هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 في بيان معنى الولاية بحسب الحقيقة (2)

 مناسباتٌ تُشكِّلُ محطَّاتِ توعيةٍ وبناء

 في رحاب لغة العرب

 ثورة الإمام الحسين عليه السلام

 الإسلام والغرب‏

  النبي مُحمَّدٌ (ص) في كلام الامام عَليٍ (ع) ‏

 الشيعة والتقوى

 قصيدة للشاعر محمد إقبال اللاهوري في مدح الزهراء(ع)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 الصلاة وطهارة الروح

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7021419

  • التاريخ : 19/03/2024 - 11:46

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : مفاهيم .

              • الموضوع : الثواب والعقاب وأثرهما في تصويب السلوك .

                    • رقم العدد : العدد الثامن عشر .

الثواب والعقاب وأثرهما في تصويب السلوك

 

 


الثواب والعقاب
وأثرهما  في  تصويب السلوك

الشيخ سمير رحال

تمهيد
خلق الله كل شيء ووهب لكلّ موجود ومنه الانسان ما يحتاجه وهداه إليه قال تعالى: }قال ربّنا الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى{ (طه: 50) هداية تكوينية وفطرية واقدره على التمييز بين ما هو خير وما هو شر  وكذلك على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر على حد سواء  وأن هذه القدرة كامنة في كيانه يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة: }ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها{(الشمس: 7-8).. ويعبر عنها بالهداية تارة أخرى: }وهديناه النجدين{(البلد: 10).
وبإزاء هذه القدرة ، مع كونه مكلفا باتباع سبيل الخير , غدا مسؤولا عن تصرفاته واختياراته كما يشير الى ذلك قوله تعالى في سورة المدثر: }كل نفس بما كسبت رهينة{(المدثر: 38).
وتحمل التكليف والمسؤولية كما عبرت الآية غير ممكن دون شك، بغير المعرفة والوعي ولذلك فإنّ اللّه سبحانه منح الإنسان هذه المعرفة.
وهذه المعرفة يحصل عليها الإنسان من ثلاثة طرق: من الإدراكات العقلية والإستدلال، ومن طريق الفطرة والوجدان، ومن طريق الوحي متمثلا بالكتب السماوية التي فيها هدى ونور  وتعاليم الأنبياء والأوصياءR، وهذا الطريق الثالث يعبر عنه بالهداية التشريعية والله تعالى رحمة بالإنسان لم يدعه لاستعداد فطرته الإلهامي، ولا للقوة الواعية، فأعانه بالرسالات التي ترشده وتهديه.
و أولى القرآن الكريم أهميّةً بالغةً لمسألة الأخلاق، وتّزكية النفس  لما لها من انعكاس مباشر على سلوك الانسان.
كذلك أولت الأحاديث الشّريفة لهذه المسألة أهمية بالغةً منها الحديث المعروف عن الرسول الأكرمP: «إِنّما بُعثتُ لأُتمَمَ مكارمَ الأخلاقِ».
يبيّن لنا هذا الحديث أهمية الأخلاق وفضائلها، وهذا هو حال جملة التشريعات والتعاليم الاخلاقية فإنها لا تستهدف تحصيل الرضا والقرب الالهي والثواب الاخروي فقط ولكنها تستهدف أيضا إصلاح حال الناس في الدنيا وبناء المجتمع الصالح الذي يعود بالخير والصلاح على أفراده.
ولكن هل العلم وحده وسيلة تامة للعمل وللالتزام بالاخلاق والسلوك المرضي ؟ الا يعلم الكثيرون الخير خيرا ولا يفعلونه والشر شرا ويرتكبونه؟ وقد يدرك المرء صدق الطبيب فيما يمنع منه من طعام وشراب ومع ذلك يخالفه ؟   اذن لا بد من شيء آخر وراء العلم والمعرفة به يتم الالتزام بما ندرك حسنه وقبحه الا وهو التهذيب والتربية العملية؛ فالإنسان يملك ميولا وشهوات وعواطف خاصَّة، وغرائز تجرُّه في كثير من الأحيان إلى القبيح وترك الحسن وتقف حائلا امام التزام الانسان بمقتضيات الايمان والسلوك على الصراط المستقيم لذلك كانت هناك جملة من المحفزات التي ترفد الانسان بالطاقة اللازمة للثبات على الايمان ومواجهة كل انواع المثبطات والضعف والوهن الروحي والنفسي.
أهمية التحفيز واقسامه
و التحفيز مفردة مهمة من مفردات التربية بشكل عام وهو جزء رئيسي من الدين واسلوب اعتمده القرآن الكريم  والرسول الاكرم P والائمة الاطهار  مع من حولهم، فإذا ما فهمنا التحفيز سنحصل على نتائج ايجابية وهو على قسمين:
تحفيز داخلي: وهذا النوع هو الأعلى والأرقى والأعمق لانه نابع من داخل الانسان كالضمير أو الوجدان       والفطرة، والقلب، وهي خير أدوات لهداية البشر  وهي خير محفِّز لفعل الخيرات والالتزام بالفضائل والكمالات والقيم الاسلامية .
   تحفيز خارجي: يمارس من قبل شخص او جهة اتجاه آخرين  وعادة ما يستخدم في هذا النوع أسلوب الترغيب والترهيب والثواب والعقاب.
مرتبة الثواب والعقاب من بين سائر المحفزات
تُذكَرُ - عادةً - عِدَّة جزاءات لموافقة الأخلاق الفاضلة ومخالفتها تُفرضُ محفِّزةً إلى سبيل الخير
1ـ الجزاء الخُلُقي، وهو: ارتياح الضمير عند فعل الحسن وترك القبيح، ووخزه عند فعل القبيح وترك الواجب. وهذا في الحقيقة يتمُّ وينمو بالتربية الخُلُقيَّة، وتنمية الضمير الخُلُقي في الإنسان.
2 ـ الجزاء الطبيعي: بمعنى الآثار التكوينية الدنيويَّة للأعمال الفاضلة والأفعال القبيحة فإنَّ الصفات الحسنة وأعمالها كثيرا ما تنفع الإنسان، والأوصاف الرذيلة وأفعالها تضرُّه وتجلب المفسدة إليه.
3ـ الجزاء الاجتماعي من معاقبة المعتدي وتأديبه أو مدحه أو لومه على أفعاله من قِبل عموم الناس، ومجازاتهم العملية له إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرٌّ وكلُّ هذه الجزاءات مجتمعة لا تصنع شيئا مُهمّا ما لم يُضم اليها الجزاء الرابع
4 ـ الجزاء الأُخروي من}جنَّة عرضها السماوات والأرض أُعدَّت للمتقين{}...جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنّات عدن ورضوان من اللَّه أكبر...{}وفي ذلك فليتنافس المتنافسون{}لمثل هذا فليعمل العاملون{}وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة * تظنّ أن يفعل بها فاقرة{
ولولا ما في الإسلام من الجزاء الأُخروي لم تكن باقي الجزاءات بما فيها الجزاء الخُلُقي كافيا للوصول إلى الكمال. نعم، يستعين الاسلام بسائر الجزاءات وبأساليب التربية،لكن الأَساس هو موضوع الجزاء الأُخروي وبعد البناء على هذا الأساس، وإتباع أساليب التربية قد يصل الإنسان المربّى إلى مستوىً تكفي في تحرّكه الضرورة الخُلُقية وأن اللَّه - تعالى - أهل للعبادة. ولا أقصد أنَّ الجزاء الأُخروي علَّة تامَّة للتربية، فما أكثر المؤمنين بجزاء الآخرة الذين لا يردعهم هذا الإيمان من الفسق والفجور، والأعمال القبيحة، أو ترك الواجبات والخصال الشريفة، وإنَّما المقصود: أنَّ الإيمان بالمبدأ والمعاد وحده هو الذي يمكِّن الإنسان من تربية ذاته لو شاء .
فهناك اذاً عدة انواع من الجزاءات , والناس اصناف فمنهم من يؤثر فيه تربية الوجدان الخلقي , ومنهم من يؤثر فيه تربية الوجدان الاجتماعي , ومنهم من يؤثر فيه تربية الوجدان الادبي , وهناك صنف لا يصلح الا عن طريق الرغبة والرهبة  والاغراء والتخويف والثواب والعقاب وهذا هو حال اغلب الناس ولذلك كثر استعمال هذا الاسلوب في القرآن الكريم  وان لم يغفل وسائل التربية الاخرى والتي قد لا يستجيب لها الا الاقلون واولو الالباب واولو الابصار واولو النهى الذين يدركون بعقولهم وقلوبهم عظمة وقيمة كل ما تدعو اليه التعاليم الالهية كما جاء في حديث عن أمير المؤمنينQ، حيث قال:  لَو كُنّا لا نَرجو جنّةً ولا ناراً ولا ثواباً ولا عِقاباً، لكان يَنبغي لَنا أن نُطالِبَ بِمكارمِ الأخلاقِ فإنّها ممّا تَدُلُّ على سبيلِ النجاحِ»
الثواب والعقاب كمحفزين لتصويب السلوك وتعديله
سمَّى القرآن عالم الآخرة بعالم الجزاء والثواب؛لأنه عالم المكافأة والمقابلة للفعل بما يستحق من الثواب وسمي الجزاء الأخروي ثواباً؛لأن معنى الثواب هو ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله:
قال الراغب الأصفهاني: (أصل الثوب رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها... والثواب هو ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله فيسمى الجزاء ثواباً تصوراً أنه هو هو،ألا ترى كيف جعل الله تعالى الجزاء نفس الفعل في قوله }فمن يعمل مثقال ذرة خيراّ يره ومن يعمل مثقال ذرة شراّ يره{.. والثواب يقال في الخير والشر...)
  وأسلوب الثواب والعقاب من المبادئ التربوية الأساسية التي وضع لها الإسلام اعتباراً كبيراً. ولولا هذا المبدأ لتساوى المحسن والمسيء قال تعالى : }وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا المُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ{ (غافر: 58)، وإثابة المحسن على إحسانه وعقاب المسيء على إساءته تتجلى في قوله تعالى }هل جزاء الإحسان إلا الإحسان{ (الرحمن: 60)، وقوله سبحانه }وجزاء سيئة سيئة مثلها{ (الشورى: 40) وقد ورد مبدأ الثواب والعقاب تحت عنوان آخر هو (الترغيب والترهيب)، اعتمادا على فطرة الإنسان ورغبته في الثواب والنعيم، ورهبته من العقاب والشقاء وسوء العاقبة. ففي الترغيب وعد بالإثابة وتحبيب في الطاعة، وفي الترهيب زجر عن الزلل والمعصية وتخويف من الخطايا والآثام. وقد استفاد علماء التربية والسلوك من هذا الأسلوب القرآني.
أسلوب الثواب والعقاب في التربية
يعتبر علماء التربية أن الثواب والعقاب من أبرز أشكال التربية والضبط الاجتماعي وتوجيه السلوك، فالثواب يساعد في تثبيت السلوك السوي وتدعيمه، وتحسين الأداء وتقويمه. فحينما نكافئ أطفالنا على سلوكياتهم الحسنة ونقابلها بالاستحسان والقبول خاصة في سنوات العمر المبكرة، فإننا بذلك نبث الثقة في نفوسهم ونشجعهم على المزيد من التعلم الجيد والانجاز والالتزام بالفضائل، وذكروا أن النبي P كان يستخدم المكافأة والثواب في إثارة نشاط الأطفال للقيام برياضة السباق، فيقول لهم (من سبق فله كذا) فكانوا يستبقون إليه ويقعون على صدره، فيلتزمهم ويقبلهم.
أما استخدام العقاب فأوصى المربون بعدم اللجوء إليه وحده إلا إذا فشلت أساليب الترغيب، فالشكر والثناء والاستحسان وتقديم الهدايا البسيطة وغيرها يدفع الأطفال إلى المزيد من النجاح، أما العقاب وحده فإنه يدفع إلى الخمول وضعف الأداء وتثبيط الهمة.
كذلك فإن نتائج الدراسات الإنسانية والسلوكية توصي بضرورة الاهتمام أولا بقضية الثواب والإستحسان وتركز على الثواب لعدة أسباب منها الأثر الانفعالي السيئ الذي يصاحب العقاب، أما الإثابة والاستحسان ففيهما توجيه بناء لطبيعة السلوك المرغوب فيه، شريطة أن يكون الثواب على فعل حقيقي يستحق الإثابة أو نتيجة ترك فعل غير مرغوب، أما الإثابة على غير سبب حقيقي فإنها تفقد الثواب قيمته وأثره التربوي
 ضوابط في الثواب والعقاب
وقد ذكروا للثواب والعقاب ضوابط ليكون لهما الأثر الايجابي في تعزيز الجوانب السلوكية المرغوبة والقضاء على أخرى غير مرغوبة منها:
- أن عملية العقاب كلما قلَت كلما زاد مفعولها وأثرها في عملية تهذيب السلوك.   
- يجب تقديم الشرح والتفسير لأسباب العقاب وإعطاء البدائل السلوكية المرغوبة وتعزيزها
- قد توصل بعض علماء النفس إلى أن اثر الجزاء – ثوابا كان أم عقابا – يبلغ أقصاه حين يعقب السلوك مباشرة  ولكن أثره يضعف كلما طالت الفترة بينه وبين السلوك
- يجب مراعاة ما بين الأطفال من فروق فردية، فمنهم من ترهبه الإشارة، ومنهم من لا يردعه إلا الجهر الصريح ولذلك يقول رسول الله P: (علقوا السوط على الجدار وذكروهم بالله)
- العقاب المعتدل المعقول مدعاة في كثير من الأحيان إلى أخذ الحيطة والحذر وتجنب الأخطاء. أما العقاب الجسدي القاسي والذي يجرح كبرياء الطفل أو الذي يأخذ شكل التوبيخ العلني فهو ذو نتائج سلبية ودون فائدة، بل ويزيد من الأضرار النفسية كالكراهية، والشعور بالنقص وفقدان الثقة بالنفس والخجل. كما وان العقاب الشديد يعيق العملية التعليمية بدلاً من المساعدة عليها.
- يجب ألا يستخدم العقاب البدني إلا إذا أعيت المعلم الحيل، كما يجب عند استخدامه أن يشعر المعاقب أنه يستحق العقاب وأن يفهم الأسباب التي عوقب من أجلها، وألا يستخدمه المعلم حال ثوران أعصابه وغضبه، كما يجب تجنب الأساليب المهينة والعبارات الجارحة.
الجمع بين الثواب والعقاب في الكتب السماوية  
النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، ومن ثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلك الجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.
وليس في القرآن – على الغالب الأعم- آية ترغيب إلا تبعتها آية ترهيب  ولا آية ترهيب إلا تبعتها آية ترغيب فهما – الترغيب والترهيب - متلازمان.. كما في قوله تعالى: }غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول{ (غافر3 )
وقوله تعالى: }لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد{ (إبراهيم 7)
والحكمة في ذلك: أولا التذكير بالثواب والعقاب ليظل الإنسان حريصاً على نيل المثوبة واتقاء العقوبة. وثانياً أن من لا يؤثر فيه الترغيب وثوابه يؤثر فيه الترهيب وعقابه.
وكذلك ورد الكثير من الاجزية والترغيب والترهيب والثواب والعقاب في التوراة والإنجيل مع  غلبة الصبغة المادية على ما في التوراة كالصحة والرخاء وكثرة الأولاد وهزيمة الأعداء للمطيعين وأضدادها لأضدادهم:
 ففي سفر الخروج قول موسى لقومه: }اعبدوا ربكم الإله الأزلي , وهو يبارك خبزكم وماءكم , ويباعد عنكم العلل والأدواء حتى لا يكون في أرضكم امرأة عاقر , لا تجهض فيها امرأة حامل وسيطيل أعماركم ويبعث الرعب بين يديكم ويهزم الشعوب التي تصلون إليها{ .  
وفي سفر اللاويين قول الله لبني إسرائيل في عهد موسى: (إذا اتبعتم أمري , وحفظتم وصيتي , سأبعث إليكم الأمطار في أوقاتها فتخرج الأرض ثمرتها والأشجار فاكهتها...
وكذلك الحال في الإنجيل مع تحويل أنظار معتنقيه إلى العالم الآخر: (... فابحثوا بالأحرى  عن ملكوت السماء , وكل هذه الحاجات ستعطى لكم نافلة... واتخذوا لكم خزانة لا تنفد وكنزا لا يفنى في السماء) .
ولكن القرآن الكريم جمع بين النعيمين والمثوبتين (لنبوئنهم من الدنيا حسنة) (ولأجر الآخرة أكبر) وذكر أنواع النعيم من روحي وحسي وخلقي وعقلي (فاتبعوني يحببكم الله) (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا).....
وفي مقابل كل ذلك كان ذكر لمختلف أنواع العقاب في حال  المخالفة وارتكاب المعصية  والإعراض عن الطاعة وما أعده الله من عذاب النار وآلام حسية ومعنوية  فيكون ذلك رادعاً للإنسان عن المعصية والجريمة، وإماتة لدوافع الإجرام والطغيان في نفسه. ولتصحيح السلوك وتقويمه.. كما أنه ضرورة اجتماعية للحفاظ على الأمن والاستقرار وقيم الحق والخير في المجتمع.
 نماذج  لمجالات الثواب والعقاب في القرآن الكريم وأحاديث المعصومين Q
بمراجعة الآيات والروايات  يتضح الدور المهم الذي يؤديه كل من الثواب والعقاب في التحفيز نحو العمل الصالح والابتعاد عن الفساد  , ويمكن تصنيف مجالات  استخدام هذه الآيات والروايات ضمن عدة عناوين:
1- تقرير مبدأ الجزاء والثواب والعقاب
قال تعالى: }ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى{ النجم: 31
- الإمام عليQ: إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، ذيادة (أي منعا لهم عن المعاصي الجالبة للنقم) لعباده عن نقمته، وحياشة (سوقا) لهم إلى جنته.
2- بيان أنواع  الثواب والعقاب
- الإمام الباقرQ: إن لله عقوبات في القلوب والأبدان: ضنك في المعيشة، ووهن في العبادة، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
3- الترغيب بالحسنات والتحفيز عليها
}من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون{.  الأنعام: 160
}للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون{ يونس: 26
4- بيان جزاء المحسنين في الدنيا والآخرة
}ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين{ القصص: 14
}جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين{ النحل: 31.
}لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين{ الزمر: 34.
5- بيان جزاء المجرمين في الدنيا والآخرة
}ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين{ يونس: 13
}ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا... وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى{ طه: 124، 127
}إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى{ طه: 74.
6- بيان الجزاء على أفعال محددة (فعلا أو تركا)
ترك الزنا
 رسول اللهP: من قدر على امرأة أو جارية حراما فتركها مخافة الله حرم الله عز وجل عليه النار، وآمنه الله تعالى من الفزع الأكبر، وأدخله الله الجنة.
القيام للصلاة
- رسول اللهP - لأصحابه لما أخذ غصنا من شجرة كانوا في ظله فنفضه فتساقط ورقه وأخبرهم عما صنع -: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت عنه خطاياه كما تحاتت ورق هذه الشجرة.

ترك الصلاة
}في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين{.
الظلم
- رسول اللهP: يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم ينصره.
  - عن النبيP: إن الله تعالى يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا.
القذف
}والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون{ النور: 4.
- رسول اللهP: قذف محصنة يحبط عبادة مائة سنة.
وغير ذلك الكثير من الأفعال التي ورد الثواب على الإتيان بها  والعقاب على ترك بعض آخر منها. 
الحسنات ومحوها للسيئات
}وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين{ هود: 114
- الإمام عليQ: إن الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عز وجل: (إن الحسنات يذهبن السيئات...
محفزية الثواب والعقاب لا تتنافى وصحة العبادة
إن الله تعالى له حق الطاعة على عباده وان لم يجعل لذلك ثوابا ولا عقابا وهذا ما يحكم به العقل من باب وجوب شكر المنعم ويرشد إلى ذلك الحديث الوارد عن الإمام عليQ: لو لم يتوعد الله على معصيته لكان يجب ألا يعصى شكرا لنعمه.
 وما ورد عن الإمام الرضاQ: لو لم يخوف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب أن يطيعوه ولا يعصوه، لتفضله عليهم وإحسانه إليهم وما بدأهم به من إنعامه الذي ما استحقوه. ولكن الله تعالى بفضله وكرمه خلق الجنة وجعلها محلا لمثوبته ودارا لمن أطاعه وخلق النار وجعلها محلا لعقابه ودارا لمن عصاه وانه تعالى على ما وضع من ثواب فإنه جعل قيمة أي عمل في الإسلام  مرهونا بخلوص النيّة وإلّا فإنّ العمل إذا كان بدوافع غير إلهية، سواء كان رياء أو لهوى النفس، أو توقع شكر من الناس أو لمكافآت مادية، فليس لذلك ثمن معنوي وإلهي‏ فانه تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصا له وما كان ابتغاء وجهه  وفي هذا المعنى قوله }وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ{: (البينة: 5) والنّبي P يقول: «لا عمل إلّا بالنيّة وإنّما الأعمال بالنيات. وان نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله. ومع ذلك فإن الله تعالى يقبل طاعات عباده وان كان الداعي إلى ذلك قصد الثواب والخوف من العقاب.
وقد قال تعالى: (وادعوه خوفا وطمعا) (الأعراف: 56) وقال (ويدعوننا رغبا ورهبا) (الأنبياء: 90) وهذا أمر وترغيب في العبادة للخوف والرهبة والطمع والرغبة.
وكتب علي Q: هذا ما أوصى به عبد الله علي ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار.
وقد  ورد في الفقه في باب النية في العبادة أنّ قصد القربة في العبادة لا ينافي قصد الثواب والخوف من العقاب أو حتى اكتساب المواهب المادية الدنيوية من عند اللّه (كصلاة الاستسقاء)، لأنّ كل ذلك يرجع إلى اللّه تعالى، كالداعي على الداعي، رغم أنّ أعلى مراحل الإخلاص في العبادة تكمن في عدم التعلّق بنعم الجنان أو الخوف من الجحيم، بل يكون بعنوان (حبّ اللّه)  كما قال  الإمام عليQ: إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار. فالناس ليسوا في مرتبة واحدة من حيث عمق الإيمان واليقين.
الخلاصة:
في الخلاصة فان الثواب والعقاب يعتبران من ابرز المحفزات الخارجية الداعية إلى الالتزام  بالسلوكيات القويمة ومن هنا كان اللجوء إليهما في المجالات التربوية  والوعد والوعيد بهما في الآخرة.نعم كما تقدم في الأحاديث الآنفة الذكر فان قيمة العمل والعبادة تكون أرقى كلما كان الداعي لذلك هو فقط وفقط ابتغاء وجه الله.  

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/04/09   ||   القرّاء : 18314


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net