هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (121)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شهر الدعاء والتضرع الى الله

 ليلة القدر... لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ

 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 عليّ بن أبى طالب(ع)

 محطات في حياة الإمام السجاد عليه السلام ودوره المحوري في حفظ الاسلام

 معالم الرحمة النبوية

 الإمام السادس الإمام جعفر الصادق علیه السلام

 معركة بدر الكبرى الحدث

  قطوف شعريّة في عزاء الامام الحسين (ع)

 الموضوع الأول

  هيئة علماء بيروت تندد بالقرار المعيب لمجلس التعاون الخليجي

  علماء قدوة

 أسرار الحج

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1171

  • التصفحات : 7088746

  • التاريخ : 18/04/2024 - 02:12

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : سيرة .

              • الموضوع : الإمام زين العابدين عليه السلام .... لمحات من حياته ومناقبه واقواله .

الإمام زين العابدين عليه السلام .... لمحات من حياته ومناقبه واقواله

  

الإمام زين العابدين عليه السلام .... لمحات من حياته ومناقبه واقواله

الإمام الرابع من أئمّة أهل البيت ، أبو محمّد ، وزين العابدين علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، ولد بالمدينة في شهر شعبان سنة 38 ه واستشهد في شهر محرم سنة ( 95  ه

اتفقت الروايات على أن أمه من أشراف الفرس، وهي: شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى. قال فيه أبو الأسود الدؤلي

وإن غـلاماً بين كسرى وهاشم***لأكرم من نـيطت عليه التمائم

سبب شهادته : السّم من قبل الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم

مدفنه : جنة البقيع / المدينة المنورة

مدة عمره : ( 57 ) سنة ، وكان عمره في واقعة الطف بكربلاء ( 23 ) سنة

أولاده

روى الشيخ المفيد أن أولاد علي زين العابدين (عليه السّلام) خمسة عشر بين ذكر وأنثى.

 أحد عشر ذكراً وأربع بنات(7). أكبرهم سناً وقدراً الإمام محمد بن علي الملقب بـ(الباقر). أمه فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السّلام) أولدت له أربعة هم: الحسن والحسين ومحمد الباقر وعبد الله وبه كانت تكنى

وله من الذكور أيضاً زيد وعمر وأمهما أم ولد

والحسين الأصغر. وعبد الرحمن وسليمان أمهما أم ولد

ومحمد الأصغر وعلي الأصغر وكان أصغر أولاده الذكور

وخديجة وفاطمة وعليّة وأم كلثوم أمهن أم ولد.

ألقابه

زين العابدين والسجاد وذو الثفنات والبكاء والعابد ومن أشهرها زين العابدين وبه كان يعرف كما يعرف باسمه.

جاء في المرويات عن الزهري أنه كان يقول: (ينادي مناد يوم القيامة ليقيم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين (عليه السّلام)

ولقب بذي الثفنات لأن موضع السجود منه كانت كثفنة البعير من كثرة السجود عليه

ولقب الامام بالسجاد لانه كان كثير العبادة و الدعاء و السجود لله عَزَّ و جَلَّ، و كان (عليه السَّلام) السلام يطيل سجوده لله

قال الإمام مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عليه السَّلام):‏ "إِنَّ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عليه السَّلام) مَا ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَّا سَجَدَ، وَ لَا قَرَأَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا سُجُودٌ إِلَّا سَجَدَ، وَ لَا دَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سُوءً يَخْشَاهُ أَوْ كَيْدَ كَائِدٍ إِلَّا سَجَدَ، وَ لَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا سَجَدَ، وَ لَا وُفِّقَ لِإِصْلَاحٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا سَجَدَ، وَ كَانَ أَثَرُ السُّجُودِ فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ سُجُودِهِ، فَسُمِّيَ‏ السَّجَّادَ لِذَلِكَ   علل الشرائع: 1 / 233

أما عن تسميته بالبكاء يروى الرواة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) أنه قال: (بكى علي بن الحسين على أبيه عشرين سنة ما وضع خلالها بين يديه طعام إلا بكى. وقال له بعض مواليه: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف أن تكون من الهالكين، فقال: إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع أبي وإخوتي وبني عمومتي إلا خنقتني العبرة

وقد روى الرواة كثيراً عن حزنه وبكائه فكان كلما قدم له طعام وشراب يقول: كيف آكل وقد قتل أبو عبد الله جائعاً، وكيف أشرب وقد قتل أبو عبد الله عطشاناً. وكان كلما اجتمع إليه جماعة أو وفد يردد (عليهم) تلك المأساة ويقص عليهم من أخبارها. وأحياناً يخرج إلى السوق فإذا رأى جزاراً يريد أن يذبح شاة أو غيرها يدنو منه ويقول: هل سقيتها الماء؟ فيقول له: نعم يا بن رسول الله إنا لا نذبح حيواناً حتى نسقيه ولو قليلاً من الماء، فيبكي عند ذلك ويقول: لقد ذبح أبو عبد الله عطشاناً. كان يحاول في أكثر مواقفه هذه أن يشحن النفوس ويهيئها للثورة على الظالمين الذين استباحوا محارم الله واستهزأوا بالقيم الإنسانية والدعوة الإسلامية من أجل عروشهم وأطماعهم وقد أعطت هذه المواقف المحقة ثمارها وهيأت الجماهير الإسلامية في الحجاز والعراق وغيرها للثورة

 

إمامته ومدتها

اما مدة إمامته : ( 34 ) سنة أي من يوم عاشوراء سنة ( 61 ) ه و حتى سنة (95 ) ه

روى الكليني بإسناده عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: (إن الحسين بن علي (عليهما السلام) لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام) فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين (عليهما السّلام) مبطوناً معهم لا يرون إلا أنه لما به فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السّلام) ثم صار ذلك الكتاب إلينا يا زياد‍! قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا والله إن فيه الحدود حتى إن فيه أرش الخدش(الكافي، ج1، ص241 وما بعد)  كما روى المجلسي بإسناده عن محمد بن مسلم قال

(سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) عن خاتم الحسين بن علي (عليهم السلام) إلى من صار، وذكرت له إني سمعت أنه أخذ من إصبعه فيما أخذ قال (عليه السّلام): ليس كما قالوا، إن الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسين (عليه السّلام) وجعل خاتمه في إصبعه وفوّض إليه أمره كما فعله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأمير المؤمنين (عليه السّلام) وفعله أمير المؤمنين بالحسن (عليهما السلام)، وفعله الحسن بالحسين (عليهما السلام)، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي بعد أبيه، ومنه صار إلي فهو عندي، وإلي لألبسه كل جمعة وأصلي به، قال محمد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي فلما فرغ من الصلاة مد إلي يده فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه: لا إله إلا الله عدة للقاء الله. فقال: هذا خاتم جدي أبي عبد الله الحسين بن علي(

علمه

إن علم زين العابدين هو علم آل الرسول ، وعلمهم هو علم جدّهم بالذات ، يتلقّاه الابن عن الأب عن الجدّ عن جبرائيل عن الله عزّ وجلّ ، وقد روى الشيعة والسنّة عنه العلوم والأدعية والمواعظ والتفسير والحلال والحرام والمغازي وغيرها. ولم يسند حديثاً ، ولا قولاً إلى صحابي أو تابعي ، لانّ الناس جميعاً تفتقر إلى أهل البيت في العلوم ، ولا يفتقرون إلى أحد.

"وقد روى عنه الطبريّ، وابن البيّع، وأحمد، وابن بطّة، وأبو داود، وصاحب الحلية والأغاني، وقوت القلوب، وشرف المصطفى، وأسباب نزول القرآن، والفائق، والترغيب والترهيب، عن الزهريِّ، وسفيان بن عيينة، ونافع، والأوزاعي، ومقاتل، والواقدي، ومحمد بن إسحاق")

وعندما نعدّد تلامذته، فإنَّنا نجد أنهم يتنوّعون في ما يختصُّ بالتاريخ والتفسير والفقه وشتى المعارف، ولذلك، فإنَّ تراث الإمام(ع) يزيد عن تراثه في الدعاء، "وقد روى عنه فقهاء العامة من العلوم ما لا يُحصى كثرةً، وحُفظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيّام، ما هو مشهورٌ بين العلماء، ولو قصدنا إلى شرح ذلك لطال به الخطاب وتقضّى به الزمان"

وكان استاذ أساتذة العالم الإسلامي آنذاك، وليسوا كلّهم شيعة، بل كان منهم مَنْ لا يتشيّع

 

عبادته وأخلاقه

كان إذا حضرته الصلاة اقشعر جلده ، واصفرّ لونه ، وارتعد كالسعفة ، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكانت تسقط منه كلّ سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده ، لكثرة صلواته ، وكان يجمعها ، ولما مات دفنت معه ، وقد حجّ على ناقته عشرين حجّة لم يضربها بسوط

قال الْأَصْمَعِيُّ : كُنْتُ أَطُوفُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ لَيْلَةً ، فَإِذَا شَابٌّ ظَرِيفُ الشَّمَائِلِ ، وَ عَلَيْهِ ذُؤَابَتَانِ ، وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَ هُوَ يَقُولُ : " نَامَتِ الْعُيُونُ ، وَ غَارَتِ النُّجُومُ ، وَ أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، غَلَّقَتِ الْمُلُوكُ أَبْوَابَهَا ، وَ أَقَامَتْ عَلَيْهَا حُرَّاسَهَا ، وَ بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلسَّائِلِينَ ، جِئْتُكَ لِتَنْظُرَ إِلَيَّ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ "

ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ

يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَاءَ الْمُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ *** يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ‏

قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ قَاطِبَةً *** وَ أَنْتَ وَحْدَكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمْ‏

أَدْعُوكَ رَبِّ دُعَاءً قَدْ أَمَرْتَ بِهِ *** فَارْحَمْ بُكَائِي بِحَقِّ الْبَيْتِ وَ الْحَرَمِ‏

إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لَا يَرْجُوهُ ذُو سَرَفٍ *** فَمَنْ يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالنِّعَمِ‏

قَالَ : فَاقْتَفَيْتُهُ ، فَإِذَا هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ  ( عليه السَّلام

 

 

طاووس و الامام زين العابدين (عليه السلام)

قَالَ طَاوُسٌ الْفَقِيهُ رَأَيْتُهُ 1 يَطُوفُ مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى سَحَرٍ وَ يَتَعَبَّدُ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ أَحَداً رَمَقَ السَّمَاءَ بِطَرْفِهِ وَ قَالَ: "إِلَهِي غَارَتْ نُجُومُ سَمَاوَاتِكَ وَ  هَجَعَتْ عُيُونُ أَنَامِكَ، وَ أَبْوَابُكَ مُفَتَّحَاتٌ لِلسَّائِلِينَ، جِئْتُكَ لِتَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي وَ تُرِيَنِي وَجْهَ جَدِّي مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه و آله ) فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ".

ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ: "وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ، وَ مَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَ أَنَا بِكَ شَاكٌّ، وَ لَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ، وَ لَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَ أَعَانَنِي عَلَى ذَلِكَ سَتْرُكَ الْمُرْخَى بِهِ عَلَيَّ، فَالْآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي، وَ بِحَبْلِ مِنَ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي، فَوَا سَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا وَ لِلْمُثْقِلِينَ حُطُّوا، أَ مَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ، أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحُطُّ، وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَايَايَ وَ لَمْ أَتُبْ، أَ مَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي".

ثُمَّ بَكَى وَ أَنْشَأَ يَقُولُ:

"أَ تُحْرِقُنِي بِالنَّارِ يَا غَايَةَ الْمُنَى *** فَأَيْنَ رَجَائِي ثُمَّ أَيْنَ مَحَبَّتِي‏

أَتَيْتُ بِأَعْمَالٍ قِبَاحٍ زَرِيَّةٍ *** وَ مَا فِي الْوَرَى خَلْقٌ جَنَى كَجِنَايَتِي"‏

ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ: "سُبْحَانَكَ تُعْصَى كَأَنَّكَ لَا تَرَى، وَ تَحْلُمُ كَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ، تَتَوَدَّدُ إِلَى خَلْقِكَ بِحُسْنِ الصَّنِيعِ، كَأَنَّ بِكَ الْحَاجَةَ إِلَيْهِمْ وَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْغَنِيُّ عَنْهُمْ".

ثُمَّ خَرَّ إِلَى الْأَرْضِ سَاجِداً، قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ شُلْتُ بِرَأْسِهِ وَ وَضَعْتُهُ عَلَى رُكْبَتِي، وَ بَكَيْتُ حَتَّى جَرَتْ دُمُوعِي عَلَى خَدِّهِ، فَاسْتَوَى جَالِساً وَ قَالَ: "مَنِ الَّذِي أَشْغَلَنِي عَنِ ذِكْرِ رَبِّي"؟

فَقُلْتُ: أَنَا طَاوُسٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا هَذَا الْجَزَعُ وَ الْفَزَعُ؟! وَ نَحْنُ يَلْزَمُنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا وَ نَحْنُ عَاصُونَ جَانُونَ.

أَبُوكَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَ جَدُّكَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله )!

قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَ قَالَ: "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، يَا طَاوُسُ دَعْ عَنِّي حَدِيثَ أَبِي وَ أُمِّي وَ جَدِّي، خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ أَحْسَنَ وَ لَوْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيّاً، وَ خَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَ لَوْ كَانَ وَلَداً قُرَشِيّاً، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ﴾ المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 101 ، وَ اللَّهِ لَا يَنْفَعُكَ غَداً إِلَّا تَقْدِمَةٌ [أي هديّة] تُقَدِّمُهَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ" بحار الأنوار  : 46 / 81  

 

قدوة في الحلم وسعة الصدر

الإمام زين العابدين(ع) كان يجسّد العفو والتسامح والقيمة الأخلاقية التي لا يستطيع الناس الارتقاء إلى مستوى قمته في ذلك...

وهكذا كانت سيرته مع الذين أساؤوا إليه، ولم يكن ذلك ضعفاً منه، بل كان قوّةً في الخُلُق السامي الذي انطلق القرآن فيه: {ادْفعْ بالتّي هي أحسنُ فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميم} [فصّلت:34

 وقد كان(ع) مبتلىً ببعض أقربائه، ويروي في ذلك الشيخ المفيد: "وقف على عليِّ بن الحسين(ع) رجلٌ من أهل بيته، فأسمعه وشتمه، فلم يكلّمه (الإمام)، فلما انصرف قال(ع) لجلسائه: قد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحبّ أن تبْلُغوا معي إليه حتى تسمعوا ردِّي عليه، فقالوا له: نفعل، ولقد كنا نحبّ أن تقول له ونقول.. فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: {والكاظمين الغيظ والعافِينَ عن النّاس والله يُحِبُّ المحسنين}[آل عمران:134]، فخرج حتى أتى منزل الرجل ، فوصل الجميع وطرقوا الباب، فخرج هذا الرجل متوثّباً للشرّ، معتقداً أنّ الإمام يريد به سوءاً، فقال له الإمام: "يا أخي، إنَّك كنتَ قد وقفتَ عليَّ آنفاً فقلت وقلتَ، فإنْ كنتَ قلتَ ما فيَّ فأستغفر اللهَ منه، وإن كنتَ قلتَ ما ليس فيَّ فغفر اللهُ لك"، فقبّل الرجل ما بين عينيه وقال : بل قلتُ فيك ما ليس فيك، وأنا أحقُّ به"

 

 

ولما طرد أهل المدينة بني أميّة في وقعة الحرّة أراد مروان بن الحكم أن يستودع أهله ، فلم يأوهم أحد ، وتنكر الناس له إلّا الإمام زين العابدين رحب بهم ، وجعلهم من جملة عياله ، وقد عال الإمام في هذه الوقعة أربعمئة امرأة

كما كان يعول بيوتاً كثيرة في المدينة لا يعرفون منهم أين يأتيهم رزقهم ، حتّى مات الإمام ، فعرفوا أنه كان المعيل. وكان يخرج في الليلة الظلماء ، فيحمل الجراب على ظهره ، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم ، وربّما حمل على ظهره الطعام والحطب ، حتّى يأتي باباً باباً ، فيقرعه ، ثمّ يناول من يخرج إليه ، وهو متستر ، ولما وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره ، وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل إلى منازل الفقراء والمساكين.

وكان يشتري العبيد ، وما به إليهم حاجة ، وكان يأتي بهم إلى عرفات ، فإذا انتهى من مناسكه أعتقهم ، وأعطاهم الأموال ، وكان إذا ملك عبداً في أوّل السنة أو في أثنائها أعتقه ليلة الفطر ، وما استخدم خادماً أكثر من حول.

ولم يكتف بالصوم والصلاة ، والحجّ والصدقات ، والإرشاد إلى الخيرات ، والعفو عمن أساء إليه ، بل تقرب إليه سبحانه بالإحسان إلى المستضعفين ، وأعطاء الحريّة للمستعبدين.

وكان إذا أذنب عبد من عبيده أو أمة من امائة ، يكتب اسم المذنب ونوع الذنب ، والوقت الذي حصل فيه ، ولم يعاقب المذنب أو يعاتبه ، حتّى إذا انتهى شهر رمضان المبارك جمعهم حوله ، ونشر الكتاب ، وسأل كلّ واحد منهم عن ذنبه ، فيقرّ ويعترف ، فإذا انتهى من عمليّه الحساب وقف في وسطهم ، وقال لهم قولوا معي

يا علي بن الحسين انّ ربّك قد أحصى عليك كما أحصيت علينا ، وان لديه كتاباً ينطق بالحقّ ، كما نطق كتابك هذا ، فاعف واصفح ، كما تحبّ ان يعفو عنك المليك ويصفح ، واذكر وقوفك بين يدي الله ذليلاً ، كما نحن وقوف بين يديك

فينوح الامام ويبكي ، ثمّ يعفو عنهم ويقول : اللهم إنّك أمرتنا بالعفو عمّن ظلمنا ، وقد عفونا كما أمرت ، فاعف عنّا ، ثمّ يقبل على عبيده ، ويقول : أنتم أحرار لوجه الله ، ويناجي ربّه قائلاً : اللهم انّي عفوت عنهم واعتقت رقابهم كما أمرت ، فاعف عنّي واعتق رقبتي من النار ، ويأمر العبيد أن يقولوا : اللهم آمين ربّ العالمين ، فيرفعون أصواتهم بالابتهال والدعاء  لسيّدهم المحسن ، ثمّ يذهبون إلى سبيلهم بعد أن يجيزهم بما يغنيهم عمّا في أيدي الناس.

ولم تكن رحمة زين العابدين بالناس ، عطاء يعطى ، بل كانت مع ذلك سماحة وعفوا ، يعفو عن القريب وعن القعيد ، وعمّن ظلمه وأساء إليه. وتروى الأعاجيب عن رحمته وسماحته ، منها انّ جارية كانت تحمل الابريق ، وتسكب الماء ليتوضّا ، فوقع على وجهه وشجه. فرفع رأسه إليها لائماً ، فقالت : والكاظمين الغيظ  قال : كظمت غيظي.

قالت : والعافين عن الناس    قال : عفوت عنك.

قالت : والله يحبّ المحسنين  قال : أنت حرّة لوجه الله.

بهذه الأخلاق السمحة الكريمة ، وبالتقوى التي لا تعرف سوى الله اشتهر زين العابدين ، فاجله الناس ، وأحبّوه.

 

 

 

الإحسان والجود

ومما يُروى عنه(ع) وقوفه بجانب المستضعفين والمحرومين الذين يأخذ بأيديهم نحو الحياة الكريمة، وليكفَّ وجوههم عن النّاس.. ومما جاء في صدقته ما رويَ في الحلية عن الباقر(ع)، "أنّه كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدّق به"().

وفي خبر: أنَّه كان(ع) إذا جنّه الليل وهدأت العيون قام إلى منزله، فجمع ما يبقى فيه عن قوت أهله، وجعله في جراب ورمى به على عاتقه وخرج إلى دُور الفقراء وهو متلثّم، ويفرّق عليهم، وكثيراً ما كانوا قياماً على أبوابهم ينتظرونه، فإذا رأوه تباشروا به، وقالوا: جاء صاحب الجراب  بحار الأنوار، ج 46، ص 89

 وفي حلية الأولياء جاء في الرواية: لما مات عليّ بن الحسين فغسّلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سوادٍ في ظهره وقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جُرَب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة حلية الأولياء، ج 3، ص 140

 وكان(ع) يردّد في دعائه: "اللهمّ حبّب إليَّ صحبة الفقراء"، وقد أحسن(ع) إلى كلِّ مَن قصده بحاجته، أو رأى أنَّه بحاجة، ففي الرواية أنَّ زيد بن أسامة بن زيد لما حضرته الوفاة جعل يبكي، فسأله الإمام زين العابدين(ع) عن سبب بكائه، قال: يُبكيني أنَّ عليَّ خمسة عشر ألف دينار، ولم أترك لها وفاءً، فقال له(ع) : لا تبكِ فهي عليَّ وأنت بريٌ منها، فقضاها عنه الإرشاد، ص 149

وفي وصف أخلاقه في هذا المجال أنَّ يمينه لا تسبق شماله، وكان يقبّل الصدقة قبل أن يعطيها السائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ فيقول:لستُ أقبّل يدَ السائل، إنَّما أقبّلُ يدَ ربِّي، إنَّها تقع في يد ربِّي قبل أن تقع في يد السائل(بحار الأنوار، ج 46، ص 74).

 عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ ، عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يَصُومُ فِيهِ أَمَرَ بِشَاةٍ فَتُذْبَحُ وَ تُقْطَعُ أَعْضَاءً وَ تُطْبَخُ ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ أَكَبَّ عَلَى الْقُدُورِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَ الْمَرَقِ وَ هُوَ صَائِمٌ

ثُمَّ يَقُولُ : هَاتُوا الْقِصَاعَ ، اغْرِفُوا لآِلِ فُلَانٍ ، وَ اغْرِفُوا لآِلِ فُلَانٍ

ثُمَّ يُؤْتَى بِخُبْزٍ وَ تَمْرٍ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَشَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الكافي : 4 / 68

         

من أسلوب عمله و جهات جهاده ونضاله

 نكتفي بالإشارة إلى الأمرين التاليين

الأول: إنه بالإضافة إلى أنه كان يوجه الأمة من خلال سلوكه و تصرفاته و مواقفه . . فإنه كان أيضاً يوجه الأمة من خلال أدعيته ، التي كان يضمنها مختلف  المعارف الإسلامية : عقائدياً ـ و هو الأهم ـ و سياسياً و أخلاقياً و غير ذلك .

و يظهر أن الحكام أنفسهم أيضاً قد اطمأنوا إلى أنه عليه السلام ليس في صدد التخطيط و العمل ضدهم ، و لا يفكر في الخروج عليهم ، فراق لهم انصرافه عن دنياهم .

ولقد فاتهم : أنه كان يقود عملية التغيير الشامل في بنية العقيدة للأم الإسلامية بأسرها

الثاني : اهتمامه عليه السلام المتميز بشراء الموالي و عتقهم ، حتى ليقول البعض

وعرف العبدان ذلك فباعوا أنفسهم له ، و اختاروه وتفتلوا من أيدي السادة  ليقعوا في يده ، وجعل الدولاب يسير ، و الزمن يمر ، و زين العابدين يهب الحرية في كل عام ، وكل شهر ، وكل يوم ، و عند كل هفوة ، و كل خطأ ، حتى صار في المدينة جيش من الموالي الأحرار ، والجواري الحرائر ، و كلهم في ولاء زين العابدين ، قد بلغوا خمسين ألفاً أو يزيدون "

و يقول أيضاً : " . . فهو يشتري العبيد لا لحاجة إليهم ، و لكن ليعتقهم ، و قالوا : إنه اعتق مئة ألف . ." .

وكان عليه السلام لا يضرب مملوكاً ، بل يكتب ذنبه عنده ، حتى إذا كان آخر شهر رمضان جمعهم و قررهم بذنوبهم ، و طلب منهم أن يستغفروا له الله كما غفر لهم ، ثم يعتقهم ، و يجيزهم بجوائز ، و ما استخدم خادماً فوق حول

و قال السيد الأمين : " . . و لقد كان يشتري السودان و ما به إليهم من حاجة يأتي بهم عرفات ، فيسد بهم تلك الفرج ، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم ، و جوائز لهم من المال . . " أعيان الشيعة : 4 / 468   

 

 

 

خطبة الإمام السجاد عليه السلام في مسجد دمشق

ورد في كتاب فتوح ابن اعثم 5 / 247 ، ومقتل الخوارزمي 2 / 69 : إنّ يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ، ويثني على معاوية ويزيد ، وينال من الإمام علي والإمام الحسين ، فصعد الخطيب المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وأكثر الوقيعة في علي والحسين ، وأطنب في تقريض معاوية ويزيد ، فصاح به علي بن الحسين : « ويلك أيها الخاطب ، اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق ؟ فتبوأ مقعدك من النار ».

ثمّ قال : « يا يزيد ائذن لي حتى أصعد هذه الأعواد ، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا ، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب » ، فأبى يزيد ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد ، فعلنا نسمع منه شيئاً ، فقال لهم : إن صعد المنبر هذا ، لم ينزل إلا بفضيحتي ، وفضيحة آل أبي سفيان ، فقالوا : وما قدر ما يحسن هذا ؟ فقال : إنّه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا.

ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : « أيها الناس ، أعطينا ستاً ، وفضلنا بسبع : أعطينا العلم ، والحلم ، والسماحة والفصاحة ، والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمد صلى الله عليه وآله ، ومنا الصدّيق ، ومنا الطيّار ، ومنّا أسد الله وأسد الرسول ، ومنّا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنّا سبطا هذه الأمّة ، وسيدا شباب أهل الجنة ، فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي : أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حج ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فسبحان من أسرى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق ، حتى قالوا لا اله إلا الله ، أنا ابن من بايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، يعسوب المسلمين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، سمح سخي ، بهلول زكي ، ليث الحجاز ، وكبش العراق ، مكّي مدني ، أبطحي تهامي ، خيفي عقبي ، بدري أحدي ، شجري مهاجري ، أبو السبطين ، الحسن والحسين ، علي بن أبي طالب ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ، أنا ابن بضعة الرسول ... ».

قال : ولم يزل يقول : أنا أنا ، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذّن يؤذّن ، فقطع عليه الكلام وسكت ، فلمّا قال المؤذّن : الله أكبر.

قال علي بن الحسين : « كبرت كبيراً لا يقاس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا شيء أكبر من الله » ، فلمّا قال : أشهد أن لا اله إلا الله ، قال علي : « شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعظمي » ، فلمّا قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، التفت علي من أعلا المنبر إلى يزيد ، وقال : « يا يزيد محمد هذا جدّي أم جدّك ؟ فإن زعمت أنه جدّك فقد كذبت ، وان قلت أنه جدّي ، فلم قتلت عترته ؟ ».

قال : وفرغ المؤذّن من الأذان والإقامة ، فتقدّم يزيد ، وصلّى الظهر ، فلمّا فرغ من صلاته ، أمر بعلي بن الحسين ، وأخواته وعماته رضوان الله عليهم ، ففرغ لهم دار فنزلوها ، وأقاموا أياماً يبكون ، وينوحون على الحسين عليه السلام.

 

خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الكوفة

بعد أن خطبت أم كلثوم عليها السلام ، أومأ الإمام زين العابدين عليه السلام إلى الناس ، أن اسكتوا ! فسكتوا ، فقام قائماً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي صلى الله عليه وآله ، ثمّ قال : أيها الناس : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، من غير ذحل ولا ترات ، أنا ابن من انتهك حريمه ، وسلب نعيمه ، وانتهب ماله ، وسبي عياله ، أنا ابن من قتل صبراً ، وكفى بذلك فخراً.

أيها الناس : ناشدتكم بالله ، هل تعلمون إنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه ، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة ، ثمّ قاتلتموه وخذلتموه ، فتباً لكم لما قدّمتم لأنفسكم ، وسوأة لرأيكم ، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، إذ يقول لكم : قتلتم عترتي ، وانتهكتم حرمتي ، فلستم من أمّتي.

فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون ؟

فقال عليه السلام : رحم الله امرأ قبل نصيحتي ، وحفظ وصيتي في الله ، وفي رسوله وأهل بيته ، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة

فقالوا بأجمعهم : نحن كلّنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون ، حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فمُرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنّا حرب لحربك ، وسلم لسلمك ، لنأخذن يزيد ونبرأ ممّن ظلمك وظلمنا.

فقال عليه السلام : هيهات هيهات ، أيّها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى آبائي من قبل ؟ كلاّ ورب الراقصات إلى منى ، فإنّ الجرح لمّا يندمل ، قتل أبي بالأمس وأهل بيته ومن معه ، ولم ينسني ثكل رسول الله ، وثكل أبي وبني أبي ، ووجده بين لهاتي ، ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري ، ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا »

من كلماته ولآلئه

في الملامح الإسلاميَّة لشخصيَّة المؤمـن

قال فيما روى أبو حمزة الثمالي عنه في (الكافي):

 "المؤمن يصمت ليسلم" فلا يتكلَّم بما لا يرضى الله من الكلمات التي تسخطه سبحانه وتعالى، ويصمت لأنَّ الكلمة التي ربّما تخطر في ذهنه ليست كلمةً تغني الناس، بل قد تكون من كلمات اللّغو، فالمؤمن يفكّر دائماً في سلامته.

 

وينطق ليغنم"، لأنها تقرِّبه من الله، ولأنها تنفع النّاس، وتغيّر الواقع المنحرف إلى الصّلاح والاستقامة

لا يحدِّث أمانته الأصدقاء"، فلا يحدِّث الأصدقاء بالأمانة أو السّرّ، لأنَّ قضيَّة الصَّداقة قد تسمح لك بأن تنفتح على صديقك بمشاعرك وأحاسيسك، ولكن ما يجب عليك أن تكتمه، لا تبرّر لك الصّداقة أن تعلنه.

ولا يكتم شهادته من البعداء"، فعندما يحمل شهادةً في إثبات حقّ أو في دفع باطل لأيّ إنسانٍ من الناس، فإنّه لا يدرس شخصيَّة المشهود له في أداء الشّهادة الّتي فرضها الله عليه؛، هل هو قريب ليشهد له، أو هو بعيد ليكتم شهادته، بل يعتبر الشّهادة أمانةً،

ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً"، فإنه يعمله من موقع الإخلاص لله فهو كلّ شيء في وجوده. أمّا النّاس، فلا يملكون له ولا لأنفسهم ضرّاً ولا نفعاً.

ولا يتركه حياءً"، فهو لا يستحي من عمل الخير، فالمؤمن يشعر بأنَّ الخير ما دام فيه رضا لله تعالى، ومصلحة للناس، وقيمة للحياة، فإنَّه لا يخجل منه.

إن زُكِّيَ خاف مما يقولون، ويستغفر الله لما لا يعلمون"، فإنّه يخشى من هذه التزّكية، ويخاف الله ويستغفره، ويرجع إلى نفسه ليكتشف بعض العيوب والنّقائص، ليوازن بين هذا المدح والواقع الّذي هو عليه.

 

"لا يغرّه قول من جهله"، فلو كان هناك من يجهل قدره وموقعه، فإنَّ ذلك لن يضعف واقعه

ويخاف إحصاء ما عمله"  الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 231  لأنه يخاف من السيِّئات والذّنوب الّتي تتجمّع لديه، وسوف يتحوَّل هذا الخوف إلى حالة إيجابيّة، لأنها تنتج الاستغفار والتَّوبة وتصحيح الواقع

 

كمـال دين المسلـم

وفي كلمةٍ له: "إنَّ المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه"

وقلّة مرائه"، والمراء هو الجدل في مقام الخصومة، فليس من شأنه أن يخاصم النّاس في الأمور الصّغيرة أو التّافهة، أو التي تبعث على النـّزاع والضّغينة، فكلّ ما عنده أن يجادل بالحقّ، وبالّتي هي أحسن، وليثبت حقّاً ويدفع باطلاً. فالمراء ليس من خلق المؤمن، لأنَّ للجدال نتائج سلبيَّة

 

وحلمه"، فمن كمال دين الإنسان المؤمن، أن يكون واسع الصَّدر، وقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن هذه الصّفة بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الأعراف: 199

 وقال عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} الفرقان: 63

ويقول الإمام(ع) فيما روي عنه في (رسالة الحقوق): "وحقّ من ساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أنّ العفو عنه يضرّه انتصرت" الأمالي، الشّيخ الصّدوق، ص 457.

 

وصبـره"، فمن علامات المؤمن أن يكون صابراً، لأنَّ الله تعالى حدَّثنا أنَّ الصَّبر هو القيمة الَّتي لا قيمة مثلها، وذلك في قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} آل عمران: 168

 

وحسن خلقه"[14 فالله لم يحدّثنا في إطار الحديث عن شخصيَّة النبي (ص) إلا عن أخلاقه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم: 4

 {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران: 159

 {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.

وذكر(ع) أنَّ من أخلاق المؤمن: "إنصاف النَّاس"، أن ينصف النَّاس من نفسه، بحيث لو كان للنّاس حقّ عليه، فإنَّ عليه أن لا يحوجهم إلى الدّخول معه في جدل، أو في أيّ عمل سلبيّ لإثبات حقّهم، بل أن ينصف النَّاس من حقّه]

"وابتداؤه إيّاهم بالسّلام عليهم" الكافي، ج2، ص241

 بكلّ ما تعنيه كلمة السَّلام من مشاعر المحبّة والأمن والطمأنينة

 

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/20   ||   القرّاء : 5208


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net