هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (129)
---> شهر رمضان (131)
---> الامام علي عليه (52)
---> علماء (27)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (226)
---> قرانيات (80)
---> أسرة (21)
---> فكر (130)
---> مفاهيم (209)
---> سيرة (95)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (6)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)
---> العدد الثالث والاربعون (11)
---> العدد الرابع والاربعون (11)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 افتتاحية العدد 44

 الانفعالات النفسية عند المراهق

 الاعمال بين الحبط والتكفير

 لبنان في مهب الرياح: المقاومة ضمانة بقائه

 في رحاب سورة ابراهيم‏ (ع)

 معارف قرآنية ... وقفات مع كلمات وآيات القرآن الكريم

 علماء قدوة

 لطائف ومعارف

 كلمات وردت في القرآن : النفس

 في رحاب الزيارة الجامعة  :  أهل الذكر

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 الآثار التّربوية و الاجتماعية و الصحّيّة للصوم

 الإمام الصادق (ع)  ودوره  في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام

 الاثنَا عشريَّة

 نهاية الحياة الإنسانيّة

 دور رجال الدين الريادي في مختلف الميادين(2)

 قداسة حركة الامام الحسين عليه السلام

 الميل إلى الجنس الآخر

 الأسس الميتافيزيقية في النظام الفلسفي للوجود

  مؤاخذة الخلف بما فعله السلف

 أسرار الحج

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1251

  • التصفحات : 9043049

  • التاريخ :

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : مقالات .

              • الموضوع : الاعمال بين الحبط والتكفير .

                    • رقم العدد : العدد الرابع والاربعون .

الاعمال بين الحبط والتكفير

الاعمال بين الحبط والتكفير

الشيخ ناصر علي الحركة

اشتمل القرآن الكريم على مفهومين تكررا في كثير من آياته المباركة، وهما الإحباط والتكفير، ويبدو أنه لم يختلف المسلمون في ثبوت التكفير ، إلا أنهم اختلفوا كثيراً في ثبوت الإحباط، فبين مانع من ثبوته بصورة مطلقة، وبين ملتـزم بثبوته كذلك، وبين قائل بالتفصيل.

حبط الاعمال لغة

حبط يحبط حبطا حبوطا فهو حابط , والمراد بالاعمال كل ما يفعله الانسان عموما والحسنات خصوصا بناء على ان مفهوم حبط الاعمال يقابله تكفير السيئات .حبط عمله اي بطل ولم تتحقق ثمرته, اي فسد وذهب سدى. يقال: أحبط الله عمل الكافر. أي أبطله. وأحبط الله العمل أي أبطله وأضاع ثوابه

تكفير الاعمال لغة

اما التكفير هو الستر والتغطية والاخفاء , فيقال للفلاح والزارع كافرا لأنه يطمر البذور في التراب, وكفر الشيء غطاه وستره.

والكفر بمعنى «السّتر» و «التّغطية»، يقال لمن غطّى درعه بثوب: قد كفر درعه

والمكفّر: الرّجل المتغطّي بسلاحه، ويقال للزّارع: كافر، لأنّه يغطي الحَبّ بتراب الأرض، قال الله تعالى:(كمثلِ غيث أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ)(الحديد، ۲۰). والكفر ضدّ الإيمان، سمّي بذلك لأنّه تغطية الحقّ  (المقاييس: ج ٥، مادة كفر، ص ۹۱)

وكفّر الشخص أي حمله على الكفر, وكفّر فلانا أي نسبه الى الكفر.

وكفّر عن ذنوبه أي أعطى الكفارة , وكفر عن جريمته أي خضع لعقاب أو تأديب تعويضا عن ذنب أو خطأ.

كفّر الله عنه الذنب أي غفره له ومحاه ولم يعاقبه عليه.

الاحباط في مصطلح علم الكلام

والاحباط في عرف المتكلّمين: عبارة عن إبطال الحسنة بعدم ترتّب ما يتوقّع منها عليها، ويقابله التّكفير وهو: إسقاط السيّئة بعدم جريان مقتضاها عليها.

فالحبط في علم الكلام يتناول الاعمال التي قام بها المؤمن بشكل صحيح مع قصد القربة لله وتفسد بالمعصية او يبطل ثوابها بسبب ارتكاب الذنوب اللاحقة. ويقابله التكفير وهو تغطية العمل الحسن لآثار العمل السيء.

ولا يتعلق الحبط بأعمال الكافرين الذين يموتون على الكفر, وكذلك المؤمن الذي لا يرتكب ذنبا قط .

ثم ان احباط العمل على قسمين:

الاول: احباط كلي: كإحباط الشرك لثواب كل طاعة عملها الانسان كالردة تهدم جميع الاعمال والشرك كما في قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (الزمر 65)

يقول صاحب تفسير الميزان: ان آمن الانسان بعد الكفر أحييت أعماله في تأثير السعادة بعد كونها محبطة باطلة, وان ارتد بعد الايمان ماتت أعماله جميعا وحبطت فلا تأثير لها في سعادة دنيوية ولا أخروية .

ثانيا: احباط جزئي: أي أن المعاصي تحبط ما يقابلها من الحسنات كما في مسألة المن بالصدقة: قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى (البقرة 264)

وكالعجب حيث يؤدي الى تدمير الفعل الذي وقع فيه العجب.

الاقوال في الحبط والتكفير

لا خلاف بين المسلمين في ثبوت التكفير ظاهراً، وأن المقصود منه اسقاط الذنوب المتقدمة بالطاعة , نعم يجري فيه ما يجري في التحابط، من أن المسقَط هو العقاب، والمسقِط هو الثواب، أم أن المسقَط هو نفس العمل.

اما حبط الاعمال فقد اشتهر بين المتكلّمين أنّ المعتزلة يقولون بالإحباط ، بالنظر إلى ظواهر بعض الآيات والروايات. وأمّا الأشاعرة والإماميّة فهم يذهبون إلى خلافهم. ولكن ينبغي فهم  المقصود من نفيهما للاحباط .

هذا، وإنّ القائلين بالإحباط اختلفوا في كيفيّته:

فمنهم من قال بأنّ الإساءة الكثيرة تسقط الحسنات القليلة، وتمحوها بالكليّة من دون تأثير في تقليل الإساءة. وهو المحكيّ عن أبي عليّ الجبّائي.

ومنهم من قال بالموازنة بين الحسنات والسيئات بأن ينقص من الاكثر مقدار الاقل فالإحسان القليل يسقط بالإساءة الكثيرة ، ولكنّه يؤثّر في تقليل الإساءة   ويبقى الباقي سليما من المنافي . وهو المنسوب إلى أبي هاشم..

وهناك قول آخر وهو أنّ الإساءة المتأخِّرة تحبط جميع الطّاعات وإن كانت الإساءة أقلّ منها. فالمعيار هو الفعل الاخير للإنسان فاذا كان آخر عمله معصية ضاعت حسناته كلها.

_ والاشاعرة يرون ان الحبط للاعمال غير صحيح وباطل.

قال التفتازاني: «لا خلاف في أنّ من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنّة بمنزلة من لا معصية له، ومن كفر بعد الإيمان والعمل الصّالح، فهو من أهل النّار بمنزلة من لا حسنة له. وإنّما الكلام فيمن آمن وعمل صالحاً وآخر سيّئاً، واستمرّ على الطّاعات والكبائر، كما يشاهد من النّاس، فعندنا مآله إلى الجنّة ولو بعد النّار، واستحقاقه للثّواب والعقاب، بمقتضى الوعد والوعيد من غير حبوط. والمشهور من مذهب المعتزلة أنّه من أهل الخلود في النّار إذا مات قبل التّوبة، فأشكل عليهم الأمر في إيمانه وطاعته وما يثبت من استحقاقاته، أين طارت؟ وكيف زالت؟ فقالوا بحبوط الطّاعات، ومالوا إلى أنّ السيّئات يذهبن الحسنات»  (شرح المقاصد: ج ۲، ص ۲۳۲.)

_ والمشهور عند الامامية انه لا تحابط بين المعاصي والطاعات .

والقاعدة الاساس هي انتفاء الحبط والتكفير والحبط يحصل في بعض الموارد دون غيرها . فالاعمال موجودة ولها أثر والدليل على ذلك امران:

الدليل العقلي: فان ضياع العمل الصالح بالذنب هو نقض للوعد الالهي وظلم, والله غير ظالم فلا يضيع أجر العمل الصالح بارتكاب المعاصي الا اذا اشترط عدم ارتكاب بعض الذنوب لقبول الاعمال.

_ قال الشيخ الطوسي (ره) : ان ظاهر الآيات التي تشير الى الاحباط غير مقبول وباطل بدليل عقلي لأن أساس العقائد مبني على العقل, والاحباط نوع من الظلم, فالشخص الذي قلّت حسناته وكثرت ذنوبه سيكون بعد الاحباط بمنزلة من لم يأت بأي عمل حسن اطلاقا وهذا نوع من الظلم بحقه .

والعلامة المجلسي (ره) يرى أن الذنب لا يؤدي الى اضاعة الحسنات .

نعم ان تحقق الثواب مشروط بأن يستمر الانسان على ايمانه في الدنيا الى النهاية, والعقاب مشروط بأن يرحل الانسان العاصي من الدنيا بدون توبة.

_ لكن الشيخ ناصر مكارم الشيرازي يقول عند تفسير قوله تعالى: (.. وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا و الْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) البقرة (217)

ان الاحباط والتكفير من الامور الممكنة ولا تستلزم ظلما وهو يشبه الحبط للاعمال بالامور الدنيوية . فكما يمكن أن تهلك رؤوس الأموال التي اكتسبها الانسان بخطأ واحد يرتكبه, فمن الممكن أن تفسد حسنات الانسان بذنب واحد يرتكبه كالشرك أو الكفر أو الردة أو النفاق. وقد يخسر الانسان طيلة عمره لارتكابه أخطاء كثيرة ولكنه يجبر كل خسارته بعمل عقلائي صحيح واحد, فكما يصدق الاحباط والتكفير او البطلان والخسران او جبر الخسارة في الامور المادية يصدق في الامور المعنوية.

وقال في مورد آخر عند تفسير قوله تعالى:(لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ... أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون (الحجرات 2 ) : لا مانع من زوال ثواب بعض الأعمال بسبب بعض الذنوب الخاصة، كما أنّ زوال أثر بعض الذنوب بسبب الأعمال الصالحة قطعيّ أيضا ... و هناك دلائل كثيرة في الآيات القرآنية أو الأحاديث الشريفة على هذا المعنى ورغم أنّ هذا المعنى لم يثبت على أنّه قانون كلّي في جميع الحسنات والسيئات، إلّا أنّه توجد دلائل نقلية في شأن بعض الحسنات و السيئات المهمّة ولا يوجد دليل عقلي مخالف لها!

اما الدليل النقلي فكقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)  الزلزلة 8_ 7

وقوله تعالى:(..وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) الانبياء 47

وقوله تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) آل عمران 30

وترفع اليد عن هذه القاعدة بموجب قاعدة التخصيص فتحبط الاعمال وتبطل مع الشرك والكفر والارتداد والتكذيب بآيات الله وبلقاء الله وبالتجرؤ على مقام النبي صلى الله عليه وآله وعلى مقام الائمة عليهم السلام...

المحبطات للاعمال في القرآن

وردت مادة حبط في مجموعة من الآيات وفي بعضها تفصيل وكلام ويحتاج الى بيان :

_ الكفر أو عبادة الاصنام او الاستهزاء بالدين: قال تعالى : (...ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله ) المائدة 5

وقال: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم) (محمد 32)

_ الردة عن الاسلام: (..ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (البقرة 217)

_ الشرك المقرون بالعمل: قال تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)(الزمر 65 )

وقال: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون) (التوبة 17)

_ كراهة ما أنزل الله: (والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم , ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) (محمد 8 – 9)

_ النفاق: (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم الينا ولا يأتون البأس الا قليلا اولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا)(الاحزاب 18)

وقال تعالى: (ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) (المائدة 53)

_ الصد عن سبيل الله ومشاقة الرسول صلى الله عليه وآله: (ان الذين كفروا

 وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم ) (محمد 32)

_ رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله: كما في قوله تعالى: يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون (الحجرات 2 )

فسبحانه ذكر علّة النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبيّ أو الجهر له بالقول بقوله (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ) عبارة عن ضياع الأعمال وبطلانها وعدم جدواها.

ثم إنّ قوله ( أَنْ تَحْبَطَ) إمّا تعليل للنهي، أعني (لا) في قوله: (لاَ تَرْفَعُوا)

وقوله: (لاَ تَجْهَرُوا); أو تعليل للمنهي، أعني: نفس الفعل الوارد بعد «لا»

فعلى الأوّل لا محيص من تقدير شيء وهو: كراهة أن تحبط أعمالكم، وعلى الثاني لا يحتاج إلى التقدير.

ثم إنّ كون الجهر والرفع سبباً لحبط الأعمال وإن صدر من المسلم لأنّه يورث إيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن آذاه يستحق اللعن ومن لعنه الله سبحانه تحبط أعماله، كما قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) الأحزاب: 57 .

قال الطبرسي في تفسير الآية: لأنّ فيه (رفع الصوت) أحد شيئين:

أ. إمّا نوع استخفاف به فهو الكفر.

ب. وإمّا سوء الأدب فهو خلاف التعظيم المأمور به. (مجمع البيان: 9 / 217)

فالأوّل يلازم الإحباط، والثاني إنّما يؤدّي إلى الإحباط إذا صار سبباً لإيذائه.

قوله تعالى: (وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ) أي لا تعلمون أنّكم أحبطتم أعمالكم بإساءتكم الأدب مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أنّ القيام بهذا التصرّف، قد يجرّئ صاحبه على الاسترسال فيه، فيزلّ شيئاً فشيئاً، وهو لا يشعر ويُحكَم على أعماله، بالبطلان، لبلوغ ذلك التصرّف درجة الإيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم )وعدم توقيره)

او «وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ‏» ناظر إلى حالهم قبل النهي حيث كانوا يشعرون بكون الفعل سيئة لكنهم ما كانوا يعلمون بعظمة مساءته لهذا الحد، وأما بعد صدور البيان الإلهي فهم شاعرون. فالآية من وجه نظيره قوله تعالى في آيات الإفك: «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ» النور: 15

وقوله في آيات القيامة: «وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ»: الزمر: 47.

_ قتل الانبياء وقتل الآمرين بالقسط: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون الانبياء بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين) (ال عمران 21- 22)

_ حب الدنيا والاعراض عن الآخرة: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف اليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) (هود 16)

قيل: إن الآية مختصّة بالكفار، أو بالمنافقين، وقيل: إنها عامّة مطلقة في أهل الرّياء. هؤلاء بطل ثواب عملهم في الآخرة؛ لأنهم لم يريدوا وجه اللّه تعالى، والعمدة في الثواب الأخروي هو الإخلاص للّه عزّ و جلّ.

ونظير الآية قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ، ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى‏ لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الإسراء 17/ 18- 19]

_ انكار الآخرة: (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم ..) (الاعراف 147)

_المن بالصدقة: بناء على ان الحبط هو الإبطال قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى..) (البقرة 264)

تدل الآية الشريفة: ‏على حبط المنّ والأذى للصدقة وهذا هو مورد خاص خرج بالدليل وأما في غير ذلك فلم يقم دليل على إحباط كلّ معصية أو الكبيرة لما يسبقها من الطاعات ما عدا الشرك‏

المحبطات للاعمال في الروايات

بعض الروايات اعتبرت طائفة من الاعمال مدعاة للحبط كالروايات المتعلقة بعقوق الوالدين والحسد وعدم اتباع حكم الشريعة, ولكن من المسلّم انها لا تستدعي الحبط الكلي للاعمال بل هو حبط جزئي , فالتوبة تسبب غفران الذنوب وتكفيرها والحسنات يذهبن السيئات والاسلام يجبّ ما قبله والله يضاعف الاجر والثواب للمحسنين, ومن هذه الروايات ما يتناول:

_ الرياء: قال صلى الله عليه وآله: أخوف ما أخاف عليكم الشرك الاصغر قالوا يا رسول الله وما الشرك الاصغر؟ قال الرياء.

وفي حديث قدسي: من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه.

_ الظلم الذي لا ينتهي فاعله عنه (المفلس يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة لكنها توزع على من ظلمهم) يعني كأنها غير موجودة

_ التألي على الله تعالى: والتألي في الأصل معناه: الحلف، والتألي على الله يكون بحلف العبد ألا يفعل الله كذا، كأن يقول: والله لا يغفر الله لفلان، أو لا يرحمه. وَبِه فُسِّر قَوْلَه تَعَالَى: {وَلَا يَأَتلِ أُولُو الفَضْلِ}النور 22  أَي لَا يَحْلِف

في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ان رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله تعالى: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان؟ اني قد غفرت له واحبطت عملك.

_ الكسب الحرام من الربا أو السرقة أو النهب أو الخيانة:

قال تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) البقرة 276

وقال صلى الله عليه وآله: لا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره الا كان زاده الى الى النار .

وقال: العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل وقيل على الماء .

_ فعل الحرام في الخلوات : من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعبأ الله به

_ قلة الحياء: عن الامام الصادق عليه السلام: لا ايمان لمن لا حياء له

_ ارتكاب البدع: وقد قيل: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

_ اتيان الرذائل كالحسد

عن الامام الباقر عليه السلام: ان الحسد ليأكل الايمان كما تأكل النار الحطب

والحقد و البغضاء والعجب والغرور (اذا ظفرت بابن آدم في ثلاث فلا يهمني عمله بعد ذلك لأنه لن يقبل منه : اذا استكثر عمله ونسي ذنبه وتسرب اليه العجب)

المكفرات في القرآن

تقدم أن التكفير هو ان يمحي العمل الحسن آثار العمل السيء وله مصاديق كثيرة ذكرها القرآن منها :

_ التوبة فهي توجب غفران الذنوب: كما في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم..) التحريم 8

_ اجتناب كبائر الذنوب: كما في قوله تعالى (ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ..) النساء 31

_ تقوى الله: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته..) الطلاق 5

_غفران ما دون الشرك (ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)النساء 48

_اذهاب السيئات بالحسنات: كما في قوله تعالى (ان الحسنات يذهبن السيئات) هود 114

_ تبديل السيئات بالحسنات: (الا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) الفرقان 70

_ مضاعفة الاجر والثواب: كما في قوله تعالى: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) القصص 54 وقوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)الانعام 160

_ اتباع المؤمنين: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امريء بما كسب رهين) الطور 21

فالتكفير هو زوال العقوبات وآثار الذنوب السابقة بسبب الاعمال الصالحة اللاحقة

خاتمة: ان مسألة الاحباط تؤثر في مستقبل الانسان وعلى حسناته وسيئاته في الدنيا والآخرة, وعلى الانسان أن يحذر من ان تحبط اعماله الصالحة لأنه قد يفسدها باختياره وارادته.

والفهم الخاطىء للاحباط والتكفير قد يسبب خيبة الامل والغرور ويخرج من حالة الخوف من الله او الرجاء له تعالى, وقد يترك العمل الصالح بسبب زعمه ان جميع اعماله قد حبطت وأن لا فائدة من اي عمل يأتي به, أو يظن أن جميع معاصيه قد غفرت فيغتر بنفسه ويتجرأ على فعل المعاصي اعتمادا على عفو الله ولطفه.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/25   ||   القرّاء : 86


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net