معالم الرحمة النبوية
معالم الرحمة النبوية
قال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
وقال تعالى ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
أبرز صفة لله: صفة الرحمة. ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾. الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمية.
لذلك يقول القرآن: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
أنت مجمع الرحمة الرحمانية والرحيمية.
حتى نصبح نحن رحمة للآخرين، لابد أن ننتهج نهج محمد(ص) ، ولابد أن نتقمص معالم الرحمة في الشخصية المحمدية للنبي ص .
معالم أربعة
المعلم الأول: أن تعيش ثقافة الرحمة
الرحمة ليست كلامًا، الرحمة سلوك وثقافة.
هذا المجتمع أمامنا متعلم ومعلّم. فقير وغني. اختلاف في المستويات. ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ لكي يسخّر بعضهم البعض الآخر لخدمته. نستطيع أن نحول شخصيتنا إلى أن تكون رحمة للآخرين من خلال الجمعيات الخيرية، والأعمال التطوعية، وغير ذلك.
الله تعالى يقول: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ يعني يعيشون ثقافة الرحمة.
ويقول تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
والنبي(ص) يقول: ”ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء“
المعلم الثاني: السيطرة على الأعصاب والانفعالات
السيطرة على الانفعالات والأعصاب معلم أساس من معالم الرحمة.
كن رحمة للآخرين. ومبدأ الرحمة أن نضبط أعصابنا وانفعالاتنا.
يقول تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ لنحسن، لنتجاوز، لنعفوا، لنغض النظر، لنكن رحمة للآخرين.
البعض يعيش أحقادا، ليست هذه أخلاق محمد (ص) ، ولا تربية محمد (ص) ولا تربية القرآن.
جاء اعرابي الى الرسول(ص) وأمسك به من بردته وشدها، قال: يا محمد، اعطني من مال الله الذي هو ليس مالك ولا مال أبيك.
النبي(ص) قال: صدقت، المال ليس لي هذا المال مال الله، وأنتم عيال الله، ولكن هل يقاد منك يا إعرابي ما فعلته بي؟ قال: لا. قال: لِم؟ قال: لأنك لا تقابل السيئة بالسيئة وإنما تقابل السيئة بالحسنة. ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ أنت مصداق لكظم الغيظ.
المعلم الثالث: التعاون
بناء المجتمع يحتاج إلى روح التعاون في الميدان. أن ننزل الميدان متطوعين ونتعاون مع غيرنا في بناء مجتمعنا ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾
النبي (ص) محمد يخرج مع أصحابه في رحلة، يحتاجون أن يأكلوا، قال شخص: أنا أذبح الشاه، وقال الثاني: علي سلخها، وقال الثالث: علي طبخها، قال النبي: وعلي جمع الحطب. قالوا: إنا نكفيك يا رسول الله. قال: علمت أنكم تكفونني ولكني أكره أن أتميز عليكم.
يريد أن يربيهم على خلق وروح التعاون ﴿فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾
المعلم الرابع: أرقى درجات الرحمة: الإيثار
الشيء الذي نحتاج إليه نقدمه لغيرنا. قال تعالى ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ الايثار أعلى درجات الرحمة
والامام علي ابن أبي طالب(ع) تلميذ النبي محمد (ص) يبيت على فراش رسول الله فاديًا له بنفسه يقول له رسول الله: أوتبيت على فراشي وقد يقتلك الأعداء. قال: أوتنجو يا رسول الله؟ قال: بلى. يسجد لله شكرًا فرحًا مبتسمًا: الحمدلله الذي جعلني فداء لرسول الله.
هذا استفاده من الرسول (ص)، هو يقول: ”يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علمًا ويأمرني بالإقتداء به، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل“ والقرآن يتحدث عن أصحاب الكساء ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا*وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ وباتوا ثلاثة أيام لا يذوقون إلا الماء. تربية للأمة على الرحمة. حتى تكون الأمة منتهجة نهج الرحمة ونكون رحمة لغيرنا.
وأروع صور الإيثار في التاريخ: ما تمثل يوم كربلاء. كربلاء مدرسة تربوية. ومدرسة للقيم وللمثل. من أعظم المثل التي تجلت في كربلاء مثال الإيثار، قيمة الإيثار. كيف هؤلاء يبادرون إلى الموت، يؤثرون حياة غيرهم على حياتهم.