هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  من كلام لأمير المؤمنين في ذكر النبي(صلى الله عليه وآله)

 ضيافة الله سبحانه لعباده المؤمنين

 في رحاب لغة العرب

 القسم في القرآن الكريم

 فضل يوم الغدير

  وقفات تفسيرية مع آيات الصوم

 من خطبة لأمير المؤمنين في استقبال شهر رمضان المبارك

 مصعب بن عمير بطل الهجرة وشهيد احد

  وظيفة أتباع وشيعة الامام المهدي عليه السلام في عصر غيبته

  في غدير خم

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047186

  • التاريخ : 29/03/2024 - 11:42

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : شهر رمضان .

              • الموضوع : بحث علمي حول نزول القرآن .

بحث علمي حول نزول القرآن

  

 

بحث علمي حول نزول القرآن

الآية الشريفة تدل على نزول القرآن الكريم في شهر رمضان، و قد ذكر سبحانه في آيات أخر أنّه كان في ليلة القدر منه، و هي واحدة من الآيات الكثيرة الدالة على نزوله من اللّه تعالى على رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) و جميعها تدل على عظمة المنزل و أهميته، قال تعالى: وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء- 105].

 والكلام في نزول القرآن يقع من ناحيتين

الأولى: في حقيقة النزول و للعلماء و الفلاسفة كلام فيها، و هو مورد البحث عندهم و قد أفردوا لمسألة الوحي كتبا مستقلة، و سيأتي البحث عنه في الموضع المناسب إن شاء اللّه تعالى.

الثانية: في كيفية النزول و أنّه هل نزل جملة واحدة أو نزل متفرّقا أو هما معا؟ و ما يتعلق به من حيث زمان النزول و مكانه و أول ما نزل. و الكلام في المقام في هذه الناحية يقع في أمور

النزول و التنزيل

الآيات التي وردت في إنزال القرآن الكريم على قسمين:

قسم ورد فيه لفظ النزول الدال على الانحطاط من العلو- سواء كان ذلك حقيقيا أو اعتباريا- جملة واحدة من دون ملاحظة التفرق و التدرج فيه، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [الدخان- 3]، و قال تعالى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ [الأنعام     

وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر- 1]، وقال تعالى : كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص- 29] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة

وقسم آخر ورد فيه لفظ التنزيل الدال على الانحطاط من العلو مع التفرق و التدريج قال تعالى: وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا [الإسراء- 106]، وقال تعالى: نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا [الإنسان- 23 ]   و غير ذلك من الآيات الشريفة الدالة على نزول القرآن تدريجا في مجموع مدة بعثة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)، و هي مدة دعوته البالغة عشرين سنة

و قد استعملت هاتان المادتان بالنسبة إلى غير القرآن أيضا، كما ورد في نزول الملائكة قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً [المؤمنون- 24]، و قال تعالى: وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا [الفرقان- 25]، و بالنسبة إلى المطر النازل من السماء، قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً [النحل- 10]، و قال تعالى: وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً [الأنفال- 11

و يمكن أن يكون الوجه في ذلك أنّه يلاحظ تارة المجموع فيستعمل النزول و الإنزال، و أخرى يلاحظ البعض و الأجزاء فيستعمل التنزيل.

تعدد النزول

لا ريب في تعدد نزول القرآن حسب المستفاد من الآيات الشريفة و السنة المقدسة الواصلة إلينا و ما ذكره العلماء في ذلك الوجوه:

الأول: أنّه أنزل جملة في شهر رمضان إلى البيت المعمور في السماء الدنيا، ثم أنزل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) متفرقا ليقرأه على الناس في مجموع مدة الدعوة و قد وردت في ذلك روايات ففي الكافي عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «سألته عن قول اللّه تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و إنّما أنزل في عشرين سنة بين أوله و آخره.

فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى  البيت المعمور ثم نزل في طول عشرين سنة». و روي قريب منه عن ابن عباس

و قد ادعي الإجماع على ذلك. و البيت المعمور الوارد في هذه الرواية و السماء الدنيا في رواية أخرى شي‏ء واحد كما يأتي في محله و إن صح الاختلاف بالاعتبار.

و أشكل عليه: بأنّ نزوله إلى السماء الدنيا لم يكن فيه أي منة علينا و لا معنى لاتصافه بالهداية و الفرقان و بقائه في السماء الدنيا مدة سنين و هذا مما ينفيه قوله تعالى: هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقانِ.

و أجيب عنه: بأنّ اتصاف القرآن بالهداية و الفرقان اقتضائي أي: من شأنه أن يهدي من التمس الهداية منه، و أن يكون فرقانا إذا التبس الحق بالباطل.

و بعبارة أخرى: إنّ اتصافه بهما يكون بتتميم إنزاله إلى الرسول (صلّى اللّه عليه و آله

و نوقش في ذلك بأنّه لا يمكن إنزاله جملة واحدة و لو إلى السماء الدنيا، لأنّ منه الناسخ و المنسوخ، و منه ما يكون جوابا لسؤال، أو إنكار قول، أو حدوث حادثة، و لا يتأتى ذلك إلا إذا نزل متفرقا.

و يمكن الجواب عنه: بأنّ الحوادث المتدرجة الزمانية المتقدمة بعضها على بعض أو المقارنة بعضها مع بعض إنّما تكون بالنسبة إلى سلسلة الزمان المتدرجة في الحوادث المحصورة في الزمان الذي لا ينفك عن التغير و الحدثان. و أما بالنسبة إلى اللّه تعالى المحيط بما سواه بكل معنى الإحاطة و العالم بالجزئيات قبل حدوثها، فتكون جميع الحوادث المتعاقبة في الزمان عنده شيئا واحدا واقعا في آن واحد و الإشكال إنّما هو بالنسبة إلى الزماني لا بالنسبة إلى المنزّه عن الزمان.

الثاني: أنّ المراد بنزول القرآن في شهر رمضان هو ابتداء نزوله فيه ثم أنزل بعد ذلك متفرقا في أوقات مختلفة، و القرآن كما يطلق على المجموع يطلق على البعض أيضا.

و يرد عليه: أنّه مخالف لظاهر الآيات المباركة الدالة على نزول القرآن   بأجمعه في شهر رمضان و في الليلة المباركة منه كما مر، مضافا إلى أنّ بعثة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) كانت في غير شهر رمضان، و من المستبعد جدا أن لا ينزل في أول البعثة شي‏ء من القرآن الكريم و تخلو مدة منه، مع أنّ المشهور أنّ أول سورة نزلت مصاحبة للبعثة إما سورة العلق، أو سورة المدثر، و فيهما شواهد على أنّهما نزلتا حين البعثة و أمر الرسول بالرسالة.

الثالث: أنّ المراد بنزول القرآن في ليلة القدر هو نزول سورة من سوره المشتملة على جلّ معارف القرآن كسورة الحمد، فكأنّ نزولها في ليلة القدر من شهر رمضان هو نزول القرآن بأجمعه، و يصح أن يقال نزل القرآن جملة، و بذلك يمكن الجمع بين نزول القرآن في أول بعثته (صلّى اللّه عليه و آله) و نزول القرآن في الليلة المباركة من شهر رمضان

و يرد عليه ما أورد على سابقه من أنّه خلاف ظاهر الآيات الشريفة التي تدل على أنّ القرآن نزل جملة في ليلة القدر، مع أنّ هذا الوجه في نفسه بعيد جدا، كما لا يخفى.

الرابع: أنّ المراد بإنزال الكتاب جملة في الليلة المباركة هو حقيقة الكتاب التي وصفت بالمحكمة و المفصّلة و التي يأتي تأويلها في يوم القيامة، و التي لها وقع في الكتاب المكنون الذي لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ و إنّه في أمّ الكتاب أو في اللوح المحفوظ قبل التنزيل، كما دلت عليها الآيات المباركة، و هذه هي التي نزلت على قلب سيد المرسلين جملة ثم أنزل بعد ذلك بالتدريج حسب الوقايع و الحاجة، و لذا أمر بأن لا يعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليه وحيه قال تعالى: وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ [ص- 114]. و هذا الكتاب المنزل تدريجا متكئ على تلك الحقيقة المتعالية المنزهة عن تلبيسات المبطلين و شكوك المعاندين، و قد أنزلها اللّه تعالى على رسوله فعلّمه تأويله و حقيقة ما يعنيه من الكتاب المبين.

و فيه: أنّه مخالف لسياق القرآن الذي نزل بلسان الأمة. نعم للقرآن حقيقة واحدة واقعية يحيط بها قلب نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله)، و لكن مورد الكلام في الأول دون الثاني.    

و الحق أن يقال: إنّ القرآن يختلف عن سائر الكتب الإلهية من جهات كثيرة فهو آخرها، المهيمن عليها،    و أنّه أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود- 1]، و أنّ فيه تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً [يوسف- 111]، و أنّه لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس- 37]، وأنّه فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزخرف- 4]، و يكفي في عظمة أمره قوله تعالى : رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى- 52].

 و لا ريب في أنّ مثل هذا الكتاب له من الجلال و العظمة و الكبرياء ما لا يمكن دركه بالعقول و إن بلغت ما بلغت، و حينئذ لا يمكن لنا أن نقول بنزوله مرة واحدة، سواء كان دفعة واحدة أم تدريجا من دون أن يعرف من أنزل عليه تأويله، و هو النبي العظيم حبيب ربّ العالمين و صاحب الشرع المبين، الذي هو سر من أسرار عالم الجبروت، و قد انطوى فيه العالم الأكبر، و هو بنفسه كتاب إلهي تكويني، و له المقام المحمود عند رب العالمين، و مع ذلك كلّه يكون غافلا عمّا ينزل عليه، و هذا بعيد جدا فلا بد و أن يكون عارفا به و بتأويله و حقيقته و جميع خصوصياته فأنزل جميعا على قلب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). كما هو المتيقن من قوله تعالى: فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏ سورة النجم- الآية- 10]، ثم بعد ذلك أنزل عليه تدريجا في مدة الدعوة و لا مانع من تعدد الوحي الذي هو سر إلهي بين الموحي و الموحى إليه، و فيه ابتهاج للمنزل عليه، و يدل على ذلك قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ‏ القيامة- 19]، و قوله تعالى: وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ [ص- 114]، و من المعلوم أنّه إن لم يكن عارفا به و عالما بخصوصياته لا معنى لتعجيل القرآن و إظهار بيانه فبالوحي يظهر ما في قلبه على ظاهر لسانه

و لا ينافي ذلك أنّ القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، أو إلى البيت المعمور- أو بيت العز- حسب اختلاف التعبيرات في الروايات، أو أنّه ينزل ما يراد إنزاله في السنة في ليلة القدر، كما في بعض الروايات، أو له نزول آخر، فإنّ للنزول و التنزيل غايات متعددة و مراتب مختلفة يتعددان   بتعددها، فتارة ينزل من مرتبة العلم الأزلي و هو مرتبة الذات- لفرض أنّ علمه تعالى عين ذاته جل شأنه- إلى مرتبة فعله عز و جل، و أخرى ينزل جملة أو تفصيلا على قلب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). و ثالثة ينزل لإبراز عالم الغيب في عالم الحس و العيان، أو بالعكس. و هذا ظاهر لكل من تأمل في المقام.

هذا إذا لوحظ النزول و الإنزال و ما يماثلهما من التعبيرات بالنسبة إلى ذات الكتاب العظيم و حقيقته. و أما إذا لوحظ من حيث إضافته إلى ذات المبدإ تبارك و تعالى فالنزول و الإنزال لا وجه لهما، لأنّهما من صفات الأجسام، و هو تعالى منزه عنها فإنّه جل شأنه محيط بجميع ما سواه بالإحاطة الحقيقية.

و من ذلك يظهر ما عن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): «إنّ اللّه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا

فلا بد من حمل هذه الرواية و أمثالها على نزول الرحمة و الألطاف الإلهية و قربها من العباد- كما ورد في عشية عرفة- و تخصيصها بالليل، و الثلث الأخير منه، لأنّه وقت التهجد و غفلة الناس عمن يتعرض لنفحات رحمة اللّه و الانقطاع إليه أشد و عند ذلك تكون النية خالصة و الرغبة إليه تعالى وافرة و ذلك مظنة القبول و الإجابة

 

 

الغاية من تعدد النزول

لا ريب في أنّ تعدد نزول القرآن يدل على عظمته، و تفخيم أمره، و إعلاء شأن من نزل عليه و الاعتناء به، و أنّه تكريم لبني آدم حيث نزل فيهم هذا الكتاب الكريم و إعلام للملائكة و سكان السّماوات بأهميته، و أنّه آخر الكتب السماوية، و إتمام الحجة على الخلايق، و لذا لم يكن كتاب إلهي غيره ينزل متعددا أو ينزل نجوما و قد خفي على المشركين و الكافرين عظمة هذا الكتاب حيث اعتبروه كسائر الكتب الإلهية على ما حكى عنهم عز و جل فقال وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً فأجابهم عز و جل

كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ [الفرقان- 32]. و يمكن أن يكون المراد بتثبيت الفؤاد عنايته تعالى بجهة ابتلائه مع الناس و شدة معاداتهم للوحي و الموحى إليه

محل النزول و زمانه

ذكرنا أنّ القرآن نزل تارة جملة، و أخرى نجوما، و عرفت أنّ نزوله الجمعي كان في الليلة المباركة من شهر رمضان بمقتضى الآيات الشريفة، و لكن نزوله التدريجي لم يكن له محلّ معيّن أو زمان كذلك فقد كان ينزل على قلب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حسب المقتضيات إلا أنّ ابتداءه كان من حين بعثته (صلّى اللّه عليه و آله) و انتهاءه قبل رحيله (صلّى اللّه عليه و آله) و هو مدة دعوته البالغة عشرين سنة أو أكثر على اختلاف الروايات

فقد نزل جملة من سور القرآن في مكة المكرمة مهبط الوحي المبين، وجملة منها في المدينة مهجر الرسول الأمين (صلّى اللّه عليه و آله)، وقد نزل عليه من القرآن في الحضر وفي السفر وفي النهار وفي الليل، وبعض السور نزلت مكررة كسورة الحمد، و بعضها نزلت و قد شيعتها ملائكة السماء، كسورة الأنعام، وإنّ بعض السور مكي و البعض الآخر مدني كل ذلك معلوم مذكور في الكتب المؤلفة في علوم القرآن، وإن كان لهم اختلاف في بعض الجهات

وقد ذكر العلماء وجوها للتمييز بين السور المكية و السور المدنية و أهمها هي:

 الأول: أنّ السور المكية تمتاز بقوة نبرتها و أسلوبها التهكمي فإنّها نزلت في قوم عتاة جبابرة فاتخذت وجه التهديد و التعنيف لهم و الإنكار عليهم و لذا وردت السجدة فيها، بخلاف السور المدنية فإنّها نزلت في قوم ذوي ذلة و ضعف فاتخذت أسلوب اللين و العطف.

الثاني: أنّ السور المكية أكثرها تشير إلى إثبات الإله الواحد العزيز الجبار، و إثبات يوم القيامة و المعاد و أوصافه. و أما السور المدنية فتشير إلى صفات الإله و الحساب.

الثالث: أنّ السور المكية خالية تقريبا عن القصص و الأحكام و الفرائض و السنن، بخلاف السور المدنية

 الرابع: أنّ في السور المدنية ذكر المنافقين بخلاف السور المكية فإنّ فيها ذكر الأمم و القرون.

الخامس: أنّ السور المدنية أغلبها فيها جملة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، بخلاف السور المكية فإنّ الأغلب فيها «يا أَيُّهَا النَّاسُ» أو أولها حرف تهج غالبا

عروج القرآن

كما أنّ للقرآن نزولا حسب ما تقدم كذلك له صعود و تجليات أي ظهور في المظاهر اللائقة به:

منها: تجلياته في قلوب أولياء اللّه المخلصين و أحبائه العارفين، كما هو ظاهر عند أهله و إشراقاته المعنوية على النفوس المستعدة لها

ومنها: صعوده إليه جلّت عظمته فمنه المبدأ و إليه المنتهى، لقوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [الفاطر- 10

ومنها: صعوده إليه تعالى، و تجسّمه لأهل الحشر، لأن يشفع في من له أهلية الشفاعة، كما في كثير من الأحاديث و شكواه ممن ضيّعه.

ومنها: صعوده إلى مقام الشهادة عند الميزان، كما هو الشأن بالنسبة إلى الأنبياء و المرسلين، ويدل عليه كثير من الآيات بل يمكن أن يقال: إنّ جميع آثاره الباهرة الظاهرة منه من مراتب صعوده كشفائه للمرضى و حجبه عن الأرواح الشريرة إلى غير ذلك مما وضع له كتب مستقلة

وعن عليّ (عليه السلام) في القرآن «لا تحصى عجائبه و لا تنقص غرائبه

المصدر : تفسير مواهب الرحمن

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/17   ||   القرّاء : 6555


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net