هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام

 عيد الغدير يوم الولاية

 صدر العدد الجديد من مجلة اللقاء

  النبي مُحمَّدٌ (ص) في كلام الامام عَليٍ (ع) ‏

 إشكالية مفهوم الدولة ونظام الحكم في الاسلام

 مع علماء الوهابية

 كلمات وردت في القرآن الكريم

  خصائص الامام عليه السلام

 الاستشراق والتبشير

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7041856

  • التاريخ : 28/03/2024 - 15:07

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : مقالات .

              • الموضوع : مع علماء الوهابية .

مع علماء الوهابية

 مع علماء الوهابية

الشيخ محمد جواد مغنية (ره)

 اغتنمت فرصة وجودي بمكة والمدينة، لأداء فريضة الحج، وزيارة الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم، واجتمعت بمن تسني لي الاجتماع به من علماء الوهابية، ودار بيني وبينهم حوار ونقاش حول مفهوم الإسلام، وحقيقة الشرك، وحول التقارب بين المذاهب الإسلامية، ووضح خطة لوحدة المسلمين، وجمع كلمتهم، على أن تطبق هذه الخطة بالتسامح، ونبذ التعصب، وعدم تكفير طائفة طائفة أخرى، وأن يكون الجامع المشترك هو كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله ".

 فرأيت من بعضهم التشدد، والعزم على سد أية نافذة يهب منها نسيم التقريب والإخاء، ومن البعض الآخر التواضع والتسامح في كل الخلافات إلا الخلاف في تعمير القبور ورفع القباب عليها، فإن تبريره شرك عند الجميع بدون استثناء.. لمست هذا من أحاديثهم، وفي كتبهم، وتملكني اليأس، حتى ولو بذلت الجهود، وتعبأت جميع القوي.. إن مسألة التعمير عندهم ليست حقا لأحد من المسلمين أو غير المسلمين، حتى يطالبهم به، لأنه شرك وكفر وإلحاد، وهذا هو الشيء الذي يجب أن يناقشوا فيه علي أسسهم ومبادئهم.. وقد عقدنا فصلا خاصا بذلك.

محاكم الوهابية

 ذهبت إلى المحكمة بدون دليل أو رفيق، وتنقلت من قاض لآخر، واستمعت إلي محاكمتين عند قاضيين، إحداهما بين امرأتين متجاورتين، قد تنازعتا علي حد بينهما، والثانية بين رجل وزوجته، وما سألني أحد عن شئ، ولم يثر وجودي انتباه أحد، ثم دخلت إلي غرفة قاض ثالث، فرأيته جالسا خلف طاولته، وفي يده جريدة يقرأها. فقلت له: هل تجيبني علي ما لدي من أسئلة؟. قال: سل الرئيس الشيخ سليمان بن عبيد. قلت: وأين هو؟. قال: في الدور العلوي. صعدت إلى هذا الدور، فرأيت غرفة واسعة  وفي صدر الغرفة يجلس رجل متقدم في السن، وإلي جانبه كرسي ثانية، ويلبس كوفية حمراء، وثوب أبيض، فسألت عنه؟ فقيل: هذا هو الرئيس. سلمت، وجلست إلى جنبه خلف الطاولة، وكان يختم أوراقا مكتوبة بختمه دون أن يوقعها بإمضائه.

 

المباحثة مع القاضي الوهابي

  ...فقلت له: ولكن المعروف أنكم تكفرون غيركم من أهل المذاهب الإسلامية، بخاصة الشيعة، وتزعمون أنهم يغالون في حب الإمام علي، وأخبرك بأني شيعي جعفري، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله الذي قال: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق، وأوالي عليا الذي قال: هلك في اثنان: مبغض قال، ومحب غال. أواليه لأنه من الذين عناهم الله جل شأنه بقوله: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ". ولأنه بطل معركة الإسلام في جميع المواقف الذي وقفها الرسول ضد الشرك، وأعداء الدين.

 قال: ولكن لا بد من البعد عن الشرك.

 قلت، هنا يكمن السر.. إنكم ترون المسلمين مشركين، وكيف يجتمع الشرك مع قول لا إله إلا الله محمد رسول الله؟. وهل من الشرك أن أعتقد أن الصلاة في مسجد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أعظم من الصلاة في بيتي؟..

وقبل إن أنهي كلامي قال: نعم قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: الصلاة في مسجدي بألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه بألف صلاة في مسجدي. قلت له: سبقتني.. إذن، أين الشرك؟. قال: الشرك أن يعتقد المصلي بأن الفضل جاء من أجل صاحب القبر.

 قلت: أولا: إن هذا الاعتقاد ليس بشرك، لأن معني الشرك أن يدعو المشرك مع الله إله آخر، وهذا شيء، والاعتقاد بأن هذه البقعة اكتسبت شرفا ممن دفن فيها شيء آخر.

 ثانيا: أي فضل للأرض من حيث القداسة لولا صاحب القبر، إن أجزاء الأرض بكاملها سواء من هذه الجهة، ولا فضل لبقعة علي أخري إلا بمن حل فيها.. لذا قيل: المكان بالمكين، وكل إنسان يقدس بفطرته التربة التي تضم رفاة العظماء والصلحاء، والآباء والأجداد.

قال: بارك الله فيك، يا ليت كل الشيعة مثلك.

 قلت: ومن تعرف من الشيعة؟. وماذا قرأت لهم؟. اقرأوا كتبهم، وافهموهم جيدا، ثم احكموا عليهم بما تستوحون، وتفهمون، وليس من شأن العالم أن يلقي القول جزافا، هذا، إلى أن قوة الإسلام والمسلمين تقوم علي أساس التسامح والتقارب، والمحبة والأخاء، لا علي الشحناء والبغضاء، ونحن لا نناوئ أحدا، ولا نريد أن يناوئنا أحد.. فهز رأسه علامة القبول والاستحسان.

 وقلت له: ما الشرط لتعيين القاضي عندكم؟

قال: أن يحمل شهادة من كلية الشريعة بمكة، أو الرياض، أو من الأزهر، وأن تثبت كفاءته بعد أن يتمرن سنتين عند أحد القضاة.

 قلت: وما تحمل أنت من الشهادات. فابتسم، وقال: لا شيء، أني درست علي الشيوخ عندنا. قلت: سأضع كتابا في عقيدة الوهابية.

قال: يجب أن تعتمد المصادر المعتبرة عندنا.

 قلت: أجل، وهذا شرطي إذا أردتم الكلام عنا. وما هي المصادر المعتبرة ؟ فأسمي لي عددا من الكتب، بعضها موجود في مكتبتي، والبعض الآخر اشتريته من مكتبات مكة.

 وسألته عن المصادر التي يعتمدونها في أحكامهم؟. قال كتب الفقه الحنبلي.

قلت: ما هو الكتاب المفضل منها؟. قال المغني لابن قدامة. وأخذ يثني عليه، ويطنب.

 قلت: إن صاحب المغني يقول: إذا وطأ الزوج زوجته، ثم وطأها أجنبي بشبهة، وأمكن إلحاقه بهما يعرض الولد علي القافة، فإن ألحقه بالأول لحق به، وإن ألحقه بالثاني لحق به، وإن ألحقه بهما معا لحق بهما معا. وكل الناس يعلمون أن الشخص الواحد يكون له أكثر من ابن، أما أن يكون له أكثر من أب فغريب.

 قال من الممكن أن يختلط الماءان، ويتولد الجنين منهما.

 قلت: الجنين لا يتولد إلا من بويضة واحدة، وهي لن تكون إلا من رجل واحد.. فسكت، فودعته، وانصرفت.

 وإذا اختلف تفكيرنا عن تفكير الوهابية، وبعدت الشقة ما بيننا فإن هذا لا يمنعني من قول الحق، وتسجيل ما شاهدت من أن الناس وأرباب الحاجات تراجع الكبار منهم وغير الكبار بملء حريتهم، وأنه لا شيء أهون من الوصول إليهم، والحديث معهم، ومناقشتهم، وهم يصغون للصغير قبل الكبير بصدر رحب، وخلق عربي، تماما كعلماء الدين الأول في قري جبل عامل الذين يحرصون كل الحرص علي حياة البساطة، والبعد عن الأبهة.

 

من وقائع اخر

كلية الشريعة:  .. صعدت الدور العلوي الأول، وتنقلت فيها من جناح إلي جناح، فلم أر أحدا لا أستاذا، ولا طالبا، ولا فراشا لمناسبة عيد الأضحى، وأخيرا رأيت غرفة مفتوحة، وعلي بابها قطعة من النحاس الأصفر، كتب عليها " العميد " فدخلت، وإذا برجل يجلس وراء الطاولة، يرتدي السترة والبنطلون، سلمت، وقلت له: حضرتك العميد؟. قال: نعم. قلت: والاسم الكريم؟ قال: أحمد علي أسد الله.

 قلت: أنا لبناني، قصدت الحرم الشريف، لأداء الفريضة....

قلت: كانت المدارس من قبل، بخاصة الدينية منها أشبه بالزوايا، وتكيات الدراويش، وهذا البناء الضخم يتفق تماما في مظهره وفنه مع العصر الحديث وحضارته، فأسأل الله أن يكون التعليم بروحه وأهدافه كذلك، وأن يبرز الشريعة الإسلامية بأسلوب يحببها إلي الجميع، وأن تجنب التلاميذ روح التعصب والبغضاء بين المسلمين، ولا يكفر بعد اليوم بعضهم بعضا، فإنهم أحوج الناس إلي الألفة والتقارب، وأظن أنكم تعلمون - الخطاب للعميد - أن النجديين معروفون عند الناس بالتشدد والتعصب، لأنهم يسيئون معاملة الحجاج الذين لا يدينون بالوهابية.

ففهم ما أردت، وقال: الحق إن التعصب موجود، ولكن لا من طرف واحد، بل من الجميع، وقد خفت حدته كثيرا عن ذي قبل - مثلا - كان النجدي إذا رأي في الكعبة حليق الذقن ينتهره، ويصيح به، وربما أخرجه منها، أما اليوم فيدعه وشأنه، ومع ذلك فإن بعض الحجاج يجسمون الأمور أكثر من حقيقتها، ويوقعونا في مشاكل تافهة، يمكن تحملها والإغضاء عنها، لو حسنت النية، من ذلك أن رجلا من الجزائر جاء معتمرا في شهر رمضان من هذه السنة، وصادف، وهو واقف في حجر إسماعيل أن شخصا أراد أن يسجد، فلم ير موضعا لشدة الزحام، فنحي رجل الجزائري بيده، وهنا ثارت ثورة الجزائري، وظن أن الشخص وهابي، وهو ليس وهابيا، وصاح بأعلى صوته لقد أهنتم الإسلام ونبي الإسلام، وهدمتم قبور أهل بيته، وفعلتم الأفاعيل، واجتمعت عليه الجموع، وهو ينادي ويصيح بالشتم والسباب، وأخذت مسألته دورا كبيرا، واضطررنا أن نقف مع الجزائري، ومع ذلك بلغت الحال حدها الأقصى من التضخيم والتجسيم.

 قلت: إن الله جل وعز أراد الدين من الناس اختيارا لا إكراها، ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، كما اتخذ من ألسنتهم أقلاما تعبر عن الحق، وبالأمس كان الحجاج يشكون من تعصب الوهابية وسوء معاملتهم، واليوم خفت الشكوى، ونرجو أن تزول كلية. وأولي بكليتكم هذه أن تسير في طريق التعقل والتسامح، وتثور علي التعصب البغيض وتتجه إلي العمل التقريب بين المذاهب الإسلامية، وتتطلع علي كتب الجميع وتنشر الحقائق، وإذا كانت الكلية تعلم الفقه فإن الفقه الإسلامي لا ينحصر بالمذاهب الأربعة، بل يعم فقه المذاهب بكاملها، وفضل الشريعة إنما يظهر في أقوال المذاهب مجتمعة، لا في قول مذهب دون مذهب، كما أن حديث الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم لا ينحصر بأحاديث الصحاح الستة، بل يشمل كل حديث ثبت عنه، سواء أكان في الصحاح أم لم يكن. فوعد بأن يعمل لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وقد اكتشفت من أسلوبه وأفكاره أنه عارف ومتزن.

 الشؤون الدينية: وأثناء عودتي من كلية الشريعة مر السائق بحي يدعي محلة الزاهر، وهو من الأحياء الحديثة بشوارعه، وبناياته، وأشجاره، وحدائقه، ورأيت في هذا الحي بوابة كبيرة فوقها لوحة كتب عليها بالخط الكبير " إدارة التفتيش الديني "،  

دخلت واستقر بي الجلوس قلت: أنا لبناني، وقد أتيت للحج، وأرغب في التعرف علي الهيئات الدينية، وأعمالها، فماذا تعنون بالتفتيش الديني؟. وهل تبحثون عن دين الإنسان، وماذا يعتقد، فتقومونه إن كان اعتقاده معوجا؟.

 قال أحدهم، وهو المدير العام، واسمه الشيخ محمد بن عبد الله آل الشيخ، وأخوه وزير المعارف، قال: كلا، بل نربي النشء في المدارس علي عقيدة الإسلام وأخلاقه، وننظر الكتب التي تدرس هذه المادة، ونشرف علي سير أساتذتها ونشاطهم. قلت: هذا حسن، ولكن المهم هو الأسلوب، وصواب الفكرة، وإبراز الدين بصورة تسير مع الحياة، حتي يرغب فيه الصغير والكبير، ولا شئ يقف في طريق الغاية المنشودة من الدين كالتعصب، فأرجو أن لا تذهلوا عن هذه الحقيقة، وقبل أن أنهي حديثي التفت أحد الحضور، واسمه الشيخ علي معجل، وهو مفتش في هذه الإدارة، التفت إلي المدير، وطلب إليه أن يدع له الجواب، كأنه يريد النزال والقتال، ويسأل رئيسه الأذن بالمبارزة، وقال لي: ماذا تعني بالتعصب؟. قلت: إن المسلمين أخوان علي دين واحد والاختلافات التي بينهم ليست جوهرية، وقد عنيت بترك التعصب أن لا تكفر أنت ولا غيرك من نطق وآمن بكلمة التوحيد، كما هو المعروف والمشهور عن الوهابيين أنهم يكفرون غيرهم، لا لشيء إلا لأنه غير وهابي.

قال: ولكن يجب علي المسلم أن يؤمن بكلمة التوحيد بحقها.

 قلت: حقها معروف، وهو الإيمان بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان، والأركان هي الصوم ولصلاة، والحج والزكاة، وكل المسلمين يصومون ويصلون، ويحجون ويزكون.  

 قال: هناك شيء آخر. فأومأ إليه المدير بالسكوت، فسكت، وتمنيت لو تركه في حديثه، لا عرف ماذا يريد من الشيء الآخر؟. وأعرفه مكانه من العلم والمنطق.. وأظن أنه قصد بالشيء الآخر تعمير القبور وزيارتها والصلاة عندها.. ومهما يكن، فسيأتي الحديث عنها مفصلا.

 ثم قام المدير من مكانه، وجلس إلي جانبي، وقال بالحرف، وبكل تواضع: إن ما تقوله هو الحق، أجل، نحن أخوان، ويشهد الله أننا نكره التعصب والمتعصبين، ولكن الدعايات هي التي تلفق وتختلق.. ثم قال لي المدير: نحن بخدمتك، وخدمة كل حاج معك، مرنا بما شئت. قلت: شكرا، لا شيء سوي التعرف بكم.. وما رأيت أحدا في مكة المكرمة بخلقه وتواضعه، لذا نظرت إليه مستغربا، وقلت: من أين أنت؟ قلت هذا، وأنا علم أنه نجدي وهابي

فضحك بملء فمه، وقال: أنا نجدي وهابي متعصب

 ... ثم سألني أين أقصد؟. قلت إلي الشيخ عبد الله خياط، وهو مستشار في وزارة المعارف ،  وإمام الجماعة والجمعة وخطيبها في الحرم المكي الشريف.

 قال لي المدير: إياك أن تقول له: أنا جعفري. قلت: أترك الأمر للمقتضيات والمناسبات، ثم ودعته شاكرا بعد أن رأيت فيه المرونة والتعقل، ولو كنت مكان المسؤولين في السعودية لاخترته سفيرا لدي الحكومات الكبري.

 إمام الجمعة والجماعة ذهبت إلي هذا الشيخ، وهو عبد الله خياط، إمام الجماعة والجمعة وخطيبها في الحرم الشريف، ومستشار وزارة المعارف، وابتدأته بقولي المكرور: أنا حاج من لبنان، وإذا كان من فوائد الحج وبركاته التعارف بين المسلمين، فأولي أن نتعرف ونعرف أعيان هذا البلد الأمين، وقد زرت وتعرفت علي رئيس القضاة الشيخ سليمان بن عبيد، وعميد كلية الشريعة الأستاذ أحمد علي، ومدير التفتيش الديني الشيخ محمد بن عبد الله، وسررت بمقابلة هذا المدير كثيرا..

قلت هذا، وانتظرت، ليعلق بالإيجاب أو السلب، ولكنه بقي صامتا، فاستأنفت الكلام

 وقلت: إن الشرطة كانوا يضايقون الحجاج من قبل، أما اليوم فأخف، فهل هذا يعني أنكم رأيتم سياسة التسامح أفضل؟.

 قال: كل ما يقال هو مجرد دعاية ضدنا

قلت: إن للإسلام إمكانات وقوي عظمية، وعلي المخلصين أن يستغلوها لتحسين العلاقات الاجتماعية النافعة للمسلمين.

 قال: إن الصلاة عامود الدين إذا قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها.

 قلت: هذا حديث صحيح، ولكن له مقام آخر.

 قال: كل حديث غير حديث الصلاة لا يجدي.

 قلت: وهل هناك طائفة تنتمي إلي الإسلام، وتترك الصلاة؟.

 قال: الشباب الشباب لا يصلون، ثم أفاض بالكلام عن تهاون الشباب بالصلاة.. هذا، مع العلم بأن هذا الرجل حين يقف للصلاة في الكعبة يغص الحرم والمسعي علي سعتهما بالمصلين، ويمتلئ الشارع والسوق المحيط بهما بالمؤتمين، وأكثرهم من الشباب، ومع ذلك لم يشبع، ويطلب المزيد من المؤتمين به...

قلت: وأي مانع من اتحاد المسلمين، وعملهم يدا واحدة لحمل الشباب علي الصلاة؟.

 قال: أبدا إلا الصلاة أولا، والاتحاد ثانيا

قلت: يا شيخ إن للإسلام أعداء يكيدون له عن طريق الدس، وحمل بعض المسلمين علي تكفير بعض، لينالوا  منهم ما يبتغون، فعلينا أن ننتبه لأهدافهم ودسائسهم.

قال: الله يوفق، الله يوفق، قالها بأسلوب يشعر بعدم الرضا والاقتناع.

 أما الصورة التي ارتسمت في ذهني لهذا الشيخ فهي نفس الصورة التي ارتسمت في ذهنك أيها القارئ، وأنت تقرأ ما دار بيني وبينه من الحوار.. ومن الحكايات الشائعة في قري جبل عامل أن رجلا أطرش كان يزرع الفول في أرضه، فمر به آخر، وسلم عليه، فظن الأطرش أنه يسأل ماذا يزرع؟. فقال: ازرع الفول. قال له: كذا في ذقنك. فقال بطولها، وهو يريد أن الزرع امتد من أول القطعة إلي آخرها..

هذا الشيخ المتعصب الذي إئتم بإبليس إمام المتعصبين يأتم به الهمج الرعاع، ويطلبون من الشيعة أن يأتموا به.. وقد عقد البخاري في الجزء الأول من صحيحه بابا خاصا في أن " أهل العلم والفضل أحق بإمامة الصلاة ". ولا أدري إذا كان المستشارون في وزارة المعارف السعودية كلهم علي شاكلة هذا الخياط، وفي وعيه ومعرفته؟

 

وقايع المدينة

في المدينة المنورة: بعد الانتهاء من الحج ومناسكه سافرت إلي المدينة المنورة  وابتدأت بزيارة قبور أئمة البقيع عليهم السلام، والبقيع قطعة واسعة من الأرض مسورة بحائط رفيع، وله باب يقف عليه شرطي، يمنع النساء من الدخول، ويأذن للرجال، وفي هذه البقعة المباركة المقدسة دفن الإمام الحسن، والإمام زين العابدين، والإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق، وكثير من الصحابة والصلحاء، وكان على قبور الأئمة الأربعة بناء تعلوه قبة، فهدمه الوهابيون سنة 1343 ه. حين انتزعوا الحجاز من الشريف حسين، واستولوا عليه. ولم يحجموا عن هدم الحرم النبوي إلا بعد أن ثارت ثائرة المسلمين عليهم، وقامت الدنيا علي رؤوسهم، ولم تقعد، وإلا بعد أن تأكد لهم أن المسلمين لا يدعون وهابيا علي وجه الأرض، لو مسوا القبر الشريف بسوء.. وقد سمعت خطيبهم يخطب في حضرة الرسول، ويقول بحرقة وحسرة: كان علينا أن نمنع الناس عن هذا المكان، ولكن ماذا نصنع، وقد غلب علي أمرنا.. ورغم أن مكانة أهل البيت هي مكانة جدهم بالذات، وحقهم هو حقه علي كل مسلم إلا أن اهتمام الشيعة وتمسكهم بهذا الحق، وإبرازهم لهذه المكانة وخصائصها وآثارها حمل غيرهم من المسلمين أن يتجاهلوا، ويغضوا الطرف عن جريمة الوهابيين، وما فعلوا بقبور الآل الكرام. دخلت البقيع، فرأيت الألوف يحيطون بقبور الأئمة، يزورون ويدعون، ويتضرعون ويبكون، أما النساء فيقفن وراء الحائط، يزرن متجهان إلي البقيع. ولم أستطع المكوث في البقيع، بعد أن رأيت ما رأيت من آثار الظلم والجور علي أهل البيت الذين أشادوا صرح الدين، وأعلوا كلمة الحق.. لم أستطع التأخير رغم تشوقي وتلهفي، وأي فرق بين أن أري آثار الوهابيين في البقيع، وبين أن أري ما فعل الأمويون والعباسيون بأهل البيت؟.. كل منهم أراد أن يشتفي وينتقم لنفسه من الحق والعدل، وانتهج سياسة الضغط وكبت الحريات، وأعلن الحرب علي العقائد والمبادئ، وعلي كل شعيرة لها تأثيرها في نشر الحق والعدالة، والمساواة، وكراهية البغي والمحاباة.

 وقد يظن أني أقول هذا بوصفي شيعيا موليا موتورا، يريد أن ينتقم لعقيدته وأئمته.. وقد يكون هذا الظن حقا، وقد يكون باطلا، ولكن الحق الذي لا يتطرق إليه الشك والريب أن الوهابيين اليوم كالأمويين والعباسيين بالأمس، يعيشون في الترف والنعيم، والناس حولهم جياع عراة، وما هو المبرر لهذا التفاضل والاستئثار؟ هل هو الشرف والعظمة التي يدعيها الجهلاء والسفهاء؟

فهؤلاء آل الرسول أشرف وأعظم الناس إطلاقا بعد جدهم، ومع ذلك قدروا أنفسهم بأفقر الناس، يشبعون يوما، يجوعون أياما، فكيف بالأدعياء؟.. إذن لا مبرر إلا الظلم والجور..

ولولا أهل البيت ومن سار بسيرتهم لم تتضح هذه الحقيقة ، ولم يفتضح بسببها الدعي المستأثر، ومن هنا كانت إساءة التقي للشقي، والمحق للمبطل، والشريف للوضيع، والعالم للجاهل. وهذا ما قوي من عزيمة الوهابيين علي الهدم، ومحاولة الاعفاء علي الرسم، وإن تصوروا، وخيل إليهم أن الدافع والمحرك الأول هو الإخلاص للوحدانية، والقضاء علي الوثنية.

 وتقول: إن الوهابية تدين بعدم البناء على القبور منذ وجودها، حيث لا ذهب أسود، ولا أبيض، ولا فولاذ ولا زنك ولا حديد.

 قلت: هذا صحيح، وصحيح أيضا أن من يستأثر علي الناس بما تحتاج إليه هو وعد طبيعي لمن لا يري لنفسه شيئا تحتاجه الناس، أراد ذلك، أو لم يرد. ومهما يكن، فإن استطاع الوهابيون أن يزيلوا الأحجار عن قبور الأئمة الأطهار، فإنهم أضعف من أن يزيلوا ذرة من الحب والولاء للرسول وآله، أو يمحوا كلمة واحدة من كلامهم، وحكما من أحكامهم، فلقد دلتنا التجارب المتتالية عبر التاريخ إن عظمة الآل ترتبط بإرادة الله، لأنه هو الذي اصطفاهم واختارهم للعظمة، ولا راد لما اختار وأراد، فلقد فعل يزيد الأموي، والمتوكل العباسي وغيرهما ما فعل الوهابيون، وكانت النتيجة أن اقترن اسم الآل بالتقديس والصلوات، واسم أعدائهم بالتحقير واللعنات إلي يوم يبعثون. وقد سمعت بأذني هذه اللعنات، وأنا في البقيع، وسمعها شرطة الوهابية تنطلق من أعماق القلوب كأنها الصواريخ تنقض علي رأس من ظلم وهدم.

إن الأحجار ليست بشيء في ذاتها عند الشيعة، ولا صلة لها بالعبادة، ولا بالولاء.. وما هي إلا علامات ودلائل علي المكان، تماما كالمآذن، والسر هو التدين بولاء أهل البيت، لأنهم قتلوا وشردوا وظلموا في سبيل الحق

 أما قلق الشيعة لهدم قبور أئمتهم فلأنه امتداد لذاك الظلم، هذه هي الحقيقة، أما عبادة الأحجار، أو عبادة صاحب القبر فكلام فارغ لا مدلول له ولا أثر عند الشيعة، بل هذه العبادة شرك في عقيدتهم، ولا يورثون فاعلها، ولا ولا يخالطونه في مأكل أو مشرب.. وبالإختصار أن الشيعة يدينون بالعدل وأهله، وكلما قويت شوكة الظالمين، وتفاقم ظلمهم في أي زمان أو مكان كلما ازدادوا تجاوبا وانسجاما مع أهل الحق والعدل. وبالتالي، فإن الشيعة، وهم ما يقرب من مئة مليون، لا يسمحون للوهابية فعلتهم إلا أن يدعوا لهم الحرية الكاملة في إعادة البناء، وهي حق مشروع لهم، ولكل مسلم آمن بالله وكتابه، وبالنبي وسنته، وهذه الحرية هي السبيل الوحيد لجمع الشمل، وتوحيد الكلمة، والقضاء على الأحقاد والأضغان التي يثيرها منظر الهدم والتخريب.

 إلي الحرم النبوي: تركت البقيع، وأنا تائه القلب والعقل، وقصدت الحرم النبوي الشريف، وبغير شعور رأيتني أقبل الباب عند الدخول، ثم أهجم علي القبر الزكي ألثمه باكيا شاكيا إلى الله وإلى صاحب القبر ما حل بأهله أحياء وأمواتا.. وأشكر تلك الصدفة، حيث لم تدع أحدا ينتبه إلي، أجل، سمعت قائلا يصيح: لا لا، فتنحيت عن القبر خشية أن يحدث ما لا أحب، وبعد أن زرت، ودعوت شققت طريقي بين الأمواج البشرية المتدافعة إلى الروضة بين قبر النبي ومنبره، حيث يكثر الزحام فيها، والتسابق إليها، تماما كما هي الحال عند الحجر الأسود، لحديث بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة.

واستطعت بحمد الله أن أصل إلي هذه الروضة أكثر من مرة، بل، وصليت فيها ..

مع رئيس المحاكم المدينة

العلامة الشيخ محمد علي العمري عالم النخاولة أن ألقي محاضرة بهذه المناسبة في الحسينية مساء 18 من ذي الحجة، فلبيت مغتبطا، وكيف أرفض، أو أتردد في أمر عشت من أجله وأوقفت له عمري كله، وغص المكان بالناس في داخله وخارجه، يستمعون بكل مشاعرهم ، يخيم عليهم جلال اليوم، وعظمة صاحبه، يجمعهم عقل واحد، وقلب واحد يتدفق بالحب والولاء للغدير وصاحب الغدير. وكانت ساعة أحسست بأنها تعادل حياتي كلها، وأي ساعة أجل، وأفضل من ساعة أقف فيها خطيبا في بلد الصادق الأمين، ويوم أخيه ووزيره وخليفته مرددا ومعددا نفس الفضائل والمناقب التي رددها وعددها رسول الرحمة قبل حجة الوداع، وفيها وبعدها، وبلغها، وهو علي مفترق الطرق، أهل الدنيا جيلا بعد جيل الحمد لله، وله الشكر علي ما وفق من حج بيته الحرام، وزيارة قبر نبيه وأبنائه عليه وعليهم السلام، والقيام بما وجب علي في هذا اليوم العظيم الذي اختار الله فيه عليا عصمة للمؤمنين، وخليفة لرسول رب العالمين: نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء... ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

مع رئيس القضاة:

 وذهبت في اليوم الثاني إلى المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة، وفيها جميع قضاتها وهم خمسة، وعليهم رئيس، كما هي الحال بمكة المكرمة، دخلت غرفة أحدهم، وجلست علي بعض مقاعدها، فنظر إلي القاضي، وقال: هل من حاجة؟. قلت له: هل أنت قاض؟. قال: نعم، ونائب الرئيس. سألته عن اسمه؟. قال: عبد المجيد بن حسن. قلت: هل تسمح بالاطلاع على سجل الأحكام، فإني أحب أن أقارن بينها وبين الأحكام في لبنان؟. قال: هل أنت قاض؟. قلت: أجل، قال: في المحاكم الحنفية، أو الجعفرية؟. قلت: أنا جعفري. وشرعت بالحديث عن الإسلام والمسلمين، وبأي شيء يؤكدون أنفسهم، ويطورون قواهم اجتماعيا، وسياسيا.. وكان يردد قول طيب طيب، ولا يزيد، وحين هممت بوداعه قال: إلي أين؟. قلت: إلى الرئيس الشيخ بن عبد العزيز بن صالح، فأرسل معي شرطيا أرشدني إلي غرفته، فتحت الباب، ودخلت، فأهل ورحب. وبدأت الحديث بهذا السؤال: كيف تفسرون قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: اختلاف أمتي رحمة؟. قال: اختلافهم في الفروع، لا في الأصول. قلت: إذن جميع الطوائف الإسلامية من أمة محمد، لأن الأصول هي الإيمان بالله، والرسول، واليوم الآخر، والكل يؤمنون بذلك دون استثناء. قال: وهناك أصل آخر. قلت: ما هو؟. قال: خلافة أبي بكر، وأنها حق له بعد الرسول بلا فاصل. قلت: الخلافة من الأصول؟!. قال: نعم. قلت: لقد نفي السنة عنهم هذا القول، ونسبوه إلي الشيعة الإمامية، وأنكروه عليهم . قال: أجمع أهل السنة علي أن خلافة أبي بكر من الأصول، وأصر.

 قلت: لا يثبت أصل من أصول الدين إلا ببديهة العقل، أو بنص الكتاب نصا صرحا، أو بسنة تكون بقوة القرآن ثبوتا، وبدلالة لا إله إلا الله وضوحا، أما أخبار الآحاد فليست بشئ في باب الأصول، وإن كانت حجة في الفروع.

 قال: هذا صحيح، وقد تواتر عن الرسول أنه قال: يأبي الله ورسوله إلا أبا بكر.

 قلت: كيف يكون هذا متواترا، ولم يروه الشيخان البخاري ومسلم ولا احتج أبو بكر، ولا عمر، ولا أحد  يوم السقيفة حين رأي الأنصار أنهم أولي من أبي بكر بالخلافة، فشرع يتكلم عن الحديث وأقسامه، ثم أكد مصرا علي تواتره، وأنه لم يخالف في ذلك إلا الشيعة، ولما لم أجد وسيلة لإقناعه قلت له: هل من شرط صحة الحديث أن يثبت عند الجميع، أو عند من يعمل به فقط؟.

قال: بلي عند من يعمل به.

 قلت: هذا الحديث لم يثبت عند الشيعة لا بطريق التواتر، ولا بطريق الآحاد، ولذا لم تكن خلافة أبي بكر عندهم من الأصول، ولا من الفروع.

البناء على القبور

وقد لمست من كل من اتصلت به من شيوخ الوهابية الاعتقاد بأن البناء علي القبور شرك وإلحاد، وأن القصد وشد الرحال لزيارة قبر الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم من أكبر الكبائر.. وبذلك صرح الأمير فيصل بن عبد العزيز في الخطاب الذي ألقاه بمكة المكرمة، وأكد أن بناء المسجد علي قبر الرسول حرام، وهو طريقة اليهود والنصارى، وقال ما نصه بالحرف الواحد: " قال رسول الله: قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا تتخذوا قبري هذا من بعدي مسجدا، فما معني ذلك؟. ربنا يقول: ادعوني أستجب لكم، ما قال: ادعوا الأنبياء، ولا ادعوا الملائكة، ولا ادعوا الأولياء والصالحين ".(جريدة الندوة المكية عدد السبت 6 ذي الحجة سنة 1383 ه.).

ومن قبل ذهب أخوه الملك سعود إلي إيران، وطالبه العلماء أن يسمح بإعادة البناء علي قبور أئمة البقيع فجابههم بهذه الآية: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " أي أن هؤلاء الشيوخ كافرون، لأنهم طالبوا بغير ما أنزل الله.. وإذا عطفنا قول فيصل علي قول أخيه سعود تكون النتيجة أن الحاكم في السعودية هو وهابي قبل كل شيء، وأن الوهابية فوق كل شيء، حتي الشعب والناس أجمعين.. ومن قرأ كتبهم ظهرت له هذه الحقيقة بأجلي معانيها، فقد جاء في كتاب: " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " ص 481: إن تعلية القبور من ذرائع الشرك ووسائله.. وفي ص 32 و 483 إن تجصيص القبور والصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها، والتقرب إليها ".

وجاء في كتاب " تطهير الاعتقاد من أدران الألحان " ص 38: هؤلاء القبوريون سلكوا مسالك المشركين حذو القذة بالقذة.

وفي ص 32 أن تسمية القبر مشهدا، ومن فيه وليا لا يخرجه عن اسم الصنم والوثن..

وفي ص 34 فإن قلت: هل الذين يعتقدون بالقبور والأولياء مشركون كالذين يعتدون بالأصنام؟.

قلت: نعم قد حصل منهم ما حصل من أولئك وساووهم في ذلك ، بل ازدادوا في الاعتقاد والانقياد والاستعباد، فلا فرق بينهم ".

وإذا كان التعمير على القبور شركا، والاعتقاد بالأولياء أكبر من الشرك وأعظم فهل يبقي مجال للسعي، أو أمل في إقناع الوهابيين؟.

وذهبت في اليوم الثالث إلي الجامعة الإسلامية بالمدينة، فوجدتها مقفلة، لمناسبة عطلة العيد، وبعد رجوعي إلى لبنان أخبرني الدكتور مجتهد زادة عميد كلية المعقول والمنقول بخراسان أنه ذهب إلى هذه الجامعة بعد العطلة، واجتمع بالأستاذ محمد العبودي الأمين العام لها، وأخبره أن عند الجامعة أربعة كتب من مؤلفاتي، ولكنهم يمنعون الطلاب من الاطلاع عليها، كما اجتمع بصالح بدر الحيدري مدير متوسطة أبي بكر الصديق بالمدينة، وقال له: أنه قرأ كتبي، وأنه يرغب في مقابلتي. وأرى لزاما أن تهدي بعض كتب الشيعة لعلماء الوهابية، ومكتباتهم العامة بمكة والمدينة والرياض، ولأساتذة المعاهد والكليات، أري هذا رغم علمي ويقيني أن للوهابية مبدأ لا تحيد عنه، وهو أن كل من عداهم مشرك، وإن نطق بكلمة التوحيد، وصام وصلي، وحج وزكي، وقال بالثواب والعقاب، وأن المشرك علي نوعين: مشرك لا ينطق بكلمة التوحيد، ولا يصوم ويصلي، ولا يحج ويزكي، ولا يقول بالثواب والعقاب ومشرك ينطق بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصوم ويصلي، ويحج ويزكي، ويقول بالثواب والعقاب...

*من كتاب هذه هي الوهابية   للشيخ مغنية _ بتصرف واختصار

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/11   ||   القرّاء : 5005


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net