شهر الجهاد الأكبر
شهر الجهاد الأكبر
شهر الله فرصة للجهاد الأكبر والتربية على الفضائل والبعد عن الرذائل والفرص تمرّ مرّ السحاب فاللازم هو المبادرة الى استغلال هذه الفرصة الربانية خصوصا مع اقبال النفس على الطاعة والبعد عن المعصية .
وهنا جملة من مواهب شهر الله :
1- شهر رمضان شهر ترويض النفس
فعن الإمام الرضا عليه السلام:
"... وليكون ذلك (الصوم) واعظاً لهم في العاجل ورائضاً لهم على أداء ما كلفهم ودليلاً في الاجل..."
فدور الصوم اتاحة فرصة تعويد وترويض النفس
فليس الصوم فقط صبراً على الطعام ولا عن الشراب ولا عن المفطًرات التي ذكرها الفقهاء، بل هو تربية للإرادة، تربية للنفس على أن تتعلم أن اللذة في ترك اللذة، على تقديم اللذة الدائمة في لقاء الله على اللذة المؤقتة وهذا هو الهدف
والإنسان ايضا عنده نزعة فردية، يريد التملك ”منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب مال“وهناك نزعة اجتماعية وهي حب الناس
كيف يوفق بين النزعة الفردية والنزعة الاجتماعية؟
كيف يتنازل عن شيء من ثروته لأجل الناس؟ (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
كيف يوفق بين حبه للثروة وبين تضحيته بوقته بجهده بلا مقابل في سبيل الناس؟
هذه تحتاج إلى عملية تغيير، شهر رمضان يتكفل بذلك
فشهر رمضان يربيك على أن تكون معطاءً، على أن تكون باذلاً، إما أن تبذل أموالاً، أو وقتاً، أو فكراً، أو خدمةً، المهم أن تبذل، وأن تحصل على عملية توازن بين النزعة الفردية والنزعة الاجتماعية .
من قضى لأخيه المؤمن حاجة نودي من بطنان العرش عليّ ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة“..
2- دورة تدريبية عبادية عامة
إن الإنسان في غير شهر رمضان ربما يدخل مضمار جهاد النفس وحيداً بينما يشكل الشهر الشريف دورة جماعية مع ما في ذلك من عون إلهي لتقوية الدافع عند كل البشر لتحصيل ملكات الخير خصوصاً بالنظر الى ما ورد منها في خطبة الرسول.
3- تسكين الشهوات
وفي الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام:
"مع ما فيه من الإنكسار عن الشهوات".
إن الإنسان يحتاج في عملية جهاد نفسه الى أن يقوى عليها مع استعدادها للخضوع فبالصوم تضعف قوى الجسد وتسكن الشهوات فيسهل العمل.
4- التذكير بالآخرة
في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام:
"لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقر الاخرة...".
فكما يحتاج الإنسان في عملية ترويض نفسه وجهادها الى العمل كذلك يحتاج الى ما يذكره بمواقف الاخرة ليكون واعظاً له.
ففي خطبة الرسول:
"واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه".
5- التحرر من وساوس الشيطان
إن مما يعيق الإنسان في عملية اصلاح نفسه هو اعانة الشيطان لهوى النفس وغوايته لها. والله عز وجل من كرمه يمنع هذا اللعين في هذا الشهر وجنوده من ذلك ففي خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
"... والشياطين مغلولة فأسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم".
وهذا بحد ذاته فرصة ليعرف الإنسان الى أي مدى تأصلت في نفسه الأمراض الأخلاقية ليعمل على علاجها خصوصاً إذا وجد من نفسه ميلاً لها رغم كون الشياطين مغلولة.
6- التدريب على الصبر
فالصبر أساس ثبات الإنسان ومن لا صبر له لا يمكن أن يكون ثابتاً وشهر رمضان يعودنا الصبر وينمي هذه الملكة فينا من خلال ممارسته عملياً بتحمل الجوع والعطش والكف عن الملذات الأخرى.
ولذا ورد في القران الكريم:
﴿اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
فعن الإمام الصادق عليه السلام تفسير الصبر بالصيام.
7- التخلص من أوزار الذنوب
إن مما يعيق سير الإنسان الى الله في عملية جهاد النفس هو آثار الذنوب وتبعاتها التي تعرقل خطى تكامله وتثقلها وشهر رمضان هو وسيلة الخلاص من تبعات هذه الذنوب:
"قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة".
ولذا فان عدم الإستفادة من فرصة شهر رمضان لتحصيل غفران الذنوب خسارة وأي خسارة.
فعن صادق الأئمة عليه السلام: "من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له الى مثله من قابل إلا أن يشهد عرفة".
وفي خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر".