعة ١٨: ٤١٢)
المورد الثاني: الحبس على ترك الفرائض، كترك الصلاة، ترك الزكاة.
وقد أفتى بذلك العلامة، فقال: لو اعتقد وجوبها - أي الزكاة - ومنعها فهو فاسق يضيق الامام عليه، ويقاتلهحتى يدفعها، لأنه حق واجب عليه، فإن أخفى ماله حبسه حتى يظهره، فإذا ظهر عليه أخذ منه قدر الزكاة... (تذكرة الفقهاء ٥: ٨)
وفي تارك الصلاة، عن أبي حنيفة ومالك: يحبس حتى يصلي (الخلاف ٥: ٣٥٨)
المورد الثالث: حبس المبتدع وهو رأي أحمد (الانصاف ١٠: ٢٤٩)
وعلى مذهبنا: يعزر فيما لو لم يؤد إلى إنكار الله أو النبي (صلى الله عليه وآله) والقرآن وإلا قتل للارتداد (موارد السجن: ١٨٩)
وفيه موارد:
المورد الأول: الحبس في السحر والكهانة، وعندنا: إن الساحر يقتل بلا خلاف(مسالك الأفهام ١٤: ٤٥٤، المبسوط ٧: ٧٢)
أما الكهانة: فلا خلاف عندنا في حرمتها.
وأما العامة: فعن أحمد بن حنبل القول بالحبس فيه (المغني ٨: ١٥٥)
المورد الثاني: حبس المنجم فقد ورد عن علي (عليه السلام) (وسائل الشيعة ٨: ٢٦٩، مرآة العقول ٤: ٤١٠)
الفصل السابع: حبس بعض أصحاب السلوك المنحرف
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس شاهد الزور.
وبه روايات من الفريقين: فعن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام): ان عليا كان إذا أخذ شاهد زور فإن كان غريبا بعث به إلى حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه، فطيف به، ثم يحبسه أياما ثم يخلي سبيله(التهذيب ٦: ٢٨٠. وسائل الشيعة ١٨: ٢٤٤)
وقد أفتى فقهاؤنا فيه بالتعزير (النهاية: ٣٣ - المهذب ٢: ٥٥٢ وغيرهما) ولم يفت أحد منا فيه بالحبس .
المورد الثاني: حبس العالم الفاسق، والطبيب الجاهل، والمكري المفلس.
وبه رواية مرسلة
والمكري المفلس إما بمعنى: الذين يدافعون ما عليهم من الحقوق أو بمعنى ما يشمل الدلالين والوسائط في المعاملات، أو المقاولون الذين يخدعون الناس ولا يوفونبالتزامهم. ولم أر من أفتى بمضمونها إلا يحيى بن سعيد الحلي والگلپايگاني
المورد الثالث: حبس السكارى المتباعجين.
فقد روى الصدوق بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: كان قوم يشربون، فيسكرون فتباعجوا بسكاكين كانت معهم فرفعوا إلى أمير المؤمنين فسجنهم.. (الفقيه ٤: ٨٧ - وسائل الشيعة ١٩: ١٧٣)
وقد عمل القدماء - من فقهائنا - بهذا النص، وأما المتأخرون فلمخالفته للأصول و القواعد، لميعملوا به.( جواهر الكلام ٤٢: ٩٢ - شرائع الاسلام ٤: ٢٥٣ – مسالك الأفهام ١٥: ٣٥٨.
وردت بذلك روايات من الفريقين، وأن عليا كان يحبس الفساق والفاسدين.
ولم نجد في كلمات فقهائنا من أفتى فيهم بالحبس، إلا ما عن الشيخ المفيد (المقنعة: ٨٠٤)
وأما العامة: فعن السرخسي: الذعار يحبسون أبدا حتى يموتوا (المبسوط ٩: ٩١)، وكذلك عن الماوردي وبعض المعاصرينمنهم حيث يرى وجوب تأديب الأشرار من ضرب وحبس ونفي وفيه موارد أخرى
الفصل الثامن: الحبس في الارتداد
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس المرأة المرتدة حبسا مؤبدا.
وبه روايات منها: ما رواه الكليني بسنده، عن الباقرين (عليهما السلام) في المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، والمرأة إذاارتدت عن الاسلام استتيبت، فإن تابت ورجعت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها. (الكافي ٧: ٢٥٦)
وفيه موارد كثيرة:
المورد الأول: الحبس لإقامة الحد، وبه نصوص من الفريقين، بحبس من يراد إجراء الحد عليه، كالحامل حتىتضع، والمقر بالزنا أربعا والقاتل إلى حين إجراء القصاص.
المورد الثاني: الحبس للفصل بين الحدين
وبه رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يتعرض لهذا أحد من فقهائنا الا ما يتراءى من الشيخ الطوسي (المبسوط ٥: ١٩٦)
وأما العامة: فعن أبي يوسف: يحبس حتى يخف الضرب (الخراج: ١٦٦)
وقد أشرنا اليه في الحبس للمنع عن المحرمات
المورد الرابع: الحبس في الزاني بأخته.
وذلك بعد أن ضرب بالسيف - حدا ولكنه لم يمت فيحبس حتى يموت، وبه رواية ولكنها ضعيفة في بعض طرقها، ولم نر قائلا بمضمونها، بل المقطوع في كلامهم القتل.
وهذا هو ما كان في بداية الاسلام ، ثم نسخ بآية الرجم (تفسير القمي ١: ١٣٣)
ولكن الأكثرون منا على نسخ هذا الحكم بآية الجلد (فقه القرآن ٢: ٣٦٧ - تحرير الأحكام ٢: ٢٢٢ - مسالك الأفهام ١٤: ٣٢٥)
وموارد اخرى
وفيه موارد:
المورد الأول: الحبس في الشارب نهار الصيام.
وبه رواية عن أبي مريم، قال: اتي بالنجاشي الشاعر، قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام)ثمانين ثم حبسه ليلة.. (الكافي ٧: ٢١٦)
وقد أشار اليه الشافعي (الام ٧: ٣٣١) وهو داخل تحت الحبس على ارتكاب المحرمات. ومبني على شمولالتعزير للحبس.
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس المؤلي زوجته، الممتنع عن الفئ، والرجوع، أو الطلاق.
والروايات منا بلغت حد الاستفاضة: روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في المؤلي إذا أبى ان يطلق،قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يجعل له حظيرة من قصب ويحبسه فيها، ويمنعه من الطعام، والشراب حتى يطلق (الكافي ٦: ١٣٣)
وعندنا: ان امتنع من الأمرين حبس وضيق عليه حتى يفئ أو يطلق (شرائع الاسلام ٣: ٨٦)
وهو مما لا خلاف فيه عند علمائنا (جواهر الكلام ٣٣: ٣١٥ - المقنع: ٣٥١ ).
وبه رواية (التهذيب ٨: ٢٤ - مصنف عبد الرزاق ٦: ٤٣٩)
وقد أفتى جمع من فقهائنا فيه بالحبس، وانه ان خرجت ثلاثة اشهر ولم يختر أحدهما حبسه الحاكم وضيقعليه في مطعمه ومشربه حتى يتخير أحدهما. (قواعد الأحكام ٢: ١٨٦ - كنز العرفان ٢: ٢٩٠)
المورد الثالث: حبس الممتنع عن تعيين زوجته أو زوجاته. وهو فيما لو اسلم المشرك على أكثر من اربع نسوة ولميختر منهن ولم يترك الباقي.
المورد الخامس: حبس الزوج والولي لترك النفقة.
وفيه روايات من الفريقين، ففي الجعفريات: إن امرأة استعدت عليا على زوجها، فأمر علي (عليه السلام) بحبسه وذلك أنالزوج لا ينفق عليها، اضرارا بها
عن أبي حنيفة وأتباعه: ولا حبس فيه - عندنا، إذ أن الزوج لو قذف زوجته فلم يلاعن فقد ثبت عليهالحد، وان لاعن ونكلت الزوجة عن ذلك فقد ثبت عليها حد القذف (شرائع الاسلام ٣: ١٠٠ - جواهر الكلام ٣٤: ٦٧)
ويتراءى من كلمات الشيخ الطوسي (المبسوط ٨: ٢٥٤) وهو صريح كلمات بعضالعامة. (المدونة الكبرى ٥: ١٣٦)
المورد الثامن: حبس من يؤذى زوجته.
ولا بأس به لأنه من حقوق الناس، ومبني على اطلاق ولاية الحاكم ولكن لم أر من أفتى به صريحا منالفريقين .
الفصل الثاني عشر: حبس أعداء الدولة
وفيه موارد:
المورد الأول: حبس الجاسوس المسلم وهو رأي أبي حنيفة والأوزاعي وأبي يوسف (الخراج: ١٩٠)
واما عندنا فالأمر مختلف فيه باختلاف الموارد، فيعزر ويحرم من الغنيمة ان كان مسلما، وقد يفصل بين المسلم والذمي والحربي (انظر موارد السجن: ٣٢٤)
المورد الثاني: حبس البغاة.
وبه رواية أوردها النوري عن شرح الاخبار، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان فيمن أسر يومالجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة، فقال: كنت في سجن علي بالبصرة.... (مستدرك الوسائل ١١: ٥٧) والبغاة هم الخارجون على كل امام عادل (النهاية: ٢٩٦)
وبه روايات من الفريقين، في أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) كانا يحبسان الاسرى .
المورد الرابع: حبس الكافر والباغي مقابل أسر المسلمين.
تفيد بعض النصوص ان النبي (صلى الله عليه وآله) حبس بعض الكفار في مقابل حبسهم لبعض المسلمين - المحتجزين عندهم -
المورد الخامس: حبس غير البالغ من المشركين. لو ادعى انه غير بالغ كي يتخلص من القتل.
المورد السادس: حبس الممتنع عن دفع الجزية (من أهل الكتاب)
وهو رأي عامي، وعن أبي يوسف فقط (الخراج: ١٢٣ - المجموع ١٩: ٤٠٢).
واما عندنا: ان عدم دفعهم الجزية يخرجهم من عهد الذمة إلى المحاربين فلا مورد للحبس فيه.
المورد السابع: حبس من أراد الخروج على الامام.
والأصل فيه ما أورده الطبري عن علي (عليه السلام) " ما يحل لنا دمه ولكنا نحبسه " المورد التاسع: حبس المحارب، فيما لو لم يقتل ولم يأخذ مالا.
وهو المتبادر من الشيخ الطوسي (المبسوط ٨: ١٤٧) والحلبي وادعى في الجواهر (جواهر الكلام ٤١: ٥٩٣) وغيرهما ان القول بالحبس قول للعامة (المدونة الكبرى ٦: ٢٣٧)
روى في الحكم بن أبي العاص حيث قرع بسمعه الباب ليسترق بسمعه ما يسار النبي (صلى الله عليه وآله) عليا... فلعنه نبي الله ثلاثا، فقال لعلي: احبسهناحية. (مجمع الزوائد ٥: ٢٤٣)
الفصل الثالث عشر: حبس العمال والموظفين
وفيه ثلاثة موارد:
المورد الأول: حبس العامل الخائن.
وقد تتأيد هذه بما دلت على حبس الغاصب والمديون الذي لم يثبت اعساره، والملتوي عن أداء الدين، فلعلالحبس من هذه الجهات، أو جهات أخرى لا نعلمها.
المورد الثاني: حبس ملقن العامل الخائن.
ولعل الأصل فيه ما ورد ذيل كتاب علي إلى رفاعة - قاضي الأهواز - : ... فان صح عندك ان أحدالقنه ما يضر به مسلما، فاضربه بالدرة، فاحبسه حتى يتوب، وفي سنده كلام. (دعائم الإسلام ٢: ٥٣٢)
المورد الثالث: حبس الأمير المداهن.
والأصل فيه: ما أورده البلاذري من قول علي (عليه السلام) لمسيب، وتأنيبه وربطه إلى سارية من سواري المسجد، ويقال:انه حبسه. (أنساب الأشراف ٣: ١١٣٦ - نهج السعادة ٢: )
الفصل الرابع عشر: الحبس في الحقوق المالية
وفيه موارد كثيرة منها:
المورد الأول: حبس الممتنع عن أداء دينه، قد وردت روايات من الفريقين بحبس الملتوي والقول بالحبس فيه هو رأي فقهائنا قديما وحديثا.
الفرع الأول: مدة الحبس، فقيل: شهر، وقيل شهران، وقيل: ثلاثة، وبعضهم بأربعة، وبعضهم إلى سنة، أويفوض إلى رأي القاضي أو الحبس إلى أن يبيع ماله أو إلى أربعين يوما أو ليس له حد محدود.
الفرع الثاني: المماطل الموسر هل يتعين عليه الحبس أم يتخير الحاكم بينه وبين بيع ماله؟ ذهب المحقق إلى الثاني، واما الأول فهو رأي جمع من فقهائنا
وبه روايات منها: ما رواه الصدوق بسنده عن أمير المؤمنين: قضى علي (عليه السلام) في الدين: انه يحبس صاحبه، فإذاتبين افلاسه والحاجة، فيخلي سبيله حتى يستفيد مالا (الفقيه ٣: ١٩ - التهذيب ٦: ٢٣٢)وقد أفتى به كثير من فقهائنا قديما وحديثا.
المورد الخامس: حبس الغاصب وآكل مال اليتيم وخائن الأمانة.
وبه رواية أوردها الكليني مرفوعا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): كان لا يرى الحبس الا في ثلاث: رجل اكل مال اليتيم،أو غصبه، أو رجل أوتمن على أمانة فذهب بها. (الكافي ٧: ٢٦٣)
المورد السادس: حبس الراهن.
وقد نص الفقهاء على حبسه فيما لو حل الحق وامتنع من أدائه فيجبره على البيع أو يبيع عليه أو يحبسه، علىالخلاف، ولا نص له بالخصوص
وبه روايات بعضها صحيحة
المورد الثامن: حبس المدعى عليه الممتنع عن الكلام.
وقد أفتى الكثير منا: بحبس المدعى عليه الساكت عن الجواب عند سؤال القاضي، إلى أن يقر أو ينكر، أو يعفوالخصم عن حقه.
المورد العاشر: حبس المدعى عليه الممتنع عن الحضور في المحكمة.
ولا كلام في تعزيره وتأديبه بما يراه الحاكم، ولكن في خصوص حبسه لم يقل به الا بعض العامة. (الاختيار " الهامش " ٢: ٩٢)
وهو قول الشيخ الطوسي - في موردين وهو رأي بعض العامة مثل مالك وأبي حنيفة.