هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (122)
---> شهر رمضان (131)
---> الامام علي عليه (52)
---> علماء (25)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (210)
---> قرانيات (78)
---> أسرة (20)
---> فكر (128)
---> مفاهيم (209)
---> سيرة (95)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (5)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)
---> العدد الثالث والاربعون (11)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 الإمام الصادق (ع)  ودوره  في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام

 الإمام الصادق (ع)  ودوره  في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام

 من سيرة الإمام الصادق عليه السلام ومواقفه

 من سيرة الإمام الصادق عليه السلام ومواقفه

 من وصية الإمام الصادق عليه السلام لـ«مؤمن الطاق

 حُمران بن أعْيَن  من المؤمنين حقا

 مؤمن الطاق المتكلم المنافح عن الحق

 ذكر الله تعالى على كل حال

 احذروا مكر شياطين الجن والإنس

 إياكم والتسويف

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 يوم الغدير والخطبة الشقشقيّة

  بحث تاريخي عن الصوم

    الذكرى السنوية الثلاثون لرحيل مفجر الثورة الاسلامية في ايران

 دور العلماء في مجتمعاتهم ايام دول الجور

  وقفات تفسيرية مع آيات الصوم

 بحث عرفاني عن الصلاة

 وكالة المخابرات المركزية الأميركية الشبح الذي تهاوى

 الرفض والرافضة ووجه التسمية

 باب فاطمة (ع) رمز الصمود والشهادة

 الجمهورية اللبنانية والإطار الوظيفي..(1)

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1220

  • التصفحات : 8258277

  • التاريخ :

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : فكر .

              • الموضوع : فلسفة الجزاء الأخروي على ضوء الفلسفة والكلام .

                    • رقم العدد : العدد الثالث والاربعون .

فلسفة الجزاء الأخروي على ضوء الفلسفة والكلام

فلسفة الجزاء الأخروي على ضوء الفلسفة والكلام

الشيخ حسن بدران

وفقا للشهيد مطهري، يستخدم مصطلح "المنهج الفكري" في نوع من أنواع معرفة الوجود والعالم والإنسان. ويقصد بإسلامية المناهج الروح الخاصة للثقافة الاسلامية الحاكمة عليها جميعا.

وقد جرت العادة على تنويع المناهج الفكرية الإسلامية إلى أربعة: المنهج المشائي الذي يعتمد الحكمة الاستدلالية، والمنهج الاشراقي الذي يجمع بين الحكمتين الذوقية والاستدلالية معا، والمنهج الكلامي الذي يعتمد الحكمة الجدلية، والمنهج العرفاني الذي يعتمد الحكمة الذوقية.

وقد توزع الفلاسفة المسلمون في المرحلة السابقة على الحكمة المتعالية بين فلاسفة الاشراق وفلاسفة المشاء. وتمثّل فلاسفة الاشراق بشيخ الاشراق السهروردي (من علماء القرن السادس) بينما تمثل فلاسفة المشاء بالشيخ الرئيس ابن سينا. وغالبا ما يظهر التأثير الأفلاطوني على فلسفة الاشراق؛ شيخ الاشراق نفسه يعبر عن أفلاطون بالإشراقي، فيذكر افلاطون بعنوان كونه رئيس الاشراقيين. لكنه – كما يشير الشهيد مطهري - لم يقدم أي سند لهذا الادعاء. ولم يتضح ما إذا كان الاشراق الأفلاطوني هو ما يظهر عن طريق مجاهدة النفس وتصفيتها.

 كما أنه غالبا ما يظهر الطابع الأرسطي على فلسفة المشاء، ولعل ذلك لأسباب تتعلق بالمنهج بصورة أساسية؛ فالمنهج الاشراقي لا يكتفي بالاستدلال العقلي للتحقيق في المسائل الفلسفية، وإنما يتخذ من السلوك القلبي والمجاهدات النفسية وتصفية النفس سبيلا لكشف الحقائق. بينما يكتفي المنهج المشائي بالاعتماد على الاستدلال العقلي.

هذا وتعتمد فلسفة المشاء على الحكمة الاستدلالية والقياس والبرهان. فيتعامل المنهج المشائي مع مقولات منطقية من قبيل الصغرى والكبرى والنتيجة واللازم والنقيض والضد ونحوها. وبذلك تستند مباحث الفلسفة المشائية إلى الأسلوب العقلي في تحقيقاتها ودراساتها لمسائل الفلسفية. وتتم عملية الكشف عن مجهول بواسطة معلوم آخر عن طريق القياس الاستدلالي البرهاني: القياس قولٌ مؤلِّفٌ من قضايا متى سُلّمت لزم عنه لذاته قولٌ آخر. مثلا: سقراط إنسان. وكل إنسان فان. فسقراط فان. والقياس مفيد لليقين فيما إذا كانت مقدّماته يقينية ومنظمة بشكل صحيح. وقد بيّن المنطقيّون شروط مادّة وصورة القياس اليقيني في مباحث القياس البرهاني.

بينما يعتمد المنهج الإشراقي على كل من الحكمة الذوقية (تصفية النفس) والحكمة الاستدلالية (البرهان العقلي). تتعامل الحكمة الذوقية مع الذوق والالهام، وتستلهم من القلب أكثر مما تستلهم من العقل. وبنظر الاشراقيين لا يمكن اكتشاف حقائق العالم بقوة الاستدلال والبرهان العقلي فقط.

ويتميز المنهج الاشراقي عن المنهج السلوكي العرفاني في اعتماد الأخير على تصفية النفس فحسب، وذلك على اساس السلوك الى الله والتقرب الى الحق. ولا يعتمد ابدا على الاستدلالات العقلية. والهدف من المنهج العرفاني ليس كشف الحقيقة وانما الوصول الى الحقيقة. وبذلك يتضح أن المنهج العرفاني يشارك المنهج الاشراقي في الاعتماد على تصفية النفس وتهذيبها. ويختلف عنه في أمرين: الأول في أن الاشراقي يعتمد على الاستدلال ايضا، بينما العرفاني لا يعتمد على الاستدلال. والثاني في أن هدف الاشراقي هو كشف الحقيقة بينما هدف العرفاني هو الوصول الى الحقيقة.

أما المنهج الجدلي الكلامي فهو يعتمد الحكمة الجدلية، أي الاستدلال العقلي الحاصل من مقدمات مشهورة ومقبولة، بخلاف الفلاسفة الذين يعتمدون على الاستدلال العقلي الحاصل من مقدمات بديهية. الاصول العقلية التي يعتمد عليها المتكلم (كالمعتزلة) هي من قبيل أصل الحسن والقبح وقاعدة اللطف ووجوب الاصلح ونحوها من اصول هي بنظر الفلاسفة اصول اعتبارية بشرية من قبيل المقبولات والمعقولات العملية التي يستفاد منها في الجدل فقط وليس في البرهان. الكلام بنظر الفلاسفة حكمة جدلية وليس حكمة برهانية. والأمر الآخر الذي يختلف فيه المنهج الكلامي عن الفلسفي هو ان المتكلم يعتبر نفسه متعهدا بالدفاع عن الدين. بينما الفيلسوف حر في بحثه، اي ان هدف الفيلسوف ليس معينا سلفا. فالمتكلم يؤمن ثم يستدل، والفيلسوف يستدل ثم يؤمن.

والمنهج الكلامي – كما المنهج الفلسفي – ليس منهجا واحدا، وإنما تتفاوت فيه أساليب الجدل العقلي وقد يتقلص إلى حد الاكتفاء بالنص كدليل وحيد، وبالتالي يمكن تقسيمه بدوره الى أربعة مناهج: معتزلي واشعري وشيعي وسلفي.

يعتقد الفلاسفة ان اصول الدين الاساسية يمكن الاستدلال عليها بالمقدمات البرهانية المعتمدة على البديهيات الاولية لا المقدمات المشهورة الجدلية. من هنا تدرج الكلام من كونه حكمة جدلية إلى أن صار حكمة برهانية على يد أمثال الخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي.

استمرت هذه المناهج في العالم الاسلامي حتى تلاقت في مجرى واحد شكل تيارا واحدا يسمى بالحكمة المتعالية. وهي الفلسفة التي أسسها في القرن الحادي عشر الهجريّ صدرُ الدين الشيرازيّ، الملقّب بصدر المتألّهين أو بالملّا صدرا. وقد كان للطريقة الإشراقية أثر كبير في الجذور الفلسفية التي قامت عليها مدرسة الحكمة المتعالية لصدر المتألّهين الشيرازي.

المنهج المتّبع في مدرسة الحكمة المتعالية، ليس منهجاً برهانيا بحتاً، ولا وجدانيا، ولا جدليا، وليس فلسفةً تجميعيّة، بل هو مزيجٌ من كلّ هذه المناهج؛ من البرهان والوجدان والقرآن، أي العقل والكشف والشرع.

وقد تميزت مدرسة الحكمة المتعالية بأمور:

1- الجمع بين البرهان والوجدان: حيث اتخذت الحكمة المتعالية من العقل أساساً لها، ومن الشهود والمكاشفة أساساً آخر.. وبذلك شابهت فلسفة الإشراق من ناحية اعتماد كل من الاستدلال والمكاشفة، إلّا أنّها اختلفت عنها في الأُسُس والاستنتاجات.

2- المطابقة بين الشرع والعقل: تميزت هذه المدرسة عن المدارس السابقة من حيث النتائج، فلم تغلّب العقل على الشرع، بل وازنت بينهما: وبذلك جاءت مؤلفات ملا صدرا دينيّة فلسفيّة؛ كتبه الفلسفيّة بيان تأييد العقل للدِّين، وكتبه الدينيّة بيان تأييد الدِّين للعقل.

3- محوريّة القرآن: البرهان والعرفان والقرآن، طرقٌ ثلاثٌ توصل إلى الحقيقة وتكشف عنها، والمحور الأساس فيها هو القرآن، أما العرفان والبرهان فيدوران حول القرآن، لا ينفكّان عنه.

بالنسبة لحدود العقل، فإن ما يصل إليه الكشف والشهود، أو يُخبر عنه القرآن والسنّة، قد لا يُمكن للعقل والبرهان أن يصل إليه، من هنا يأتي دور المكاشفة والشهود حينما ينتهي دور العقل والبرهان. يقول صدر المتألّهين: "ثمّ إنّ بعض أسرار الدِّين بلغ إلى حدّ ما هو خارجٌ عن طور العقل الفكريّ، وإنّما يُعرف بطور الولاية والنبوّة.. فليس لميزان الفكر كثير فائدةٍ وتصرّف هناك".

 

فلسفة الجزاء الأخروي

يجد العقاب الدنيوي مبرراته عادة من خلال التشفي أو تربية المجرم وإصلاحه أو ليعتبر الآخرون أو لإحقاق الحق، أو لأسباب استباقية وردعية. فما هو المبرر للعذاب الأخروي؟ لماذا أعد الله تعالى مثل هذا الجزاء الشديد في الآخرة؟ وما هي فلسفته والجدوى منه؟

 

يمكن تبرير العذاب الأخروي على أساس اعتبارية الجزاء، وهو النهج الذي سلكه المتكلمون عموما، كما يمكن تبريره على ضوء تكوينية الجزاء، وهو نهج اختص به غالبا الفلاسفة؛ أتباع الحكمة المتعالية

 

1. العذاب مقتضى العدل الإلهي:

بحسب بعض المتكلمين، ينبغي أن ينال المجرم جزاء عمله في الآخرة من باب العدل؛ ذلك أن الثواب من فضل الله، والعقاب من عدله، كما يصرح المحقق الطوسي. فالعدل الإلهي يقتضي مجازاة الظالم. والواقع أنه يمكن أن يتحقق العدل الإلهي دون أن يتوقف ذلك على مجازاة الظالم؛ ذلك إن العدالة تتطلب جعل الشيء في موضعه، وإعطاء كل ذي حق حقه، وألا يرتكب العادل الحكيم فعلا قبيحا أو يترك الواجب، من هنا، فلو حكم الله لصالح المظلوم بأن أعطاه من حسنات الظالم، أو جبر للمظلوم حقه من لطفه اللامتناهي من دون أن ينقّص من حسنات الظالم. ففي كلا الحالتين لا ينقص من حق المظلوم شيء. لذلك العدل الإلهي لا يستلزم مجازاة الظالم. فكيف وتعذيب المجرم لن يعود على المظلوم بأي نفع وثمرة؛ بل إن العفو عن العاصي الذي خالف التكليف الإلهي بترك الواجبات وارتكاب الذنوب ولكن دون أن يرتكب ظلماً بحق أحد أو ليلحق ضررا بأحد، مثل هذا العفو لا يلزم منه اختلال العدل بحسب ما تقدم من تعريفه.

 

2. عدم مساءلة الله:

يعتقد الأشاعرة أن كل فعل صادر عن الله فهو عين العدل. وأن الأفعال الإلهية لا غاية لها ولا دافع: «لا يسأل عما يفعل» من هنا لا يستحق المحسن للثواب، ولا يستحق المجرم العقوبة. ويجوز العقاب وأي نوع من العذاب من الله حتى لو لم يرتكب الإنسان ذنباً. وبذلك لا يبقى مجال للبحث في فلسفة الجزاء الأخروي ومعقوليته.

 

3. العقاب هو غاية التكليف:

اعتقد المعتزلة وبعض متكلمي الإمامية أن الحكمة الإلهية تقتضي وجود غاية وهدف من التكاليف، وأن غاية الله منها هو إثابة الشخص المطيع ومعاقبة الفرد المجرم. ولو لم يكن في القيامة ثواب للمطيعين وعقاب للعاصين لكانت التكاليف عبثا لا طائل منها. والواقع أن الدليل وإن دل على ضرورة وجود غاية في التكاليف الإلهية، إلا أن هذه الغاية تتحقق من خلال الثواب المعد للمطيع، ولا يتوقف ذلك على ضرورة مجازاة العاصي أيضا.

 

4. العقاب يضمن إجراء التكليف:

استدل بعض متكلمي المعتزلة والإمامية على ضرورة العقاب بأنه إذا جزم الإنسان بعدم وجود العقاب فسينجر نحو الذنب، وهذا إغراء بالقبيح، والإغراء بالقبيح قبيح. والواقع أن ما يردع الإنسان عن ارتكاب المعاصي وترك الواجبات هو: الوعيد الإلهي وليس العقاب. وكيف يمكن لتعذيب الشخص المخطئ في يوم البعث أن يشكل ضامنا إجرائيا له، والحال أنه لم يبق حينها مجال للتكليف والامتثال حتى يجبر ما فاته!

 

5. الجزاء مقتضى الوعيد الإلهي:

اعتبر مذهب الاعتزال أن الله تعالى وعد المحسنين بالثواب وتوعد المسيئين بالعذاب، وأن الوفاء بالوعد والوعيد كلاهما لازم. والواقع أن العمل بالوعيد ليس واجباً في كل الحالات؛ ذلك لأن العقل يحكم بأن المولى له العمل بالوعيد إذا تخلف العبد، وله أيضاً العفو والغفران. ففي حال كان العمل بالوعيد موجباً لإصلاح الشخص المجرم، عندئذ لا شك بحسنه، أما إذا لم يكن للعمل بالوعيد أي أثر على الشخص المجرم ولا على غيره؛ فإن العقل والعقلاء لا يحكمان بحسنه بل يحكمان بأولوية العفو أيضاً. فكيف بمولى الموالي الذي هو المتصف بالغنى والجود والرحمة المطلقة!

 

6. العقاب لطف إلهي:

اعتبر بعض متكلمي الإمامية أن فائدة العقاب ليس الانتقام بل اللطف؛ ذلك لأنه إذا علم المكلف أن في الطاعة ثوابا، وليس على المعصية عقاب، لما أطاع. وهذا سوف يشجع على تمادي العباد بارتكاب الذنوب والهلاك الأبدي؛ من هنا كان العقاب الأخروي مما يؤدي إلى الطاعة والتقرب من الله. والواقع أن أساس تقرب العبد هو الوعد والوعيد الإلهيين، وليس الجزاء. بل قد يقال ان العقوبات الأخروية أكثر ضررا من فعل القبيح في الدنيا، فكيف يصح دفع الفاسد بما هو أفسد! وكيف يمكن أن يكون العذاب لطفاً في حق الشخص المعذب أبديا!

 

7. الجزاء مقتضى المعصية:

يزعم هذا الادعاء بأن نفس ارتكاب الجرم يكفي في وجوب مجازاة الشخص المجرم، ولا لزوم لداع آخر. والواقع ان ارتكاب الجرم يكفي في استحقاق المجرم للعقاب وليس في وجوب المجازاة.

 

8. العقاب مقتضى العبودية والمولوية:

قد يقال إن القبح والذم العقلائي يطال الفاعل إذا ما تصرف في غير ملكه، أما إذا تصرف المولى بملكه المطلق فلن يطاله أي توبيخ وتقبيح. والواقع أن فعل القبيح قبيح، سواء صدر عن الإنسان أو عن القادر المطلق. كما أن حكم العقل العملي هو ثمرة تدقيق العقل النظري في صفات الله تعالى؛ فهو كاشف عن التناسب بين الصفات والأفعال، وليس أنه آمر.

 

9. العقاب ظهور لأسماء الله:

اعتقد العرفاء بأن كل ما يتحقق في عالم الدنيا فله أصل في العالم العلوي، وهذه الأصول تتنزل حسب اقتضاء الأعيان المختلفة، واختلاف استعدادات العباد؛ فمن كان يمتلك طينة طاهرة فإن ذاته تقتضي تجلي اسم «الرحمن» والفضل الإلهي، ومن كان يمتلك طبعاً ملوثا، فإن ذاته تقتضي تجلي اسم «القاهر» و«الديان». والواقع أن هذه النظرية لم تفصح عن الدليل المرجح لتجلي اسم الديان بحق عبد خاص دون تجلي غيره من الأسماء.

 

10. العقاب مظهر للتصفية ولتطهير النفس:

يرى بعض العرفاء أن النفس الإنسانية قد فقدت منزلتها في مقام الربوبية باكتسابها الصفات الرذيلة، لذلك لا بد لها من أن تتعذب لتتمكن من إزالة ظلمات الصفات الرذيلة. والواقع أن نفس الخلود في جهنم ينافي أن يكون العذاب علة للتطهير والتزكية. كما أنه لا يوجد جنة للكفار حتى يقال إن عقابهم هو مقدمة لبلوغهم الكمالات اللاحقة.

 

11. العقاب تشفٍ لخاطر المظلوم:

قد يقال إن العذاب الأخروي هو لتشفي المظلوم على ما لحقه من ظلم واضطهاد. والواقع أن دافع الانتقام والتشفي لا يتصور في ذات الباري تعالى، كما لا يتصور في حق الانسان في ذلك الظرف الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت بحيث ينصرف الانسان عن التفكير بالانتقام ممن ظلمه في الدنيا.

 

تبرير العذاب الأخروي على أساس تكوينية الجزاء:

إن النظريات السابقة لفلسفة الجزاء الأخروي، والمبنية على اعتبارية الجزاء، لا يمكنها أن تقدم تبريراً واضحاً لعقاب الآخرة. لذا ينبغي البحث عن علاقة حقيقية بين عمل الإنسان والجزاء الإلهي؛ بحيث يمكن تبرير عذاب الآخرة على أساس تكوينية أصل العذاب، وفي نفس الوقت يمكن استنباطها من القرآن الكريم والسنة.

وملخص القول هنا، أن العذاب الأخروي ونار جهنم تنشأ من باطن الإنسان، أي من الأعمال القبيحة للإنسان؛ والتي تنعكس بصورة تكوينية وذاتية وتحيط بالمذنب يوم القيامة.

هذا وتشير عدة آيات من القرآن الكريم إلى أن نفس أعمال الإنسان تحضر في عالم القيامة، وأن عذاب الآخرة وجزاءها ينسب إلى الأعمال نفسها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). (الْيَوْمَ تُجْرَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ). (وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً). فالجزاء هو مقتضى تجسم الأعمال.

يقول صدر المتألهين: "توجد في القرآن آيات كثيرة تدل على أن كل ما يلاقيه الإنسان في القيامة هو من أنواع النعم في الجنة وعذاب جهنم (كالأفاعي والعقارب) كلها صور واقعية للأعمال وآثارها".

ويقول الحكيم السبزواري: "إن أصل العذاب ليس من غرض خارجي؛ بل إنه لازم لفعل الشخص نفسه. فكل ملكة وخصلة تشكل روحاً للصور البرزخية المثالية والأخروية متناسبة معها".

ويقول الشهيد المطهري: "إن للجزاء الأخروي علاقة تكوينية أقوى مع الذنوب، هي علاقة العمل والجزاء في الآخرة، ليست توافقية كالنوع الأول. وليست من نوع علاقة العلة والمعلول كالنوع الثاني: بل هي في درجة أعلى. إنها علاقة العينية والاتحاد الحاكمة".

ويقول الإمام الخميني: "هناك مكان آخر فيه عذاب نعجز عن فهمه وهو من الأعمال نفسها، ليس كما يحصل هنا حيث يأتي جلاد من الخارج ليعذب".

------------------------

تم إعداد هذه المقالة بالاستناد الى:

- كتيب الفلسفة، الشهيد مطهري.

- المعاد، محمد حسن قدردان قراملكي.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/11   ||   القرّاء : 1091


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net