في غدير خم
روى المفيد والطبرسي انّه : « لمّا قضى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله نسكه أشرك عليا في هديه ، وقفل الى المدينة معه المسلمون حتى انتهى وهو معه والمسلمون حتى انتهى الى المكان المعروف بغدير خم ، وليس بموضع اذ ذاك يصلح للمنزل لعدم الماء فيه والمرعى ، فنزل صلىاللهعليهوآله في الموضع ونزل المسلمون معه
وكان سبب نزوله في هذا المكان ، نزول القرآن عليه بتنصيب أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليهالسلام خليفة في الأمة بعده ، وقد كان تقدّم الوحى اليه في ذلك من غير توقيت له ، فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه
وعلم اللّه عز وجل انّه ان تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس الى بلدانهم واماكنهم وبواديهم ، فأراد اللّه أن يجمعهم لسماع النصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام وتأكيد الحجة عليهم فيه
فأنزل اللّه تعالى : « يَا أَيَّهُا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَّبِّكَ ... يعني في استخلاف علي عليهالسلام والنص بالامامة عليه ... وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... » ( المائدة : 67)
فأكّد الفرض عليه بذلك وخوّفه من تأخير الامر فيه وضمن له العصمة ومنع الناس منه فنزل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في المكان الذي ذكرناه لما وصفناه من الامر له بذلك وشرحناه ، ونزل المسلمون حوله وكان يوما قائظا شديد الحرّ ، فأمر صلىاللهعليهوآله بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها فوق بعض ، ثم أمر مناديه فنادى في الناس : الصلاة جامعة
فاجتمعوا من رحالهم اليه ، وانّ أكثرهم ليلفّ ردائه على قدميه من شدة الرمضاء ، فلمّا اجتمعوا صعد صلىاللهعليهوآله على تلك الرحال حتى صار في ذروتها ، ودعا أمير المؤمنين عليهالسلام فرقى معه حتى قام عن يمينه ثم خطب الناس فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ فأبلغ في الموعظة ، ونعى الى الامة نفسه ، وقال : انّي قد دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وانّي مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض
ثم نادى بأعلى صوته : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ قالوا : اللهم بلى ، فقال لهم على النسق من غير فصل وق