دعوة الى التأسي برسول الله (صلى الله عليه واله)
دعوة الى التأسي برسول الله (صلى الله عليه واله)
قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب:21
الاسوة بمعنى القدوة الذي يُتبَّع في الأقوال والأفعال والصفات الشخصية
والأسوة من الاتسّاء كالقدوة من الاقتداء أصلها (أسو) بمعنى المداواة والإصلاح بصيغة الاخبار تتضمن الدعوة والالزام بالتأسي برسول الله
(الا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه)
اختار الله رسوله الكريم (ص) لأنه أكمل الخلق وقد تولى صنعه وتربيته وتأديبه (أدبني ربي فأحسن تأديبي) (من سره أن يحيى حياتي، ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها الله فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما)
فالتأسي به (ص) اتباع للقران (كان خلقه القرآن) (الا واني تارك فيكم الثقلين احدهما كتاب الله عز وجل هو الحبل الى الله ومن تبعه كان على هدى ومن تركه كان على الضلالة )
وكما ان القرآن شفاء وهدى ورحمة ونور ومبارك كذلك رسول الله (ص)
والتأسي يكون بجعل حياة الأسوة الحسنة معياراً لسلوك المتأسي وصفاته يميزّ به بين ما يصح وما لا يصح قال الامام علي عليه السلام وهو يصف كيف علمه وادبه رسول الله (ص) (يرفع لي في كل يوم من اخلاقه عَلَما ويأمرني بالاقتداء به)
وقال عليه السلام : (اقتدوا بهدي نبيّكم فإنه افضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها اهدى السنن)
(فتأسَّ بنبيك الأطيب الأطهر، (ص) فإن فيه أسوة لمن تأسى وعزاء لمن تعزى. وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه، والمقتص لأثره ...عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله تعالى أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره.)
ولا قدرة على الوصول إلى منزلة رسول الله (ص) لكننا مطالبون ببذل الوسع (الا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد)
وكلما ارتقت حالة التأسي ارتقت منزلة المتأسي (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)
إن التأسي به لا يقتصر على حياته الشخصية بل على القادة أن يتاسوا به كأعظم قائد ومصلح وهكذا على الآباء والأزواج والأصدقاء وغيرهم التأسي به في جانب ابوته وزوجيته وصداقته وقيادته وحكمه وعبوديته بالله تعالى.
وهو (طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَه وأَحْمَى مَوَاسِمَه يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْه مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وآذَانٍ صُمٍّ وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِه مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ
وقد جعل الله لنا غير النبي (ص) اسوة كابراهيم عليه السلام (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا) لكنها دعوة للتأسي بموقف محدد اما الأسوة المحمدية فهي مطلقة في كل شيء، ولذا استدل بعضهم بالآية على عصمة النبي (صلى الله عليه واله) وتدل بالتبع على عصمة أئمة اهل البيت (ع) لانه امر باتباعهم.
والتأسي يتطلب دراسة سيرته المباركة وتحليلها
حاجتنا الى الاسوة الحسنة
أي رسالة إصلاحية كالإسلام، لابد لكي تنجح من شكلين من المقومات: الذاتية والموضوعية والذاتية منهما لها دعامتان
الأولى:ما يرجع إلى شريعة الإسلام وفيها كلّ عناصر الكمال
من الاستيعاب:(مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)
وخطابها للجميع (هُدىً لِلْعَالَمِينَ)
ومن خلودها قوله (صلى الله عليه واله):(حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة)
ومن صيانتها من الانحراف والتغيير (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
الثانية : ما يرجع إلى ذات الرسول محمد (ص) وهو أكمل الخلق
تمثلها في حياته وجسدَها في سلوكه وواقعه:(كان خلُقه القرآن)
الناس لا يقتنعون بأي رسالة مهما كانت ترفع من مبادئ ومثل وأخلاق
عالية إذا كان القائمون عليها أول من يخالفها (ما أمرتكم بطاعة إلاّ كنت أول من يؤديها، ولا نهيتكم عن معصية إلاّ كنت أول من يجتنبها)
ولا قيمة للعلم إذا لم يقترن بالعمل (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
قال (يعني بالعلماء من صدَق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم)
(فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) (هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره
خطورة الأسوة السيئة
لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدنيا، فيصدك عن طريق محبتي فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم
ما هي الأمور التي يمكن أن نتأسى بها؟
1 المعرفة بالله تعالى والإخلاص له لو خيَر بين أمرين اختار أرضاهما لله،
ولمعرفته بحقيقة العبودية لله سبحانه كان كثير العبادة:(قرة عيني الصلاة)
2 الإعراض عن الدنيا المحللة
3 قوة الإرادة والثبات على الحق، مهما كانت المغريات أو الضغوط
(يا عم والله لو وضعوا الشمس ...على أن أترك هذا الأمر ما تركته)
(المؤمن أقوى من الجبل. ..لأن الجبل يُستقل منه بالمعاول ولا يُستقل من إيمان المؤمن شيء)
4 الاهتمام بأمور المسلمين:(من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)
5 الاهتمام بالقرآن شغفاً به وكان (ص) لا ينام حتى يقرأ سور المسبّحات
6 التواضع كان الأعرابي يدخل إلى المسجد فيقول:أيكم محمد؟
7 عدم الاستماع إلى الكلام السيئ (أحب أن أمضي عنكم وأنا سليم الصدر)
8 عدم اتخاذ حاشية غير مخلصة لله، أو تفكر في الانتفاع من مواقعها
9 الالتزام بالأخلاق الفاضلة وقد امتدحه الله:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلومنًّ إلا نفسك) وهي محور رسالته (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
10 التركيز على أداء وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من التقاعس عن أدائها (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له:ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال:
نعم وشر من ذلك) (إنّ الله عز وجل ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له
11 الاهتمام بنشر العلم والمعرفة في جميع الحقول
(طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه واقتبسوه من أهله، فإن تعلمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى لأنهّ معالم الحلال والحرام، ومنار سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والتزين عند الأخِلاّء، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة...)
12 احتضان الشباب ورعايتهم :(أوصيكم بالشباب خيراً فأنهم أرق أفئدة)
(عليكم بالأحداث، فإن قلب الحدث كالأرض الطيبة)
13 محاربة العادات الاجتماعية السيّئة والقضاء عليها
14 الإكثار من ذكر الموت: (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل:وما جلاؤها يا رسول الله (ص)؟ قال:ذكر الموت وتلاوة القرآن) (إنّي ما أطبقت عينيَّ إلاّ وظننت إنّي لا أفتحهما، ولا فتحتهما إلاّ وظننت إني لا أطبقهما)