من وصايا الامام الصادق عليه السلام وعظاته
من وصايا الامام الصادق عليه السلام وعظاته
وصيّته لابنه الكاظم(ع)
... يا بني إنّ من قنع استغنى ، ومن مدّ عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسمه الله له اتّهم الله في قضائه ، ومن استصغر زلّة نفسه استكبر زلّة غيره ، يا بني من كشف حجاب غيره انكشف عورته ، ومن سلّ سيف البغي قتل به ، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها ، ومن داخل السفهاء حقّر ، ومن خالط العلماء وقّر ، ومن دخل مداخل السوء اتّهم ، يا بني قل الحقّ لك أو عليك ، وإيّاك والنّميمة فإنّها تزرع الشحناء في قلوب الرجال ، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإنّ للجود معادن وللمعادن أصولا ، وللاصول فروعا ، وللفروع ثمرا ، ولا يطيب ثمر إلاّ بفرع ، ولا أصل ثابت إلاّ بمعدن طيّب ، يا بني إذا زرت فزر الأخيار ، ولا تزر الأشرار ، فإنّهم صخرة صمّاء لا ينفجر ماؤها ، وشجرة لا يخضّر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها (١
لأصحابه
.....اكثروا من أن تدعوا الله فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة ، والله مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة عملا يزيدهم في الجنّة ، فاكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات الليل والنّهار ، فإن الله أمر بكثرة الذكر له ، والله ذاكر من ذكره من المؤمنين ، واعلموا أن الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلاّ ذكره بخير ، فاعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته ، فإن الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلاّ بطاعته واجتناب محارمه التي حرّم الله في ظاهر القرآن وباطنه ، قال في كتابه وقوله الحق : « وذروا ظاهر الإثم وباطنه » الأنعام : ١٢
واعلموا أن ما أمر الله به أن تجتنبوه فقد حرّمه.
ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلّوا ، فإن أضلّ النّاس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله ، وأحسنوا الى أنفسكم ما استطعتم ، فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها ، واعلموا أنه لن يؤمن عبد من عبيده حتّى يرضى عن الله فيما صنع الله إليه وصنع به على ما أحبّ وكره ، ولن يصنع الله بمن صبر ورضي عن الله إلاّ ما هو أهله ، وهو خير له ممّا أحبّ وكره.
وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى ، وقوموا لله قانتين كما أمر الله به المؤمن في كتابه من قبلكم
واعلموا إنّ الاسلام هو التسليم ، والتسليم هو الاسلام ، فمن سلّم فقد أسلم ، ومن لم يسلّم فلا إسلام له ، ومن سرّه أن يبلغ الى نفسه في الإحسان فليطع الله ، فإن من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان ، وإيّاكم ومعاصي الله أن ترتكبوها ، فإنه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه ، وليس بين الإحسان والإساءة منزلة ، فلأهل الإحسان عند ربهم الجنّة ولأهل الإساءة عند ربّهم النار ، فاعملوا لطاعة الله واجتنبوا معاصيه....
وصيّته لعبد الله بن جندب
....يا ابن جندب ، إن للشيطان مصائد يصطاد بها ، فتحاموا شباكه ومصائده ، قال : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما هي؟ قال : أمّا مصائده فصدّ عن برّ الاخوان ، وأمّا شباكه فنوم عن أداء الصلاة التي فرضها الله ، أما أنه ما يعبد الله بمثل نقل الأقدام الى برّ الاخوان وزيارتهم ، ويل للساهين عن الصلاة النائمين في الخلوات المستهزئين بالله وآياته في القرآن ، اولئك الذين لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم..
يا ابن جندب ، الساعي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة ، وقاضي حاجته كالمتشحّط بدمه في سبيل الله يوم بدر واحد ، وما عذّب الله أمّة إلاّ عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم.
يا ابن جندب ، إن أحببت أن تجاور الجليل في داره ، وتسكن الفردوس في جواره ، فلتهن عليك الدنيا ، واجعل الموت نصب عينيك ، ولا تدّخر لغد ، واعلم أنّ لك ما قدّمت ، وعليك ما أخّرت.
يا ابن جندب ، من حرم نفسه كسبه فإنما يجمع لغيره ، ومن أطاع هواه فقد أطاع عدوّه ، ومن يتّق الله يكفه ما أهمّه من أمر دنياه وآخرته ، ويحفظ له ما غاب عنه ، وقد عجز من لم يعدّ لكلّ بلاء صبرا ، ولكلّ نعمة شكرا ، ولكلّ عسر يسرا ، اصبر نفسك عند كلّ بليّة ، وفي ولد أو مال أو ذريّة ، فإنما يقبض عاريته ، ويأخذ هبته ، ليبلو فيهما شكرك وصبرك ، وارج الله رجاء لا يجرّئك على معصيته ، وخفه خوفا لا يؤيسك من رحمته ولا تغترّ بقول الجاهل ولا بمدحة فتكبر وتجبر وتغترّ بعملك ، فإن أفضل العمل العبادة والتواضع ، ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك ما (١) خلفته وراء ظهرك ، واقنع بما قسمه الله لك ، ولا تنظر إلاّ ما عندك ، ولا تتمنّ ما لست تناله ، فإن من قنع شبع ، ومن لم يقنع لم يشبع ، وخذ حظّك من آخرتك ، ولا تكن بطرا في الغنى ، ولا جزعا في الفقر ، ولا تكن فظّا غليظا يكره الناس قربك ، ولا تكن واهنا يحقرك من عرفك ، ولا تشارّ (تخاصم) من فوقك ، ولا تسخر بمن هو دونك ، ولا تنازع الأمر أهله ، ولا تطع السفهاء ، وقف عند كلّ أمر حتّى تعرف مدخله ومخرجه قبل أن تقع فيه فتندم ، واجعل نفسك عدوّا تجاهده ، وإن كانت لك يد عند إنسان فلا تفسدها بكثرة المنّ والذكر لها ، ولكن اتبعها بأفضل منها ، فإن ذلك أجمل في أخلاقك وأوجب للثواب في آخرتك ، وعليك بالصمت نعدّ حليما ، جاهلا كنت أو عالما ، فإن الصمت زين عند العلماء وسترة لك عند الجهّال...
ومن وصاياه لشيعته
قال زيد الشحّام : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : اقرأ من ترى أنه يطيعني منكم ويأخذ بقولي السلام ، واوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ والورع في دينكم ، والاجتهاد لله ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وطول السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم
أدّوا الأمانة الى من ائتمنكم عليها برّا أو فاجرا ، فإن رسول الله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط ، صلوا عشائركم ، واشهدوا جنائزهم ، وعودوا مرضاهم ، وأدّوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل : هذا جعفري ، ويسرّني ذلك ، ويدخل عليّ منه السرور ، وقيل : هذا أدب جعفر ، وإذا كان غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره وقيل : هذا أدب جعفر ، فو الله لحدّثني أبي أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليهالسلام فيكون زينها ، أدّاهم للأمانة ، وأقضاهم للحقوق ، وأصدقهم للحديث ، إليه وصاياهم وودائعهم ، تسأل العشيرة عنه ، ويقولون من مثل فلان؟ إنّه أدّانا للأمانة ، وأصدقنا للحديث
الكافي ، كتاب العسرة ، باب ما يجب من العشرة : ٢ / ٦٣٦ / ٥
وصيّته لمؤمن الطاق
يا ابن النعمان من سئل عن علم فقال : لا ادري فقد ناصف العلم ، والمؤمن يحسد في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد.
يا ابن النعمان إن أردت أن يصفو لك ودّ أخيك فلا تمازحنّه ولا تمارينّه ولا تباهينّه ولا تشارنّه (٢) ولا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك ، فإن الصديق قد يكون عدوّك يوما.
وصيّته لحمران بن أعين
قال عليهالسلام : يا حمران انظر الى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك ، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربّك ، واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين ، واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنّب محارم الله والكفّ عن أذى المؤمنين واغتيابهم ، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق ، ولا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي ، ولا جهل أضرّ من العجب .
وصيّته لعنوان البصري
قال : اوصيك بتسعة أشياء ، فإنها وصيّتي لمريدي الطريق الى الله تعالى ، والله أسأل أن يوفّقك لاستعمالها ، ثلاثة منها في رياضة النفس ، وثلاثة منها في الحلم ، وثلاثة منها في العلم ، فاحفظها وإيّاك والتهاون بها ، قال عنوان : ففرّغت قلبي له ، فقال :
أمّا اللواتي في الرياضة فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه ، فإنه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلاّ عند الجوع ، واذا اكلت فكل حلالا وسمّ الله واذكر حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم « ما ملأ آدميّ وعاء شرّا من بطنه » ، فاذا كان ولا بدّ فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه
وأمّا اللواتي في الحلم ، فمن قال لك : إن قلت واحدة سمعت عشرا ، فقل له : إن قلت عشرا لم تسمع واحدة ، ومن شتمك فقل له : إن كنت صادقا فيما تقول فاسأل الله أن يغفر لي ، وإن كنت كاذبا فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك ، ومن وعدك بالخناء فعده بالنصيحة والرعاء
وأمّا اللواتي في العلم ، فاسأل العلماء ما جهلت ، وإيّاك أن تسألهم تعنّتا وتجربة ، وإيّاك أن تعمل برأيك شيئا ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا ، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا. قم عنّي يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد عليّ وردي فإني امرؤ ضنين بنفسي ، والسلام على من اتبع الهدى »
من ثمين وصاياه
لا يتكلّم أحدكم بما لا يعنيه ، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه ، حتّى يجد له موضعا ، فربّ متكلّم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه ، ولا يمارينّ أحدكم سفيها ولا حليما ، فإن من مارى حليما أقصاه ، ومن مارى سفيها أرداه ، واذكروا أخاكم اذا غاب عنكم بأحسن ما تحبّون أن تذكروا به اذا غبتم ، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالإحسان .
اذا خالطت الناس فإن استطعت ألاّ تخالط أحدا منهم إلاّ كانت يدك العليا عليه فافعل ، فإن العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن الخلق ، فيبلغه الله بخلقه درجة الصائم القائم
وأوصانا على لسان المفضّل بن عمر الجعفي بخصال ست:
« أداء الأمانة الى من ائتمنك ، وأن ترضى لأخيك ما ترضى لنفسك ، واعلم أن للامور أواخر فاحذر العواقب ، وأن للامور بغتات فكن على حذر ، وإيّاك ومرتقى جبل سهل اذا كان المنحدر وعرا ، ولا تعدنّ أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه »
ونهانا عن خصال بارتكابها الضعة والسقوط فقال عليهالسلام : لا تمزح فيذهب نورك ، ولا تكذب فيذهب بهاؤك. وإيّاك وخصلتين : الضجر والكسل ، فإنك إن ضجرت لا تصبر على حق ، وإن كسلت لم تؤدّ حقا
وقال عليهالسلام : وكان المسيح عليهالسلام يقول : من كثر همّه سقم بدنه ، ومن ساء خلقه عذّب نفسه ، ومن كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه ، ومن لاحى الرجال ذهبت مروّته
في العشرة
إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخّره ، فإن الله عزّ وجلّ ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول : وعزّتي وجلالي لا اعذّبك بعدها أبدا ».
واذا هممت بسيّئة فلا تعملها فإنه ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول وعزّتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا »
التفقّه في الدين
جاء عن الصادق عليه السلام حديث جمّ عن التفقّه قال عليهالسلام:
العامل على غير بصيرة كالساير على السراب بقيعة لا يزيده سرعة سيره إلاّ بعدا
وقال عليه السلام : « اذا أراد الله بعبد خيرا فقّهه في الدين
وقال : « الكمال كلّ الكمال : التفقّه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة
قبول النصح
إن رجاحة عقل الفتى تعرف بالإصغاء للنصح ، والأخذ بقول الناصح ، لأن الجاهل تأخذه الحميّة فلا يستمع للنصح ولذا قال الصادق عليهالسلام ـ تعليما لنا وإلاّ فهو المنزّه عن النقص: أحبّ اخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي.
. وقد جعل قبول النصح للمؤمن أمرا لا غنى عنه ، فقال عليهالسلام : لا يستغني المؤمن عن خصلة به ، والحاجة الى ثلاث خصال : توفيق من الله عزّ وجلّ ، وواعظ من نفسه وقبول من ينصحه
الإكثار من الاخوان
قال عليه السلام:
اكثر من الأصدقاء في الدنيا فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة ، أمّا الدنيا فحوائج يقومون بها ، وأمّا الآخرة فإن أهل جهنم قالوا : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم
ولعلّ قصده عليهالسلام من النفع في الآخرة أن الصديق في الله صاحب العقل والدين لا يرشد صديقه إلاّ إلى صالح الدارين ، فيستنقذه بالهداية والنصح من العطب.
أو لأنه يستفيد من دعائه لاخراه : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن دعوة مستجابة
أو لأنه يستشفع به كما قال عليهالسلام : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن شفاعة ، وقال عليهالسلام : اكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند الله يدا يكافيهم بها يوم القيامة
الإغضاء عن الاخوان ومواساتهم
يستحيل أن تظفر بصديق خال من عيب أو رفيق منزّه عن سقطة ، فمن أراد الاكثار من الأصدقاء لا بدّ له من أن يتغاضى عن عيوبهم ويتغافل عن مساوئهم.
قال عليهالسلام : من لم يواخ من لا عيب فيه قلّ صديقه
كما قال عليهالسلام : ليس من الإنصاف مطالبة الاخوان بالإنصاف ، ومن لم يرض من صديقه إلاّ بإيثاره على نفسه دام سخطه .
نعم إن العتاب لا يخدش في بقاء الالفة والوداد ، إلاّ أن يكثر فينعكس الحال فلذلك قال عليهالسلام : من كثر تعتيبه قلّ صديقه ، وقال : ومن عاتب على كلّ ذنب دام تعتيبه
وقال عليه السلام : وإن من أشدّ ما افترض الله على خلقه ثلاثا : إنصاف المؤمنين من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه المؤمن من نفسه إلاّ بما يرضى لنفسه ، ومواساة الأخ المؤمن في المال ، وذكر الله على كلّ حال ، وليس سبحان الله والحمد لله ، ولكن عند ما حرّم الله عليه فيدعه
ومن عظاته
وانتبه الى قوله عليهالسلام : « ما أنزلت الدنيا من نفسي إلاّ بمنزلة الميتة ، اذا اضطررت إليها اكلت منها ، إن الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون والى ما هم إليه صائرون ، فحلم عنهم عند أعمالهم السيّئة لعلمه السابق فيهم ، فلا يغرّنك حسن الطلب ممّن لا يخاف الفوت » ثمّ تلا قوله تعالى : « تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا » (القصص : ٨٣ ) وجعل يبكي ويقول : « ذهبت والله الأماني عند هذه الآية » ثمّ قال عليهالسلام : « فاز والله الأبرار ، الذين لا يؤذون الذر ، كفى بخشية الله علما ، وكفى بالاغترار جهلا »
المؤمن
قال أبو عبد الله عليهالسلام في صفة المؤمن : ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقورا عند الهزاهز ، صبورا عند البلاء ، شكورا عند الرخاء ، قانعا بما رزقه الله ، لا يظلم الأعداء ، ولا يتحامل للأصدقاء ، بدنه منه في تعب ،والناس منه في راحة
ثمّ قال : إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده .
وقال عليهالسلام أيضا : المؤمن له قوّة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط في هدى ، وبرّ في استقامة ، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى ، وتجمّل في فاقة ، وعفو في مقدرة ، وطاعة لله في نصيحة ، وانتهاء في شهوة ، وورع في رغبة ، وحرص في جهاد ، وصلاة في شغل ، وصبر في شدّة ، في الهزاهز وقور ، وفي الرخاء شكور ، لا يغتاب ، ولا يتكبّر ، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ ، ولا غليظ ، ولا يسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا يعيّر ولا يعيّر ، ولا يسرق ، ينصر المظلوم ، ويرحم المسكين ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، لا يرغب في عزّ الدنيا ، ولا يجزع من ذلّها ، للناس همّ قد أقبلوا عليه ، وله همّ قد شغله ، لا يرى في حكمه نقص ، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه ضياع ، يرشد من استشاره ، ويساعد من ساعده ، ويكيع عن الخناء والجهل.).
وقال عليهالسلام أيضا : لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون كامل العقل ، ولا يكون كامل العقل حتّى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون ، يستقلّ كثير الخير من نفسه ، ويستكثر قليل الخير من غيره ، ويستكثر قليل الشرّ من نفسه ، ويستقلّ كثير الشرّ من غيره ، ولا يتبرّم بطلب الحوائج قبله ، ولا يسأم من طلب العلم عمره ، الذلّ أحبّ إليه من العز ، والفقر أحبّ إليه من الغنى ، حسبه من الدنيا القوت ، والعاشرة وما العاشرة لا يلقي أحدا الا قال هو خير مني وأتقى ، إنما الناس رجلان ، رجل خير منه وأتقى ، ورجل شرّ منه وأدنى ، فإذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي الذي هو شرّ منه وأدنى قال لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن فاذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه
عظاته في امور شتّى
إن كان الله قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لماذا ، وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا ، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا ، وإن كان الثواب عن الله حقا فالكسل لما ذا ، وإن كان الخلف من الله عزّ وجلّ حقا فالبخل لماذا ، وإن كان العقوبة من الله عزّ وجلّ النار فالمعصية لما ذا ، وإن كان الموت حقا فالفرح لما ذا ، وإن كان العرض على الله حقا فالمكر لما ذا ، وإن كان الشيطان عدوّا فالغفلة لما ذا ، وإن كان الممرّ على الصراط حقا فالعجب لماذا ، وإن كلّ شيء بقضاء وقدر فالحزن لما ذا ، وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لما ذا ».