هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 شهر الجهاد الأكبر

 سيرة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)

 من فضائل الامام الحسن المجتبى عليه السلام

 من وصايا الإمام علي(ع)

  شهر الله ... شهر الانابة والتوبة

  حال المؤمن في الدنيا

 طفولة خير الأنام

 لطائف وفوائد

 سلاح اسمه الدعاء

 بحث تفسيري حول آية المباهلة

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7041498

  • التاريخ : 28/03/2024 - 11:34

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : قرانيات .

              • الموضوع : وقفات تفسيرية مع سورة الأعراف (2) .

                    • رقم العدد : العدد العشرون .

وقفات تفسيرية مع سورة الأعراف (2)

 

وقفات تفسيرية مع سورة الأعراف  (2)   


الشيخ سمير رحال


 قوله تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ والْإِنْسِ .
اللام في لجهنم لام العاقبة مثل اللام في ليكون من قوله تعالى: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا، و مثل: لدوا للموت      وابنوا للخراب
فاللّه سبحانه خلق الإنسان للعلم النافع، و العمل الصالح، و زوده بجميع المؤهلات لذلك، و أعطاه العقل المميز بين الهدى و الضلال، و أرسل الرسل لإيقاظه و إرشاده، و ترك له الخيار في سلوك الطريق الذي يشاء منهما، لأن الحرية هي قوام حقيقة الإنسان، و لو سلبها منه لكان هو و الجماد سواء، فان اختار طريق الهدى أدى به إلى مرضاة اللّه و ثوابه، و إن سلك طريق الضلال فمآله  جهنم و ساءت مصيرا ..
يقول العلامة الطباطبائي:  قد تعلقت المشية الإلهية أن يخلق من الأرض إنسانا سويا يعبده و يدخل بذلك في رحمته، و اختلاف الاستعدادات المكتسبة من الحياة الدنيوية على ما لها من مختلف التأثيرات لا يدع كل فرد من أفراد هذا النوع أن يجري في مجراه الحقيقي و يسلك سبيل النجاة إلا من وفق له، و عند ذلك تختلف الغايات و صح أن لله سبحانه غاية في خلقة الإنسان مثلا و هو أن يشملهم برحمته و يدخلهم جنته، و صح أن لله غاية في أهل الخسران و الشقاوة من هذا النوع و هو أن يدخلهم النار و قد كان خلقهم للجنة غير أن الغاية الأولى غاية أصلية كمالية، و الغاية الثانية غاية تبعية ضرورية، و القضاء الإلهي المتعلق بسعادة من سعد و شقاوة من شقي ناظر إلى هذا النوع الثاني من الغاية فإنه تعالى يعلم ما يؤول إليه حال الخلق من سعادة أو شقاء فهو مريد لذلك بإرادة تبعية لا أصلية
و على هذا النوع من الغاية ينزل قوله تعالى: «وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ» و ما في هذا المساق من الآيات الكريمة و هي كثيرة    
5_ {وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}  
وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏. كل أسماء اللّه حسنة، لأنها تعبر عن أحسن  المعاني و أكملها، و كلها على مستوى واحد في الحسن، فاذكروا اللّه، و ادعوه بأي اسم شئتم من أسمائه، فكلها ألفاظ تعبر عن تنزيهه و تعظيمه
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ واللحد و الإلحاد الميل عن القصد
وأطلق هذا الاستعمال «الإلحاد» على كل عمل ينحرف عن الحدّ  الوسط نحو الإفراط أو التفريط، و لذلك فقد سمّي الشرك و عبادة الأوثان إلحادا أيضا و المقصود من الإلحاد في أسماء اللّه هو أن نحرف ألفاظها أو مفاهيمها  بحيث نصفه بصفات لا تليق بساحته المقدسة
و الناس على ما لهم من الاتفاق على أصل الذات ثلاثة أصناف:
صنف يسمونه بما لا يشتمل من المعنى إلا على ما يليق أن ينسب إلى ساحته من الصفات المبينة للكمال، أو النافية لكل نقص
 و صنف يلحدون في أسمائه، ويعدلون بالصفات الخاصة به إلى غيره كالماديين و الدهريين وكالوثنيين وكبعض أهل الكتاب حيث يصفون نبيهم أو أولياء دينهم بما يختص به تعالى من الخصائص وغيرهم.
 وصنف يؤمنون به تعالى غير أنهم يلحدون في أسمائه فيثبتون له من صفات النقص و الأفعال الدنية ما هو منزه عنه كالاعتقاد بأن له جسما، و أن له مكانا، و كنسبة الظلم في فعله أو الجهل في حكمه و نحو ذلك إليه، فهذه جميعا من الإلحاد في أسمائه
و يرجع الأصناف الثلاثة في الحقيقة إلى صنفين: صنف يدعونه بالأسماء الحسنى و يعبدون الله ذا الجلال و الإكرام، و هؤلاء هم المهتدون بالحق، و صنف يلحدون في أسمائه و يسمون غيره باسمه أو يسمونه باسم غيره: و هؤلاء أصحاب الضلال
هل أسماء اللَّه توقيفيّة؟
قال في الكاشف :واختلف علماء الكلام في أسماء اللّه تعالى: هل هي توقيفية أو قياسية؟. و معنى توقيفية الوقوف في أسمائه على ما جاء في الكتاب و السنة، بحيث لا يجوز إطلاق أي اسم عليه إلا إذا نصت عليه آية أو رواية، و معنى قياسية أن أي لفظ كان معناه ثابتا في حق اللّه فيجوز إطلاق هذا اللفظ عليه، سواء أورد في كتاب اللّه، أم لم يرد
و ذهب أكثر العلماء إلى أن أسماء اللّه توقيفية. أما نحن فنجيز مخاطبة اللّه و مناجاته بكل ما يدل على التنزيه و التعظيم ... هذا ما تقتضيه الأصول و القواعد العلمية الدينية، بالإضافة إلى اجماع الأمة قديما و حديثا في كل زمان و مكان على ان لغير العرب أن يعبروا عن ذات اللّه و صفاته و أفعاله بلغتهم الخاصة بهم 
قال في الميزان : وقد قدم الخبر في قوله: «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏» و هو يفيد الحصر، و جي‏ء بالأسماء محلى باللام، و الجمع المحلى باللام يفيد العموم، و مقتضى ذلك أن كل اسم أحسن في الوجود فهو لله سبحانه لا يشاركه فيه أحد، و إذ كان الله سبحانه ينسب بعض هذه المعاني إلى غيره و يسميه به كالعلم و الحياة و الخلق و الرحمة فالمراد بكونها لله كون حقيقتها له وحده لا شريك له
وظاهر الآيات بل نص بعضها يؤيد هذا المعنى كقوله: «أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً»   وقوله: «فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً»  و قوله: {وَلا يحيطون بِشَيْ‏ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ}  
... فظاهر الآيات جميعا كون حقيقة كل اسم أحسن لله سبحانه وحده.
وقوله: «فَادْعُوهُ بِها» إما من الدعوة بمعنى التسمية كقولنا: دعوته زيدا و دعوتك أبا عبد الله أي سميته و سميتك، و إما من الدعوة بمعنى النداء أي نادوه بها فقولوا  يا رحمن يا رحيم و هكذا. أو من الدعوة بمعنى العبادة أي فاعبدوه مذعنين أنه متصف بما يدل عليه هذه الأسماء من الصفات الحسنة و المعاني الجميلة .

بعض المطالب المتعلقة بمبحث الأسماء الحسنى    
                 
_ إن الصفات وسائط بين الذات و بين مصنوعاته فالعلم و القدرة و الرزق و النعمة التي عندنا بالترتيب تفيض عنه سبحانه بما أنه عالم قادر رازق منعم بالترتيب، و جهلنا يرتفع بعلمه، و عجزنا بقدرته، و ذلتنا بعزته، و فقرنا بغناه، و ذنوبنا بعفوه و مغفرته... و هذا هو الذي نجري عليه بحسب الذوق المستفاد من الفطرة الصافية فمن يسأل الله الغنى ليس يقول: يا مميت يا مذل أغنني، و إنما يدعوه بأسمائه: الغني و العزيز و القادر مثلا، و المريض الذي يتوجه إليه لشفاء مرضه يقول: يا شافي يا معافي يا رؤوف يا رحيم ارحمني و اشفني، و لن يقول: يا مميت يا منتقم يا ذا البطش اشفني: و على هذا القياس
و القرآن الكريم يصدقنا في هذا السلوك و القضاء، و هو أصدق شاهد على صحة هذا النظر فتراه يذيل آياته الكريمة بما يناسب مضامين متونها من الأسماء الإلهية و يعلل ما يفرغه من الحقائق بذكر الاسم و الاسمين من الأسماء بحسب ما يستدعيه المورد من ذلك.
فتبين أنا ننتسب إليه تعالى بواسطة أسمائه، و بأسمائه بواسطة آثارها المنتشرة  في أقطار عالمنا المشهود فآثار الجمال و الجلال في هذا العالم هي التي تربطنا بأسماء جماله و جلاله من حياة و علم و قدرة و عزة و عظمة و كبرياء، ثم الأسماء تنسبنا إلى الذات المتعالية التي تعتمد عليها قاطبة أجزاء العالم في استقلالها
_ فوق كل اسم ما هو أوسع منه و أعم حتى تنتهي إلى اسم الله الأكبر الذي يسع وحده جميع حقائق الأسماء و تدخل تحته شتات الحقائق برمتها، و هو الذي نسميه غالبا بالاسم الأعظم . و من المعلوم أنه كلما كان الاسم أعم كانت آثاره في العالم أوسع، و البركات النازلة منه أكبر و أتم لما أن الآثار للأسماء كما عرفت فما في الاسم من حال العموم و الخصوص يحاذيه بعينه أثره، فالاسم الأعظم ينتهي إليه كل أثر، و يخضع له كل أمر 
_ والأسماء الإلهية و اسمه الأعظم خاصة و إن كانت مؤثرة في الكون و وسائط و أسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود لكنها إنما تؤثر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها، و لا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصورة في الأذهان ومعنى ذلك أن الله سبحانه هو الفاعل الموجد لكل شي‏ء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن  أو حقيقة أخرى غير الذات المتعالية و معنى تعليمه تعالى نبيا من أنبيائه أو عبدا من عباده اسما من أسمائه أو شيئا من الاسم الأعظم هو أن يفتح له طريق الانقطاع إليه تعالى باسمه ذلك في دعائه و مسألته فإن كان هناك اسم لفظي و له معنى مفهوم فإنما ذلك لأجل أن الألفاظ و معانيها وسائل و أسباب تحفظ بها الحقائق نوعا من الحفظ فافهم ذلك
_ عدد الأسماء الحسنى
لا دليل على توقيفية أسماء الله تعالى من كلامه بل الأمر بالعكس، و الذي استدل به على التوقيف من قوله: «وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ» الآية  مبني على كون اللام  للعهد، و أن يكون المراد بالإلحاد التعدي إلى غير ما ورد من أسمائه من طريق السمع، و كلا الأمرين مورد نظر  وأما ما ورد مستفيضا مما رواه الفريقان عن النبي ص: «أن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا- من أحصاها دخل الجنة  أو ما يقرب من هذا اللفظ فلا دلالة فيها على التوقيف. هذا بالنظر إلى البحث التفسيري، و أما البحث الفقهي فمرجعه فن الفقه و الاحتياط في الدين يقتضي الاقتصار في التسمية بما ورد من طريق السمع، و أما مجرد الإجراء و الإطلاق من دون تسمية فالأمر فيه سهل .

6_ {وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ} 
والآيات محل البحث تتحدث عن أخذ العهد من ذريّة آدم، لكن كيف أخذ هذا العهد؟!  للمفسّرين آراء متعددة و من أهم هذه الآراء رأيان:
1_ حين خلق آدم ظهر أبناؤه على صورة الذّر إلى آخر نسل له من البشر «و طبقا لبعض الرّوايات ظهر هذا الذّر أو الذرّات من طينة آدم نفسه» و كان لهذا الذرّ عقل و شعور كاف للاستماع و الخطاب و الجواب، فخاطب اللّه سبحانه الذرّ قائلا أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ   فأجاب الذرّ جميعا: بَلى‏ شَهِدْنا ثمّ عاد هذا الذرّ «أو هذه الذرات» جميعا إلى صلب آدم «أو إلى طينته»
وسمي هذا العالم بعالم الذرّ ... و هذا العهد بعهد  «ألست»؟  فبناء على ذلك، فإنّ هذا العهد هو عهد تشريعي.
2_ أن المراد بالإشهاد، هو الإشهاد المنطلق من عملية الخلق، في ما أودعه اللَّه في كل واحد من الدلائل والبراهين على وجوده و توحيده، من خلال الفطرة التي أودعها في تكوين الإنسان، مما تعتبر شاهدا على قضية الإيمان في ما توحي به من أفكار، و ما تثيره من مشاعر، إذا لم ينحرف بها الإنسان عن مسارها الطبيعي بسوء اختياره. و بهذا يكون كل فرد من بني آدم شاهدا على نفسه بفطرته التي تنطق بذلك، بنفس حركة الوجود  في كيانه من دون كلام، لأن الفطرة تحس بالحاجة إلى اللَّه في كل شي‏ء.
فبناء على هذا، فإنّ جميع أبناء البشر يحملون روح التوحيد، و ما أخذه اللّه من عهد منهم أو سؤاله إيّاهم: ألست بربكم؟ كان بلسان التكوين و الخلق، و ما أجابوه كان باللسان ذاته!                 
فالآية هذه في وزان الآية: { فَقالَ لَها  وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}
 والبحث في الآية ينبغي أن يقع في مقامين كما فعل الفخر الرازي  وهذان المقامان هما :
أحدهما: أنه هل يصح القول بأخذ الميثاق عن الذر؟
إن التّفسير الأوّل المتقدم لآيات أخذ الميثاق فيه بعض الإشكالات، ولذلك فان كثيرا من العلماء أنكروا ذلك، لقصور الأدلّة التي أقامها المثبتون عليه، و لأن الحجة لا تقوم على الإنسان بما كان قد اعترف به في عالم الذر، لغفلته عن أصل الموضوع فلا فرق بين الغفلة الأصلية التي لم يسبق للإنسان فيها المعرفة، أو الغفلة الطارئة التي جاءت بعد المعرفة في عالم آخر لا ربط له بهذا العالم أصلا .  ( من وحي القرآن ج‏10، ص: 284 )
  يضاف إلى ذلك :
1_ إذا كان هذا العهد قد أخذ عن وعي ذاتي و عن عقل و شعور، فكيف نسيه الجميع؟!
2_   إنّ الاعتقاد بمثل هذا العالم يستلزم- في الواقع- القبول بنوع من التناسخ، ( وهناك إشكالات أخرى أعرضنا عن ذكرها)
و الإشكال الوحيد الذي يرد على التّفسير الثّاني هو أنّ هذا السؤال و الجواب يتخذ شكلا «كنائيّا» و يتسم بلغة الحوار. إلّا أنّه مع الالتفات إلى أن مثل هذه التعابير كثير في لغة العرب و جميع اللغات، فلا يبقي أيّ إشكال في هذا المجال  ويبدو أن هذا التّفسير أقرب من سواه
و أما المقام الثاني: و هو أنه بتقدير أن يصح القول بأخذ الميثاق من الذر. فهل يمكن جعله تفسيراً لألفاظ هذه الآية؟
والجواب لا  لأن قوله: أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ المراد منه، و إذا أخذ ربك من ظهور بني آدم، و أيضاً لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال من ظهره ذريته و لم يقل من ظهورهم ذريتهم.
و قد ذكروا وجوها في إبطال دلالة الآيتين عليه و طرح الروايات بمخالفتها لظاهر الكتاب:"
_ ما ذكره بعضهم أن الروايات مقبولة مسلمة غير أنها ليست بتأويل للآية، و الذي تقصه من حديث عالم الذر إنما هو أمر فعله الله سبحانه ببني آدم قبل وجودهم في هذه النشأة ليجروا بذلك على الأعراق الكريمة في معرفة ربوبيته وأما الآية فليست تشير إلى ما تشير إليه الروايات .
عالم الذر في الرّوايات الإسلاميّة
وردت روايات كثيرة في مختلف المصادر الإسلاميّة من كتب الشيعة و أهل السنة حول عالم الذّر ... وقد يصل مجموع ما ورد من الرّوايات إلى أربعين رواية
أمّا من ناحية المضمون و الدليل فإنّ مضامينها تختلف بعضها عن بعض، فمنها ما يوافق التّفسير الأوّل، و منها ما يوافق التّفسير الثّاني، و بعضها لا يوافق التّفسيرين.
وبعض هذه الرّوايات مبهم، و بعضها يمثّل رموزا و عبارات مجازية .
ثمّ إن الرّوايات بعضها ذو سند معتبر، و بعضها فاقد للسند أو مرسل.
فبناء على ذلك- و بملاحظة التعارض بين الرّوايات- لا يمكننا التعويل عليها على أنّها وثيقة معتبرة ... و كما عبّر أكابر علمائنا في مثل هذه الموارد فإنّه ينبغي أن نتجنّب الحكم على مثل هذه الرّوايات، و أن نكلها إلى أصحابها و رواتها  و في هذه الصورة نبقى متمسّكين بالنص القرآني، و كما ذكرنا أنفا فإن التّفسير الثّاني أكثر انسجاما مع الآيات
ولكن العلامة الطباطبائي يخلص إلى معنى جديد خلاف الرأيين  اللذين يرد عليهما إشكالات ويقول في بيان ذلك (بتصرف):  و أنت إذا تدبرت هذه الآيات «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» التي يدل على قصة خلقه تعالى النوع الإنساني بنحو التولد  و أخذ الفرد من الفرد، يدل على أن للقصة- و هي تنطبق على الحال المشهود- نوعا من التقدم على هذا المشهود من جريان الخلقة و سيرها
وقوله: «وَإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ»
وقوله: «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ»  و قوله: «وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ»  وما يشابههما من الآيات
مقتضى هذه الآيات أن للعالم الإنساني على ما له من السعة وجودا جمعيا عند الله سبحانه، و هو الذي يلي جهته تعالى ويفيضه على أفراده لا يغيب فيها بعضهم عن بعض و لا يغيبون فيه عن ربهم و لا هو يغيب عنهم، و كيف يغيب فعل عن فاعله أو ينقطع صنع عن صانعه، و هذا هو الذي يسميه الله سبحانه بالملكوت، و يقول :
{وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} "   
 ثم راجعت قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» الآية وأجدت التدبر فيها وجدتها تشير إلى تفصيل أمر تشير هذه الآيات إلى إجماله فهي تشير إلى نشأة إنسانية سابقة فرق الله فيها بين أفراد هذا النوع، و ميز بينهم و أشهدهم على أنفسهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا
و لا يرد عليه ما أورد على قول المثبتين في تفسير الآية على ما فهموه من معنى عالم الذر من الروايات على ما تقدم فإن هذا المعنى المستفاد من سائر الآيات و النشأة السابقة التي تثبته لا تفارق هذه النشأة الإنسانية الدنيوية زمانا بل هي معها محيطة بها لكنها سابقة عليها السبق الذي في قوله تعالى: «كُنْ فَيَكُونُ» و لا يرد عليه شي‏ء من المحاذير المذكورة
و لا يرد عليه ما أوردناه على قول المنكرين في تفسيرهم الآية بحال وجود النوع الإنساني في هذه النشأة الدنيوية من مخالفته لقوله: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ» ثم التجوز في الإشهاد بإرادة التعريف منه، و في الخطاب بقوله: «أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ» بإرادة دلالة الحال، و كذا في قوله: «قالُوا بَلى‏» و قوله: «شَهِدْنا» بل الظرف ظرف سابق على الدنيا و هو غيرها، والإشهاد على حقيقته، و الخطاب على حقيقت
و لا يرد عليه أنه من قبيل تحميل الآية معنى لا تدل عليه فإن الآية لا تأبى عنه   وسائر الآيات تشير إليه بضم بعضها إلى بعض
و أما الروايات فبعضها يدل على أصل تحقق هذه النشأة الإنسانية كالآية، و بعضها يذكر أن الله كشف لآدم ع عن هذه النشأة الإنسانية، و أراه هذا العالم الذي هو ملكوت العالم الإنساني، و ما وقع فيه من الإشهاد و أخذ الميثاق كما أرى إبراهيم ع ملكوت السماوات و الأرض
7_ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 
فهذه تسع صفات لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي أن الله أوحى إليه كتابًا مختصاً به وهو القرآن، وأنه صاحب المعجزات، أنه بلّغ ونبأ بأفضل وأتم العقائد والعبادات والأخلاق - وهو - عليه الصلاة والسلام - الأمي الذي لم يمارس القراءة والكتابة ولم يجلس إلى معلم، فهو - عليه السلام - باقٍ على الحالة التي ولد عليها، وقد ذكره ربّه - جل وعلا - باسمه وصفاته ونعوته عند اليهود والنصارى في التوراة والإِنجيل وقد كتمها الكافرون منهم أو أساءوا تأويلها، كما وصفه ربه بأنه يأمرهم بالمعروف ويكلفهم بفعل ما تدعوا إليه الطبائع المستقيمة والفطر السليمة؛ لأن في ذلك النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - يزجرهم وينهاهم عن كل منكر مستهجن تستقبحه الجبلة القويمة، والخلقة السوية، ويحل لهم ما حرم عليهم من الطيبات التي منعوا منها وحظرها الله عليهم جزاء طغيانهم وضلالهم، ويحرم عليهم كل ضار وخبيث: كأكل الميتة والمال الحرام من الربا والرشوة والغش، ويخفف عنهم ما شق عليهم وثقل من التكاليف التي كانت في شريعة موسى - عليه السلام - كقطع الأعضاء الخاطئة وتحريم الغنائم عليهم ووجوب إحراقها، وكذلك يخفف الله ويحط عنهم المواثيق الشديدة التي فرضت عليهم عقابا لهم على فسوقهم وظلمهم


8_ خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ   وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
هذه الآية القصيرة الوجيزة تتضمّن منهجا جامعا واسعا كليّا في المجالات الأخلاقية و الاجتماعية، بحيث يمكننا أن نجد فيها جميع المناهج الإيجابية البناءة و الفضائل الإنسانية. و قد جمعت هذه الآية مكارم الأخلاق لأن فضائل الأخلاق لا تعدو أن تكون عفوا عن اعتداء فتدخل في خُذِ الْعَفْوَ، أو إغضاء عما لا يلائم فتدخل في وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، أو فعل خير و اتساما بفضيلة فتدخل في وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ
والأخذ حقيقته تناول شي‏ء للانتفاع به أو لإضراره، فمعنى (خذ العفو): عامل به و اجعله وصفا و لا تتلبس بضده و العفو الصفح عن ذنب المذنب و عدم مؤاخذته بذنبه
و قد عمت الآية صور العفو كلها: لأن التعريف في العفو تعريف الجنس فهو مفيد للاستغراق فأمر الرسول ( ص) بأن يعفو   و يصفح و ذلك بعدم المؤاخذة بجفائهم و سوء خلقهم، فلا يعاقبهم و لا يقابلهم بمثل صنيعهم و لا يخرج عن هذا العموم من أنواع العفو أزمانه و أحواله إلا ما أخرجته الأدلة الشرعية مثل العفو عن القاتل غيلة، و مثل العفو عن انتهاك حرمات اللّه،
و العرف اسم مرادف للمعروف من الأعمال و هو الفعل الذي تعرفه النفوس أي لا تنكره إذا خليت و شأنها بدون غرض لها في ضده  والتعريف في العرف كالتعريف في الْعَفْوَ يفيد الاستغراق
والإعراض عن الجاهلين : و هم الذين لا ترجى هدايتهم بالحجة و الدليل، و لا بالموعظة و الإرشاد .. و قد يكون إهمالهم و الإعراض عنهم أجدى في هدايتهم . و «الجهل» هنا ضد الحلم و الرشد، و هو أشهر إطلاق الجهل في كلام العرب قبل الإسلام، فالمراد بالجاهلين السفهاء كلهم ، وأعظم الجهل هو الإشراك، إذ اتخاذ الحجر إلها سفاهة لا تعدلها سفاهة، ثم يشمل كل سفيه رأي  402 _ 401

مصادر البحث :
 1_ الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي
2_ تفسير الكاشف للشيخ محمد جواد مغنية
 3_ من وحي القرآن للسيد محمد حسين فضل الله
4_ مفاتيح الغيب للفخر الرازي
 5_ تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا
6_ التحرير و التنوير
7_ في ظلال القرآن للسيد قطب
 8_ التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم للشيخ محمد الغزالي 
 9_ مجلة رسالة الإسلام _ تفسير الشيخ محمود شلتوت
10_ التمهيد في علوم القرآن للشيخ محمد هادي معرفة
   
 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/17   ||   القرّاء : 7441


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net