هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (129)
---> شهر رمضان (131)
---> الامام علي عليه (52)
---> علماء (27)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (226)
---> قرانيات (80)
---> أسرة (21)
---> فكر (130)
---> مفاهيم (209)
---> سيرة (95)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (6)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)
---> العدد الثالث والاربعون (11)
---> العدد الرابع والاربعون (11)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 افتتاحية العدد 44

 الانفعالات النفسية عند المراهق

 الاعمال بين الحبط والتكفير

 لبنان في مهب الرياح: المقاومة ضمانة بقائه

 في رحاب سورة ابراهيم‏ (ع)

 معارف قرآنية ... وقفات مع كلمات وآيات القرآن الكريم

 علماء قدوة

 لطائف ومعارف

 كلمات وردت في القرآن : النفس

 في رحاب الزيارة الجامعة  :  أهل الذكر

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 كلمات وردت في القرآن الكريم : ف ت ن  واشتقاقاتها   

 التنجيم في تحديد المصطلح والحكم‏

 تأملات في الخطاب الحسيني يوم عاشوراء

 شهادة السيدة الزهراء عليها السلام في الثالث من جمادى الآخرة

  الإيمان والعمل الصالح

 ضيافة الله سبحانه لعباده المؤمنين

 الاحتفال بمولد النبي (ص)... بدعة أم سُنّة

 الأمن والأمان يوم القيامة

 جميل خصال رسول الله (ص)

  في بيان معنى الولاية بحسب الحقيقة (1)

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1251

  • التصفحات : 9043022

  • التاريخ :

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : قرانيات .

              • الموضوع : في رحاب سورة ابراهيم‏ (ع) .

                    • رقم العدد : العدد الرابع والاربعون .

في رحاب سورة ابراهيم‏ (ع)

في رحاب سورة ابراهيم‏ (ع)

إعداد الشيخ سمير رحال

سورة إبراهيم عليه السلام هي السورة الرابعة عشرة في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول، فقد كان بعد سورة نوح عليه السلام.وقد ذكر السيوطي قبلها سبعين سورة من السور المكية  وعدد آياتها ثنتان وخمسون آية.

سمّيت سورة إبراهيم لاشتمالها على جزء من قصّة إبراهيم أبي الأنبياء عليه السّلام، يتعلّق بحياته في مكّة. ولاشتمالها على الدعوات الطيبات التي تضرع بها إبراهيم عليه السلام إلى ربه.

وتعدّ السُّورة إحدى السُّور الستّ التي سُمِّيت باسم الأنبياء ـ أعني: سورة يونس وهود ويوسف وهذه السورة، وسورة محمد ونوح ـ منهم ثلاثة من أُولي العزم، وهم: نوح وإبراهيم (عليهما السلام) ومحمد(صلى الله عليه وآله وسلم)

والسورة مكية على ما يدل عليه سياق آياتها وقيل أنها مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بالمدينة وهما قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ فإنهما نزلتا في قتلى بدر من المشركين .. )

وسورة ابراهيم كما هو حال السور المكّية تبحث مواضيع «المبدأ» و«المعاد» وتبيّن عقائد ونصائح ومواعظ الأقوام الماضية، والهدف من رسالة الأنبياء ونزول الكتب السّماوية.

وهي  من السور القرآنية التي افتتحت بالحروف المقطعة وهو قوله تعالى: (الر)  كما في اربع اخرى أمثالها وهي: يونس وهود ويوسف والحجر وهي نظائر في مفتتحاتها بعد «الر» تتحدث عن موقف القرآن: آيات‏ «الْكِتابِ الْمُبِينِ»- «قُرْآنٍ مُبِينٍ»- «الْكِتابِ الْحَكِيمِ» «كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ».

في فضل السورة:

عن النبي محمد (ص) قال: «من قرأ سورة إبراهيم والحجر أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام وبعدد من لم يعبدها.

غرض السورة

الآية الأُولى تحدّد غرض السورة والهدف منها .فالسورة مفتتحة ببيان الغرض من الرسالة والكتاب في قوله تعالى: «لِتُخْرِجَ‏ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏»  وبهذا تختتم السورة إذ يقول عز من قائل: «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ‏».

ولأجل ذلك أُشير في السورة إلى تاريخ بعض الأنبياء الذين بُعثوا لتلك الغاية وموقف أقوامهم منهم.

اجمال ما اشتملت عليه السّورة:

ابتدأت بالتنبيه إلى إعجاز القرآن، وبالتنويه بشأنه، وبيان أنه أنزل لإخراج الناس من الضلالة. والامتنان بأن جعله بلسان العرب وعن الحكمة في إرسال كل رسول بلسان قومه.  وتمجيد اللّه‏ تعالى الذي أنزله وجانب من مظاهر قدرة اللّه تعالى ووعيد الذين كفروا به وبمن أنزل عليه وبيان سوء عاقبتهم.

ثم تحدثنا عن طرف من رسالة موسى- عليه السلام- مع قومه، وعن أخبار بعض الأنبياء مع أقوامهم وعن نماذج من المحاورات التي دارت بين الرسل وبين من أرسلوا إليهم.

ثم تضرب السورة الكريمة بعد ذلك مثلا لأعمال الكافرين، وتصور أحوالهم عند ما يخرجون من قبورهم يوم القيامة، وتحكى ما يقوله الشيطان لهم (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ‏..)(22) والغرض تحذير المؤمنين من وسوسته وإغوائه، حتى ينجوا من العذاب الذي يحل بأتباعه يوم القيامة.

ثم يحكى ألوانا متعددة من الأدلة على وحدانية اللّه تعالى وعلمه وقدرته ونعمه على عباده فتقول: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ ....)34_  32

ثم تسوق بعد ذلك تلك الدعوات الصالحات الجامعات لأنواع الخير، التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه فتقول: (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ... رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ*...)41_  35

ثم يختم سبحانه السورة الكريمة بآيات فيها بيان لأنواع من العذاب الذي أعده للظالمين، وفيها تحذير من السير في طريق الكافرين والجاحدين فيقول: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ.....هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ‏.)52_ 42

تفصيل ما اشتملت عليه هذه السّورة:

_ في  الآيات من (1- 4).

بيان الغاية من إنزال القرآن وذم الكافرين وكون الرسول بلسان قومه وفيها وعيد الكافرين بعذاب شديد فهو (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ) لتخرج الناس به مما هم فيه من ظلمات الكفر والضلال والغي والجهل، إلى نور الإيمان والهدى و الرشاد، بما اشتمل عليه من اعتقادات حقة موافقة للعقل والفطرة ، واحكام سديدة تؤسس للمجتمع العادل ودعوة إلى الحياة الكريمة الفاضلة. وإثبات أصول العقيدة ، وبيان الهدف من إنزال القرآن الكريم، واتّحاد مهمّة الرّسل ودعوتهم.

- في [الآيات 5- 8]. ذكر طرف من قصة موسى عليه السلام، وبيان أنّ اللّه جلّ جلاله أرسله بآياته وهي علائم القدرة الإلهية والمعجزات(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا)

وفي مقابلها كلفه بمهمة هي:  (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام اللّه)

ويعظهم بوقائعها التي مرت على أمم الأنبياء السابقين، وكيف نجا المؤمنون، وهلك الكافرون.

 أو ذكّرهم بنعم اللّه عليهم في إخراجهم من أسر فرعون وقهره، وظلمه. فيحيي روح الأمل لديهم.

وفيها بيان بعض ما قاله موسى عليه السّلام لقومه بعد أن أنجاهم اللّه عزّ وجلّ من آل فرعون.

وقبل ذلك بيان لقانون الهي وسنة من سنن اللّه وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (7) وقوله: «تأذن» بمعنى آذن أى أعلم إعلاما واضحا بليغا لا التباس معه ولا شبهة ان الشكر موجب للزيادة  وفي المقابل فان كفران النعمة وجحودها، وعدم نسبتها إلى واهبها الحقيقي وهو اللّه تعالى وعدم استعمالها فيما خلقت له مستوجب للعذاب .

 

الآيات من (9- 18).

- تسلية الرّسول صلّى اللّه عليه وآله ببيان ما حدث للرّسل السّابقين مع أقوامهم: قوم نوح وعاد و ثمود والذين من بعدهم، وبيان ما كان منهم من جدل لرسلهم، وكيف أنّ اللّه بعدله عذّبهم وأهلكهم إهلاك استئصال، مع ما أعدّ لهم من عذاب أليم أبديّ في جهنّم. وهنا قسمان:

ق1 بعض أخبار الرسل السابقين مع أممهم [الآيات 9 الى 12]

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ ..(9) ..(12)

يحكي سبحانه وتعالى دعوة الرسل عامة، ومجاوبة المشركين المتشابهين عامة:

جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ: الواضحات، وهي قسمان:

الأوّل: خوارق عادات ومعجزات كبرى مثبتات صدق رسل ربّهم.

الثاني: آيات بيانيّة كلاميّة دالّة على الحق.

فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ: كناية عن رفضهم الاستماع لبياناتهم الدّاعية إلى دين اللّه الحقّ...

قالت لهم رسلهم: ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... (10)

فكيف ينكرون وجود اللّه مع أن الفطرة شاهدة بوجوده، وينكرون وحدانيته مع أنه وحده الخالق لكل شي‏ء، ويشركون معه في العبادة آلهة أخرى، مع أن هذه الآلهة المدعاة لا تضر ولا تنفع.

لكن الكافرين يستندون في رفضهم دعوات النبوة وهو رد متحد عند الكافرين جميعا ان هؤلاء بشر كيف لهم ان يتصلوا بالله ليدّعوا النبوة :

 ... إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ‏ (10).

فاعتمد المشركون في عدم الاستجابة لدعوة الرُّسل على أُمور ثلاثة اتّخذوها ذريعة لذلك

 كونهم بشراً مثلهم فلا ميزة لهم علينا لتكون لكم النبوة والإمامة.

وان غرضهم صدّهم عن سنّة آبائهم ودين أسلافهم فلستم مرسلین وهدفكم ليس هدایتنا.

وثالثا : انه لا بد من الاتيان بمعجزة وأمر خارق للعادة أو برهان قاطع: فأتوا بسلطان مبين *

وكان رد الرسل واحدا ... إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏ (11)

أجابت الرّسل عليهم السّلام أقوامهم بإجابات مفصّلات:

اما كونهم بشرا فهو جلّ جلاله يمنّ بالتّفضيل بالنّبوّة والرّسالة على من يشاء من عباده، ومشيئته لا تفارق حكمته .

اما طلب السّلطان اي الآية الخارقة المعجزة كما الحجّة والبرهان.

قال الرّسل ع لأقوامهم (وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) فالإذن إذنه، والأمر أمره

وما من رسول إلّا آتاه اللّه من الآيات الباهرات؛ ما جعل أمّته‏ يستيقنون أنّه نبيّ اللّه ورسوله حقّا، لكنّ الكافرين كانوا بآيات اللّه يجحدون.

ق2 تهديد الكفار لرسلهم بالطرد أو التزام الشرك وبيان أن العاقبة للأنبياء 13 الى 17

وبعد أن لم يبق عند المشركين أي دليل صالح يعتمدون عليه في الإعراض عن دعوة الرُّسل، لجأ القوم إلى استخدام منطق القوّة والتهديد بأحد أمرين: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى‏ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) ...(17)

فقد هدّدوا الرُّسل بأمرين على وجه التخيير

النفي والطرد من بلادهم او الرجوع إلى الشرك وترك دين الله عزّ وجل وما يدعو له من الوحدانية ( لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) والعود هنا بمعنى التحول لا الرجوع.

وفي مواجهة هذا التهديد بشّر الله تعالى الأنبياء عبر الوحي: فأوحى إليهم ربهم، بتحقيقه لأمرين :

 الأول: - (لنهلكن الظالمين)  أي حتمية إهلاك الظالمين

الثاني : - (ولنسكننكم الأرض من بعدهم ) أي الأرض التي هدّد الظالمون بطردهم منها، من بعد إهلاكهم فاللّه غالب على أمره ، جعل العاقبة والنصر في النهاية لانبياء الله وعباده الصالحين .

قال سبحانه: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ‏ [الصافات/ 170- 173] و(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ )[المجادلة / 21]

ثمّ بيّن أنّ الفوز والعاقبة الحسنة مختصّتان بمن اجتمعت فيه خصلتان:

(ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي) (وَخَافَ وَعِيدِ) أي وعيد الله بالعذاب الشديد.

ثم كان بيان ان عاقبة أمر المشركين الخسران والخيبة وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ.

ثم ضرب سبحانه مثلا لأعمال الكافرين في حبوطها وذهابها يوم القيامة

فقال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى‏ شَيْ‏ءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18)

فأعمالهم بأسرها ضائعة باطلة، لا ينتفعون بشي‏ء منها. فكما أن الريح العاصف تجعل الرماد هباء منثورا، فكذلك أعمال الكافرين في الآخرة لأنها أعمال بنيت على غير أساس من الإيمان وإخلاص العبادة للّه تعالى لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى‏ شَيْ‏ لأن كفرهم أحبطها فذهبت سدى .

- وفي الآيات [19- 23] لمّا بيّن سبحانه شدّة عذاب الآخرة، وكان المشركون منكرين للمعاد، استدلّ سبحانه عليه بقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)

وهو خطاب من اللّه عزّ وجلّ بأنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض بالحقّ قادر على أن يذهب بالنّاس جميعا ويأتي بخلق جديد، أي: فالبعث الموعود به حقّ.

ثم بيان مشهد الحوار بين أهل النّار في عالم الآخرة  إذ تجادل الضعفاء والذين استكبروا (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ  قالوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ‏ )(21).

ثم حكى سبحانه بعد ذلك ما يقوله الشيطان لأتباعه يوم القيامة، فقال تعالى:

(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ، إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ...) 22

وفيها يجيب الشّيطان من ضلّوا بوساوسه وتسويلاته، إذ يقول لهم: (و ما كان لي عليكم من سلطان إلّا أن دعوتكم فاستجبتم لي). ثم ينفض يده منهم  فيقول: (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ‏) أى: ما أنا بمغيثكم ومنقذكم مما أنتم فيه من عذاب..

ثم ذكر سبحانه وتعالى إدخال المؤمنين الجنة. وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ‏ (23).

- بعد أن بيّن اللّه تعالى أحوال الأشقياء وما آل إليهم أمرهم من العذاب في نار جهنم، وأحوال السعداء وإدراكهم الفوز عند ربهم، ضرب سبحانه مثلا يفرق بين الإيمان والكفر بالفرق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة [الآيات 24- 27].

- فالكلمة الطيبة وهي الإيمان أو كلمة التوحيد: هي الثابتة الخالدة، الطيبة النافعة.

الكلمة الخبيثة وهي كلمة الكفر لا قرار لها ولا ثبات، ولا جدوى ولا نفع، ولا تعتمد على حجة مقبولة أو برهان صحيح..

وأصحاب الكلمة الأولى هم المؤمنون، وأولو الكلمة الثانية هم الكافرون والعصاة.

وقيل: إنّ اللّه شبّه الايمان بالشجر؛ لأنّ الشجر لا بدّ له من أصل ثابت وفرع قائم ورأس عال، فكذا الايمان لا بدّ له من تصديق في القلب، و إقرار باللسان، وعمل بالاركان‏. وشبّه الكفر وعبادة الأصنام التي لا حجّة عليها ولا ينتفع بها بشجرة لا أصل لها حتّى يكون لها قرار ولا نفع معتدّ به لها.

ثمّ لمّا ذكر اللّه سبحانه ثبات كلمة التوحيد في القلوب، بيّن ثباتها في الدارين بقوله: يُثَبِّتُ اللَّهُ

الَّذِينَ آمَنُوا بلطفه و توفيقه‏ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ‏ وهو كلمة التوحيد الراسخة في نفوسهم‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فلا يزولون عنها ولو قطّعوا وَفِي الْآخِرَةِ فلا يتلعثمون إذا سئلوا عنها في القبر وفي الموقف.

وقد تعرض تعالى لما يقرب من هذا المعنى في مواضع من كلامه.

وهناك روايات كثيرة من طرق الشيعة وأهل السنة وردت في تفصيل سؤال القبر وإتيان الملكين منكر ونكير و ثبات المؤمن و ضلال الكافر عند ذلك وقد وقع في كثير منها التمسك بالآية.

ثمّ لمّا بيّن سبحانه معاملته مع أصحاب الكلمة الطيبة، بيّن معاملته مع أصحاب الكلمة الخبيثة بقوله: وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ‏  باختيار الكفر ، ويمنعهم عن الفوز بالثواب.

عن الصادق عليه السّلام: «يعني يضلّهم [يوم القيامة] عن دار كرامته‏»

ويضلّهم عن الحقّ الذي ثبّت المؤمنين عليه، فلا يثبتوا في الدنيا في مواقف الفتن، وإذا سئلوا عن دينهم في قبورهم قالوا: لا ندري، وتدهشهم أهوال القيامة فلا يقدرون على الجواب.

‏(وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ) من تثبيت بعض وإضلال آخرين حسبما تقتضيه مشيئته التي هي عين حكمته

- وفي [الآيات 28- 31]. وعيد للكافرين على كفرهم وتهديدهم بالعذاب الشّديد وبيان لمصيرهم والتعجّب منهم حيث قابلوا نعم اللّه بالجحود بعد ان تهيّأت لهم أسباب الهداية إلى التوحيد ودين الحقّ ومع ذلك اختاروا الكفر والشّرك.

فقال تعالى : أ َلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَِئْسَ الْقَرارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)

فقد وصف اللّه أحوال كفار مكة وأمثالهم بصفتين هما سبب دخولهم نار جهنم وهي:

 1- بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً

فهؤلاء بدل مقابلة نعم اللّه بالشكر قابلوها بالجحود وعدم الشكر. وشكرها الذي وجب عليهم وضعوا مكانه كفرا، فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر وبدلوه تبديلا.

عن أمير المؤمنين(ع) قال: نحن نعمة الله التي أنعم الله بها على العباد. (وهو من الجري والتطبيق)

2- وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ أي وأنزلوا قومهم الذين شايعوهم في الكفر، جهنم مقر العذاب.

والسبب الثاني: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً أي واتخذوا للّه شركاء عبدوهم معه، ودعوا الناس إلى ذلك، فقالوا في الحج مثلا: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه و ما ملك.

والسبب الثالث: لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ‏ من اتبعهم، وصرفهم عن دين اللّه، وإبقاءهم‏ في  الكفر.

ثم أمر اللّه نبيه بأن يبلّغ الناس ويأمرهم بإقامة الصلاة التي هي عبادة بدنية، والإنفاق في سبيله ممّا رزقهم اللّه وهو عبادة مالية،.قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ ..31

وإقامة الصلاة: أداؤها مستكملة أركانها وشروطها، مع المحافظة على وقتها، والخشوع فيها.

وفي [الآيات 32 الى 34] بعض أدلة وجود اللّه والتوحيد في الكون والأنفس

فساق سبحانه ألوانا من نعمه التي تستوجب شكره وطاعته وإخلاص العبادة له والتي تدل على كمال قدرته وعلمه ووحدانيته . وهي عشرة أدلة:  فاللّه عزّ وجلّ هو الرّزاق من السّماء، وهو المسخّر للفلك، والمسخّر للأنهار، وللشّمس والقمر دائبين، وللّيل والنّهار، وهو الذي آتاهم ممّا سألوه. وذكّر اللّه عزّ وجلّ النّاس بأنّهم إن يعدّوا نعمة اللّه لا يحصوها .

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ  ..وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)

ولكن في مقابل كل هذه النعم ودلائل التوحيد كان الموقف كما قال تعالى(أنّ الإنسان لظلوم كفّار) يظلم نفسه بالكفر والمعصية، ولا يؤدي إلى ربه حقه من الشكر لنعمه، بل يعيش الكفران والجحود في أكثر مظاهر وجوده، عندما يستعمل نعم اللَّه عليه في معصية اللَّه ورد عن  الإمام علي عليه السلام‏ «أقل ما يلزمكم للَّه ألا تستعينوا بنعمه على معاصيه»

- دعوات إبراهيم عليه السّلام [الآيات 35- 41].

ساق سبحانه بعض الدعوات التي تضرع بها إبراهيم عليه السلام إلى ربه وهي دعوات تدل على شكره لخالقه، وحسن صلته به، ورجائه في فضله . هي دعوات لأهل مكة بالأمان والرّزق وتعلّق القلوب بالبيت الحرام، وتجنيبه وذريّته عبادة الأصنام، وشكره ربّه على ما وهبه من الأولاد بعد الكبر، وتوفيقه وذريّته لإقامة الصّلاة، وطلبه المغفرة له ولوالديه وللمؤمنين رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) ...(41).

_ وفي [الآيات: 42- 52]. تذكير بأهوال القيامة وتهديد الظالمين وبيان ألوان عذابهم وبعض

أحوالهم في هذا اليوم العظيم فقال تعالى:(مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ، لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَ أَفْئِدَتُهُمْ

هَواءٌ) ( 43) فارغة خالية عن الفهم بحيث لا تعي شيئا من شدة الفزع والدهشة.

ثم ذكر بعد ذلك ما يدل على وجود يوم القيامة ، وما يدل على صفة يوم القيامة .

أما الذي يدل على وجود القيامة فهو قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ‏ )

فالله تعالى لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم، لزم أن يكون إما غافلا عن ذلك الظالم أو عاجزا عن الانتقام، أو كان راضيا بذلك الظلم، ولما كانت الغفلة والعجز والرضا بالظلم محالا على اللّه امتنع أن لا ينتقم للمظلوم من الظالم تحقيقا للعدالة الالهية وذلك يتحقق يوم الحساب .

أما ما يدل على صفة يوم القيامة فقوله: تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ .. إلخ.

ثم ان اللّه تعالى لما قال: (عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ‏)  بين وقت انتقامه وصفته فقال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ‏ والسماوات...

إما تبديل الصفة فتُبَديلُ الْأَرْضُ بنسف جبالها وتبديل السموات بانتثار كواكبها وغير ذلك.

وإما تبديل الذات. فتبدل بأرض نقية لم يسفك عليها دم ولم تعمل عليها خطيئة.

وتختم  السورة ببيان علم اللّه عزّ وجلّ بما يعمل الظّالمون، وأنّه يؤخّرهم إلى يوم القيامة.

فهؤلاء مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ .. (46) ويعلم مكرهم. ولكن مكرهم فاسد وبلا مفعول والله ناصر رسله كما وعد ووعده لا يتخلف... (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ‏ )(47)

وهو سَرِيعُ الْحِسابِ‏ لأنه لا يشغله شأن عن شأن، بل جميع الخلق بالنسبة لقدرته كالنفس

الواحدة. قال تعالى ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ .. لقمان 28

وفي الآية الأخيرة هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ وَ لِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ لِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ‏ (52)  تلخيص كلّيّ لما جاء في كلّ آيات السّورة.

بلاغ: الإبلاغ أو التّبليغ، وهو إيصال رسالة ما إلى من وجّهت له.

ويقول سبحانه عن مهمة الرسول: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ الرعد‏ (40)

ويقول الحق سبحانه على لسان الرسول‏ :لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي .. الأعراف‏ (93)

فهذا القرآن الكريم فيه التبليغ الكافي لهداية الناس، وفيه ما يخوفهم من سوء عاقبة الكفر والفسوق والعصيان، وفيه ما يجعلهم يعلمون عن طريق توجيهاته وهداياته ودلائله، أن اللّه تعالى واحد لا شريك له، وفيه ما يجعل أصحاب العقول السليمة يتعظون و يعتبرون، فيترتب على ذلك سعادتهم في الدنيا و الآخرة.

وخص- سبحانه- بالتذكر أولي الألباب، لأنهم هم الذين ينتفعون بهداية القرآن الكريم

وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ .. [إبراهيم‏ 52 ]

وهذه هي القضية العقدية الأولى ومحور القرآن الكريم ، والتي تأتي فى قمّة كل القضايا.

فالتوحيد بمثابة الصراط بالنسبة لباقي المعارف الحقة التي هي بمثابة سبل الله حيث ان الصراط المستقيم هو الطريق الكبير الواسع والسبل كالطرق الفرعية التي تنتهي الى الصراط المستقيم.

او ان الصراط المستقيم هو مجموع هذه السبل والصراط المستقيم موجود في كل السبل المؤدية الى الله باعتبار انها تنتهي جميعا الى الله.

وقفات تفسيرية

قوله تعالى : ...فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ بالخذلان‏ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالتوفيق‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ فلا يُغالَب على‏ مشيَّته, والْحَكِيمُ الذي لا يفعل ما يفعل إلّا لحكمته.

والله تعالی أراد الهداية للجميع:  (لتخرج الناس) ، (هذا بلاغ للناس)  ولأجل هذا الهدف بعث الله النبيين وأنزل الكتاب.

فالله تعالی لم ولن يضل أحدا منذ البداية بل إبتدأ الجميع بالهداية وهذه هي «الهداية الإبتدائية» فإذا سلك أحد جادة الفضيلة تكون «الهداية الثانوية» من نصيبه باعتبارها ثوابا له إضافة إلى الهداية الإبتدائية، إما إذا إنحرف عن صراط الفطرة بسوء اختياره واتبع الهوى وعاند الحق وتعمد الوقوع في الحرمان من الألطاف الإلهية عندها يضله الله تبارك وتعالى , فضلاله غير مسبوق بإضلال من الله والاضلال الإلهي ليس إبتدائيا بل:  (وما يضل به إلا الفاسقين ) البقرة/ 26  فهو إضلال مسبوق بضلالة من نفسه بسوء اختياره وإزاغة له عن زيغ منه قال تعالى: «فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏»  الصف 5.

فأمر الهدى والضلال إلى الله لا يتحقق شي‏ء منهما إلا عن مشية منه تعالى غير أنه سبحانه أخبرنا أن هذه المشية منه ليست جزافية.

 

& قوله تعالى : وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فأستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ..22

وظيفة الشيطان وجنوده كما حددها القرآن فهي الإضلال والإغواء للصد عن سبيل الحق والخير، لا بالجبر والإكراه، بل بالوسوسة والتزيين، وبالإغواء والتمويه, وليس للشيطان أكثر من دور القيام بهذه الوسوسة والدعوة للعصيان.

وهناك في المقابل الفطرة والعقل تدعوان الإنسان إلى الفضيلة . ولاكمال هذه الدعوة تم بعث الأنبياء فبيّنوا ما ينفع الإنسان وما يضره وحددوا له صراط السير وبينوا منعطفات السقوط. والإنسان واقع بين هذين النجدين اما سالك في الصراط أو منحرف عنه وهو مسؤول عن ذلك.

وقد ورد التصريح بعدم تسلط الشيطان (بصورة قهرية كاملة) على أي شخص:

إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) الإسراء / 65

ولم يكن له سوى دعوتهم للإنحراف (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فأستجبتم لي) الحجر 42 والمستجيب لهم (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) الأنعام/ 113  فمن يستجب له يتسلط عليه ولكن ليس إلى درجة الإجبار.

 

 

& قوله تعالى : وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ 34

كفر النعمة ظلم للنفس

وقد أشار سبحانه إلى أن الإنسان يكفر النعمة ظلما، كما قال تعالى فى آية أخرى: (... وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ13 وكَفَّارٌ صيغة مبالغة فى الكفر، وهو كفر النعمة وعدم شكرها.

فالإنسان(لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) يظلم نفسه ويكفر بالنعمة ويستهلكها في غير محالها المناسبة إما كمّا فيسرف في الإستهلاك , وإما كيفا حيث يستهلكها في الحرام.

وفي رواية رواها الشَّيْخُ فِي (أَمَالِيهِ) قَالَ: ..قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «... ثُمَّ أَقْبَلَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى مَنْ شَهِدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ تَخَوُّلًا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ بِالنِّعْمَةِ، وَأُنْذِرَكُمْ بِمَا اقْتَصَّ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِهِ، وَتَلَا: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ‏ الْآيَةَ.

ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: قُولُوا الْآنَ قَوْلَكُمْ، مَا أَوَّلُ نِعْمَةٍ رَغَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا وَ بَلَاكُمْ بِهَا؟

فَخَاضَ الْقَوْمُ جَمِيعاً فَذَكَرُوا نِعَمَ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ بِهَا، مِنَ الْمَعَاشِ وَالرِّيَاشِ وَالذُّرِّيَّةِ وَالْأَزْوَاجِ، إِلَى سَائِرِ مَا بَلَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مِنْ أَنْعُمِهِ الظَّاهِرَةِ.

فَلَمَّا أَمْسَكَ الْقَوْمُ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ..قُلْ مَا أَوَّلُ نِعْمَةٍ بَلَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَ أَنْعَمَ عَلَيْكَ بِهَا؟

قَالَ: أَنْ خَلَقَنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ لَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً.

 قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا الثَّانِيَةُ؟ قَالَ: اللَّهُ أَحْسَنَ بِي إِذْ خَلَقَنِي فَجَعَلَنِي حَيّاً لَا مَوَاتاً.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا الثَّالِثَةُ؟ قَالَ: أَنْ أَنْشَأَنِي- فَلَهُ الْحَمْدُ- فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَأَعْدَلِ تَرْكِيبٍ.

 قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا الرَّابِعَةُ؟ قَالَ: أَنْ جَعَلَنِي مُتَفَكِّراً وَاعِياً لَا أَبْلَهَ سَاهِياً.

 قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا الْخَامِسَةُ ؟ قَالَ: أَنْ جَعَلَ لِي مَشَاعِرَ أُدْرِكُ مَا ابْتَغَيْتُ بِهَا، وَجَعَلَ لِي سِرَاجاً مُنِيراً.

 قَالَ: صَدَقْتَ فَمَا السَّادِسَةُ؟ قَالَ: أَنْ هَدَانِي لِدِينِهِ، وَلَمْ يُضِلَّنِي عَنْ سَبِيلِهِ.

 قَالَ: صَدَقْتَ فَمَا السَّابِعَةُ؟ قَالَ: أَنْ جَعَلَ لِي مَرَدّاً فِي حَيَاةٍ لَا انْقِطَاعَ لَهَا.

 قَالَ: صَدَقْتَ  فَمَا الثَّامِنَةُ؟ قَالَ: أَنْ جَعَلَنِي مَلِكاً مَالِكاً لَا مَمْلُوكاً.

قَالَ: صَدَقْتَ فَمَا التَّاسِعَةُ؟ قَالَ: أَنْ سَخَّرَ لِي سَمَاءَهُ وَأَرْضَهُ وَما فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ خَلْقِهِ

 قَالَ صَدَقْتَ فَمَا الْعَاشِرَةُ؟ قَالَ: أَنْ جَعَلَنَا سُبْحَانَهُ ذُكْرَاناً قُوَّاماً عَلَى حَلَائِلِنَا لَا إِنَاثاً،

 قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: كَثُرَتْ نِعَمُ اللَّهِ- يَا نَبِيَّ اللَّهِ- فَطَابَتْ، وَتَلَا وَإِنْ

 تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها».[1]

& قوله تعالى...جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَ قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)

وفي قوله تعالى فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ سبعة أوجه:

أحدها: أنهم عضوا على أصابعهم تغيظا عليهم.‏

أحدها: أنهم عضّوا أصابعهم غيظا.

وقال ابن قتيبة: «في» ها هنا بمعنى: «إلى»،  معنى الكلام: عضّوا عليها حنقا وغيظا.

الثاني: أنهم لما سمعوا كتاب اللّه عجبوا منه ووضعوا أيديهم على أفواههم.

الثالث: معناه أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم إني رسول اللّه إليكم، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم بأن اسكت تكذيبا له وردا لقوله.

الرابع: معناه أنهم كذبوهم بأفواههم.

الخامس: أنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل ردا لقولهم.

السادس: أن الأيدي هي النعم فتكون الأيدي بمعنى: الأيادي ، ومجي‏ء الرسل بالشرائع نعم , أي ردوا نعم الرسل بأفواههم، أي بالنطق و التكذيب، ، وكذبوا بأفواههم ما جاءت به الرسل. ، و«في» بمعنى: الباء، والمعنى: ردّوا الأيادي بأفواههم، ذكره الفرّاء، وقال: قد وجدنا من العرب من يجعل «في» موضع الباء، فيقول: أدخلك اللّه بالجنّة، يريد: في الجنّة.

السابع: أن هذا مثل أريد به أنهم كفوا عن قبول الحق ولم يؤمنوا بالرسل، كما يقال لمن أمسك عن الجواب ردّ في فيه. والعرب تقول للرجل إذا أمسك عن‏ الجواب و سكت: قد رد يده في فيه.

 

& قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ‏ ) (46)

والمكر هو تبييت الكيد فى خفاء مستور وقد مكر السّابقون مكرهم الشّديد، لقمع دعوة رسل ربّهم عليهم السّلام، وللتّخلّص منهم ومن الّذين آمنوا بهم واتّبعوهم. ولم يدّخروا وسعا فى محاولة الكيد والإيقاع بالرسول للقضاء على الرسالة.

وقد حاولوا ذلك بالمواجهة وقت أن كان الإسلام فى بدايته؛. وحاولوا بالحرب؛  وسبحانه القائل: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ‏[2] أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‏ (30) [الأنفال‏] فنصر اللّه رسله وخاتم النبيين والذين آمنوا واحبط مكر اعدائهم.

 فهو جلّ جلاله وعظم سلطانه قدير على إحباط كلّ عمل يعملونه لتحقيق ما مكروه.

 فلم يفلحوا ونجّى الله نبيه (ص) من كيدهم متعدد الصور والاساليب.

وقوله تعالى (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ‏ )

‏ قرأ الأكثرون «لتزول» بكسر اللام الأولى من «لتزول» على أنها لام الجحود والفعل منصوب بعدها. بأن مضمرة وجوبا، وفتح الثانية. و «إن» في قوله‏ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ‏ نافية بمعنى ما.

أراد: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي: هو أضعف وأوهن.

ويكون المقصود بهذه الجملة الكريمة، الاستخفاف بهم و بمكرهم.

فلو كان مكرهم شديدا تزول به الجبال، فلن يفلحوا معك يا رسول اللّه، ولن يزحزحوك عن هدفك و مهمتك.

وقرأ «الكسائي» «لتزول»- بفتح اللام على أنها لام الابتداء، ورفع الفعل بعدها- و«إن» مخففة من الثقيلة. وضمّ اللام الثانية، أراد: قد كادت الجبال تزول من مكرهم.

فيكون المعنى: وقد مكروا مكرهم، وعند اللّه مكرهم، وإن مكرهم من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع من أماكنها، لو كان لها أن تزول أو تنقلع.

يكون المراد بهذه الجملة الكريمة التعظيم والتهويل من شأن مكرهم، و أنه أمر شنيع أو شديد في بابه، كما في قوله تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً* لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا* تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ. وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا .. مريم الآيات 88- 90

 

& قوله تعالى: «فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقام(47)

معنى الإنتقام الإلهي

وذو انتقام من أسمائه تعالى الحسنى التي سمى الله تعالى بها نفسه في مواضع من كلامه وقارنه في جميعها باسمه العزيز، قال تعالى: «وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ»،: آل عمران: 4، المائدة: 95 وقال: «أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ» : الزمر: 37

الانتقام‏ هو العقوبة لكن لا كل عقوبة بل عقوبة خاصة.

والغرض الداعي إليه عند البشر في الانتقام الفردي هو التشفي غالبا.

والغرض الداعي إليه في الانتقام الاجتماعي ونعني به القصاصات وأنواع المؤاخذات التي نعثر عليها في السنن والقوانين الدائرة في المجتمعات هو حفظ النظام عن الاختلال وسد طريق الهرج والمرج.

 وما ينسب إليه تعالى في الكتاب والسنة من الانتقام  يعني إنزال العقاب بالمجرم  وهو ما كان حقا من حقوق الدين الإلهي والشريعة السماوية ومن حقوق المجتمع الإسلامي وإن كان ربما استصحب الحق الفردي فيما إذا انتصف سبحانه للمظلوم من ظالمه فهو الولي الحميد.

أما الانتقام الفردي المبني على الإحساس لغاية التشفي فساحته منزهة عن ذلك ,فهو غني لا يضر إلوهيته شيء وغناه ذاتي فلا محل هنا للحاجة إلى الإنتقام الفردي لأنه لا يتأثر ليتشفى .

كما أن هنا ليس محل الإنتقام الإجتماعي لأن نظام الآخرة ليس کالنظام الإجتماعي الدنيوي.

وهذا الذي تقدم من معنى الانتقام المنسوب إليه تعالى إنما يتأتى على مسلك المجازاة والثواب والعقاب، وأما على مسلك نتائج الأعمال حيث يؤكد الله تعالى في العديد من الآيات أن العذاب هو نتيجة أعمالكم:  إنما تجزون ما كنتم تعملون (التحريم / ۷ ) فأعمالكم السيئة هي التي تصيبكم بهذا العذاب .

وهذا كما لو كتب الطبيب وصفة العلاج  لمريض وهداه إلى الدواء وعرفه بالداء وأن عليه إجتناب أطعمة وأعمالا معينة فإذا تجاهل وصاياه ولم يلتزم تضاعفت آلامه وأودت بحياته، وهذا الانتقام إنتقام تكويني.

 

 

 

 

[1] بحرانى، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، 5جلد، موسسة البعثة، قسم الدراسات الإسلامية - ايران – قم ، 1415 ه.ق.

[2] ( 1) ليثبتوك. أى: يجرحوك جراحة لا تقوم معها. و أثبت فلان، أى: اشتدت به علته، أو أثبتته جراحة فلم يتحرك.[ لسان العرب- مادة: ثبت‏].

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/25   ||   القرّاء : 87


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net