هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 شرح خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) في مكة

 إعدام الشهيد الثاني

 هيئة علماء بيروت تستنكر وترفض الدفاع عن شبكات التجسس

 خاتمة نهاية الكراهية

 الإمام السادس الإمام جعفر الصادق علیه السلام

  لعلكم تتقون

  الصلاة على النبي (ص) وآله

 هيئة علماء بيروت تدين العدوان الأميركي على مقار الحشد الشعبي

  التوبة .... شرائطها وانواعها ونتائجها

 معرفة الله

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7041172

  • التاريخ : 28/03/2024 - 09:39

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : فكر .

              • الموضوع : الإسلام والغرب‏ .

الإسلام والغرب‏

الإسلام والغرب‏


كتاب لآية اللَّه الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رحمه اللَّه) 

 عرض وتلخيص: الشيخ سمير رحال

‏مقدمة

تحظى مسألة علاقة الغرب بالإسلام وبالعالم الإسلامي بكّم وافر من الدراسات والتحاليل التي تجهد في توصيف تلك العلاقة، والمديات التي وصلت إليها والظروف والملابسات التي واكبت تلك العلاقة وفرضت ولا تزال نمطاً تصاعدياً للتوتر، نتيجة فشل الإحتواء الغربي للإسلام كحضارة، على رغم ما حققته عملية التغريب والإحتواء من نجاحات واسعة النطاق في مختلف أنحاء العالم الأخرى، حيث لا يزال المجتمع الإسلامي على رغم كل ما يعانيه متماسكاً في مواجهة هذه الرياح العاتية ولا تزال العقيدة الإسلامية تحكم نظرة الإنسان إلى الكون والحياة وتصوغ له مبادئه والقيم والسلوكيات.
علاقة الإسلام بالغرب، والعالم الإسلامي بنتاجات  الحضارة الغربية كالنظام العالمي الجديد والعولمة والتغريب، توصيف هذه العلاقة، ومآل هذه العلاقة والأفق الذي يمكن أن تصله في المستقبل هي بعض عناوين كتاب الإسلام والغرب لآية اللَّه الشيخ محمد مهدي شمس الدين (ره) وهو عبارة عن نصوص تتراوح بين بحث ودراسة ومداخلة وحوار مع الصحافة، عرض فيها سماحته لرؤيته وتحليله لماضي هذه العلاقة بين الإسلام والغرب وحاضرها وما يمكن أن تكون عليه في المستقبل منتهياً إلى أن خيارنا الوحيد هو الحوار، لأن استقرار العالم وسلامه يتوقفان على انطلاق حوار جاد وشامل، مبدياً في الوقت نفسه شكوكاً بإمكانية قيام حوار صادق بين الإسلام والغرب لأنه في حين أن الإسلام وجه المسلمين إلى إتخاذ موقف إيجابي من قضية الحوار والتعاون مع الآخر، فإن الغرب التاريخي والمعاصر لا يحمل نفس العقيدة عن الحوار والتعاون بل نظرته تتراوح بين العداء والشك ومسلكه موجّه بعقلية أخذ كل شي‏ء أو تحطيمه.
هي مقالات تعود لما بين أعوام 92  99، والأعوام التي تلت شهدت تطورات خطيرة بدءاً من أحداث 11 أيلول وما تبعها من حرب على الإسلام والمسلمين تحت شعار محاربة الإرهاب، وصولاً إلى الهجمة على المقدسات الإسلامية كالقرآن الكريم والنبي الأكرم (ص) والتطاول على أحكام الإسلام وتشريعاته، ولكن ذلك لا يقلّل من قيمة ما كتبه رحمه اللَّه بل تظهر عمق رؤيته وصحة ما عالجه من قضايا كونه تناول الأسس التي تحكم أفق العلاقة سلباً أو ايجاباً، وما حصل لاحقاً لا يعدو كونه انعكاساً لذلك: ولم يكن في الحقيقة إلا نتيجة حتمية لرسوخ النظرة الغربية وثباتها على قيمها التي لا تقيم اعتباراً للإنسان وكرامته، خصوصاً الإنسان الذي يبني قيمه وسلوكه على ما جاء به الإسلام، ودونما مراجعة نقدية لما أدت إليه تلك الحضارة من ويلات طالت الإنسان والكون والحياة.
في توصيف الحضارة الغربية:
هذه الحضارة بالشكل الذي تقدم به إلى العالم، يعتبرها الشيخ (ره) التعبير الشيطاني الأكبر الذي يفترس البشر: يفترس أخلاقهم وضمائرهم وكرامتهم وإنسانيتهم، هذه الحضارة من أساليبها الشيطانية أنها لا تلبي حاجات البشر الطبيعية، بل تخلق حاجات لأجل أن تخلق سلعاً، وتسوقها في الإعلان وتغيّر عقول الناس «يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا».
فالعالم الغربي بسياسته واقتصاده وفكره مخلوق شيطاني، والكلام هو عن العقول التي توجه سياسة هذا العالم نحو هذه النهاية.
العالم كلّه دفع ثمن الحضارة من دون أن يأخذ شيئاً.
إنها حضارة ثمرتها ورخاؤها وسعادتها وتسهيلاتها هي للأقوياء الأغنياء، وأما العالم الآخر، ثلاثة أرباع أو أربعة أخماس العالم فإنهم يتحمّلون شرور هذه الحضارة من دون أن يستطيعوا الإنتفاع بشي‏ء منها.
ومن التعابير الشيطانية لهذه الحضارة هو الإباحية الجنسية فتسنّ القوانين وتكتب الكتب وتضع الأفلام لأجل تزيين هذا العمل، وهو عندهم عمل حضاري، وعند كل تجربة نووية ترتكب جريمة في حق أطفال العالم ونساء العالم ورجال العالم.
والطاقة النووية أتلفت طبقة الأوزون التي تحمي الكرة الأرضية من الإشعاعات الضارة. وأطروحة التقدم العلمي يجب أن تخضع للمراجعة من الإباحية الجنسية إلى أبحاث الفيزياء.
وعن صلاحية هذه الحضارة لتكون عالمية يقول رحمه اللَّه:
إن روح هذه الحضارة وثقافتها ليست عالمية ولا تصلح حتى أن تكون عالمية، إنها حضارة ذاتية وثقافة ذاتها التي توظفها تحت شعار العالمية لافتراس الآخرين.
هذه الثقافة الحسية البصرية، ثقافة العنف، وثقافة السطحية، ثقافة أفلام هوليوود، تريد أن تجوّف كل ثقافة وطنية، كل شخصية وطنية، كل هوية ثقافية تحت شعار العالمية.
فمقياس التقدم هو الإنسانية وليس الخروج عن الإنسانية، مقياس التقدم هو الإنسجام مع فطرة اللَّه وخلق اللَّه وليس تغيير خلق اللَّه، وإن الركض وراء النموذج الغربي بدعوى تحصيل القوة والعزة هو ركض نحو الهاوية وليس ركضاً نحو النجاة والخلاص.
موقف الغرب من الإسلام:
إن مواقف الغرب  من الإسلام والمسلمين منذ بداية التماس بينهما تنطلق من إنكار الآخر. لقد استخدم الغرب المسيحية ضد الإسلام، تسلّح بالخطاب الديني المسيحي بصورة عامة واستخدم هذا الخطاب ضد الإسلام، وجعل من حربه حرباً مقدسة واعتبر الإسلام هرطقة وثنية، وسّوق حروبه من الناحية الأخلاقية بأنها حروب من أجل الحضارة. والغرب الذي نعاصره استخدم أيضاً الحضارة ضد الإسلام، ولتشويه الحضارة الإسلامية ومسخها وإلغائها من الوجود واعتبر أن الحضارة الإنسانية بدأت وتستقر في عالمه هو لا في العالم أو العوالم الخارجة عنه، وغير الغربي ليس له وجود بالمعنى الثقافي أو الحضاري.
وعلاقة الغرب بالإسلام هي علاقة ذات شعب منها شعبة الإستحواذ، الإستيلاء والسيطرة وليس في العقل الغربي الذي يدير العملية التاريخية ما يفسح المجال للزمالة، هناك دائماً عقلية السيد مقابل العبد.
إن الكتابات التي تعبّر عن نمط تفكير الغرب تجاه الإسلام والمسلمين، وعلاقة الغرب بالإسلام والمسلمين، ومستقبل هذه العلاقة من قبيل كتاب صاموئيل هانتنغتون عن صراع الحضارات، وكتاب فوكوياما عن نهاية التاريخ وغيرهما... إن هذه الكتابات تكشف عن أن الغرب لا يزال ينظر إلى الإسلام باعتباره عدواً يجب العمل للتغلب عليه وسحقه وتعطيل دوره في صنع التاريخ والمشاركة في صياغة الحضارة العالمية، وهو لا ينظر إلى الإسلام باعتباره شريكاً ممكناً في الحضارة يجب إكتشاف وسائل التواصل معه على قاعدة التفاهم لأجل التعاون على البرّ والتقوى في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة وحقوق الإنسان.
المسيحية والغرب:
يتساءل سماحة الشيخ (ره) عن الغرب الذي نبحث عن علاقة الإسلام به، أو عن مواجهة الإسلام له، أي غرب؟ هل هو الغرب المسيحي أو الغرب المادي العلماني؟ ليخلص إلى أن الغرب الماثل أمام الإسلام والمسلمين والذي وجد في التاريخ الحديث منذ خرج من القرون الوسطى هو الغرب الذي يقوم على الفكر الوضعي في مجال العلوم، وعلى أخلاق المنفعة في السلوك ويتنكّر للقيم الأخلاقية التي بشرت بها المسيحية في المضمون الداخلي للإنسان... الغرب الذي استغلّ المسيحية أو شوّهها، وهو غير المسيحية وغير الغرب المسيحي الذي يستمد مفاهيمه في النظر إلى الكون والحياة والإنسان منها ويقيم سلوكها على هداها:
وغدا مصطلح الغرب في المجال الحضاري يساوي مصطلح العنف في المجال السلوكي وتجلّى هذا العنف ضد الثقافات والحضارات الأخرى.
لذا يرى سماحته ضرورة التمييز الحاسم بين المسيحية والغرب، فالغرب المسيحي لم يوجد قط وإن وجد ففي نقاط وفترات محدودة ولم يكن له أثر في صنع التاريخ.
أما المسيحية فتلتقي مع الإسلام على قيم مشتركة مبنية على المبادئ العامة الكبرى للإيمان الإبراهيمي الذي يلتقي عليه المسلمون والمسيحيون، أو يمكن أن يلتقيا على حياة مشتركة وعيش مشترك يقوم على التعاون والبرّ. والعلاقة بين المسيحية والإسلام تتجه بقوة نحو العافية ونحو حالة صحية.
مبادئ الإسلام في الاجتماع الإنساني:
وفي مقابل هذه النظرة النمطية للإسلام، والموقف الغربي العدائي اتجاهه، فإن للإسلام مبادئه الإنسانية التي يقوم عليها المجتمع البشري، والتي يشكل مبدأ الاعتراف بالآخر والتعاون معه أحد عناصرها:  فنحن نعترف بالغرب، ونحاول أن نقيم جسور تفاهم معه على أساس الاعتراف بخصائصه والتعامل معها. وإرادة التعاون عند المسلمين لم تنشأ من الضرورة التي فرضتها تحولات الحياة وعلاقات البشر، ولم تنشأ من الشعور بالضعف الذي يدفع إلى التواصل مع الغير، بل هي إختيار ناشئ من التشريع الإلهي. كما ورد في القرآن الكريم في جملة من الآيات منها قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم إن اللَّه عليم خبير) (الحجرات: 13) وكما فصلتها السنّة الشريفة، وكما طبقها المسلمون في أزهى عهودهم وفي أوج قوتهم حين كانوا قادرين على أن يتجاهلوا الآخرين.
لا نريد أن نؤسلم الغرب بالقوة، كما لا نريد أن يتم علينا عمليات تغريب بالقوة، نحن نريد صيغة حضارية تتلاءم مع المناخ الحضاري المستقبلي.
إن موقف الإسلام من الآخر (أياً يكن) يتقيّد بشرط واحد هو المسالمة وعدم الإعتداء والشرط الذي لا يمكن التنازل عنه للاعتراف والتعاون هو إزالة العدوان والتوقف عن إرادة العدوان والتخطيط له.
كما أن الأساس الإيماني الأخلاقي للموقف من الآخر هو المبدأ التشريعي العام الذي وضعه اللَّه تعالى في قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم) (الإسراء: 70) وعلى أساس مبدأ العدالة والانصاف القائم على الاعتراف للآخر بحقوقه وأدائها إليه.
من هنا أنتج الإسلام مجتمعاً متنوعاً بدأ من مجتمع المدينة وانتهى بمجتمع الأندلس الذي كان في عصره يمثل قمة الإزدهار على جميع الصعد في العالم.
في علاقة العالم الإسلامي بالغرب:
ويشكل النظام العالمي الجديد أكثر الموضوعات أهمية في علاقة العالم الإسلامي بالغرب ومفاعيل هذا النظام في العالم تظهر (بحسب الشيخ (ره)) في ثلاثة أمور:
الأول: الاستحواذ الاقتصادي على ثروات العالم وخصوصاً على الثروات ذات الطابع الإستراتيجي (النفط بالدرجة الأولى).
الأمر الثاني: هو الاستتباع السياسي للدول والمجموعات الإقليمية.
الأمر الثالث: الاستتباع الثقافي، الاستتباع لما يمكن أن يصطلح عليه على أنه نمط الحياة، صنعته الحضارة الغربية بكل محتوياتها من مادية وروح نفعية وفردية مطلقة؛ وهذا الأمر كان هدفاً دائماً للغرب الحضاري.
وتواجه الأمة الإسلامية عملية إعادة صياغة، وسيعمل على التفتيت الداخلي في الدول ضمن معادلة الاحتفاظ بالحدود الاقليمية بحيث تصبح أكثر قداسة، ولكن في الداخل تمزقات كبرى عرقية ومذهبية ودينية بحيث إن كل دولة وكل مجموعة إقليمية تعاني من مشاكلها الخاصة وتكون أكثر حاجة وأكثر اعتماداً على قرار هذا النظام الدولي الجديد وعلى عصاه الغليظة. والشعار الذي بدأ يستخدمه النظام الدولي الجديد بقوة هو شعار «حقوق الإنسان» من جهة وشعار «الشرعية الدولية» من جهة أخرى وهذان الشعاران هما السلاحان اللذان يستخدمهما وبكثرة هذا النظام في تطبيق سياساته.
أما مواقف المسلمين بما هم حاملون للإسلام من هذا النظام العالمي الجديد فتتراوح بين الإستسلام والإندماج في النظام الاستعماري، والرفض النظري والمقاومة المحدودة واللامبالاة.
أما الموقف الفقهي أو الشرعي من النظام الدولي الجديد فلا بد أن يرتكز على المبادئ العامة في أهداف السياسة الدولية من وجهة نظر الإسلام وهي أربعة:
1  مبدأ حماية الذات، فلا نباد إبادة مادية.
2  مبدأ حماية المصالح بدءاً من النفط والمياه.
3  مبدأ حماية الدور وأن لا يفقد المسلمون دورهم في العالم.
4  مبدأ حماية كل من يستحق الحماية.
ووفقاً لهذه المرتكزات، لا يمكن أن نبرر القبول بالنظام العالمي الجديد، والأمة لا تواجه خياراً وحيداً، بل أمامها خياران إما أن تقبل وإما أن تغيّر نفسها، والخيار المقبول هو تغيير النفس وليس خيار الإستسلام.
ومن يقود المواجهة هو الأمة لأن الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي والعربي هي أنظمة غير قادرة على المواجهة إطلاقاً لأنها ضعيفة دائماً، ولم تكن على وفاق مع شعوبها وهناك أيضاً الحكومات المرتهنة للخارج.
فالخيار الصحيح هو إعادة استنهاض الأمة لتكون حاضرة بقواها ومؤسساتها ولتكون بالتالي شريكاً في صياغة النظام العالمي الجديد.
ينبغي تعميق الوعي الروحي (روحنة الحياة وروحنة السلوك) في مقابل ما تقتضيه الحداثة من مادية ومن ذرائعية ونفعية. أن هذه القوة الروحية المعنوية العظمى نشأت من الإسلام، وأطلقت الحضارة الإسلامية العظمى في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وهو لا يزال موجوداً لا يزال قادراً على أن يطلق هذه الروح. وأحد أهداف مواقع القوة في العالم الغربي هو الحيلولة دون استعادة المسلمين للتفاعل الحي مع الإسلام باعتباره طاقة محركة عظمى لتكوين الإنسان وإطلاق طاقاته الحديثة.
يجب أن ندخل في هذا المشروع باعتبارنا شركاء فيه ومسؤولين فيه، لا باعتبارنا كماً بشرياً مستهلكاً للسلع أو مصدراً للمواد الخام.
فنحن لا نرفضه ولا نعاديه ويجب أن ننظم شروط دخولنا وتغيير أحوالنا نحو الأحسن.
موقف الإسلام من العولمة:
إن العولمة، كما عُرفت وكما يبدو من تطبيقاتها، تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاء فلكلورياً لمجرد الاستمتاع وليس لتنمية واخصاب الذات الإنسانية.
وهي بخلاف العالمية التي تعني الاعتراف بالتبادل، والإعتراف بالأدوار بحيث يكون العالم منفتحاً على بعضه مع الاحتفاظ بتنوعاته.
إن دعاة العولمة يهدفون إلى السيطرة الاقتصادية والسياسية، كما يهدفون إلى السيطرة الثقافية التي تؤدي إلى تشويه أو تذويب الشخصية الخاصة للآخرين، كما أنها من جهة أخرى تؤدي إلى تشجيع عوامل التفتت والانقسام داخل المجتمعات الأخرى.
إن من بين الوسائل التي تستخدمها القوى العظمى لفرض واقع العولمة بصورتها السياسية والاقتصادية ومن ثم الثقافية محاولة ترسيخ مفهوم «الشرق أوسطية» وتحويله من مفهوم جغرافي إلى مفهوم حضاري وثقافي وسياسي واقتصادي وإنساني يهدف إلى دمج إسرائيل في نسيج المنطقة العربية  الإسلامية.
كما أن مؤتمرات المرأة تحاول أن تستهدف فرض الرؤية الغربية العلمانية بصيغتها الأميركية للمرأة وللجنس والعلاقات الجنسية وللأسرة. وكذا الدعوة إلى ما يسمى «التربية على السلام وحقوق الإنسان والاعتراف بالآخر» يفرض تشجيع عناصر التفكك داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وتشجيع كل ما يؤدي إلى استثارة المسلمين أو انتقاصهم بهدف استلابهم إذا سكنوا، وبهدف انتقاصهم واتهامهم إذا تحركوا.
هذه الروح الغربية التي أنتجت العولمة على مستوى العلاقات البشرية هي التي أنتجت أشد الأسلحة فتكاً وتدميراً، وأخذت تهدد وجود الجنس البشري، هذه الروح التي أنتجت هذه القوة الشريرة لا يمكن اطلاقاً أن تدّعي لنفسها أهلية وضع نظام للعلاقات الإنسانية يستجيب لعالم القيم الذي يزدهر فيه الوجود الإنساني.
هذا الغزو الثقافي الذي يسمى عولمة يجب أن نعي أنه سياسة ترمي إلى إعادة صياغة العقل العربي ليقبل الحقيقة الصهيونية ويسلم لها.
وعندنا ثلاثة مواقف من العولمة:
1  الاستسلام المطلق.
2  الرفض المطلق والتحصن داخل أسوار الذات.
3  الموقف الانتقائي.
وأما ما يختاره الشيخ (ره) فهو وفق المعادلة التالية: لا اندماج وذوبان، ولا مقاومة وحرب بل علينا أن ننمّي في داخلنا عولمتنا الخاصة، ننمّي قوانا الذاتية في مجالات التنظيم السياسي والاجتماعي و... ونتعامل مع هذا التيار وفقاً لقيمنا... نأخذ ونعطي.
وهذا يفرض علينا تحصين الذات بما لا يعني الانغلاق، والانفتاح بما لا يعني الذوبان، ويفرض مسؤوليات تربوية في الأسرة وفي المدرسة وفي الجامعة وفي الحياة العامة.
وإعادة الاعتبار إلى بنى وقيم الاجتماع الإسلامي، لا باعتبارها ثقافة نظرية بل  باعتبارها أساليب لتكوين الاجتماع الإسلامي العربي على الأسس الفكرية الإسلامية التي تنبع من نظام القيم الإسلامية العربية الذي تستهدفه تيارات الحداثة.
وهذه الحداثة تقوم على ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: على الرؤية الدنيوية المرتكزة على أن العالم الموضوعي الخارجي هو الحقيقة.
العنصر الثاني: الفرد، على أن محور الوجود، محور العمل، محور النشاطات هو الفرد، التأكيد على فردية الإنسان.
العنصر الثالث: أن المرجعية في فهم الأشياء وفي الحكم عليها، في فهم التصرفات وفي الحكم عليها، على صحتها وخطئها هي العقل الوضعي، العقل الذي يرتكز على البراغماتية والنظرة النفعية المحضة.
هذه العناصر الثلاثة حين تشكل أساساً لثقافة الفرد فإنها تنتج هذا الفرد الذي نرى نماذجه في الحياة الغربية المعاصرة.
وحينما تطبق على الدولة فإنها تعني تلك الدولة التي تحاول أن تتخلص من كل التزام ديني، وكل التزام اجتماعي، وكل التزام يقوم على الأخلاق وعلى الغيب وعلى مرجعية الدين، بحيث تكون الدولة مادية ربما لا تعادي الدين سياسياً وسلطوياً ولكنها بالتأكيد تعاديه عملياً وتطبيقياً.
مستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب:
خيارنا الوحيد هو الحوار
الواقع القائم الآن: يوجد غرب مستحكم ويوجد عالم إسلامي مستسلم، هل هذه هي الصيغة الحتمية لمستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب؟ علاقة النبذ والإستحواذ من جانب الغرب، والنفي والرهبة من جانب الإسلام؟ أم أن هناك آفاقاً لعلاقة أخرى؟ هنا علينا أن نلاحظ أن العالم في هذا العصر بدأ يتجه بقوة نحو التواصل ونحو التأثير المتبادل ولم يعد هناك أية قدرة للسيطرة على تأثير البشر، في مثل هذا الوضع فإن خيارنا الوحيد هو الحوار ونحن محكومون بأن ننجح فيه.
إن استقرار العالم وسلامه يتوقفان على انطلاق حوار جاد وشامل في قضايا العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي. فلا الغرب قادر على تجاهل وجود العالم الإسلامي ولا العالم الإسلامي قادر على تجاهل وجود الغرب.
ولكن هذا الحوار أساسه قبول الآخر كما هو وليس محاولة جعل الآخر نسخة من الذات ولذلك فهو تحيط به صعوبات ويواجه عوائق، وهذه الصعوبات لا تأتي من قبل الإسلام والمسلمين. فمن المؤكد أن الإسلام انسجاماً مع مبادئه وأخلاقياته وجه المسلمين إلى اتخاذ موقف إيجابي من قضية الحوار والتعاون مع الآخر والشاهد الحي هو بقاء المسيحية وازدهارها في ديار الإسلام وكذلك اليهودية حيث لم يكن ثمة قوى عظمى تحمي المسيحية والمسيحيين والكنائس والأديرة وسائر المؤسسات المسيحية، بل كانت سلطة الإسلام وحدها هي التي صاغت حياة تقوم على الاعتراف بالآخر. ولقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الإسلام دخل إلى الغرب دخولاً سلمياً بكل معنى الكلمة.
وفي المقابل، فإن الذي يثير القلق هو أن الغرب التاريخي والمعاصر (الماضي والحاضر) لا يحمل نفس العقيدة عن الحوار والتعاون.
فالغرب ينظر إلى الإسلام (باعتباره عالماً لمعتنقيه) نظرة تتراوح بين العداء والشك ومسلكه تجاه الآخر موجّه بعقلية أخذ كل شي‏ء أو تحطيم الشي‏ء الذي لا يستطيع أخذه. إن هذه النظرة تشوش وتعطل أية إمكانية لتكوّن الثقة بحسن النية والصدق وذلك ما لا بد منه لقيام تعاون حقيقي بين العالم الإسلامي والعالم الغربي.
وبمقدار ما تحيط الشكوك بإمكانية قيام حوار صادق بين الغرب والإسلام فإن الثقة كبيرة بنجاح الحوار بين المسيحية والإسلام من خلال اكتشاف المساحات المشتركة في مجال القيم الأخلاقية والحياة الروحية.
وبهدف دعم المسيحية في القيام بدور فعّال في ترشيد سياسات دول الغرب تجاه الآخر، فإن التزام الكنيسة الغربية بالانتصار العلني للعدالة في مواجهة سياسات الغرب المتحيّزة والظالمة ضد المسلمين يساعد على نجاح الحوار بين الإسلام والغرب... هذا الحوار الذي لا بد لنا جميعاً أن نقوم به وأن نوفّر له إمكانات النجاح مهما كانت الصعوبات والعوائق.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2007/06/01   ||   القرّاء : 8892


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net